تقديم
الجنة هى أمل وحلم كل مؤمن فى الدنيا, والمفترض أن تكون نصب عينيه طوال حياته, وأن يستهدف الوصول إليها بكل أعماله وسكناته وحركاته, ومع ذلك فإننا فى زحمة الحياة الدنيا كثيرا ما ننسى هذا الهدف النهائى, بينما لن نصل إليه عفو الخاطر, ولكن بالإصرار والتصميم والتخطيط, وأن الوصول إلى هذا الهدف السامى (الخلود فى النعيم) ليس أمرا هينا؛ أو مضمونا بمجرد النطق بالشهادتين, ولكن بتنظيم مجمل حياتنا لتصب فى هذا النهر الخالد.
وهذا الكتاب هو نوع من التذكرة لبعضنا البعض, وهى واجبة لمقاومة غيوم أحداث الحياة الدنيا, حيث يجد الإنسان نفسه مستغرقا فى مشكلة ما فى حياته أو عمله أو كفاحه, وما إن تنتهى هذه المشكلة حتى يستغرق فى مشكلة جديدة, والحياة الدنيا ولود بالمشكلات والحوادث والوقائع, كل واحدة تسلم للأخرى, أو أن تكون الحياة مجرد محطات للشهوات, تسلم كل محطة لأخرى, ونحن نقول فى أحاديثنا اليومية (الدنيا تلاهى) نعم فى الدنيا تتواتر الحوادث فتلهينا عن ذكر الله, وعن السبب الجوهرى لوجودنا, والغاية النهائية لهذا الوجود.
ولكن بالإضافة إلى التذكرة, فإننا نستهدف من هذا الكتاب مواجهة تحديات العصر, التى تشغلنا عن الهدف النهائى, ولكل عصر تحدياته ومشكلاته التى تواجه صحيح الإيمان, وآفة هذا العصر مرض النزعة الاستهلاكية التى تحاكى النزعة الاستهلاكية فى الغرب, والوقوع فى أسر القيم الغربية. وأيضا المفاهيم الخاطئة التى يروجها وعاظ السلاطين, والتى تستهدف التستر على الظالمين والمستبدين, وقوى الطغيان الداخلية والخارجية, فتحرف صحيح الإيمان, كالترويج لفكرة أن النطق بالشهادتين يكفى لدخول الجنة, بوضع بعض الأحاديث النبوية فى غير موضعها, مما يدفع جموع المؤمنين إلى الاستكانة للظلم, والتخلى عن مقاومة الظلم والظالمين. والترويج لفكرة إلغاء الجهاد, حيث أنه من اختصاص الحاكم, فإذا توقف الحاكم عن الجهاد فعلينا أن نتبعه. وكذلك التغاضى عن فكرة الإصلاح رغم أنه أساس الدين, فلا إيمان بدون عمل صالح يستهدف إصلاح المجتمع )إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(.
إن عودة الجنة إلى البؤرة الشعورية للمؤمنين هى أساس كل إصلاح فى الدنيا, وهى الضمانة للوصول إليها بالفعل. فالإيمان بالآخرة, والحساب فيها, والمآل النهائى للجنة أو النار, هو المحرك الأساسى للمؤمن الصادق.
وفى هذه الدراسة عمل غير مسبوق – فى حدود علمى – لحصر كل الآيات القرآنية المتعلقة بالجنة, فى محاولة مباشرة لاستجلاء الطريق الصحيح إلى الجنة. ذلك أن القرآن الكريم هو الوثيقة الإلهية الوحيدة التى تتحدث بالتفصيل عن الجنة, فى حين اندثرت أو حُرفت الكتب السماوية الأخرى, وما هو موجود منها لا يكاد يتحدث عن هذا الموضوع.
فالله سبحانه وتعالى الذى خلق الجنة والنار, هو وحده جل شأنه الذى نعرف منه ما كشف عنه من هذا الغيب, بالإضافة للأحاديث النبوية.
إن هذه الدراسة تبرهن من خلال هذا الحصر الشامل لآيات الله فى القرآن الكريم أن دخول الجنة مرهون بالإيمان المقترن بالعمل الصالح والجهاد فى سبيل الله. وأن مفهوم الإيمان فى الإسلام يربط بين الإيمان النظرى والعملى فى سبيكة واحدة. وأنه يتعدى الالتزام بالشعائر التعبدية إلى الالتزام بمنهج الله فى كل شئون حياتنا.
)إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً( (المزمل: 19).
المؤلف
ملاحظة:
الفصل الأول موضوع مستقل نسبيا, ولكن يجمعه مع باقى الفصول أنها قضايا إيمانية ضمن رسائل الإيمان.
الفصل الأول: عبادة نمط الاستهلاك الغربى
الإيمان وتحديات العصر:
- تهديد الغرب للإيمان فى نمطه الاستهلاكى وليس فى فكره لأن الغرب أفلس فكريا
- عندما ننفق 36 مليار جنيه سنويا على المحمول فمعنى ذلك أننا مجتمع غير سوى
- العبودية لنمط الاستهلاك الغربى وراء تأخر سن الزواج والزواج العرفى غير الشرعى
كيف أكتب عن الإيمان بالله؟ ماذا أحسب أن أضيف فى هذه القضية الأزلية؟ وماذا بعد القرآن الكريم وحديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟ ترددت كثيرا، ولكن لأنها قضية القضايا فإن الحديث فيها وعنها لا ينتهى أبد الدهر، فالإيمان بالله هو كل حياتنا – إذا كنا مؤمنين حقا – فكيف ينفد الحديث عنها. يمكن القول إن ما يشغلنى أبعد من مجرد الخواطر، فلكل منا تجاربه مع الإيمان بالله، وتبادل الخبرات حول ذلك يفيد المؤمنين، فليس صحيحا أن الإيمان بالله مسألة تحسم مرة وإلى الأبد، بل هى تتجدد أو تخبو، تزيد أو تنقص، ومن مصلحة المؤمنين أن تتجدد وتتوهج لتظل دائما هى محور الحياة الحى.
كذلك فإن هناك زاوية أخرى، فقضية الإيمان ترتبط بتحديات مختلفة فى كل عصر. فهناك عصر عبادة الأوثان والأصنام، وهناك عهد لعبادة الكواكب والشمس والقمر، وهناك قضية التوحيد والتعدد التى أخذت أشكالا متنوعة عبر التاريخ. وفى جيل سابق على جيلنا ولعلنا التحقنا بأواخر أيامه، كان التحدى الذى يواجه الإيمان، هو الافتتان بحضارة الغرب المادية (الرأسمالية – الشيوعية) الذى غزا عقول شباب ونخبة أمتنا. ولكن منذ قرابة عقدين من الزمان فقدت الرأسمالية والاشتراكية الشيوعية كلاهما البريق ولم يعودا هما الخطر الأساسى على إيمان الأمة.
فى العقدين الأخيرين تعانى قضية الإيمان بالله من عدة أخطار، ربما ليست جديدة تماما ولكنها أصبحت أكثر تحديدا. وأركز اليوم على:
الخطر الخارجى: فرغم انطفاء بريق الشيوعية بشكل نهائى، ورغم أن بريق الحضارة الغربية الرأسمالية كمرجعية فكرية وفلسفية قد انطفأ إلى حد كبير، إلا أن الأخيرة ما يزال لها ذيل ثعبان حى, فقد تحطم رأس الثعبان، ولكن ذيله ما يزال حيا ومؤثرا. وأعنى بذلك النمط الاستهلاكى. فبعد ما رأى الجيل الصاعد ممارسات أمريكا فى العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان (وأعنى الحلف الصهيونى الأمريكى) فلم يعد أحد ينطلى عليه أن هذه الحضارة تؤمن فعلا بما تدعيه عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والعدالة وحكم القانون.
هذه الحضارة أصبحت عاجزة عن تصدير كتاب واحد ذى قيمة، أو فكر أو فلسفة، أو حتى مفكر واحد، أو فيلسوف واحد. فهى حضارة فى مرحلة هبوط وإفلاس، بل أصبحت عاجزة عن إخراج أديب واحد بوزن همينجواى أو ديستيوفسكى أو تولستوى أو جوته, ونفس الشىء فى الشعر والمسرح وكافة صنوف الأدب، وحتى صناعة السينما التى ولدت فى الغرب، فبعد مرحلة من الأفلام الكلاسيكية، لم يعد هذا القالب الفنى الجديد بقادر على تقديم سينما يمكن أن تقدم رسالة ما للبشرية، رغم أنها أداة فعالة للغاية، إذا عرفت مضمونا إيجابيا يقدم رسالة حقيقية لاكتسحت العالم، ولكن هذا الفن السابع قدم كل شىء: الإبهار، التسلية، التشويق، وأحيانا بعض المعلومات، والمغامرات، والإثارة، وإسفاف الجنس والجريمة وقصص الحب والهيام بالمفهوم الغربى، قدم كل شىء ولكنه لم يقدم رسالة للبشرية، رغم أنه – مع الجهاز السحرى الجديد: التلفزيون، والفضائيات، والسى دى بعد الفيديو والإنترنت – هذه المنظومة تدخل كل بيت فى العالم، فلو كان لدى الغرب رسالة إنسانية إيجابية للعالم، لحكم البشرية بمنتهى السهولة، ودون أن يحتاج لإطلاق رصاصة واحدة.
وفى واقع الأمر لأن أمتنا الإسلامية تعيش حالة من الصحوة, ولديها ما تقوله للبشرية، فهى التى استفادت أكثر من هذه المنظومة الحديثة فى الاتصالات خاصة الكمبيوتر والإنترنت لأنها وسائل رخيصة فى متناول الجميع حتى الأفراد. ولذلك لجأ الغرب إلى حيلة العاجز وهى استخدام الأساليب الرقابية، وحجب المواقع وضربها وحظر بعض الفضائيات الإسلامية فى أوروبا وأمريكا!!
ولكن ظل الغرب باعتبار أن اليد العليا لا تزال له فى السياسة والاقتصاد قادرا على التأثير فى مضمون حياتنا من خلال نشر الإعجاب ثم التعود على نمطه الاستهلاكى الذى تجاوز مرحلة الأجهزة الكهربائية والسيارة وغيرها من المنتجات التى تقدم خدمة حقيقية وتساهم فى تطوير حياة الإنسان، تجاوز ذلك إلى منتجات لا تقدم خدمة أو إضافة حقيقية لحياة الإنسان, بل تخلق له حاجة زائفة للمزيد من الاستهلاك. وهذا النوع من المنتجات ليس جديدا على حضارة الغرب، حيث تسعى الرأسمالية إلى الربح بأى شكل وبأى ثمن حتى عن طريق خلق حاجات زائفة وتلبيتها بالمزيد من المنتجات الزائفة، ولكن مساحتها أو نسبتها فى ازدياد مستمر، فالإفلاس الفكرى ينعكس على إفلاس فى نوعية المنتجات. ولعل أبرز الأمثلة على ذلك عالم التليفون المحمول الذى أصبح يستنزف عشرات المليارات (36 مليار جنيه فى العام تحديدا) من دخول المواطنين المصريين الذين يعانون من أزمات اقتصادية، والموضوع تجاوز خدمة الاتصال الفورى، إلى العديد من الألاعيب التى لا تقدم خدمة حقيقية ولكنها تشغل عقول الشباب لأوقات طويلة فيما لا ينفع. التوسع فى برامج ألعاب الكمبيوتر بما يضر أكثر مما ينفع. التفنن فى إنتاج مستحضرات تجميل وأن يُدخل فى روع الشباب، أنها ضرورية ولا يمكن الحياة بدونها، من أجل الشعر أو الحلاقة أو الجلد، وأنماط من الأكل السريع الضار صحيا فى واقع الأمر، يتصور الشباب أن الحياة بدونه مستحيلة.
التفاصيل لا تنتهى, ولكن المهم أن الغرب ما يزال قادرا على تصدير أنماط متوالية من الاستهلاك، ومجتمعاتنا لعجز عقلى أو اقتصادى أو حضارى تتقبلها جميعا بدون فرز أو اختيار.
ولهذا الأمر جوانبه الحضارية والاقتصادية والتنموية والأخلاقية الجديرة بالمناقشة، ولكننى أركز الآن من زاوية واحدة، وهى التأثير على العقيدة. فهذا النمط الاستهلاكى المتجدد يوميا بالمعنى الحرفى ليس مجانيا، فله تكلفته المالية، وإذا دخل فى روع الشاب أن هذا النمط الاستهلاكى ضرورى وأن الحياة بدونه تكون مستحيلة، فإنه سينذر حياته من أجل الوفاء به حتى وإن اقتضى الأمر العمل عشرين ساعة فى اليوم. وهكذا تتحول رسالته الأساسية فى الحياة لتصبح: تحقيق هذا المستوى الاستهلاكى والحفاظ عليه, بل تطويره بشكل يومى مع كل المستجدات!!
وبالتالى سيصبح المال هو الإله الحقيقى لأنه وسيلة تحقيق ذلك، ولن يصبح المال مطلوبا لتحقيق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بات آمنا فى سربه معافى فى بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها)، بل لتحقيق هذا النمط الاستهلاكى الذى تضاف إليه كل يوم حاجات جديدة عن طريق إعلانات التلفيزيون والإنترنت. وبالتالى فإن اللهاث لا ينقطع! ولسنا بالتأكيد ضد التمتع بطيبات الحياة الدنيا، ولكن ليست رسالتنا فى الحياة مجرد الاستمتاع بها، كذلك بعض هذه الأنماط الاستهلاكية ليس من الطيبات روحيا أو صحيا.
ولا مانع من حيث المبدأ فى تحسين وزيادة الدخل، ولكن ليس هذا هو الهدف الأساسى أو الأول من الحياة، فهذا هو المفهوم الغربى للسعادة.
وهنا لابد من التوقف عند المفهوم الغربى فهو لا يشمل أمريكا وأوروبا فحسب، فالنمط التنموى اليابانى والصينى والآسيوى عموما والذى اقتحم الأسواق ويهدد بالإطاحة بأمريكا من على عرش الاقتصاد العالمى. هو بدوره خاضع للمفاهيم الغربية للتنمية فى هذه الزاوية التى نتحدث فيها: الاستهلاك ثم الاستهلاك ثم الاستهلاك.
وبالتالى فعندما نتحدث عن فيضان السلع الاستهلاكية والنمط الغربى للاستهلاك فإننا نضع فى هذا الإطار أيضا المنتجات المتدفقة إلينا من آسيا, بل إن كثيرا منها يحمل أسماء ماركات لسلع وشركات غربية الأصل.
بل إن النمط الغربى فى الحياة غزا المجتمعات الآسيوية ونقل إليها أمراضه، فبعد أن كانت السويد هى البلد المشهور بارتفاع معدلات الانتحار رغم أن مستوى دخول المواطنين فيها وصل إلى المركز الأول فى العالم, وهو أعلى دائما من مستوى الدخول فى الولايات المتحدة، بعد السويد شهدت اليابان فى عام 2008 ارتفاع معدل الانتحار بصورة قياسية بين الشباب حيث انتحر 4850 شخصا (بين 30 و39 عاما) بارتفاع بنسبة 1.7% عن 2007 وبارتفاع نحو الضعف عن 1991. وهذه ظاهرة جديدة غير الانتحار الذى يقدم عليه كبار السن فى اليابان عندما يفشلون فى أداء مهامهم.
وموضوعنا أنه لا يمكن الجمع بين حب الله وحب المال، ولا يمكن الخضوع لسيدين فى وقت واحد: فإما الله وإما المال. ليس بمعنى رفض المال, ولكن إخضاع الحاجة للمال ومتطلبات وملذات الحياة الدنيا، للحب الأول والأوحد، لله عز وجل.
الحب لا يكون صادقا بطرف اللسان دون الممارسة الحقيقية المخلصة، وكما نقول ذلك عن حب البشر لبعضهم البعض، كما نقول إن المحب لابد أن يعطى وقتا لمحبوبه وأن تكون هناك مظاهر فعلية وملموسة لهذا الحب، وإلا فإن صدق المشاعر يكون محل تساؤل. وكما تطلب الزوجة من زوجها أن يعطيها وقتا كافيا من حياته، وهى محقة فى ذلك، فكيف نتصور أن حب الله خالق الوجود ومصدر نعمته عليك شخصيا وعلى كل إنسان يمكن أن يكون صادقا بمجرد لفتات سريعة، كذكر الله فى بعض الصلوات السريعة، أو فى المناسبات: الجمعة – رمضان.. إلخ
إن حب الله لا يكون صادقا إلا إذا كان على مدار اليوم ومدار العام فى كل لحظة ودقيقة، ويدخل فى ذلك حسن علاقتك بالناس جميعا، وليس باعتزالهم: )قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ( وهذه الآية تصف بدقة معنى أن تكون حياتنا كلها لله منذ إشراقة الصباح حتى نوم المساء, وكل يوم!
وهذه الصلة لا يمكن أن تتحقق بمشاهدة الأفلام الترفيهية عدة ساعات فى اليوم الواحد، ودون قراءة القرآن الكريم ولو لفترة يسيرة: )فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ(، وبدون التفقه فى الدين، ومتابعة شئون البلاد خصوصا والمسلمين عموما، وبدون الاهتمامات الجادة فى الحياة.
وأتحدث هنا عن نقطة واحدة: وهى الزمن, فكل شىء يحتاج حتى يتحقق إلى زمن، والمتهالك على المال حرصا على مستواه الاستهلاكى لن يجد وقتا لذكر الله، أو لن يجد وقتا كافيا. بل إن الإيمان الحقيقى بالله يحتاج العمر كله والزمن كله، إن كنا نؤمن بأنه خالقنا، ومفرج كروبنا وملاذنا الأول والأخير. ولا يحل المشكلة أن تقول لنفسك أنا أعمل عملا حلالا ونيتى أنه للإنفاق على الأسرة وهذا كله حلال، ولكن إرهاق النفس من أجل الانتقال لفيلا أكبر، أو للحصول على سيارة أكثر فخامة، إرهاق النفس واستغراق الوقت من أجل أهداف كهذه لا يمكن أن يساعد على حسن عبادة الله، لأن الحياة قصيرة والأولويات فيها محدودة، والإقبال على الدنيا أشبه بشرب مياه البحر التى لا تعالج الظمأ بل تزيده!!
وفى مثل هذه المواطن أحب الاقتباس من شخصية تتسم بالاعتدال مثل د.محمد حسين هيكل الذى كتب: (عبادة المال كانت ولا تزال سبب التدهور الخلقى الذى أصاب العالم والذى لا يزال العالم يرزح تحت أعبائه. والاستكثار من المال والحرص عليه هو الذى قضى على الإخاء الإنسانى. وجعل الناس بعضهم لبعض عدوا, ولو أنهم كانوا أصح نظرا وأسمى تفكيرا لرأوا الإخاء أدعى للسعادة من المال، ولو أنهم آمنوا بالله حقا لتآخوا فيما بينهم).
وشيطان النمط الاستهلاكى الغربى، يذكرنا بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع حيث قال إنه لا يخشى على أمة الإسلام من الارتداد الصريح عن عبادة الله بل إن الشيطان يأس من ذلك، ولذلك فإنه سيستهدف المؤمن فيما دون ذلك لحرفه عن الإيمان الصحيح (إن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا) وهذه نبوءة صحيحة تماما على مدار أكثر من 14 قرنا (ولكنه إن يُطع فيما سوى ذلك فقد رضى به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم).
إن الانغماس واللهاث وراء أنماط استهلاكية غربية ليست إلا شكلا واحدا من أشكال الزيغ. وهو من الأنماط الخادعة، فكل موضوع على حدة لا يمكن أن يثير لدى الشباب أى تعارض مع الإيمان بالله. فكيف يتعارض الإيمان بالله مع “جيل الشعر” أو الأكل عند ماكدونالد، أو الانشغال بتغيير رنة الموبايل بين حين وآخر!! ولكننا لا نطرح الموضوع بشكل جزئى (وبالمناسبة لا نثير الآن مسألة مقاطعة ماكدونالد لأنه مطعم أمريكى فهذه زاوية أخرى) ولكننا نتحدث عن النمط الاستهلاكى ككل.
فمثلا أنت يمكن أن تملأ بطنك حتى الثمالة بأكل صحى ومصرى، فى كل وجبة، وهذا لن يخرجك من دائرة الإيمان بالتأكيد، ولكنك ستكون إنسان أفضل وأكثر إيمانا وأكثر قربا لله وللناس إذا ملأت ثلث المعدة فحسب وتركت للشراب الثلث الآخر، وتركت الثلث الأخير فارغا، وهذا أيضا بالمعايير الصحية العلمية أفضل. واقرأ عن النمط الغذائى للمعمرين!
بل هناك من يفعل ذلك حبا فى الحياة وطول العمر, وليس خوفا من التخمة التى تضعف الروح وتضعف الإقبال على العبادة.
وقد روى لى الراحل الأستاذ لطفى الخولى هذه القصة الطريفة عن لقائه مع الرئيس السادات، حيث دعاه السادات للتحاور فى موضوع ما، وكانت الدعوة على العشاء باستراحة للسادات بالإسكندرية، ولذلك مَنّى لطفى الخولى نفسه بعشاء ملكى، وعندما التقى السادات وفرغا من حوارهما دعا السادات مساعديه لإعداد العشاء، وبدأ الخولى – كما يروى – يشمر عن سواعد الجد، فدخل الخادم ومعه طبق، وعندما كشف الطبق كان به أقراص من الطعمية!! فكتم الخولى دهشته وخيبة أمله, وأخذ يأكل مع السادات الطعمية، ولكنه اكتشف أنها أيضا بدون ملح، وبالتالى تحول العشاء إلى مأساة كاملة. وهنا انفجر الرئيس السادات فى الضحك وقال له: ما تخافش يا ولد ده العشاء بتاعى أنا. ونادى على الخدم: هاتوا الكباب!! فانفرجت أسارير الخولى وأكل الكباب وحده، بينما أكل السادات الطعمية بدون ملح!
والحكام تحيط بهم مجموعة من المتخصصين فى مختلف المجالات للحفاظ على طول حياتهم، ومن أهم المجالات النظم الغذائية, ولذلك يعتمد الحكام أيضا على غذاء ملكات النحل والعسل. ويردد العلم الحديث بمنتهى البساطة ما ورد فى القرآن الكريم عن التوسط: )كُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ(, وما جاء فى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حسب ابن آدم لقيمات يقمن أوده).
وقد استطردت هنا لتوضيح أن الاعتدال حتى فى الحلال، وحتى فى الأمور الاستهلاكية الضرورية مطلوب، لصحة الروح وليس لصحة البدن فحسب, فما بالك بأنماط استهلاكية غير ضرورية وأكثر كلفة!!
بل جاء فى بحث علمى حديث (عام 2008) أن الجوع مفيد للجسم، ومفيد للعقل تحديدا، بل ومفيد بشكل خاص لتقوية الذاكرة!!
وليس المقصود بطبيعة الحال الجوع الدائم، أو المجاعة!! ولكنه يشير إلى أحد فوائد الصيام، والمعروف فى أبحاث عديدة أن الصيام يعتبر بمنزلة عملية صيانة لكافة أعضاء الجسم الداخلية، وهو أشبه بإرسال سيارتك كل شهر مرة لشركة الصيانة, ففى الصيام يتخلص الجسم من بعض السموم، وكذلك الدهون الزائدة, ولكننا نفسد هذه الفوائد، عندما نخوض معارك الأكل من المغرب حتى السحور, بل إن بعضنا يخرج من رمضان أكثر بدانة!!
وعدم امتلاء البطن تماما يجعل روحك أخف, وكأنها قادرة على أن تحلق فى فضاء روحى، والامتلاء الكامل يؤدى إلى الوخم والكسل والنوم. (قال الإمام الشافعى عن نفسه: ما شبعت منذ عشرين عاما!) وليست هذه الزاوية التى أركز عليها الآن، بل أركز على ضياع الوقت والعمر من أجل الحفاظ على النمط الاستهلاكى الغربى، سواء فى الأكل أو غير الأكل، سواء ملأت البطن كلها أو ثلثها، ولكنى تعمدت الاستطراد لأنفى فكرة أن استهلاك سلعة غربية ما، هو نوع من المعصية (ربما يكون ذلك صحيحا من زاوية المقاطعة التى ندعو لها لسلع الدول التى تقتل المسلمين، ونعنى بالأخص السلع غير الضرورية ولكن ليس هذا موضوعنا الآن).
أعنى أن شراء حذاء بـ 200 أو 300 جنيه ليس معصية فى حد ذاته، وشراء أى سلعة منفردة فى حد ذاته ليس هو القضية، ولكن أعنى النمط الاستهلاكى الغربى عموما، من زاوية ما يمثله من عبء مالى، يستدعى تكريس الحياة لتحقيقه!
بل لقد أدت هذه القيم وسيادتها إلى أزمة, بل كارثة اجتماعية فعلية فى البلاد. فأصبح الزواج عملية شبه مستحيلة بالنسبة للملايين من الشباب، تقول الإحصاءات الرسمية إن العوانس من الجنسين بلغ عددهم 13 مليونا, كما أن تأخر سن الزواج للجنسين تتزايد معدلاته يوما بعد يوم. وهذه كارثة أخلاقية واجتماعية بكل معنى الكلمة. وربما تسعد هذه الحقائق الذين يحاربون الزواج المبكر، بل نجحوا فى تمرير تشريع فى مجلس الشعب رفع الحد الأدنى للزواج، بالمخالفة الصريحة مع مبادىء الإسلام والسنة النبوية.
ولم يكن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من عائشة رضى الله عنها وهى فى التاسعة أو العاشرة من عمرها بالأمر الفريد، رغم أنه كاف لتحديد القاعدة، فقد كان هذا هو الشائع عند العرب ثم عند المسلمين الأوائل، بل كان الزواج المبكر الممارسة الشائعة فى تاريخ البشرية عموما.
إن بلوغ الحلم معناه بلوغ سن الزواج، والله سبحانه وتعالى خالق الإنسان، عندما يضع فيه خاصية، فقد وضعها لكى تعمل لا لكى تتجمد. وبالتالى فإن بلوغ سن الحلم للفتى أو الفتاة معناه الوصول لسن الاستعداد للزواج. وينطبق هذا أيضا على خاصية الرضاعة والحمل والولادة، فهذه الخصائص التى أودعها الله فى المرأة، من البديهى أنها ليست من أجل الاستخدام لمرة واحدة فى العمر أو عدم استخدامها على الإطلاق!! وأن المرأة التى مارست الوظائف التى أودعها الله لها هى الأكثر صحة وهى أيضا المعمرة أكثر. بل أكدت أبحاث علمية معاصرة أن عدم ممارسة هذه الوظائف من أسباب انتشار السرطان وأمراض أخرى بين النساء. فالإنسان مصمم ومخلوق ليعمل بشكل معين. وكل خرق للطبيعة يضر به من حيث أدرك أو لم يدرك.
إن تأخر سن الزواج إلى متوسط بلغ أواخر العشرينيات ثم ارتفع إلى الثلاثينيات من العمر، هذا بالإضافة إلى العنوسة الدائمة، أدى ذلك إلى الانحلال الخلقى، وإلى ظاهرة ما يسمى الزواج العرفى. والزواج العرفى السرى هو زواج غير شرعى وشكل من أشكال الزنا. ولكن مجرد الهجوم عليه لا يحل المشكلة، والاعتراف الضمنى أو الصريح به جريمة، وهذا ما حدث فى تشريع (نسب الطفل لأمه) بالمخالفة الصريحة للقرآن الكريم: )ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ(، والذى يبيح للمحاكم التعامل مع الزواج العرفى.
إن انتشار “الزواج العرفى” والعلاقات الجنسية غير المشروعة بين الشباب يرجع فى أحد أسبابه الرئيسية إلى تعويق شروط الزواج، والارتفاع بسقف الحد الأدنى لهذا الزواج بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، وأحد أسباب ذلك ارتفاع مستوى الالتزام بالنمط الاستهلاكى الغربى، ولا أدرى أيهما أفضل للوالدين: أن يعف الابن أو الابنة بزواج تنقصه شقة متكاملة، ومجهزة بمختلف الأجهزة الكهربائية والدش منذ الوهلة الأولى، أم تعريض الابن والابنة للانحراف انتظارا للزواج اللائق؟! نحن إذن أمام جريمة يشارك فيها الوالدان (الأسر)، وليس مجرد أفكار الشباب وطموحاته. ولا تسألنى عن علاقة هذا الموضوع بالإيمان بالله. فكيف تتصل علاقة الشاب بربه وهو يقيم علاقات آثمة. وتصور له نفسه أنه مضطر؟! وهو فى دخيلة نفسه يعلم أنه ليس على حق (أعنى الزواج العرفى السرى).
مفتاح الحل فى التأسى برسول الله:
ذكرت فى إحدى الدراسات أننى لا أشك فى حب المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يشك أحد فى تلك العواطف الجياشة التى تفجرت بمناسبة مجرد الاعتداء على شخصه الكريم بكاريكاتير آثم، بحيث عمت ثورة فى أنحاء العالم سقط فيها شهداء.
ولكن الحب الأكثر نضجا وعمقا أن يكون رسول الله أحب إليك من نفسك ومن كل الناس، وهذا لا يتأتى بدون أن تكون سيرته تملأ عليك حياتك، وبدون أن يكون الرسول هو قدوتك الحق فى كل شأنك. ولقد ذكرت أن هناك مجالين أساسيين فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يزالان خارج الاقتداء لدى قطاعات واسعة من المسلمين:
1- التقشف فى الحياة.
2- الجهاد.. بالكلمة وبالقتال.
وفيما يخص موضوعنا فإن الحياة الشخصية لسيدنا محمد فيها مفتاح الحل، وهى لا تفرض على الناس ما لا يطيقون، ولا تعجزهم، إنها تقدم لهم منهجا متوازنا بين الدنيا والآخرة, بحيث يضبط الإيمان بالله واليوم الآخر علاقة المؤمن بالدنيا.
وليس معنى الاقتداء هو التطابق الكامل فهذا مستحيل، ولكن محاولة الاقتداء المخلصة، تستهدف تحقيق أعلى نسبة ممكنة من 60 إلى 90% على الأقل، وكلما اقتربنا من الـ 90% كلما وصلنا إلى مرتبة الصديقين وأولى العزم, وقد رأينا فى الصحابة، وأيضا فى كل العصور أن ذلك الهدف ممكن التحقيق.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بشىء فقوموا به ما استطعتم). فلماذا نقتدى بالرسول فى صيام التطوع وإعفاء اللحية والسواك, ولا نقتدى بمنهج حياته والتعامل مع خيرات الحياة الدنيا. وإن تيسير الزواج من السنن المؤكدة فى حياة الرسول مع نفسه ومع الصحابة وله ألف شاهد ودليل.
عندما تزوج الرسول بالسيدة خديجة الثرية، سكن فى بيتها وكان من البيوت المميزة فى مكة, به أكثر من دور وباحة واسعة وغرف متعددة، وعندما بُعث عليه الصلاة والسلام نبيا لم يطلب منها مغادرة المنزل الجميل والسكن فى بيت متقشف!! فإذا كانت الأمور ميسرة بشكل طبيعى فلماذا العسرة؟!
وعندما تزوجت ابنتاه رقية ثم أم كلثوم بعثمان بن عفان فقد كانتا فى رغد من العيش, ولم يرو عن رسول الله أى ملاحظة أو تبرم من ذلك، ولكن عندما تزوجت فاطمة من علىّ بن أبى طالب فلم يكن الأمر كذلك، والتزمت فاطمة بشروط وظروف زوجها, وكانت ظروفا عسيرة.
وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، سكن فى غرفة بمنزل لدى أحد الأنصار (أبو أيوب) ثم سكن بعد ذلك فى حجرة ملحقة بالمسجد، والحجرات كانت تعنى حجرة لكل زوجة, مع وجود مكان منفصل كمخزن أو لأى غرض آخر, وقد لجأ رسول الله إلى هذه الحجرة المنفصلة على مدار 30 أو 40 يوما أثناء الأزمة مع زوجاته. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاكم المدينة، ولم يكن عسيرا أن يُبنى له بيتا مماثلا لبيت السيدة خديجة فى مكة!
ونفهم من ذلك أن الإنسان عليه أن يتكيف مع كل ظرف، وألا يكون عبدا لمتطلبات الدنيا. وكما ذكرت من قبل فالأمر كان قدوة للمسلمين، وأيضا منهج أولويات فى الحياة. فهناك شق من حياة رسول الله قدوة ورسالة لحكام وقادة وعلماء الأمة فى حياته ومن بعده. وهناك شق للمؤمنين جميعا. نعنى أن الحاكم والقائد يمكن أن يحسن ظروفه المادية إن استطاع, ولكن يتعين عليه أن يكون أقل الناس مالا بقرار ذاتى مقصود، كى يتفرغ لخدمة الأمة. وحتى يثق الناس ويعلموا بإخلاص القيادة الصالحة فيلتفوا حولها، وأن الحاكم إذا دخل فى هذا الطريق “الدنيا” فإنه سيسير فى طريق لا نهاية له!! وما تزال الأمة بخير طالما أن الأمراء والعلماء بخير.
وبالتالى فإن حياة رسول الله كحاكم هى نصوص دستورية ملزمة للحكام من بعده، وقد رأينا التزاما بذلك من أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلىّ بن أبى طالب وعمر بن عبد العزيز، وكثير من الولاة الأوائل للمسلمين فى أصقاع الأرض. ورأينا نماذج مماثلة فى مختلف العصور. وسنجد فى تشريعات الغرب المعاصرة أنها تستوحى هذه المبادىء سواء أدرك الغربيون ذلك أم لم يدركوا. فمرتبات رؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزراء متواضعة بالنسبة لمستويات الدخول، تجريم استخدام المال العام فى الحياة الشخصية، تجريم الحصول على هدايا تزيد قيمتها عن 100 دولار.
ولكن فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم شقا للمؤمنين والناس جميعا, ورسالة عامة للجميع: إذا لم تكن ظروفك تسمح بأن تعيش فى خفض من العيش، فلا تكرس كل حياتك من أجل زيادة المال والثروات، ولا تؤجل الزواج من أجل ذلك, فتعرقل ما هو ضرورى لحياتك وآخرتك من أجل أمر أقل أهمية للدارين! وأن الحياة والزواج فى ضيق نسبى من العيش أفضل من خراب الأخلاق والانشغال بهذه الأزمة حتى الاستغراق بحيث تنسيك مغزى وجودك والغاية منه.
ويجب عدم النظر لحياة رسول الله الأسرية كأنها مجرد صورة جميلة ننظر إليها، ونقول: الله! بل يجب أن نتعلم منها أن تواضع الإمكانات ليس مشينا وليس أمرا فاضحا، بل يمكن أن يكون من علامات الاستقامة والشرف. والإسلام لا يدعو إلى الفقر، بل يسعى إلى علاج جماعى على مستوى المجتمع له، المهم فى ما يتعلق بموضوعنا ألا يكون الفقر عائقا دون الزواج، حتى لا تصبح المشكلة الواحدة مشكلتين أو أكثر! لأن مشكلة الفقر إن اتسعت فى مجتمع ما كمجتمعنا (حوالى 50% من السكان) فإن حلها سيحتاج لعقد أو عقدين – على أحسن الفروض! -، ولا يمكن تأجيل الزواج حتى ذلك الحين!. قال أنس بن مالك: ما أعلم النبى رأى رغيفا مرققا حتى أُلحق بالله، ولا رأى شاة سميطا بعينه قط. وقالت عائشة: إنا كنا لننظر إلى الهلال ثلاث أهلة فى شهرين وما أوقدت فى بيوت رسول الله نار، فقال لها عروة بن الزبير: ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء. وقالت: لقد توفى رسول الله وما فى رفى من شىء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير فى رق لى. وقالت أيضا: كان لنا جيران من الأنصار نعم الجيران، كانوا يهدوننا بعض الطعام. وتوفى رسول الله ودرعه مرهونة عند يهودى اشترى منه ثلاثين قدحا من الشعير أخذها لطعام أهله. ولم يكن لديه قط قميصان معا، ولا رداءان معا، ولا إزاران، ولا نعلان. وأهدى إليه من الشام جبة وخفان فلبسهما حتى تمزقا, وحج فى قطيفة لا تساوى أربعة دراهم. كان يلبس الصوف – أرخص شىء وأكثره إيلاما للجسد – ويخصف النعل ويرقع القميص ويركب الحمار. وكانت له حصيرة ينام عليها ويبسطها فى النهار فيجلس عليها. وقد نام عليها حتى أثرت فى جنبه.
وكان الأثاث البيتى الذى يقدمه رسول الله لكل زوجة من زوجاته: رحيين وجرتين ووسادة، أما الرحى فلطحن الشعير، وأما الجرة فللشرب وأما الوسادة فللنوم.
ولم يكن الأمر سهلا فقد كان للزوجات تبرمهن واعتراضهن بين حين وآخر, وسجل القرآن الكريم هذه الواقعة, ولكن الله سبحانه وتعالى هداهن لاختيار الله ورسوله والآخرة, لا زينة الحياة الدنيا. وكان لقب أمهات المؤمنين هو أعظم جائزة لهن فى الدنيا والآخرة.
لقد دخلت بيوت بعض المجاهدين فى القرن العشرين والحادى والعشرين فلم أجدها تختلف عن حجرات رسول الله كثيرا، وأنحنى لهم دون أن أذكر أسماءهم وأكبرهم إكبارا شديدا لأنه كان بإمكانهم أن يعيشوا حياة أخرى أكثر رغدا لو اختاروا طريق المال، وأقول ذلك لأؤكد أن الاقتداء برسول الله ليس مستحيلا وليس خياليا.
إن السعادة موجودة فى مكان خفى فى القلب، تسمى الرضى، ولو كان لها مكان ووجود مادى فى القلب بحيث يمكن نزعها ونقلها لقلب إنسان آخر كما يحدث الآن فى نقل أعضاء الجسم، لجالد الطغاة العارفين بالله عليها بالسيوف وانتزعوها من قلوبهم, ولكن من رحمة الله أن هذه النعمة (نعمة الرضى) ليست عضوا ماديا وليست جزءا ماديا محددا فى القلب, حتى لا تتعرض للسطو والسلب من طواغيت الأرض. وإذا تسنى لك أن تقرأ سير كثير من الملوك والحكام لوجدتهم حصلوا على كل شىء، إلا السكينة التى يشعر بها المؤمن.
*****
بعد هذه السياحة نعود للقول بأن الاستغراق فى ضرورة تحقيق نمط الاستهلاك الغربى، وسيادة هذه القيم الاستهلاكية أحد الأسباب الرئيسية لتأخر متوسط عمر الزواج إلى حد الخطر، كما أن أزمة السكن، وهى أزمة حقيقية والدولة مسئولة عنها، يمكن مواجهتها فى المدى القصير، بالاكتفاء بحجرة (مثل رسول الله!!) فى بيت أسرة الزوج أو الزوجة أو فى مكان مستقل. أليس هذا أفضل من العلاقات الآثمة!
والعجيب أن ما يسمى الزواج العرفى (وهو ليس بزواج لأنه سرى) يجد أطرافه مكانا لممارسة العلاقة غير الشرعية، فلماذا لا يكون هذا المكان معروفا ومشهرا من خلال الزواج الشرعى!! ونقول ذلك على أساس الحلول الفردية العاجلة، أما المشكلة الاقتصادية التى أدت إلى هذا العسر فحلها يحتاج لكثير من الوقت كما ذكرنا.
وأيضا فإن المهور والمغالاة فيها أحد العقبات فى الزواج، والحقيقة أن المهر من قواعد الزواج فى الإسلام, وهو يعكس جدية الرجل فى طلب الزوجة. ولكن كل حالة تقدر بقدرها، وفق الوسط الاجتماعى للطرفين، وفقا للواقع وليس وفقا للتخيل أو المرغوب أو المستهدف. وفى الفقه الإسلامى المستقى من السنة النبوية، فإن المهر يحدده الطرفان, ووفقا لما يرتضيانه وليس له أى حد أدنى أو أقصى. وقال الفقهاء إنه يمكن أن يكون ثوبا أو نعلا!! ويمكن أن يكون خاتما حديديا، ويمكن أن يكون سورا من القرآن الكريم. والشعار الأساسى: يسروا ولا تعسروا. وعندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء) فليس المقصود الإقلاع عن الزواج نهائيا والاعتماد على الصيام، ولكنه حل مؤقت حتى ييسر الله له.
إن الشباب هو قلب المجتمع. فكيف فى ظل وجود الملايين من الشباب المحبط أو المعرض للفتنة أو الغارق فى الرذيلة أن يترعرع الإيمان بالله، ويجب ألا يخدعنا الإقبال الواسع على أداء الشعائر الدينية – رغم أنه صمام أمان أساسى – من النظر لتفاقم المشكلة تحت السطح، فلابد من التعامل مع الغرائز بشكل واقعى لأن الله خلق الإنسان على شاكلة معينة، ولابد أن ينظم حياته على أساسها بصورة شرعية حتى يضمن الاستقامة.
ومن العجيب مثلا أن نقرأ خبرا فى الصحف نقلا عن دراسة علمية أن عدد المدمنين على المخدرات فى المدارس والجامعات ستة ملايين، ولا ترتج الأرض ولا تنهد الجبال، وكأنه خبر روتينى! وأن حوالى ثلث الطلاب يتعاطون المخدرات (36% من طلاب المرحلة الثانوية!!) وهذه أحد نواتج ضياع الشباب وفقدانهم للأمل.
وإذا كان الحديث موجها للأسر (للوالدين) بعدم عرقلة الزواج المبكر، فإن الحديث الأساسى للشباب، فعليهم أن يحملوا هذه القضية ويجادلوا أهلهم، فقد شبوا على الطوق وهم مسئولون عن حياتهم وعن أخلاقهم أمام الله عز وجل. ولهم ذمة عقائدية مستقلة. والشباب من الفتية والفتيات يكونون مسئولين من داخلهم عن تأخر سن الزواج لأنهم هم أيضا مقتنعون بأن الزواج لا يجوز بدون مستوى استهلاكى معين، وهذا ما يروجه الإعلام والإعلانات المستفزة عن فيلات بحدائق وحمامات سباحة، ومجمعات بها صالات رياضة، وملاعب جولف. فإذا رأى الشباب فى معظمهم أن ذلك مستحيلا، ولكن كيف يقبلون بغرفة فوق السطوح؟! إنهم إذن لن يكونوا من صنف الآدميين وهم يشاهدون هذه الإعلانات التى تدخل كل بيت بالمعنى الحرفى من خلال التليفزيون. وما بين منتجعات ضواحى القاهرة، وغرفة فوق السطوح لم تعد ميسورة، لأن المبانى الجديدة لا تلتزم بالتقاليد القديمة ببناء هذه الغرف لأنها ليست مربحة. ما بين هذا وذاك يضيع الشباب ويتمزق.
وتبقى الزاوية التى ننظر إليها الآن أن عبادة نمط استهلاكى معين قد لا يكون مناسبا لظروفنا عموما أو خصوصا، هى أحد الأسباب الرئيسية وراء تأخر سن الزواج. وهذه بيئة غير مناسبة كى يزدهر الإيمان بالله، حيث تضطرب الأولويات، فتكون الحياة من أجل المال، بدلا من أن يكون المال (مهما كان محدودا) أداة لاستمرار الحياة، وأن ينشغل عقل وروح الشاب بالرسالة الأساسية لوجوده على الأرض، فالإيمان بالله قد يتحول إلى كلمة غامضة غير مفهومة، أو مجرد كلمة مرادفة للصلاة والصيام، أو كلمة مرادفة لحسن الخلق وليس الأمر كذلك فهذه بعض عناصر ومكونات الإيمان وليس الإيمان كله.
إن الإيمان بالله، يعنى أن الله خالق الكون وخالق كل شىء، وأن الله وجهنا من خلال رسله وأنبيائه لكيفية إعمار الأرض وعبادته استعدادا للآخرة. وأن هذه صفقة متكاملة فإما أن تأخذها كلها أو ترفضها كلها. إنها صفقة الوجود الأساسية, وكل ما فى الحياة من تنوعات وأمور ومسائل ومشكلات ما هى إلا تفاصيل.
الفصل الثانى
كيف تدخل الجنة؟
إذا كنت تؤمن بأن الله بالفعل هو خالق الوجود, وتؤمن فعلا بأن الله هو خالقك وأن المصير إليه، فلابد من التعامل مع الصفقة التى يطرحها عليك بجدية!
عندما تذهب للتعاقد مع شركة ستعطيك مرتبا مجزيا، فإنك تدرس شروط التعاقد بجدية, وتلتزم بها تماما فى عملك بقدر حرصك على الاستمرار فى العمل. بل أنت تتعامل بجدية مع رؤسائك ورئيسك المباشر، وتلتزم بتعليماتهم وتتفانى فى التنفيذ (أعنى فى الشركات الخاصة والاستثمارية).
ولكن فى كثير من الأحيان فإن نفس الشخص لا يتعامل بجدية مع العقد الذى وقعه مع الله عز وجل (لا إله إلا الله) بنفس مستوى تعامله مع رئيسه المباشر ومع اشتراطات عقد الشركة الاستثمارية. بل لو تعامل مع الله – حاشا لله – بنفس مستوى تعامله مع رؤسائه فى الشركة لاستقامت أموره مع الله!!
وقد أشار القرآن الكريم لمعنى قريب من هذا عندما دعا إلى ذكر الله كما كان الآباء يذكرون، أى أن القرآن الكريم يعلمنا أننا أحيانا نعتز برموز دنيوية أكثر من الله، ولابد أن نتعامل مع الله على الأقل كهذه الرموز، بل أكثر بطبيعة الحال!!
)فَإذَا قَضَيْتُم مَنَاسِكَكُمْ فَاْذْكُرُواْ اللهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابـَآكُمْ أوْ أشَدَّ ذِكْرًا( (البقرة: 200).
وقد ضرب السيد المسيح عليه السلام مثلا جميلا عندما طالب الناس أن تتعامل مع الإيمان بالله بنفس الجدية التى يفصلون بها سراويلهم!
(يا لك من رجل شقى يفضل سراويلاته على نفسه (على نفسه أى على إيمانه بالله) لأنه عندما يفصل القماش يقيسه جيدا قبل تفصيله، ومتى فصله خاطه باعتناء!!) ويقول المثل الشعبى المصرى العميق (الإنسان لا يخاف إلا من بنى آدم)!
فلتكن صريحا مع نفسك وقم بإحصاء لمرات تأخرك عن العمل ستجدها أقل بكثير من عدد مرات تأخرك عن الصلاة لحد فوات وقتها. وأنا أضرب مثلا بالشركات الخاصة والاستثمارية فى ظروفنا الراهنة لأن التسيب أصاب القطاع العام والحكومة!
إذا تأخرت عن موعد الشركة سيخصم منك, بل إذا تكرر تأخرك ستفصل نهائيا، ولكن عدم أداء صلاة الفجر لن يؤدى إلى أى عقوبات فورية! كما أن الشركة لا ترحم, ولكن الله غفور رحيم! والقول – عند التسيب – بأن الله غفور رحيم كلمة حق يراد بها باطل إذا لم ترتبط بالتوبة النصوح الفورية.
إذن فى حياتنا الواقعية نجد التزاما بالعقود أو التوجيهات أو الرغبات فى العمل أو التجارة أو بين الأصدقاء والأزواج بصورة أكثر إحكاما والتزاما من الالتزام بالعقد الأساسى مع الله سبحانه وتعالى.
ولكن ما هو العقد مع الله؟
بسط الله الأمر لنا بالأمثال القريبة لكل عقل.. فوصف العلاقة بينه عز وجل وبين عباده، بأنها صفقة تجارية, بل عملية بيع وشراء بسيطة جدا، حتى لا يتحير أى إنسان فى طبيعة ومكونات هذه الصفقة.
)إنَّ اللهَ اْشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفُسَهُمْ وًأمْوَالَهُم بِأنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى الْتَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ وَالْقُرءَانِ وَمَنْ أوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاْسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( (التوبة: 111).
وليس القتال هو الوجه الوحيد لصفقة البيع هذه, وإن كان وجها أساسيا، وهو الاستعداد للاستشهاد فى سبيل الله فى أى لحظة وفى كل لحظة. وهذا هو الذى ينبنى عليه العديد من شروط عقد البيع، فكل الشروط الأخرى متفرعة عن هذا الشرط الأساسى, وهو أن تبيع نفسك، وكل ما تملك لله عز وجل مرة واحدة، ودفعة واحدة، وبذلك تصبح روحك وجسدك ومالك وديعة فورية عنده تعالى، هو الوحيد الذى يتصرف فى أمرها فى الدنيا كما يريد! ولكن كيف؟ من خلال الالتزام بأوامره ونواهيه، فقد أعطى لك دليلا ومرشدا كاملا فى كيفية التصرف فى حياتك، ولكن هذه البيعة متجددة فى كل لحظة، من زاوية المؤمن الذى يمكن أن يتراجع جزئيا أو كليا فى أى لحظة ويستعيد وديعته من عند الله (الروح والجسد والمال) ويتصرف فيها كما يحلو له بعيدا عن شرع الله فيرتكب معصية أو خطيئة أو يخرج من العقيدة كما يخرج السهم من القوس، وهذه هى حرية الاختيار فى هذه البيعة، فإذا ارتكب معصية أو خطيئة كأنه سحب جزءا من رصيده, وإذا ارتكب كبيرة من الكبائر فكأنه ألغى عقد البيعة مؤقتا على الأقل حتى يعود إلى رشده ويتوب توبة نصوحة، وقد يلغى العقد كله ويمزقه إذا قرر الكفر وأعلنه ولم يعد عن موقفه حتى موته.
وهكذا نرى أن الإخلال بشروط العقد يكون دائما من جانب الإنسان أما الله عز وجل )وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ(.
ولكن ما هو المقابل – وفقا للعقد – لهذا البيع الكلى للنفس والمال، والنفس هنا تشمل الروح والجسد، والجسد يأتمر بأمر الروح، المقابل مجز للغاية، وهى بيعة رابحة بكل المقاييس: الجنة والخلود فيها.
الصفقة رابحة والثمن بخس للغاية: جهاد لفترة قصيرة من العمر قد تكون ساعات وقد تكون أياما وقد تكون سنوات. فهناك من الصحابة من استشهد بعد ساعات من دخوله الإسلام ولم يصل ركعة واحدة وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه فى الجنة). وهناك من يطول عمره ويحسن عمله فإذا عاش عشرات السنين منذ بلوغ سن التكليف (الحُلم) فماذا تساوى بضع عشرات من السنين أمام الخلود.
ووفقا للحسابات الرياضية فإن اللانهاية فى المنتهى تعنى اللانهاية فى المبتدأ، بمعنى أن عشرات السنين تصبح قيمة زمنية لا نهائية فى قصرها، بصورة لا يمكن أن يتصورها العقل البشرى, فأنت فى الحقيقة تقدم ما هو أقل من قلامة ظفر بكثير وأقل من قطرة محيط بكثير من أجل الخلود. ولذلك وصف القرآن الكريم المؤمنين بأنهم قوم يعقلون ويفقهون. ووصف الكافرين بأنهم قوم لا يفقهون ولا يعقلون، فقد خسروا هذه الصفقة العظمى، بل لم يخسروها وخرجوا صفر اليدين من الدنيا فحسب، إذن لهان الأمر: )وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِى كُنتُ تُرَابَا (بل سيحصل مقابل افتتانه بالدنيا وشهواتها ومغرياتها فى الحرام على مقابل مخيف: خلود فى جهنم: )أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(.
فتصبح نتيجة الصفقة مع الشيطان (حب الدنيا) نفس المعادلة السابقة ولكن بالمقلوب، فيكون الفوز لعشرات محدودة من السنين على الأكثر (أقل من قلامة ظفر بكثير) مقابل خلود لا نهائى فى الجحيم!
ولن يكون المؤمن مؤمنا حقا إلا إذا كانت هذه المعادلة (الصفقة) أمام عينه بكل هذه الشفافية والوضوح. وكأنه يرى الجنة وجهنم أمام ناظريه فى شريط فيديو حى. والحقيقة فإن هذا الشريط موجود (وصف الجنة والنار فى القرآن الكريم) والعبرة ليست بمجرد مشاهدته، ولكن ترتيب الحياة على أساسه بصورة يقينية.
ولكن هذه الصفقة “التجارية” على وضوحها، ومزايا شروطها فى كراسة العقد، وبنوده. وأنها فرصة العمر التاريخية حقا (لا شاليهات الساحل الشمالى كما تقول الإعلانات). ورغم بساطة المعادلة وسهولتها إلا أنها شديدة الصعوبة فى واقع الأمر من حيث القدرة على الالتزام بها لسببين واضحين:
1- أن هذا المكسب الرهيب (الخلود فى الجنة) مؤجل إلى أجل غير مسمى، بينما: )إنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوُعًا وَإذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعَا( كذلك فإن الإنسان عجول. ولذلك سمى الله سبحانه وتعالى الدنيا بالعاجلة. وكما يقول المثل الشعبى (اسعدنى اليوم وبكينى غدا) أو (إحيينى اليوم وموتنى غدا).
وفى عالم التجارة قد تعرض عليك صفقة عاجلة ربحها أقل من صفقة بعيدة المدى، فيفضل التاجر عادة العاجلة على الآجلة, حتى وإن أحاط بالعاجلة بعض الريب.
وكثير من الجرائم والانحرافات تجرى فى الدنيا تحت هذا الشعار: المكسب السريع، واللذة الفورية المتوقعة، والاستمتاع الآنى: )كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ(.
ولذلك فإن الفضيلة دائمًا مقترنة بالصبر )وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ(, )فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ(.
فقد عاقب الله نبيه يونس لأنه نفد صبره من إصلاح قومه فتركهم دون إذن من ربه باحثا عن قوم آخرين.
ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه يقدم جوائز دنيوية على سبيل (التصبير) حتى يصمد المؤمنون فى الدنيا، فلم يشأ الله أن يجعل الدنيا – رغم قصرها الشديد – مجرد مرحلة من الشقاء وعواقب الجهاد الأليمة من الناحية الظاهرية، وهى مع ذلك مؤثرة، كفقد عزيز فى الجهاد، أو فقد الحرية (فى السجون) أو شظف العيش، فهناك حسنات فى الدنيا لتثبيت أقدام المؤمنين أعلاها النصر: )وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ( وفى درجاتها العديد من مظاهر المكافأة المادية والروحية، كحب الناس، والاستمتاع بملذات الحياة الدنيا فى الحلال. وفترات من الهدوء والسكينة وسط معارك الحياة، ومعارك الحق ضد الباطل.
وعندما تحتدم المعارك وقد تكون هبة شعبية من المظاهرات المتواصلة كفترة غزو العراق، أو لبنان, فإن المجاهدين يرهقون, وعندما تنتهى الحرب يستريحون قليلا، فما بال المقاتلين فى ساحات الوغى. وأذكر أننا كنا نسعد بوقف إطلاق النار لالتقاط الأنفاس وكأننا نحن الذين نحارب بأنفسنا. وعندما نلتقى المحاربين من المقاومة نسمع قصصا رهيبة عن استمرار عدم النوم لعدة أيام، بل عدم إمكان خلع الحذاء لمدة أيام. لذلك من رحمة الله ألا تكون الحروب مستمرة، ولا المظاهرات مستمرة, ولا الانتفاضات متواصلة، فلا يستطيع أى إنسان أن يعيش فى حالة طوارىء مستمرة، ومما يجعل هذا ممكنا أن العدو (الباطل) أيضا يرهق ويرغب فى الهدنة من حين لآخر: )إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ(.
وبالتالى فإن قانون: )فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{6}( يظل يعمل, فالقتال يتوقف أحيانا، والأسير يتحرر من السجن، وقد تتحسن شروط الأسير فى السجن فيكون هذا نوعا من اليسر.
كذلك فإن المصلى وقارىء القرآن والصائم ومخرج الزكاة يحصل على جوائز فورية من الراحة النفسية والسعادة الداخلية التى لا يعرفها غير المؤمنين.
ولكن تظل هناك تيارات معاكسة تفتن المؤمن: فالذى لم يراع ضميره فى التجارة أصبح أكثر ثروة، والذى باع ضميره أصبح رئيسا للتحرير، والذى باع مبادئه أصبح وزيرا أو عضوا بالبرلمان، والذى ارتشى أصبح أكثر غنى، والذى تعاون مع أعداء الخارج أصبح مليارديرا، والذى باع نفسه للشيطان أصبح له برنامج تلفزيونى أسبوعى، والصحفى الشريف ضيف دائم على السجون، وممنوع من الكتابة فى كل صحف جمهورية مصر العربية، والذى أشرك ابنه فى الجهاد فقده شهيدا، والذى علم ابنه التجارة والتعامل مع دوائر الغرب أصبح رئيسا للوزراء. ومن تعاون مع الكيان الصهيونى أصبح محترما فى المجتمع أو صاحب ثروة، والذى يتعاون مع غزة أصبح مجرما أو متهما بعمل استخبارى مع حماس! ومن يدعو إلى الله فهو إرهابى, ومن يدعو للشيطان الأمريكى فهو إمام المصريين. ومن يتهرب من سداد ديونه للبنوك يصبح رجل أعمال مرموق، ومن يسدد التزاماته بشرف يصبح مفلسا، وأحيانا مسجونا!! ومن يتزعم تجارة المخدرات فهو فى حرز مكين، ومن يتاجر فى ملابس المحجبات يسجن بتهمة الزواج من خامسة، وهنا فقط يظهر حرص الدولة على تطبيق الشريعة!! ومن يهتم بتطوير صناعة وطنية متقدمة تكنولوجيا يحارب حتى الموت، ومن يعمل فى السمسرة والمضاربة فـى أراضى الدولة فهو رجل محترم ومن رموز المجتمع. ومن هجر قضايا الوطن فهو المواطن الصالح الذى لا تزعجه أجهزة الدولة, ومن انشغل بقضايا الوطن فهو مطارد أينما ذهب وحل, وتحيط به علامات الاستفهام والاتهام من ذات الأجهزة. ومن قال بالباطل فتحت له كل النوافذ، ومن قال بالحق تمت مطاردته فى أركان الأرض الأربعة.
فهذه أمثلة واقعية على الفتنة التى تواجه المؤمن فى حياته، وصموده على الحق، وحرصه على الاستقامة فى ظل هذه الأمواج العاتية، معركة حربية كبرى بكل ما تعنيه كلمة معركة من معنى. وقد تعرضت شخصيا لموقف متكرر من عشرات المواطنين (كل على حدة) يقولون نفس الكلام تقريبا: ما الذى استفدته من قول الحق إلا السجون والبهدلة، لماذا لا تستريح؟ وتهتم بأسرتك؟ إن الأمور لن تتغير. وسيظل النظام كما هو. والشعب كما هو.
وكنت أرد – ومن بين ما أقوله – إننا لا نكون أسرا وننجب البنين كى نكون عبيدا لهم من دون الله. وأن الذى يكرس نفسه لأولاده على حساب قضايا الدين والوطن، فإنه يخسر نفسه ويخسر أولاده من حيث لا يحتسب.
وهذه المتناقضات ضمن قانون التدافع والصراع بين الحق والباطل، فلو كان الانحياز للحق يعنى طريقا مفروشا بالورود وجوائز دنيوية فورية ومفتوحة، فمن ذا الذى لا يتجه إلى الحق بشكل آلى وبدون تفكير، وأيضا بدون فضل. ولكن الابتلاء يظهر هنا كقانون، فطريق الحق كله أشواك ومصاعب وفتن، ولكن توجد به بعض الجوائز التشجيعية من حين لآخر، وبعض المحطات للاستراحة والتقاط الأنفاس. إن سيرة عمر بن الخطاب تؤكد أن معاناته كحاكم كانت أكبر بكثير من معاناته كمجاهد خارج الحكم، أو عندما كان أحد أفراد جماعة الشورى المحيطة برسول الله صلى الله عليه وسلم. وطريق الحق فى السلطة أكثر وعورة من طريق الحق فى المعارضة، لأن الفتن فى السلطة تكون مضاعفة وطاغية وأكثر احتداما على النفس.
وهكذا تكون الجوائز الدنيوية للمؤمنين على سبيل المثال الحوافز والتشجيع حتى يصبروا إلى يوم الجائزة الكبرى. ولكنها تظل غير كافية لتشفى الغليل إلى الدنيا لمن أراد أن يأخذ حظه ونصيبه منها كاملا، وهى تكفى المؤمنين الصادقين حقا فحسب.
2- وإذا كانت الجنة مؤجلة إلى أجل غير مسمى, وأن هذا أخطر المصاعب التى تواجه صدق الالتزام بالبيعة مع الله، فإن ذلك الأمر يرتبط عضويا بما هو أخطر، فهذه الجائزة العظمى (الجنة) من الغيب، ولا سبيل للتأكد منها بصورة مادية ملموسة.
عندما يريد شخص ذو سلطان أو مال أن يكسب إنسانا ما إلى جانبه لأى سبب من الأسباب، فإنه يدعوه لقصره، ويجعله يشاهد بنفسه مظاهر الترف والبذخ والمتع التى يمكن أن يلقاها، كما يمكن أن تعرض عليه عقارات محددة أو مساكن بحديقة، ويمكن أن يحضر حفلات السلطان أو صاحب المال. ويمكن أن يدرك كم المكاسب التى سيحظى بها إذا عاش فى أوساط المترفين والحكام.
إذن هناك عنوان واضح لهذه “الجنة الأرضية”, ويمكنك بطريقة ما أن تزورها وتتأكد من محاسنها، وأن تعرف شروط الانتساب لها، والأمور تبدو واقعية ومحسوبة بالورقة والقلم، فأنت إذا فعلت كذا ستحصل على كذا، وبالتالى فإن الأمر لا يعتمد على أى قدر من التخمين, والأمور كلها واضحة.
أما جنة الله عز وجل، فليس لها عنوان، ولا توجد لها زيارات، كما تفعل الشركات العقارية حين تنظم رحلات مجانية لترويج بيع الوحدات السكنية فى المنتجعات.. ولو كان هناك وسيلة لتحقيق ذلك، ما كان للإنسان أى فضل فى اختيار الطريق إلى الجنة.
إذن الإيمان بالغيب أول صفات المؤمن, وسنفصل ذلك فيما بعد، ولكن نقول باختصار الآن، إن الغيب حتمى لأننا لا يمكن أن نرى الله ولا الجنة ولا باقى مخلوقات الله الغيبية ولا معظم الكون.. وأيضا فإن الغيب اختبار لإيمان الإنسان, وقد أعطاه الله ما يكفيه من العقل والبراهين كى يصل إليه، ثم لم يتركه, بل أمده بالرسل والأنبياء والكتب: )لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ( (النساء: 165).
ولأن الإيمان درجات كما ورد فى القرآن الكريم, فإن ذلك يشمل الإيمان بالآخرة وجنتها ونارها. وبالتالى فإن مستوى اليقين بهذه النهاية يتفاوت من شخص لآخر من المؤمنين. وإن الاعتراف اللفظى باللسان لا يكفى، لابد أن تنضبط حياة الإنسان بهذا اليقين. وكلما اقترب من اليقين، كلما انضبطت حياته بمنهج الإيمان وكلما أصبح أكثر التزاما بشروط العقد.
ولكن هل شروط العقد تقتصر على القتال والجهاد بالمال كما ورد فى آية سورة التوبة السابقة؟
بيع النفس والمال لله لا معنى له إذا لم يشمل الاستعداد للموت فى سبيل الله فى أى لحظة وكل لحظة، وإلا أصبحت كلمة البيع مجرد كلام إنشائى. ولكن تحت هذه المظلة فإن القائمة طويلة تشتمل على الالتزام بأوامر الله والانتهاء عن نواهيه مما هو مفصل فى القرآن الكريم والسنة، بدءا من الالتزام بالعبادات والشعائر وكل الشرائع فى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحسن الأخلاق والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (الجهاد بالكلمة)، وكل قيم الإخاء والتكافل والعدل.. إلخ.
القائمة طويلة حقا, ولكن ألا تستحق الجنة تحرى الحلال وتجنب الحرام، والابتعاد عن الشبهات.
إن الإنسان فى نهاية الأمر يخدم نفسه ويؤمن مستقبله: )وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا( (المزمل: 20).
نعم هو اختبار طويل أشبه بالامتحانات التى تقدم ورقة طويلة من الأسئلة للإجابة عليها بنعم أم لا. والمؤمن يعرف الإجابة النموذجية، وما يغمض عليه يمكن أن يرجع فيه إلى العلماء الثقاة )فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً(.
والنجاح يستوجب الإجابة الصحيحة على أكثر من 50% على الأقل من الأسئلة. ولكن الأسئلة – كما فى امتحانات الدراسة – ليست متساوية القيمة. ولذلك فإن عدم الإجابة الصحيحة على الاستعداد للاستشهاد تكفى وحدها للرسوب، كذلك الإخلال بعقيدة التوحيد، كذلك الإصرار على ارتكاب الكبائر. والحقيقة فإن الهروب من الإجابة على سؤال الاستشهاد، وتجنب الكبائر هما من علامات الإخلال بالتوحيد، فكيف تؤمن بالله وترفض الاستجابة لأهم الواجبات, وتصر على ارتكاب أخطر المخالفات: (يظل المؤمن فى بحبوحة من دينه ما لم يقتل النفس التى حرم الله) حديث شريف, وأنذر القرآن مرتكب الزنا بأنه: )يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا( (الفرقان: 69-70).
التوحيد الحق هو العنوان الأصلى للعقد:
سئل أحد العارفين بالله (الشبلى) ما هو أعجب شىء فى الوجود؟ قال: الإنسان الذى عرف الله ثم عصاه!
الخطر الداخلى: تحدثنا فى الفصل الأول عن الخطر الخارجى المعاصر على قضية الإيمان بالله، وسميناه خطر استلهام وعبادة نمط الاستهلاك الغربى.
وقد جرنا الحديث إلى المفاهيم العامة للإيمان بشكل عام، وهذا يمهد الطريق لتوضيح الخطر الداخلى.
إذا كان الخطر الخارجى متولدا من طبيعة أنظمة الغرب وفكرها ونمط حياتها، فإن الخطر الداخلى يتولد من الأنظمة الحاكمة السائدة فى عالم العرب والمسلمين.
والقارىء غير العامل فى مجال الدعوة والسياسة أو المقاومة المسلحة، سيقاوم ما نطرحه هنا باعتباره من أعمال السياسة، وفصل العقيدة عن السياسة هى شائعة مغرضة وفاسدة يتحمل نتيجتها أمام الله دعاة السوء ووعاظ السلاطين. لأنهم يوهمون الناس أنهم يمكن أن يحظوا برضاء الله وبالجنة، بعيدا عن قضايا السياسة والجهاد.
وهذه أكبر جريمة ترتكب فى حق الدين الإسلامى من زاوية البتر والتشويه وتحريف الكلم عن مواضعه, ولكن بطريقة التركيز على نقاط دون أخرى فى الدين، وإغفال بعض النقاط تماما. كالحديث عن أن الإسلام دين تسامح وحوار، دون الإشارة لواجب الجهاد مع المحتلين والمغتصبين للمسجد الأقصى وفلسطين وبعض بلاد المسلمين، فهل الإسلام دين تسامح مع مغتصبى نساء المسلمين فى البوسنة أو العراق مثلا؟!
إن الأنظمة الحاكمة فى مصر وغيرها من البلاد العربية، تابعة للنظام الغربى، فى سياساته العامة، بالإضافة لانحرافاتها الخاصة عن الإسلام “باجتهادها” الخاص اتباعا للهوى وليس اتباعا للغرب.
وكما أوضحت فى دراسات سابقة أن المستكبرين (أى الحكام الطغاة) هم العدو الأول للدين بنصوص القرآن الكريم. وهم يطرحون رؤية متكاملة مخالفة للرؤية الإسلامية فى سياسات الداخل والخارج.
ولا يمكن توحيد الله حقا بدون التصدى لهم ولرؤيتهم التى يفرضونها على الشعب بالمخالفة لما أنزل الله. فهى أمور لا يصلح فيها التوازى.
ولا يمكن للمؤمنين أن يشكلوا مجتمعا منفصلا عن الدولة لإقامة الإسلام وترك الدولة فى حالها! لأن الدولة بدورها لا تتركهم فى حالهم!! فالجميع يعيشون تحت مظلة واحدة. وإذا كان الإسلام فى صدره الأول حيث نشأ فى ظل أكثر أنظمة الحكم والمجتمعات بدائية، لم يستطع أن يقيم الدين إلا بإنهاء نظام مكة الوثنى وإقامة النظام الإسلامى، فكيف يمكن لأحد أن يتصور إقامة الدين فى ظل دول العصر الحديث، حيث تتدخل الدولة فى كل صغيرة وكبيرة فى حياة كل مواطن على حدة.
إن الخطر الداخلى، يتمثل فى تزييف الدين، وتقديم صورة جديدة محرفة وغير حقيقية للإسلام، ويتولى ذلك منظومة معقدة من مؤسسات الدولة السياسية والدينية, خاصة بعد القضاء على استقلال الأزهر، وتصفية استقلال الأوقاف، التى كانت عماد النشاط الأهلى، وضمان استقلال العلماء والدعاة عن الدولة. ويشارك فى ذلك منظمات سياسية وغير سياسية تتحدث فى الدين بغير علم، والإعلام الرسمى، وبعض التيارات الإسلامية التى ترى فى البعد عن السياسة غنيمة حتى تتركها السلطات وترفع يدها عنها. وسيطرة الأوقاف والأمن على منابر ودروس المساجد. وكذلك تيارات إسلامية أخرى لا تطرح رؤية إسلامية متكاملة تحت شعار حسن إدارة الصراع والذكاء التكتيكى.
والمحصلة النهائية حالة من الخلط والتخليط أصابت صفاء عقيدة التوحيد فى مقتل. وهو ما أصاب الحركة الشعبية بالسكتة الدماغية، لأن الإسلام هو روح هذه الحركة الشعبية، فإذا ضاع من الأمة مفهوم الإيمان الصحيح ضاعت الفرص الحقيقية للتغيير نحو النظام العادل الذى يلبى احتياجات الشعب ويلتزم بشرع الله فى آن معا. (إذا الإيمان ضاع فلا أمان, ولا دنيا لمن لم يحيى دينه).
ويلخص هذه الأزمة الوقائع التى جرت فى الجامع الأزهر بين عامى 2002 – 2008م والتى انتهت بإصدار تشريع خاص بحزب العمل اسمه “منع التظاهر” فى دور العبادة!!
كان حزب العمل بادر بمناسبة مذبحة جنين واجتياح الضفة الغربية عام 2002م بتنظيم مؤتمر أسبوعى بالجامع الأزهر كل جمعة، لتحديد الموقف الإسلامى من الأحداث الجارية داخليا وخارجيا, وتم تكليف شيخ الأزهر بمحاولة تنظيم هذا المؤتمر واحتواء ما يجرى فيه.
وفى أحد المؤتمرات تحدثت عن تخاذل الحكام فى بلادنا تجاه اليهود الصهاينة, وعرضت الأحكام الشرعية فى الموقف من المعتدين، وأحكام الجهاد، وقارنتها بموقف الحكام وقلت: إما أن نتبع أحكام الله أو نتبع أحكام حكام مصر الحاليين؟
وكان شيخ الأزهر واقفا خلفى، وأخذ يقول للأستاذ إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل، وكنت أسمع كلماته وأنا أتحدث، لأن الجماهير كانت تقاطعنى بالهتافات المؤيدة: (ينفع الكلام ده يا أستاذ إبراهيم، لماذا هذا الإحراج!) أى أنه لم يستطع أن يقول أن كلامى خطأ من الناحية الشرعية، ولكنه كلام محرج له ولمشيخة الأزهر!!
وفى بعض الأحيان حاول شيخ الأزهر الرد علىّ، ولكننى كنت أناظره، وكان الجمهور معى, لذلك أقلع شيخ الأزهر عن محاولاته لأنها تزيده ضعفا كما ثبت أنها غير فعالة.
وعلى مدار السنين كان هناك موقفان آخران:
- موقف قيادة الإخوان المسلمين: التى حضرت بعض هذه المؤتمرات, فكانت تركز على مهاجمة السياسات الأمريكية والإسرائيلية ولا تتعرض للحكام بسوء, وقد تطالبهم بفتح باب الجهاد.
- موقف الحزب الحاكم: الذى بدأ يرسل لنا البلطجية لضربنا بالشوم والعصى, والهتاف فى قلب المسجد (بالروح بالدم نفديك يا مبارك).
هذه هى المواقف الأربعة التى تحكم الحياة السياسية فى مصر:
1- الموقف الذى يطرح الإسلام متكاملا ويطبق الرؤية الإسلامية على سياسات الحكام ومواقفهم كما فعل الرسل والأنبياء انتهاء برسولنا الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم (موقف حزب العمل كمثال).
2- الموقف الرسمى للمؤسسة الدينية الذى يعرض من الإسلام النقاط التى لا تتعارض مع الحكام تحت شعار “دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله”.
3- الموقف الإسلامى للإخوان المسلمين الذى يتجنب الاشتباك مع شرعية النظام الحاكم.
4- موقف الحزب الحاكم والأمن الذى يستخدم العصا والضرب والاعتقال وتمزيق الثياب، والهتاف لمبارك لا لله رغم وجودنا فى المسجد )وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً(.
وللإنصاف فإن الإخوان المسلمين ينتقدون النظام الحاكم بحرية أكبر خارج مؤتمرات الأزهر. ولكن خطهم السياسى الإسلامى لا يرتفع إلى مستوى الاشتباك مع شرعية النظام الحاكم من منظور إسلامى (راجع نص برنامج الإخوان المسلمين الذى أعلنه الأستاذ محمد مهدى عاكف فى نقابة الصحفيين). الموقف الأول هو الموقف الصحيح الوحيد من وجهة نظرى. وهو أمر متصل بصفاء عقيدة التوحيد. (راجع دراسة: سنن التغيير فى السيرة النبوية).
وتصحيح هذا المفهوم العقدى هو مفتاح التغيير، بل ومفتاح الجنة أيضا بإذن الله.
وهذا الخطر الداخلى من الطرح الرسمى للدين، أو الطرح المتحفظ لدواعى تكتيكية من بعض التيارات الإسلامية، هو المشكلة الرئيسية التى تواجه قضية الإيمان بالله فى أوائل القرن الواحد والعشرين، وقبل ذلك بسنوات.
لماذا ندخل السياسة فى الإيمان؟
أو هل نبالغ فى المكون السياسى للإيمان؟!
نحن لا نأتى بشىء من عندياتنا، فشروط دخول الجنة, وهى شروط العقد الربانى كما وردت فى القرآن الكريم هى التى يغلب عليها ما نسميه الآن السياسة. وهنا لابد من وقفة عما ورد فى القرآن الكريم بخصوص شروط دخول الجنة، حتى يتضح أن ما نقوله ليس عجبا، وليس اجتهادا خاصا.
*****
)أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ( )البقرة: 214).
فهذه الآية تقول للمؤمنين صراحة هل حسبتم، أى هل تظنون أو تعتقدون أنكم ستدخلون الجنة (بمجرد إقراركم بكلمة الإسلام بدون أن تصابوا بمثل ما أصاب الذين من قبلكم، فقد أصابتهم الشدائد والنوازل وزلزلوا حتى بلغ بهم الأمر أن قال رسولهم نفسه وقالوا معه: متى نصر الله؟ فيبر ربهم بوعده فيجابون عندئذ بأن نصر الله قريب) (المنتخب فى تفسير القرآن الكريم – مجموعة من العلماء – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – الطبعة 18 – 1995م – القاهرة – ص 49).
نحن أمام تنبيه وإنذار قطعى أنه لا دخول للجنة إلا عبر المرور بهذا الاختبار.
ولا توجد إشارة للعبادات لأنها أمر بديهى، والكلام موجه للمؤمنين، كما أن هدف العبادات هو الارتقاء بالموقف الإنسانى إلى حد منازلة الباطل فى سبيل الله. والآية تشير إلى مواجهة شاملة عسكرية أو سلمية عانى منها المؤمنون الأمرين، وأن الهدف هو نصر الله وهو لا يخرج إلا عن أحد احتمالين: الانتصار فى المعركة مع الطاغوت وإقامة دولة الإسلام، أو صد عدوان خارجى يستهدف الدولة الإسلامية القائمة بالفعل.
وقد جاءت الآية فى صورة قانون عام لا يخص موقعة بعينها ولا حادثة بذاتها, للتأكيد بأن هذه قاعدة عامة تعرض لها كل رسول، وكل جماعة من المؤمنين عبر التاريخ.
لا تصدق دعاة السلاطين حين يقولون لك: إن مجرد النطق بالشهادتين والصلاة والصوم مع التزام البيت والبعد عن مواجهة الباطل هو الطريق إلى الجنة، فكلام الله صريح، وأن من يحاول لى عنق بعض الأحاديث الصحيحة لتكون متعارضة مع نصوص القرآن ليسوا أناسا صادقين.
وقد ضربت مثلا فى محاضراتى للشباب، عن التوازن المنطقى بين عظم الجائزة (الجنة والخلود فيها) والثمن المطلوب دفعه من أجلها.
فإذا كنا فى الدنيا نستهزىء بعرض يقول لك أحضر فى المعرض الفلانى للحصول على سيارة فاخرة بـ 10 جنيهات، واعتبرناها نكتة سخيفة، أو عرض آخر يقول لك إن هناك مسكنا فاخرا على البحر وبه كل الأثاث المطلوب بـ 100 جنيه واعتبرناه جنونا. فكيف نتصور أن ندخل جنة الخلد بـ 10 جنيهات أو 100 جنيه! لا والله إن سلعة الله غالية.
عندما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب الدخول فى الإسلام، وأقر باستعداده للصلاة والصوم والحج, ولكنه قال إنه لا يقوى على الجهاد ويخشى أن يفر ساعة الخطر، فسحب رسول الله يده من يد الرجل وقال له: وكيف تريد أن تدخل الجنة؟ ألا إن سلعة الله غالية (وكررها 3 مرات) ألا إن سلعة الله هى الجنة! وقد قبل الصحابى البيعة على هذا الأساس وصلح إسلامه وشارك فى العديد من الغزوات بعد ذلك.
وهكذا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث بنفس المنهج القرآنى، إنها صفقة تجارية, وهناك سلعة لله، وثمنها غال، وهو الجهاد والاستعداد للاستشهاد فى سبيل الله.
*****
)أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ( (آل عمران: 142).
ما أجمل القرآن، هل يوجد وضوح أكثر من ذلك، أليس الكلام قاطعا، بعض آيات القرآن الكريم لا تحتاج لتفسير، وأحيانا يقوم المفسرون بمجرد تكرار ما ورد بالآية ويكتفون بذلك، ولكن لدقة الموضوع نعود لبعض نماذج التفسير القديمة والمعاصرة.
يقول تفسير المنتخب – وهو فى رأيى أفضل تفسير مختصر معاصر -: (لا تظنوا أيها المؤمنون أنكم تدخلون الجنة دون أن يتبين منكم المجاهدون والصابرون الذين تطهرهم المحن والشدائد) (المنتخب – مرجع سابق – ص 93).
ويقول أحمد حسين: (هذه الآية والتى سبقتها: )وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ((آل عمران: 141) هى تأكيد لنفس المعانى, فالله سبحانه وتعالى وهو فى مقام التشريع يحدد للمؤمنين المبادىء والقواعد التى تؤدى إلى الجنة، وهو هنا يقرر لهم أنه لا يدخل فى جنته إلا من جاهد (أى حارب وقاتل) أو ثبت فى أرض المعركة وكان من الصابرين) (تفسير سورة آل عمران – أحمد حسين – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – القاهرة – 1982 – ص 153).
ويقول ابن كثير عن نفس الآية إنها مماثلة للآية التى تحدثنا عنها من قبل (البقرة 214) ويضيف: (أى أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تبتلوا بالقتال والشدائد، كما قال تعالى: )الم{1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ{2}( (العنكبوت) ولهذا قال هنا (أى فى هذه الآية: آل عمران 142) أى لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تبتلوا ويرى الله المجاهدين فى سبيله، والصابرين على مقاومة الأعداء). (تفسير ابن كثير – الجزء الثانى – مطبعة المنار بمصر – سنة 1343 هجرية – ص 252).
أما الإمام البغوى فقد فعل فى تفسيره ما ذكرناه، وهو وضع الآية كما هى بدون أى تفسير، لأنها من وجهة نظره أوضح من أن تُفسر. (معالم التنزيل – الإمام البغوى – مطبعة المنار بمصر – سنة 1343 هجرية – ص 252).
وقد جاءت هذه الآية فى سياق الحديث عن معركة أحد, ولكننا نؤكد ما يذكره كل العلماء الثقاة والعارفين أن كتاب الله ليس كتاب تاريخ أو مناسبات أو تعليق على أحداث جزئية، فكل الحديث عن الغزوات وغيرها تخرج بمبادىء وقواعد عامة للإرشاد والهداية، وليس مجرد تقييم لواقعة محددة, وهو ما سماه العلماء (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).
وقد حددت الآية صفتين لداخلى الجنة: أنهم مجاهدون وصابرون. وهما صفتان مترابطتان الجهاد والصبر على الشدائد الناجمة عنه، حتى لا يذهب ذهن أحد إلى أن الصبر المقصود هنا يشير إلى مجال آخر خارج الجهاد.
ورأينا أن ابن كثير ربط بين الآيتين، وأضاف الآية الثانية من سورة العنكبوت.
*****
)وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ{4} سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ{5} وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ{6} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{7}( (محمد).
وأيضا هذه الآيات تفسر نفسها بنفسها, وكررها بعض المفسرين كما هى فى التفسير، ونلاحظ هنا أن الجنة بين آيتين: آية تشير إلى القتل (الاستشهاد) فى سبيل الله, ثم تتلوها آية عن نصر الله )إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ( فالجنة بين “قوسين” من الجهاد من أجل إعلاء كلمة الحق والدين.
*****
)الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{20} يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ{21}( (التوبة).
الله يبشر صنفا محددا بالجنة، الذين آمنوا وجاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وهذا صنف واحد وليس أصنافا متعددة بالإيمان والهجرة والجهاد معطوفة معا بواو العطف، وليس بينها (أو) للتخيير، فالمؤمنون حقا هم نفسهم المستعدون للهجرة إلى الله مكانيا وروحيا, وهم أنفسهم المجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.
وهم أنفسهم وصفهم الله فى الآية قبل السابقة بأنهم )مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ( (التوبة: 18).
ونلحظ هنا – وليس فى هذه الآية وحدها – تخصيص الإيمان باليوم الآخر مع الإيمان بالله، لأن هناك كثيرا من بنى البشر يؤمنون بوجود إله للكون ولا يؤمنون بالحساب الأخروى، وأيضا لأن الإيمان باليوم الآخر (الجنة والنار) ركن ركين من الأركان الأساسية للإيمان التى تضبط سلوك المؤمن فى الدنيا. ولاحظ أن الإيمان والصلاة والزكاة جاءت مشفوعة بعدم الخشية إلا من الله، باعتبارها المحصلة والنتيجة النهائية للتوحيد الحق، للإيمان الحق. وعدم الخشية إلا من الله لا تتبدى فى القتال فحسب، بل فى كلمة الحق، وأن المؤمن لا يركع إلا لله، ويقول الحق لا يخاف فى الله لومة لائم ولا أى عواقب أو تهديد، فالإيمان الحق يصنع من الإنسان إنسانا آخر أكثر علوا وسموا وحرية وكرامة من إنسان يخشى تهديدات المستكبرين والظالمين. وهذا ما تؤكده الآية التالية أيضا:
)أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ( (التوبة: 19).
تنفى الآية الكريمة أن يكون مجرد أداء الشعائر كافيا, بل إن جوهر القضية أولا: الإيمان بالله واليوم الآخر (ولاحظ تكرار اليوم الآخر ثانية) والجهاد. ثم تأتى الآية التالية التى بدأنا بها لتبشر هؤلاء تحديدا بالجنة.
تفاصيل شروط عقد البيعة:
وفى نهاية سورة آل عمران نجد مزيدا من التفصيل لشروط عقد البيعة: شروط دخول الجنة، بصورة تقشعر لها الأبدان لمن تتبع الموضوع بدقة من أوله: من الآية 190 – 200 أى حتى نهاية السورة:
الطرف الأول للعقد: المؤمنون:
وصفتهم أنهم: )الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ(.
وهذه الآيات نتعبد بها كثيرا, فهى صورة جميلة للمؤمنين، وهى صيغة دعاء لله عز وجل، هذه صورة مؤمنين بالله يعبدونه قياما وقعودا وعلى جنوبهم، إنهم إذن أفضل الناس.
فمن البديهى أنهم أهل الجنة. ولكن الرد الإلهى كان بتحديد شروط دخول الجنة، وأن كل هذا الإيمان وكل هذه العبادة لابد أن تترجم إلى أعمال محددة حددتها الآيات التالية فى أربع صور، لأن هذه الترجمة هى معيار صدق الإيمان.
)فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِى سَبِيلِى وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ( (آل عمران: 195).
)لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم( ما هو نوع العمل:
1- الهجرة فى سبيل الله: وهى هجرة بالمعنى المكانى الجغرافى من دار الكفر إلى دار الإسلام.
يردد كثيرون أن الهجرة المكانية لم تعد واردة فى عالم اليوم، ولكن هناك أشكالا متنوعة ومتجددة للهجرة فى سبيل الله, وكما اختلفت الهجرة فى عهد رسول الله بين الحبشة والمدينة، فهناك أشكال معاصرة للهجرة حدثت بالفعل، فبماذا نسمى هجرة المجاهدين العرب للبوسنة وأفغانستان وباكستان والشيشان والعراق, وبعض المصريين الذين هاجروا إلى غزة، وكل من يهاجر من بلاد تحكمها الطواغيت، ويتابع الجهاد من الخارج. حقا إن أرض مصر والعرب ليست دار كفر لسيادة إيمان المجتمع بالإسلام، ولكن يكفى أن حكام البلاد أصدروا فرمانا بتجريم الجهاد أو إلغائه، وقد كان من أهم أسباب محاربة الغرب لنظام الإنقاذ فى السودان أنه تحول إلى أرض هجرة للعرب والمسلمين فى أعوامه الأولى, وكان العرب والمسلمون يهاجرون إلى لبنان للالتحاق بالمقاومة الفلسطينية.
ويقول بعض المفسرين إن الهجرة عندما ترد فى القرآن الكريم فقد تعنى الهجرة المكانية أو المعنوية كقول سيدنا إبراهيم: )وَقَالَ إِنِّى مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي( ولكننا نعلم أن إبراهيم هاجر مكانيا أيضا من العراق إلى الشام. ومعنى الهجرة إلى الله بالمعنى الروحى والمعنوى بدون انتقال جغرافى، معنى صحيح ولا خلاف عليه، وهو مطلوب فى كل الأحوال, ولكنها بهذا المعنى تساوى الإيمان بالله، وتعبير آخر عن فكرة بيع النفس كلية لله، وهو تعريف لمعنى الإيمان، لذا نرى أن المقصود هنا هو الهجرة المكانية, خاصة والآية بدأت بالحديث عن الأعمال ثم بدأت فى تحديدها، والإيمان بالله (الهجرة لله) هى عملية قلبية فى المحل الأول.
والتفاسير الرئيسية التزمت بهذا المعنى, أى أن المقصود فى هذه الآية الهجرة المكانية.
2- الإخراج من الديار: على خلاف الهجرة التى تكون بقرار ذاتى، فإن الإخراج من الديار يكون عنوة, وفى عصرنا الحالى فإن أبرز مظاهر الإخراج من الديار طرد ملايين الشعب الفلسطينى من فلسطين ورفض عودتهم من قبل الكيان الصهيونى والغرب مع تواطؤ حكام العرب.
وكذلك اضطرار الأفغان والباكستان للنزوح من ديارهم لأنهم يعيشون فى المناطق المؤيدة للمجاهدين, بالإضافة للمجاهدين وأسرهم.
وكل المجاهدين الذين يتعرضون للنفى الإجبارى أو شبه الإجبارى خارج بلادهم يدخلون فى هذا البند.
3- وأوذوا فى سبيلى: هذا البند عام ويشمل كافة أنواع الأذى والاضطهاد التى يتعرض لها المجاهدون: سجن – تعذيب – مطاردة – مراقبة – تهديد – محاربة أرزاق – حملات إعلامية ظالمة – مضايقة الأسر والعائلات – اقتحام البيوت ومقرات العمل – الضرب فى الشوارع عن طريق الشرطة أو بلطجية تابعين للشرطة – تحطيم ممتلكات – تصفية شركات بدعوى تمويل الجهاد – الاستيلاء على أموال المجاهدين ومجوهرات أسرهم – الطرد من العمل وهى من أشكال محاربة المجاهدين فى أرزاقهم.
والواقع أن المؤمن لا يتعرض لكل أنواع الأذى هذه، إلا عندما يكون له موقف معلن وصريح فى المجتمع، أما “المؤمن” المختبىء فى جحر ما فإن السلطات لا تأبه له, بل وتبارك موقفه.
4- وقاتلوا وقتلوا: والمقصود هو القتال فى سبيل الله، أما الذى قتل فقد انتهى ملفه فى الدنيا وسجل فى الجنة. وقد ثبت فى الصحيحين أن رجلا قال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت فى سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أيكفر الله عن خطاياى؟ قال: نعم.
والحقيقة أن الصور الأربع هى أشكال مختلفة للجهاد وعواقبه. فالجهاد بالنفس والمال، بالقتال والكلمة هو الطريق الوحيد لدخول الجنة وفقا لهذه الآيات الكريمة.
وقد سبق أن كتبت المعادلة التالية: إسلام – جهاد = نفاق!
ختام سورة آل عمران محورى فى العقيدة الإسلامية.. وقد كانت من أوائل الآيات التى حفظتها فى صباى، من كثرة سماعى لوالدى وهو يرددها فى صلاته الجهرية، وتعلقت بها. وعندما كتبت منذ قليل أن ما ورد بها تقشعر له الأبدان لم أكن قد عدت بعد إلى التفاسير وكتب الأحاديث حولها، وقد فوجئت بما أسعدنى، من حيث التوافق مع انفعالى بهذه الآيات.. ومن ذلك:
قالت السيدة عائشة رضى الله عنها، عندما سألها ابن عمر: أخبرينا بأعجب ما رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت وقالت: كل أمره كان عجبا، أتانى فى ليلتى حتى مس جلده جلدى ثم قال: (ذرينى أتعبد لربى عز وجل) قالت: فقلت والله إنى لأحب قربك وإنى أحب أن تعبد ربك، فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صب الماء ثم قام يصلى فبكى حتى بل لحيته ثم سجد فبكى حتى بل الأرض ثم اضطجع على جنبه فبكى حتى إذا أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح قال: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: (ويحك يا بلال وما يمنعنى أن أبكى وقد أنزل الله علىّ فى هذه الليلة )إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِى الأَلْبَابِ( ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها).
وفى رواية أخرى: (من قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها ويله) يعد بأصابعه عشرا, وفى رواية مختلفة أن رسول الله صلى عليه وسلم كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة آل عمران كل ليلة.
*****
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر طريق الجنة:
) وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{71} وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{72}( (التوبة).
وهنا نجد القرآن الكريم قدم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على الصلاة والزكاة والطاعة العامة لله ورسوله (والطاعة العامة هنا ترجمة لبيع النفس وما تملك لله عز وجل).
وقد سمى بعض العلماء “الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر” جهاد الداخل, وهو جهاد الكلمة، وقول الحق مع الحكام وغير الحكام، فى ظل نظام مرجعيته الإسلام أو فى ظل نظام الاستكبار على نحو ما فصلنا فى كتاب (الجهاد صناعة الأمة).
ونرى صورة أخرى من ارتباط دخول الجنة بالعمل العام، أو ما نسميه الآن العمل السياسى، وما هو إلا العمل لإصلاح المجتمع، فالمسلم بحكم قيم الإسلام ليس الإنسان الأنانى الذى يعيش لنفسه ولا يهتم بمن حوله (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) حديث.
وليس المقصود بذلك الانخراط المباشر بالضرورة فى عضوية أحد الأحزاب أو الجماعات الإسلامية، فالعمل العام له أشكال أخرى عديدة، كمناصرة الجماعة أو الحزب الأقرب إلى عقلى وقلبى، كالتصويت فى الانتخابات العامة والمحلية والنقابية، الجهاد بالمال لنصرة التيار الإسلامى، والمساهمة فى جهود إغاثة الملهوفين فى الداخل والخارج. الاشتراك فى الدوريات والمجلات الإسلامية، وشراء وقراءة الكتب الإسلامية، المشاركة فى الجمعيات الجادة التى تخدم المجتمع وتهتم بالتكافل الاجتماعى وتطوير البيئة،حضور الندوات والمؤتمرات والمظاهرات التى تهتم بقضايا الوطن والأمة، وتربية الأبناء على كل هذه القيم, المساهمة فى تأسيس الكتاتيب وحلقات تحفيظ القرآن والمدارس الإسلامية، وكل أشكال العمل الخيرى المستقل حقا عن الدولة التى تسعى لتأميم النشاط الأهلى، تنظيم صناديق الزكاة، والقائمة تطول، وكان لابد من هذه الأمثلة لأن الشائع أن يتصور الناس أن الشكل الوحيد للعمل العام السياسى الذى أمر به الله (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإصلاح المجتمع) هو الانضمام لعضوية حزب أو جماعة إسلامية، وإن كان هذا هو أعلى أشكال الجهاد المدنى ونحض عليه، ولا نخوف الناس منه، ولكن لأن أفهام الناس واهتماماتهم واستعدادهم للتضحية تتفاوت فلابد من عرض سلسلة واسعة من الاحتمالات والبدائل, وهى أفضل من السلبية المطلقة التى لا يقرها الإسلام، إن مجال المشاركة فى الإصلاح واسع ومتنوع وأرض الله واسعة )يَا عِبَادِى الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِى وَاسِعَةٌ فَإِيَّاى فَاعْبُدُونِ(.
*****
)وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِى اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ( (التوبة: 100).
وبنفس المنهج السليم فى تدبر القرآن، فإن هذه الآية ومثيلاتها ليست عملية تأريخ لفضل المهاجرين والأنصار الأوائل, فهؤلاء قدوتنا الذين يجب أن نتعلم منهم وأن نسير على نهجهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت هذه الآية تحديدا صريحة فى التعميم عندما ذكرت )وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ(، وإن أهم ما يميز هذه الثلة من الأولين أن إيمانها بالله وعبوديتها له اقترنت بأسمى آيات الجهاد بالكلمة فى مكة، وبالجهاد المسلح فى المدينة بعد الهجرة. وكانت الهجرة جهادا, وكان احتضان الأنصار للمهاجرين جهادا من نوع آخر, فيه البذل والتضحية والعطاء.
وكان الأنصار يعون جيدا أن استقبال المهاجرين من مكة سيفتح عليهم نيران مشركى مكة, بل والعرب قاطبة. وبالفعل ففى غزوات بدر وأحد والخندق لا تستطيع أن تميز بين المهاجرين والأنصار من زاوية الاستبسال فى القتال، وفى بعض الغزوات كان الشهداء من الأنصار أكثر, وهذا طبيعى لأن عددهم كان أكبر.
*****
الوفاء بعهد الله وميثاقه طريق الجنة:
)الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ{20} وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ{21} وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ{22} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ{23} سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ{24} وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ{25}( (الرعد).
)وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِى وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ( (المائدة: 7).
البيعة مع الله هنا اسمها عهد الله وميثاقه، وهى تعنى أن نقول لله (سمعنا وأطعنا) فى كل شأننا، فى هيئة وشكل العبادة: الصلاة كما فصلتها السنة, فى الإنفاق سرا وعلانية فى سبيل الله، فى الرد على السيئة وتوقيها بالحسنة، فى نظام الزواج والطلاق والميراث والحدود، فى الالتزام بالزكاة وفقا لمقاديرها التى حددتها السنة.
والصبر فى هذه الآيات وغيرها يعنى الصبر فى مواجهة هوى النفس: )وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِى الْمَأْوَى( ويعنى أيضا الصبر على الأذى الذى يتعرض له المؤمن بسبب تمسكه بالعقيدة وبالحق فى العمل العام, وقد اتضح ذلك أكثر بمفهوم المخالفة, فالذين يدخلون النار من صفاتهم أنهم “يفسدون فى الأرض”، أى أن الذين يدخلون الجنة هم الساعون للإصلاح فى الأرض, وهذا ما يقتضى الصبر على المكاره (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) حديث, فدخول الجنة لابد أن يمر عبر المكاره وهو ما يقتضى الصبر عليها )سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ(، أما الاستسلام للشهوات فهو طريق النار.
إن الرؤية الإسلامية للإصلاح لا تقوم على مجرد إصلاح الفرد. رغم أن هذا هو المقدمة أو الخطوة الأولى، بل هو محور دائم إلى يوم الدين، فالفرد هو لبنة المجتمع، وكل فرد مسئول عن نفسه أمام الله: )وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا(.
ولكن إصلاح الفرد يتوازى ثم يتراكب ويتكامل مع إصلاح المجتمع، وإصلاح المجتمع يحتاج إلى عمل جماعى يستهدف إصلاح الإدارة العامة للمجتمع (التى نسميها سلطة سياسية أو حكومة). وأنت إذا اكتفيت بالمرحلة الأولى فيمكنك أن تلتزم بأى دين آخر إلا الدين الإسلامى.
سنن الإصلاح واضحة كفلق الصبح فى القرآن والسنة, ولكن الناس لا يعلمون أو يعلمون ويخدعون أنفسهم )هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا(.
وإعمار الأرض لا يكون إلا بصورة جماعية، كذلك فكل الأنبياء والرسل خاطبوا أقوامهم (شعوبهم) وعبر هذا السبيل تكونت جماعة المؤمنين، وليس العكس، أى لم يتوجهوا إلى الأفراد: فردا فردا لأن هذا أسلوب غير عملى، فالأصل أن الدعوة عامة, ومن خلال ذلك يحدث الفرز والاستقطاب وتتكون جماعة المؤمنين التى لا شك تهتم بالبناء العقائدى لأفرادها, ولكن تظل مهمتها العظمى هى إصلاح المجتمع ككل، ويجب عدم التوقف كثيرا عند مرحلة سرية الدعوة فى السيرة النبوية، لأنها فترة عارضة قصيرة، بينما يريد البعض فى عصرنا أن يعيش فيها أبد الدهر، كذلك فحتى فى هذه السرية فإن مضمون الدعوة كان لإصلاح المجتمع ككل منذ الوهلة الأولى، والسرية هى سرية الأفراد، وليس سرية الفكر ومضمون الدعوة التى اكتشفها المجتمع المكى منذ الوهلة الأولى أيضا، ولكنه لم يخشها ظنا بأنها ظواهر فردية، ولأنها لم تتحداهم بالإعلان.
تجارة تنجيكم من عذاب أليم:
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{11} يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{12} وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ{13}( (الصف).
ويعود القرآن الكريم من جديد إلى استخدام مصطلح “التجارة”، عملية البيع والشراء لدخول الجنة، والشرط الجوهرى لدخول الجنة هو هو الذى بدأنا به الحديث: إيمان بالله ورسوله وجهاد بالمال والنفس فى سبيل الله, وهى شروط مركبة معا, لا تنفصل عناصرها كما يتصور البعض, ويظن أنه سيدخل الجنة دون جهاد على أساس أنه سيكتفى بالصلاة والصوم.
الجهاد علامة الإيمان الصادق وبطاقة دخول الجنة:
وهكذا نتابع الآيات التى تقرن الإيمان بالهجرة والجهاد بالنفس والمال والتناصر فى الجهاد, وتقرنها جميعا بالإيمان الصادق وبوعد الجنة.
)وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ( (الأنفال: 74).
نجد فى هذه الآية الكريمة أن الإيمان والهجرة والجهاد والتناصر فى الجهاد هى صفات المؤمنين الصادقين، المؤمنين حقا، لهم مغفرة ورزق كريم، وكما أكد المفسرون أن الرزق الكريم فى الدنيا والآخرة.
ويمثل تفسير د. محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الحالى فى سورة الأنفال حالة نموذجية للمؤسسة الدينية الرسمية، حيث يقتصر فى تفسيره لهذه الآية على الجانب التاريخى، بحيث يدخل فى انطباع القارىء أن سورة الأنفال مجرد تأريخ لوقائع السيرة، وأن هذه الآية تكريم للمهاجرين والأنصار وتوضيح فضلهم، دون أن يوضح المغزى العام لهذه الآية وغيرها من الآيات المماثلة فى سورة الأنفال وغيرها. وأن القرآن الكريم يضع السنن والقوانين العامة لما بعد عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وإلى يوم الدين، وأن كتاب الله كتاب هداية وإرشاد, وليس كتاب تاريخ, أو توثيق للسيرة النبوية الشريفة.
وكما أوضحنا أن الهجرة لم تنته كاحتمال وكقانون سواء أخذت صورة جماعية أو فردية، سواء أخذت شكل الإجبار المباشر عليها (النفى) أو أخذت شكل الضغط الذى يؤدى إليها (المنفى الاختيارى).
وما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه قال: (لا هجرة بعد اليوم وإنما غزو وفتح) وما قاله (الآن نغزوهم ولا يغزونا) فهذا هو الحديث المتصل بوقائع السيرة وحدها, وقد كان تنبؤا بما حدث بالفعل, وقد نسبت هذه الأقوال لرسول الله بعد هزيمة الأحزاب (غزوة الخندق).
وكل ما ورد فى القرآن الكريم هو مبادىء وقوانين وسنن عامة لهداية البشر فى كل زمان ومكان – فيما عدا استثناءات نادرة – كالآيات المتعلقة بأمهات المؤمنين, فالأحكام الخاصة بها منقطعة بوفاتهن، ومع ذلك ففيها دروس عامة يمكن الاستفادة منها بشكل عام, وهذا حديث آخر ليس مقامه هنا.
والهجرة من هذه القوانين العامة، وبرهن تاريخ البشرية بعد حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم لجوء المجاهدين إليها: كهجرة بعض المسلمين من الاتحاد السوفيتى، ونزوح الفلسطينيين من فلسطين بعد مجازر دير ياسين وغيرها, التى بلغت شكلا من الوحشية لا مثيل له فى التاريخ، كذبح قرى بأكملها, وبقر بطون الحوامل، وقتل الأطفال، وأسر النساء وتجريدهن من ملابسهن, والمرور بهن فى مواكب بالمستوطنات اليهودية. وكذلك هجرة البوسنيين والشيشان إلى بعض البلاد العربية والإسلامية، والأمثلة عديدة، عن حركات المجاهدين التى لجأت للمنفى أو لدول مجاورة، بل إن قانون الهجرة يشمل نضالات غير المسلمين ضد الاحتلال الأجنبى أو النظم الموغلة فى الاستبداد والفساد, وهذا حدث فى مختلف أنحاء العالم. فالسنن العامة تشمل البشرية جمعاء. ولكننا نقصر حديثنا على الهجرة فى سبيل الله، أى اضطرار المجاهدين للنزوح من إقليم لإقليم داخل الوطن نفسه (وما الهجرة للمدينة إلا هجرة داخل بلاد العرب) أو إلى بلد مجاور أو قريب. وبالمقابل فإن الذين )آوَواْ وَّنَصَرُواْ( ليس هم الأنصار فى المدينة فحسب، فهذا هو الحدث التاريخى الذى نقيس عليه، وأنصار العالم المعاصر موجودون كأهل باكستان الذين احتضنوا المهاجرين من أفغانستان، وكما يحتضن أهل سوريا المقاومة العراقية والفلسطينية. بل إن قانون التناصر أو الإيواء يسرى على كل أسرة أو فرد قدم ملجأ لإخفاء مجاهد من السلطات الغاشمة أو الأجنبية. فبدلا من الاكتفاء بترداد المناقب العظيمة للأنصار والمهاجرين، فإن واجب العلماء أن يحضوا المؤمنين فى القرن الحادى والعشرين على الاقتداء بالمهاجرين والأنصار، ولكن خطبة الجمعة تنقطع بمجرد السرد التاريخى للموضوع، كما ينقطع تفسير د. طنطاوى الذى يفسر آيات الأنفال على أنها مجرد تقسيم للمؤمنين فى عهد رسول الله إلى 4 أقسام!! ولكن أين هذه الأقسام الآن؟
اليوم إذا عبر فلسطينى من غزة تحت وطأة القصف الصهيونى إلى مصر، فهو جاسوس ومجرم ومخرب للأمن القومى المصرى، وإن هؤلاء العابرين لا يريدون إلا احتلال مصر تنفيذا لمخطط إسرائيل صديقتنا. ولذلك فالتعليمات تقتضى فتح النار عليه، أو إلقاء القبض عليه وإلقائه فى السجون المصرية، ليكون عبرة لمن لا يعتبر، فالسيادة المصرية لا يمكن أن تمس إلا من إسرائيل. فالكيان اليهودى – الصهيونى الغاصب للمسجد الأقصى ولفلسطين، يمكن أن يفتح النار على الشرطة المصرية، ويمكن أن يتسلل عبر الحدود بدون إذن السلطات المصرية لإعادة بعض المتسللين الأفارقة، ويمكن أن يقصف رفح المصرية ويصيب عشرات المنازل. ولكن الكيان اليهودى يظل صديقا يعبر أبناؤه إلى سيناء بدون تأشيرة, والغاز يصلهم شبه مجانا، ولا تتأثر العلاقات أبدا، فالسيادة المصرية لا يتذكرها هؤلاء إلا فى مواجهة شعب مسلم تحت الاحتلال.
أقول ذلك رغم أن أهل غزة لا يسعون للهجرة إلى مصر، بل هم يتجمهرون على الحدود المصرية للعودة إلى غزة (مشكلة العالقين المستمرة)، ولكن إذا اضطر بعضهم للعبور من أجل الحصول على سلاح أو غذاء أو الهروب مؤقتا من القصف الجوى فلا يجب معاملاتهم معاملة الأعداء. إن حكامنا بالفعل هم “الأنصار”.. ولكن أنصار الكيان اليهودى الصهيونى الغاصب.
*****
بعد هذه الآيات المنتقاة عن دخول الجنة، دعونا نقم بحصر إحصائى شامل لكل الآيات الواردة فى القرآن الكريم عن دخول الجنة، وحيثيات هذا الدخول.
الفصل الثالث
العمل الصالح طريق دخول الجنة
والجهاد هــو ذروة العمل الصالح
بحصر جميع آيات القرآن الكريم التى وردت فيها الجنة، تبين أن حيثيات دخول الجنة كالتالى:
1- الإيمان المندمج والمرتبط بالعمل الصالح بشكل عام: وردت هذه الحيثية فى 112 موضعا بالقرآن.
2- الجهاد بالسلاح والكلمة: 31 موضعا.
3- الجهاد بالمال أو الإنفاق فى سبيل الله: 18 مرة.
4- الصلاة: 11 مرة.
5- الإيمان: 6 مرات، وهو بالتأكيد مقترن بالعمل الصالح, ولكن لم يذكر ذلك صراحة فى الآيات المذكورة.
المجموع الكلى: 178 مرة (نصوص الآيات فى الملحق المرفق).
*****
وهذا الترتيب لا يعنى الترتيب فى الأولوية، فالأولوية للإيمان, والمنطقى أن الإيمان يؤدى إلى العبادة (الصلاة – الإنفاق) والاثنان معا يؤديان إلى العمل الصالح, والجهاد هو ذروة العمل الصالح بنص القرآن والسنة.
ولكن أهمية الإحصاء أنه يكشف إصرار القرآن الكريم وتركيزه على العمل، وإدماج الإيمان والعمل الصالح فى ضفيرة واحدة، حيث الإيمان بدون عمل صالح أشبه بالادعاء أو النفاق، والعمل بدون إيمان لا يحقق ولا يصل إلى الهدف، فالأصل فى الوجود أن نؤمن بالله أولا, ثم يأتى الحساب على العمل، أما بدون إيمان فكل شىء ضائع فى الدنيا والآخرة.
ويكفينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس الإيمان بالتمنى ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل).
ورغم أن الجهاد بالنفس والمال يمثل من الناحية العددية ثلث العمل الصالح تقريبا (49 من 161) فلا يعنى هذا أنه أدنى مرتبة, بالعكس، فهو أعلى درجات العمل الصالح كما سنبين، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة. ويكفى أن نشير إلى أن الأغلبية الساحقة من آيات الجهاد مدنية, أى نزلت بعد الهجرة، ومعظم أحكام العبادة والتشريعات نزلت فى المدينة (الجزء المدنى من القرآن أقل من حيث الحجم حوالى الثلث) وهى تحوى الأحكام النهائية والكاملة والمتكاملة، وهى تفسر وتفصل ما ورد فى الآيات المكية فى بعض المجالات.
فالجهاد بالنفس من خلال الجهر بالدعوة وجهاد الكلمة كان ساريا فى مكة, وكانت عواقبه أشد من جهاد القتال فى المدينة.
وروح الجهاد هى جوهر الإيمان والعمل الصالح وذروة سنام الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد) متفق عليه. وأيضا قيل يا رسول الله أى الناس أفضل؟ قال: (مؤمن يجاهد فى سبيل الله بنفسه وماله) متفق عليه.
الجهاد فى اللغة من الجهد أى المشقة, والجهاد فى سبيل الله أنواع ثلاثة: جهاد القتال – جهاد الكلمة – جهاد المال.
فالجهاد ليس صناعة فئة معينة من المسلمين، بل صناعة وحرفة كل المسلمين، كل بحسب قدرته وطاقته، ولابد لكل مسلم أن يراجع نفسه فى أى نوع من هذه الأنواع يجاهد فى سبيل الله.
ولتقريب الصورة فى ذهنك، تذكر عالم الصحابة المحيطين بالرسول عليه الصلاة والسلام, فهم بعد الرسول قدوتنا، وحياتهم هدف يحتذى به. فهل كان هناك صحابى غير مجاهد؟! أيضا لا يجوز الآن أن يكون هناك مسلم غير مجاهد.
وحكام البلاد منعوا جهاد القتال ضد الأعداء منذ عام 1978م (كامب ديفيد) وسدوا علينا الباب الواسع لدخول الجنة وسنفصل ذلك، ولكن يصعب عليهم أن يمنعوا جهاد الكلمة الذى يشمل اجتهاد الفقهاء، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, وهو واجب على كل مسلم ومسلمة، وقول الحق لا نخاف فيه لومة لائم، ويشمل ذلك المتصدين لقول الحق ومن يقوم بتوزيع كلامهم المطبوع أو المسجل أو المنشور على الإنترنت, فكل ترويج لكلمة الحق بأى وسيلة هو نوع من المشاركة فى جهاد الكلمة, وهذا عمل يمكن أن يقوم به الآلاف والملايين، وكذلك المشاركة فى الجماعات الداعية للحق، أو مجرد حضور الندوات والمؤتمرات والاعتصامات والمظاهرات والإضرابات التى تدعو إلى الحق. كذلك نشر كلمة الحق داخل الأسرة ومع الأقارب والجيران والأصدقاء والمعارف وزملاء العمل.
أما جهاد المال فلا يحتكره الأغنياء كما يتصور البعض، فالمشاركة بالتبرع بقروش قليلة ولكن منتظمة لإحدى جماعات المجاهدين فى الداخل أو الخارج هو جهاد بالمال يقدره الله المطلع على ظروف العباد. أما الأغنياء فواجبهم أكبر من حيث الكم فحسب.
فإذا لم تجد نفسك فى إحدى هذه الخانات الثلاث فأنت لست فى بحبوحة من دينك، والطريق ليس ممهدا لك لدخول الجنة بنص القرآن والسنة.
جوهر الجهاد كما ذكرنا هو بيع النفس لله، وأن تكون نصرة الدين هى الهدف الأول للمؤمن، وليس الانكماش على الذات والاكتفاء بأداء العبادات. فالعبادات هى وسيلة الاتصال بالله عز وجل، كى لا نعبد غيره ولا نشرك بعبادته أحدا، وأن نكون أقوى الناس على ظهر الأرض، وليس المؤمن بالله حقا هو الضعيف المنكسر الخائف من الطواغيت أو أعداء الخارج.
نحن ندرس سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعالمها الأساسية معروفة لجميع المسلمين، ولكن كثيرا منا يتعامل معها كما لو أنها تاريخ، أو لوحة جميلة غير قابلة للتكرار، فى حين يقول القرآن الكريم: )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا( (الأحزاب: 21).
وسيرة الرسول فى مكة، جهاد بالكلمة، والتعرض لجميع أنواع المخاطر له ولأصحابه لمدة 13 عاما، وفى المدينة نظم رسول الله صلى الله عليه وسلم 43 غزوة وسرية خلال أقل من 10 أعوام, أى بمعدل أربع غزوات وسرايا فى العام, أى بمعدل مواجهة مسلحة كل ثلاثة شهور.
وهذا ليس تاريخا, بل نمط حياة. وقد ورثه الصحابة, وهذا هو التاريخ الإسلامى، وتاريخ العالم، فالحروب لم تتوقف ولن تتوقف، والمسألة ما هو موقعك وفى أى جبهة تقف؟! وقد شرع لنا الجهاد لسببين:
- مقاتلة من يحاربون العقيدة ويفتنون الناس فى دينهم .
- الدفاع عن الدولة الإسلامية من الاعتداء الخارجى.
وبدون التمسك بالجهاد لن تقوم قائمة للدين كما قال النبى صلى الله عليه وسلم:
(إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم) رواه أبو داود، حيث سمى النبى العودة إلى الجهاد.. عودة إلى الدين!
وأيضا: (خير معايش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه فى سبيل الله ويطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار إليها يبتغى الموت أو القتل فى مظانه) رواه مسلم وابن ماجة.
وأيضا: (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق) مسلم.
(رباط يوم فى سبيل الله أحب إلىَّ من أن أوافق ليلة القدر فى أحد المسجدين – المسجد الحرام ومسجد الرسول – ومن رابط أربعين يوما فقد استكمل الرباط) متفق عليه.
(رباط يوم فى سبيل الله خير من الدنيا وما عليها).
(رباط يوم وليلة فى سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه) متفق عليه.
(كل ميت يختم على عمله, إلا إذا مات مرابطا فى سبيل الله, فإنه ينمى عمله إلى يوم القيامة، ويأمن فتنة القبر) متفق عليه.
(عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله, وعين باتت تحرس فى سبيل الله) رواه الترمذى.
(ما من أحد يدخل الجنة، يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما فى الأرض من شىء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة) متفق عليه.
وفى غزوة بدر كان نداء الرسول عليه الصلاة والسلام للقتال هو: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض).
وعن أهمية التدريب على القتال يقول صلى الله عليه وسلم:
(من تعلم الرمى ثم نسيه فليس منا أو قد عصى) مسلم.
وعن صناعة الأسلحة قال صلى الله عليه وسلم:
(إن الله يدخل الجنة بالسهم الواحد ثلاثة نفر، صانعه يحتسب فى صنعته الخير، والرامى به، ومنبله).
(لصبر أحدكم ساعة من نهار فى بعض مواطن الإسلام خير من عبادة أربعين عاما).
(إن فى الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين فى سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض).
(أفضل الأعمال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين ثم جهاد فى سبيل الله) الصحيحان.
جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: (أن تسلم قلبك لله وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك. قال: فأى الإسلام أفضل؟ قال الإيمان، قال: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت. قال: فأى الأعمال أفضل؟ قال الهجرة, قال: ما الهجرة؟ قال: أن تهجر السوء. قال: فأى الهجرة أفضل: قال: الجهاد). (مسند أحمد).
(والذى نفس محمد بيده لوددت أن أغزو فى سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل).
وفى سؤال آخر للرسول صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال قال: (إيمان بالله ورسوله, قيل ثم ماذا؟ قال: الجهاد فى سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال حج مبرور).
(لولا أن أشق على أمتى ما قعدت خلف سرية ولوددت أنى أقتل فى سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل) وهى رواية قريبة من رواية سابقة.
(يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن فى قلوبكم الوهن, قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت).
هل يوجد وصف أكثر دقة من هذا الحديث لحال شعب مصر والشعوب العربية بعد كامب ديفيد, عدا المقاومة؟!
(هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته فى صدره لا يستطيع لها قضاء) مسند أحمد.
(تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة والقطيفة، تعس وانتكس.. طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه فى سبيل الله، أشعث رأسه, مغبرة قدماه, إن كان فى الحراسة كان فى الحراسة وإن كان فى الساقة كان فى الساقة).
رد شبهات:
هذه هى مكانة الجهاد فى الكتاب والسنة, هو رأس الإسلام، وهو المعبر لدخول الجنة. ونرد على بعض الشبهات العامة قبل أن ندخل فى ظروفنا الخاصة فى مصر, والتى تنطبق على معظم البلاد العربية.
يقول البعض وماذا عن المرأة والصبية والشيوخ والمرضى, كيف يعبرون من جسر الجهاد إلى الجنة؟!
القرآن الكريم ونظرا لأهمية الجهاد حدد الاستثناءات بوضوح للمرضى وكبار السن الضعفاء, ولكن هذا يخص الجهاد المسلح فحسب: )لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ( (النور: 61) وأيضا: )لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ( (التوبة: 91), والمقصود بالذين لا يجدون ما ينفقون, عندما يكون المجاهد هو المكلف بإعداد دابته وأدواته الخاصة، أما عندما تقوم الدولة بتوفير وسائل النقل والقتال فلا يكون هذا العذر مطروحا.
ولكن يمكن لهؤلاء الضعفاء والمرضى وكبار السن أن يشارك كل منهم وفقا لظروفه فى جهاد الكلمة وجهاد المال.
أما الصبية فهم لم يصلوا بعد إلى سن التكليف, أما إذا بلغوا الحلم فقد أصبحوا شبابا مكلفين, وهم أكثر من تعتمد عليهم الجيوش وحركات التغيير.
أما المرأة فهى مأمورة بنص القرآن الكريم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والإنفاق فى سبيل الله, أى جهاد الكلمة وجهاد المال, أما فى القتال فقد استقر الفقه على مشاركة المرأة فى الأعمال المساعدة للمحاربين (كالإسعاف والإمداد والتموين), كما يمكن أن تقاتل دفاعا عن النفس أو صدا لهجوم مباغت فى المكان المتواجدة فيه, كما حدث فى غزوة أحد لأم عمارة. كما أن لها أن تشارك فى القتال المباشر فى حالة دخول الأعداء أرض الإسلام.
وكما ذكرنا فإن جهاد الكلمة لا يقتصر على القادة والخطباء والكتاب والمفكرين والفقهاء، ولكن مساندة هؤلاء وحضور اجتماعاتهم وترويج أفكارهم بكل الوسائل يدخل فى إطار هذا الجهاد. وكذلك فإن جهاد المال يبدأ بدفع القرش والتبرع العينى، والتبرع بأجر يوم, حتى التبرع بالملايين، والعبرة هنا بالنية والمقدرة اللتين يعلمهما الله عز وجل.
إذن يمكن لكل مسلم أن يجد لنفسه مكانا فى أى مربع من هذه المربعات الثلاثة (جهاد القتال – المال – الكلمة). بل إن تاريخ وحاضر المسلمين فيه نماذج رائعة لشيوخ ومرضى أصروا على المشاركة فى الجهاد ولم يأخذوا بالرخصة، فابن أم مكتوم حمل الراية فى القتال فى إحدى الغزوات وهو أعمى وعمره 90 عاما. والآن فى غزة يقاتل الأعرج والأعور فى صفوف كتائب القسام بما يتناسب مع أحوالهم!
ألا يكفى الإيمان بالله لدخول الجنة؟
لقد كفانا مؤونة الرد على هذا السؤال شيخنا الجليل محمد الغزالى، الذى كتب مرارا ضد من يروج أن مجرد النطق بالشهادتين (أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) يكفى لدخول الجنة.
وهو ترويج لمعانى مغلوطة لبعض الأحاديث، فالنطق بالشهادتين والتسليم بهما هو مجرد المدخل وليس النهاية, يعقبه: عبادات ثم عمل صالح ثم الجهاد ذروة العمل الصالح, فى عملية متواصلة مركبة ومتوالية وليست مجرد مراحل منفصلة.
فإذا لم يخلق الإيمان من الإنسان شخصا آخر مختلف عن غير المؤمن، وإذا لم تنهاه صلاته وعبادته عن الفحشاء والمنكر، وإذا لم يتضافر إيمانه بعمل صالح، فهذا إيمان ضعيف أو منقوص أو مشكوك فيه.
فكيف نؤمن بالله ونقبل أن تحكمنا شرائع أخرى: )فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا(. (النساء: 65).
وأيضا: )فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً( (النساء: 59).
كيف يستقيم الإيمان مع نسيان القدس والمسجد الأقصى تحت الاحتلال؟ كيف يستقيم الإيمان مع تبنى النمط الغربى فى الحياة والاستهلاك والفنون؟ كيف يستقيم الإيمان مع مصادقة أعداء الله؟ ومعاداة العرب والمسلمين؟ ومع تبنى رؤية الغرب لشئون الطفولة والمرأة والزواج! ومع التعايش مع قوانين تحل ما حرم الله وتحرم ما أحل الله؟
فالدين الإسلامى مع تعظيمه لشعائر الله ليس مجرد دين طقوس وشعائر، ولو كان الأمر كذلك لما اختلف مع الأديان الأخرى إلا فى مجرد شكل العبادة وهيئتها.
ويمكن رسم طريقة مبسطة لعقيدة الإسلام فى شكل هرمى يتجه إلى الجنة، بطبقات متوالية يشد بعضها إلى بعض, أو فى شكل سهم يتجه إلى عنان السماء، هرم قاعدته الإيمان يؤدى إلى ← العبادة ← العمل الصالح ← الجهاد ← الجنة.
الجنة
↑
الجهـاد
↑
العمل الصالح
↑
العبـــادة
↑
الإيـــمان
أربعة أدوار للبناء, لا يمكن القفز على مرحلة قبل الأخرى، وكذلك لا يمكن الاكتفاء بالدور الأول حتى الثالث, لأن البناء لا يكون مكتملا، والعقيدة بناء كلى لا يتجزأ، ومحاولة تجزئته هى فى حد ذاتها باب خطير للخروج من الدين، وقد حذرنا القرآن الكريم من ذلك مرارا, وضرب لنا مثلا بانحراف بنى إسرائيل: )وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ( (المائدة: 13), وأيضا: )وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ( (المائدة: 49), والتحذير الشامل: )أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْى فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ( (البقرة: 85).
وذكرنا من قبل أن إحصاء حيثيات دخول الجنة، وهو إحصاء حصرى، أن دخول الجنة ارتبط بالعمل مع الإيمان، أو ذكر العمل بدون إيمان على أساس أن العمل الصالح يعكس الإيمان الصحيح فى أكثر من 90% من المرات (161 من 178 مرة).
وأشهر هذه الصيغ: )الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ( و)بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(. (يمكن الرجوع لنصوص الآيات فى الملحق المرفق).
وقد أوضح القرآن هذا المعنى فى آية جميلة حين وصف ابن نوح بـ )إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ( بدلا من أن يقول “كافر”. على أساس أن العمل هو عنوان الإنسان وعنوان عقيدته وإيمانه )وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى(.
أى أن إعلان الإسلام دون الالتزام بتعاليمه لا يعنى الإيمان الحقيقى:
)قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ( (الحجرات: 14).
فهل يوجد أوضح من ذلك للبيان عما نقصد؟
بعد ذلك هل نختار العمل الصالح السهل وغير المكلف، ونترك العمل الصالح المكلف والخطر على طريقة الأسئلة الاختيارية فى الامتحانات؟!
وإذا اعتبرنا أن الجهاد خطر ومكلف فى الدنيا (سيذهب بنا وراء الشمس كما يقولون) رغم مكانته العليا فى الإسلام، ورغم أن الإسلام لا يقوم إلا به، أليس فى ذلك إعراض عن تعاليم الله وأوامره، ووضع أولويات أخرى غير الأولويات الواردة فى القرآن والسنة.
بينما الإيمان بالله يجعل الإنسان يرتب الأمور على نحو مختلف، فمخاطر الدنيا، تقارن بمخاطر الآخرة، فيتجنب المؤمن مخاطر الآخرة ولا يعبأ بمخاطر الدنيا، ويدرك المؤمن أن مغادرة الدنيا هى مجرد تحول من مرحلة إلى أخرى, وليس الموت ذلك الفناء المرعب، فإذا تعامل المؤمن مع الموت وكأنه نهاية الوجود فقد أخطأ صحيح الإيمان، وإذا تعامل مع مصائب الدنيا باعتبارها النهاية فقد زاغ بصره عن حقيقة الإيمان.
وبذلك يكون الذى يدعوك إلى الجهاد هو الذى يسعى إلى نجاتك فى الدنيا والآخرة, ويفتح لك طريق الجنة، والذى يخوفك من الجهاد يدفعك إلى طريق الهلاك. يقول الله عز وجل: )أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ( (التوبة: 13).
كارثة كامب ديفيد وإلغاء الجهاد:
بعد هذا الإجمال نحتاج لبعض التفصيل حول ظروف واقعنا، ذكرنا من قبل أن سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام كانت جهادا متصلا لمدة 23 عاما, وكذلك كانت حياة الصحابة فى عهده ومن بعده, ولم تتوقف حروب وفتوحات المسلمين من أطراف الصين حتى الأندلس. ولم تتوقف حروب الغرب ضد المسلمين منذ عهد الإسلام الأول حتى القرن الحادى والعشرين الميلادى.
فأين هو العام الذى مر بدون حرب، وأين هو المكان الذى ظل بدون حرب؟ سواء فى حياة المسلمين, أو فى تاريخ العالم بأسره، فقانون التدافع والحروب يشمل البشرية جمعاء ولا يخص المسلمين وأعداءهم فحسب، وإن كنا نزعم أن الصراع بين الإسلام وأعدائه هو المحور الأساسى للصراع العالمى. ولكن حتى لا يطول الأمر بنا دعونا نركز على الحالة المصرية بعد كامب ديفيد.
فى الثلاثين عاما السابقة عليها شهدت مصر أو اشتركت فى الحروب والاشتباكات التالية:
- حرب 1948م فى فلسطين.
- حرب القناة ضد الإنجليز 51 – 1954م.
- اشتباكات عبر الحدود فى غزة 1955م.
- حرب 1956م.
- حرب 1967م.
- حرب الاستنزاف.
- حرب 1973م.
فهل توقفت الحروب بعد كامب ديفيد فى منطقتنا؟ بالعكس زادت فى معدلاتها:
- غزو لبنان عام 1978م.
- ضرب المفاعل العراقى 1981م.
- غزو لبنان عام 1982م. حتى احتلال بيروت.
- قصف أمريكا لليبيا 1986م.
- الحرب العراقية – الإيرانية 1980-1988م.
- ضرب العراق 1991م, واستمرار حصاره وقصف متواصل.
- حصار ليبيا وهذا عمل عنيف.
- ضرب مصنع الشفاء فى السودان.
- حرب الصرب ضد مسلمى البوسنة.
- دعم الغرب لحرب الجنوب فى السودان ثم فى دارفور.
- غزو أمريكا للصومال.
- غارات أمريكية على الإسلاميين فى اليمن.
- حرب كوسوفا.
- غزو جوى للبنان 1996م.
- انتفاضة فلسطينية مسلحة 2000م.
- أحداث 11سبتمبر وما سبقها ولحقها من ضربات القاعدة لأهداف أمريكية وغربية.
- غزو أفغانستان 2001م.
- غزو العراق 2003م.
- غزو لبنان 2006م.
- غزو غزة 2008م, وقبلها اجتياح جنين والضفة وغزة عام 2002م.
- حرب فى باكستان بمشاركة أمريكا ضد الإسلاميين.
وبكل المقاييس فإن مساحة الحروب وحجم الدم المسال فيها ومستوى التدمير أضعاف أضعاف ما حدث فى الثلاثين عاما السابقة على كامب ديفيد.
الجديد الوحيد أننا هربنا من كل هذه المواجهات، ورغم المعارضة الشعبية الشديدة لنظام مبارك تجاه الأوضاع الداخلية، فإن النغمة السائدة فى صفوف الشعب المصرى أن نظام مبارك عاقل فى السياسة الخارجية لأنه جنبنا كل هذه الويلات.
وهذا أخطر شرخ فى عقيدتنا الإسلامية، وهو نجاح لوسائل الإعلام الرسمية فى الترويج لهذا الإفك.
من الناحية النظرية العقائدية يقول الله عز وجل فى محكم كتابه: )كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ((البقرة: 216).
ويقول مبارك إنه يعلم ما لم يعلمه الله ويردد كثيرا: (أن الحروب مسألة فاشلة, وأنها لم تحل مشكلة وأنه يجب تجنب الحرب على طول الخط).
وعمليا فقد انحاز كثير من المصريين لرأى مبارك، ورفضوا كلام الله عز وجل، وذلك بالصمت على مواقف مبارك، ورفض المشاركة فى الحركات الاحتجاجية التى نظمتها المعارضة ضد سياسات مبارك الخارجية تجاه فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان.
وسنظل نعيش فى هذا الذل طالما ظل منا من يردد أن سياسة مبارك حكيمة، بأن صادق الأمريكيين والإسرائيليين وجنبنا الحروب، وجنبنا شرهم. أى أصبحت مصادقة الشيطان حكمة، ولكن إذا أنت صادقت الشيطان والتزمت بشروطه، فلماذا سيحاربك؟! وبهذا نكون هزمنا وخسرنا أنفسنا! وليس المقصود أننا كان يجب أن نشارك فى كل هذه الحروب المشار إليها، ولكن كان أمامنا خيارات عديدة لا توقعنا فى شرك موالاة الأعداء. كتجميد التطبيع مع إسرائيل، وقف التعاون العسكرى مع الولايات المتحدة، معاونة المجاهدين بالمال والسلاح ورفض المشاركة فى حصارهم. وكان أمامنا خيار الحياد!! ولكن حتى هذا لم نقم به. فهذه حرب عالمية ضد الإسلام, وهى محيطة بك من كل جانب, ولا تستطيع أن تقف على الحياد. بل عمليا وقف النظام المصرى فى خندق الأعداء.
وغير صحيح أننا لم نحرك قواتنا وجيوشنا طوال الثلاثين عاما التالية لكامب ديفيد.. بل حركناها وقاتلت أو ساندت السياسة الأمريكية:
- ذهبت قواتنا للسعودية عام 1991م وقاتلت مع القوات الأمريكية ضد العراق تحت شعار تحرير الكويت.
- ذهبت قواتنا فى إطار قوات الأمم المتحدة للمشاركة فى الإشراف على انفصال تيمور الشرقية من إندونيسيا الإسلامية، وهى مؤامرة غربية يطول شرحها.
- فى الحرب العراقية – الإيرانية بدلا من السعى للصلح بين الطرفين، أخذنا الموقف الأمريكى وانحزنا للعراق, وشاركنا فى الحرب بإرسال أسلحة وخبراء ومتطوعين!
- ذهبت قواتنا للبوسنة فى إطار تفاهم مع الولايات المتحدة, وليس لتحقيق أهداف خاصة لنا مع هذا البلد المسلم.
- وتكرر نفس الشىء فى الصومال، وانسحبنا فى أعقاب الانسحاب الأمريكى دون أن نحقق شيئا.
- والآن نرسل قواتنا للكونغو لأى هدف لا نعلم, إلا فى إطار الأمم المتحدة والسياسة الأمريكية.
- وجود قواتنا فى دارفور هو الشىء الوحيد الإيجابى, لأنه لا يخضع للسياسة الأمريكية، وهناك تحسن ملحوظ لسياستنا تجاه السودان, وهو استثناء يكاد يكون وحيدا, لشعور أجهزة الأمن القومى بخطورة تفتيت السودان على مصالح مصر.
ولكن ليست كل التحركات السابقة هى أخطر دليل على انحيازنا لسياسة الأعداء، وإنما تمثل ذلك أساسا فى التعاون العسكرى مع الولايات المتحدة، بالمناورات المشتركة، وتقديم تسهيلات عسكرية مخيفة وفعالة خاصة فى حروب أمريكا ضد العراق وأفغانستان. (راجع كتاب “لا” للمؤلف) فقد تحولت مصر كلها إلى قاعدة عسكرية أمريكية. وقدمت معلومات استخبارية (حديث مبارك لمجلة نيوزويك)، وكانت طرفا فعالا فى كل حروب أمريكا ضد العرب والمسلمين. ولعبت دورا فعالا فى ترويض الأنظمة المناوئة للولايات المتحدة (ليبيا)، وقدمت مظلة إعلامية للعدوان الأمريكى بتركيز الهجوم على الأطراف المعتدى عليها من العرب والمسلمين، وباعتبارهم هم السبب.
وأصبح جمع التبرعات لفلسطين والعراق جريمة، ومحاولة التطوع للقتال فى العراق وفلسطين جريمة، وأخيرا جاءت قضية ما يسمى”خلية حزب الله” لتؤكد تجريم دعم غزة بالسلاح.
بل وينفذ النظام المصرى خطة محكمة لحصار غزة بشروط إسرائيلية: أى السماح بالدواء والعلاج وعبور العالقين فحسب. أى أن النظام المصرى شريك أصيل فى حصار غزة, ويمنع عنها الغاز ويصدره لإسرائيل، ويمنع الغذاء، والمواد الإنسانية والبضائع ومواد البناء, تحقيقا لأهداف إسرائيل (اعترافات مبارك فى حديث للتلفزيون الأمريكى).
ويقدم نظام مبارك نظرية ضد ألف باء الإسلام حين يردد (إن الجيش المصرى لن يتحرك إلا دفاعا عن مصر) وهو إعلان صريح أن مصر تخلت للأبد عن المسلمين, حتى ولو أبيدوا جميعا عن بكرة أبيهم, وعلى بعد أمتار من الحدود المصرية!
وهذه نظرية عنصرية جاهلية، فالإسلام لا يعرف المصريين والفلسطينيين والعراقيين.. إلخ, ولكنه يقسم البشر على أساس: مسلمين – أهل الكتاب – منافقين – كفار – أهل عهد.
ولا يعنى هذا كما ذكرت أن ندخل كل حروب المسلمين، فالأمر له حسابات، والبعد أو القرب الجغرافى له حساب.. إلخ, ولكنه لا يمكن أن يعنى تجنب شتى حروب المسلمين, حتى ولو كانت على بعد أمتار من مصر.
وفى ظل الظروف الدولية الراهنة والأوضاع الجغرافية، ليس المطلوب أن تبادر مصر للحرب، إذا ضربت العراق وإيران، ولكن يتعين عليها أن تغلق قناة السويس فى وجه القطع البحرية المعتدية باعتبارنا أمة واحدة مع باقى العرب والمسلمين. كذلك وقف التطبيع، وقف التعاون العسكرى مع أمريكا.. إلخ, أمامنا الكثير لنفعله دون أن ندخل حربا, ولكن يجب أن يفهم الأعداء جيدا أن مصر لا تستبعد نفسها مهما حدث للقدس وللعرب وللمسلمين, حتى يدخل هذا فى حساب الأعداء, ويؤثر على قراراتهم.
إن إيران مثلا لم ترسل قوات خارج الحدود، ولكنها تساعد المقاومة اللبنانية والفلسطينية وبعض المقاومة العراقية والأفغانية. وبدلا من التنطع والهجوم عليها، فالواجب أن ننافسها فى هذا المجال. بل لقد أرسلت إيران سلاحا لمسلمى البوسنة أثناء القتال.
بل لقد بلغ بنا الهوان أن إسرائيل عندما تقتل بعض رجال الشرطة المصريين على الحدود فإن مصر لا ترد بالمثل، وتطالب بالاعتذار!!
إن إعلان الحرب على إسرائيل لم يعد مطلوبا حتى من الناحية الإستراتيجية، بل يكفى إمداد المقاومة الفلسطينية بالعتاد، وقد نجحت المقاومة الفلسطينية فى تحرير غزة، ومن قبل نجحت المقاومة اللبنانية فى تحرير لبنان، ولكن من المهم أن تكون لدينا قوة عسكرية مرهوبة الجانب حتى تتحرر سياستنا, وحتى لا يفكر الأعداء فى الاعتداء علينا بسبب سياستنا المتحررة منهم. ونحن لا نطالب نظام مبارك بذلك بعد أن سقط فى شبكة تبعية محكمة للحلف الصهيونى – الأمريكى، ولكن نقول ما ينبغى أن يكون فى ظل نظام جديد مستقل عن هذا الحلف الشرير.
ولكن يبقى السؤال: هل أنقذ نظام مبارك شعب مصر من ويلات الحروب حقا؟!
من ناحية المبدأ فإن الهروب من الجهاد فى سبيل الله هو الويل الحقيقى، لمن يربط دنياه بآخرته، وهو خاسر فى الدنيا بالذل والهوان وقلة القيمة، أما خسارته الكبرى فهى فى الآخرة.
ومن ناحية الواقع الملموس فلأن الحلف الصهيونى – الأمريكى لا يريد الخير لنا, فإن صداقته أدت إلى ويلات وخسائر أكثر من الحروب.
فقد استنزف الحلف الصهيونى – الأمريكى ثرواتنا البترولية بأرخص الأسعار، وصدر لنا التقاوى المهرمنة والمبيدات التى نشرت السرطان, حتى أن مستشار وزير الزراعة السابق يقول: (إن إسرائيل هى اللاعب الأول فى ساحة المبيدات السامة وتقوم بدور السمسار فى هذا المجال), وتحقق مصر واحدا من أعلى معدلات الإصابة فى العالم بالسرطان والفشل الكلوى والكبدى، وما لا يقل عن 15% من المصريين مصابون بالكبد الوبائى. وقد أدت الاستجابة للتوجيهات الأمريكية إلى القضاء على المحاصيل الرئيسية للزراعة المصرية، وبذلك أصبحت مصر المستورد الأول للقمح فى العالم، وانهارت زراعة القطن, وانخفضت مساحة زراعته من مليون فدان إلى 100 ألف فدان، وهو الأمر الذى أدى إلى انهيار صناعة النسيج: 40% من مصانع المنسوجات الصغيرة توقفت عن العمل خلال السنوات الخمس الماضية, وبدأنا نستورد القطن من الخارج بـ 1.8 مليار جنيه (الأهرام – 11 يونيو 2009م) وتم تجريف 2 مليون فدان بالتوسع العمرانى فى الوادى والدلتا, وقد حذرت دراسة علمية مصرية من اختفاء المساحة الكلية للزراعة بعد 60 عاما من الآن، وفى نفس الوقت أصبحت وزارة الزراعة تشجع البناء على الأرض الزراعية!!
وأعلن مؤخرا مؤتمر الطب البيطرى والغذاء الآمن أن 90 % من حيوانات مصر مصابة بـ 220 مرضا خطيرا تنتقل إلى الإنسان.
نحن أمام انهيار شامل فى كافة مناحى الحياة بعد 30 عاما من التبعية, وإذا لم يكن الحلف الصهيونى – الأمريكى وراء كل المصائب، فإن الحكم الفاسد الذى ارتمى فى أحضانه واعتمد عليه فى كل صغيرة وكبيرة مسئول عن كل هذه التداعيات المخيفة.
ففى كل مؤشرات التنمية تقبع مصر فى المراكز الأخيرة وفقا للتقارير الدولية، بل بدأت تحتل المركز الأخير فى بعض المؤشرات, فأصبح ترتيبها الأخير بين 134 دولة فى مؤشر كفاءة سوق العمل، وكذلك فى مؤشر الاستخدام الأمثل للموهبة. واحتلت المركز 115 فى مقاومة الفساد! والمركز 125 فى مؤشر استقرار الاقتصاد الكلى، والمركز 129 من 134 فى مؤشر هجرة العقول. وترتيب القاهرة 114 من 140 مدينة من حيث الصلاحية للحياة!!
ورغم أن الشعب تلقى وعودا بالرخاء بمناسبة السلام – ولاحظوا لقد مرت 30 سنة!! – فإن الإحصاءات الرسمية المصرية لعام 2008م تؤكد أن 40 % من الشعب المصرى يعيش بأقل من دولار واحد فى اليوم, فى حين أن حد الفقر المعترف به دوليا 2 دولار فى اليوم!
فهل يوجد ما هو أسوأ من ذلك، وماذا كانت ستفعل بنا الحرب أكثر من ذلك؟!
ولا نريد فتح باقى ملفات التعليم – المواصلات – الصحة – البحث العلمى, حتى لا نستطرد طويلا فيما هو معروف للجميع, فالأمر مجرد تذكرة. ولكن نكتفى بذكر عدد قتلانا بشكل سنوى, وسنجد أنها خسائر أكبر من خسائر الحروب. فبسبب فساد الإدارة وتنظيم الطرق فإن عدد قتلى المصريين سنويا فى حوادث الطرق يصل إلى 10 آلاف سنويا, وهو أعلى معدل فى العالم. كما أن الشباب الذى غرق فى البحر المتوسط عام 2008م وحده هربا من الفقر إلى أوروبا فى هجرة غير شرعية وصل 1029 (الأهرام – 19 مايو 2009م) وهو رقم قريب من عدد شهداء العدوان على غزة عام 2008م!!
هذه مجرد تذكرة بطرف من الكوارث التى نعيش فيها، هذه هى صورة الذل والهوان التى نتجرعها مقابل السياسة “الحكيمة الذكية” بإلغاء نصوص القرآن الكريم المتعلقة بالجهاد.
وقد استهزأ الإعلام المصرى بمصطلح “الجهاد” وصوره على أنه حالة مجنونة من الحروب المستمرة الخاسرة وبدون هدف!! بل صور المجاهدين على أنهم مجرد “مجانين” أو “منحرفين أخلاقيا”.. وهذا استهزاء بكلام الله عز وجل.
إن الجهاد هو موقف بالأساس، وإعداد عناصر القوة العسكرية والاقتصادية والعلمية والمعنوية حتى يرهبنا الأعداء.. وكلما كنت قويا كلما قلت احتمالات الاعتداء عليك.
)وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ( (الأنفال: 60).
أما توقيت الحرب أو المبادرة بها فهى مسألة إستراتيجية تخضع لحسابات عديدة وليست لعبة، ولكن إذا لم تستطع الحرب فهناك مساعدة المحاربين المجاهدين, ومقاطعة الأعداء على قاعدة دائمة هى موالاة المؤمنين دون الأعداء.
ولكننا على مدار 30 عاما أوقفنا كل درجات الجهاد بمراسيم جمهورية تحت لافتة القانون الدولى الذى لا يحترمه الأقوياء، وتحت لافتة كامب ديفيد والسلام الذى تحول إلى صداقة مع الكيان الصهيونى, حتى أننا أقمنا سوقا مشتركا مع إسرائيل (الكويز وإمدادات الغاز الرخيص) لم نقم بمثلها مع أى دولة عربية أو إسلامية. فكيف يمكن أن يبارك لنا الله فى أعمالنا.
وفى علاقتنا بالأمريكان والصهاينة انطبق علينا قول الله عز وجل: )هَاأَنتُمْ أُولاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ( (آل عمران: 119).
ربط الإيمان بالعمل:
وبدون أن نستبعد الجهاد باعتباره ذروة العمل الصالح, لابد من وقفة أمام هذا الربط المشدد فى القرآن الكريم بين الإيمان والعمل الصالح, حتى أن المواضع التى ذكرت حيثيات دخول الجنة والتى قرنت ذلك بالعمل بلغت 161 من 178 موضعا.
فقد جاء فى الحديث الشريف:
- (إن ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يمنع استجابة دعاء الأخيار, وفعل الطاعات يكون موجبا لاستجابة الدعاء) مسند أحمد.
- (إن للإسلام ضوءا ومنارا كمنار الطريق, بين ذلك أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) صحيح الحاكم.
- (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، وإن الدنيا حلوة خضرة، وأن الله استخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون؟)
- (قالوا نحن نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل).
- فى يوم من الأيام توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج إلى المنبر ولم يقل إلا: (يا أيها الناس إن الله يقول لكم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا استجيب لكم، وتسألونى فلا أعطيكم، وتستنصرونى فلا أنصركم).
- (تعلموا ما شئتم فإن الله لا يأجركم على العلم حتى تعملوا به).
- (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه).
- (أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضى عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن تمشى مع أخ فى حاجة أحب من أن تعتكف فى هذا المسجد (مسجد المدينة) شهرا. ومن مشى مع أخيه فى حاجة حتى يقضيها ثبت الله قدمه يوم تذل الأقدام).
- (من لم يهتم للمسلمين فليس منهم).
- (إذا رأيت أمتى تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم فقد تودع منهم). مسند أحمد والحاكم فى فضائل القرآن.
- (من فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة, والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه) صحيح الجامع.
- (لا يقفن أحدكم على رجل يقتل ظلما فإن اللعنة تنزل على من حضره ولم يدافع عنه). المعجم الكبير للطبرانى.
- (الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأولى الأمر من المسلمين وعامتهم).
- (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه, وعن ماله من أين أكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به) رواه البزار والطبرانى بإسناد صحيح.
- (حوضى كما بين عدن وعمان، أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحا من المسك، أكوابه مثل نجوم السماء, من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا. أول الناس عليه ورودا صعاليك المهاجرين. قال قائل: من هم يا رسول الله قال: الشعثة رؤوسهم، الشحبة وجوههم الدنسة ثيابهم، لا تفتح لهم السدد (الأبواب)، ولا ينكحون المنعمات, الذين يعطون كل الذى عليهم, ولا يأخذون الذى لهم) مسند أحمد.
ويشرح الشيخ القرضاوى الحديث بقوله: (الحديث يتحدث عن صنف من الناس شغلهم العمل لرسالتهم عن حظوظ أنفسهم، فلم يبالوا بشعث رءوسهم ولا بشحوب وجوههم ولا بوسخ ثيابهم لأنهم مشغولون بما هو أعظم وأكبر: أن يعطوا كل الذى عليهم من الواجبات، وإن لم يأخذوا كل الذى لهم من الحقوق) (يوسف القرضاوى – السنة مصدر للمعرفة والحضارة – دار الشروق – الطبعة الخامسة 2008 – القاهرة – ص 116).
- (إنى على الحوض أنظر من يرد علىّ منكم فو الله ليقطعن دونى رجال، فلأقولن: أى رب منى أمتى فيقول: إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك، ما زالوا يرجعون على أعقابهم) مسلم.
- وفى وصفه لمشاهد يوم القيامة, وعند باب الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: (يمر أولكم كالبرق.. ثم كمر الطير وشد الرجال (ركضهم وسرعتهم) تجرى بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجىء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا) مسلم.
- (لغزوة فى سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها) البخارى – مسلم – الترمذى.
- وعن رجل من خثعم قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى نفر من أصحابه.. فقلت: أنت تزعم أنك رسول الله؟ قال: نعم. قال: قلت يا رسول الله أى الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله (لاحظ أنه سمى الإيمان عملا!) قلت يا رسول الله ثم مه؟ (أى ثم ماذا) قال: ثم صلة الرحم. قال: قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
- (لا يغرس المسلم غرسا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة) مسلم.
- (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع. ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر) ابن ماجة.
- (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم, ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) مسلم.
- (لن تؤمنوا حتى تراحموا، قال يا رسول الله كلنا رحيم قال: إنها ليست برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة العامة) الطبرانى.
- (مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) الشيخان.
- فى فتح مكة حدثت واقعة ذات دلالة تؤكد أن الجهاد يسبق الصيام فى رمضان, حيث أفطر الرسول صلى الله عليه وسلم فى الطريق ليراه الناس، فعندما بلغه أن الذين لم يفطروا شق عليهم الصيام, فدعا بإناء من لبن أو ماء فوضعه على راحلته ليراه الناس فشرب وناوله رجلا بجانبه فشرب. وقال عمن ظل على صيامه: أولئك العصاة. أولئك العصاة.
ومن أقوال الإمام علىّ بن أبى طالب:
تعلموا العلم تعرفوا به, واعملوا تكونوا من أهله. ألا وأنى لم أر كالجنة نام طالبها ولم أر كالنار نام هاربها. ألا وأن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر, وأن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر.
وجاء فى وصية الحسن وهو يحتضر:
سمعت رسول الله يقول إن إصلاح ذات البين أفضل من الصلاة والصيام, الله الله فى الفقراء والمساكين أشركوهم فى معاشكم. لا تخافن فى الله لومة لائم, يكفكم من أرادكم وبغى عليكم. لا تدعوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. عليكم بالتواصل وإياكم والتدابر, وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
وفى موقعة اليمامة ضد المرتدين, وحيث واجه المسلمون فى البداية وضعا عصيبا, وقف الصحابى أبو حذيفة وقال كلمته التى حولت مجرى القتال إلى النصر: يا أهل القرآن، زينوا القرآن بأعمالكم. وقال مولاه سالم: بئس حامل القرآن لو هوجم المسلمون من قبلى.
وقال الصحابى الجليل معاذ بن جبل: تعلموا ما شئتم, أن تعلموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا.
وقال وهب بن منبه: مثل الذى يدعو بغير عمل كمثل الذى يرمى بغير وتر.
*****
خلاصة القول أن العمل هو الذى يصدق الإيمان أو يكذبه، وأن الإيمان الصادق بالله عز وجل يخلق إنسانا جديدا لا يخشى إلا الله، وهو أقوى خلق الله, ليس بقوة العضلات والبنية الجسمانية, ولكن بقوة الإيمان بالله وبقضائه وقدره، وإن كان الاهتمام ببناء الجسم مطلوبا فى الإسلام. ولكن الشجاعة والجبن لا يتصلان أساسا بقوة البدن، فكم من قوى البنية هرب من ساحة الوغى، وتحلى بأخلاق الفئران المذعورة أمام الطغاة. وكم ضعيف البنية والصحة لم يركع ولم يتنازل ولم يتراجع أمام الطغاة أو فى ساحة المعركة، فقوة الإيمان هى الأساس. ولنا مثال منير فى الشيخ أحمد ياسين المقعد الذى قض مضاجع الأعداء, بينما لا يملك أن يهش ذبابة عن وجهه، وأصبح رمزا للمقاومة إلى حد اضطر الصهاينة إلى اغتياله بلا حياء.
)وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( (التوبة: 105).
وإذا لم يؤد الإيمان إلى مجتمع أكثر تراحما, وأخلاق أكثر تماسكا، فكيف يكون للإيمان فضل على الكفر، إن الإنسان المؤمن هو الإنسان السوى الذى سار على فطرة الله, ولابد أن ينعكس ذلك على سلوكه، كما أن الله سبحانه وتعالى ليس فى حاجة إلى الاعتراف به فى استفتاء! بل هو القائل فى محكم كتابه: )وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ( (يوسف: 103) )وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ( (يوسف: 106), فالله سبحانه وتعالى غنى عن العالمين.
ولكن من الناحية العكسية فإن الإنسان الذى يؤمن بالله يسعد فى الدنيا والآخرة, ويعرف طريق خلاصه، والمجتمع المؤمن يكون أرقى من مجتمع لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، وبالتالى فإن إعمار الأرض فى ظل الإيمان هو الإعمار الحقيقى الذى يراعى العدل والحفاظ على البيئة، وأن تكون الحياة الدنيا، رحيمة ولا تكون قطعة من العذاب، وإعمار الأرض فى ظل الإيمان بالله هو النجاح فى الاختبار الأساسى لدار البقاء. يلخص كل ذلك حديث رسول الله فى إعجازه البلاغى أن الإيمان (ما وقر فى القلب وصدقه العمل).
*****
ورغم أن ربط الإيمان بالعمل واضح فى القرآن الكريم نختم بهذه الكلمات الحاسمة لابن كثير فى تفسيره: الإيمان هو تصديق القول بالعمل, والإيمان كلمة جامعة للإيمان بالله وكتبه ورسله وتصديق الإقرار بالعقل. فالإيمان الشرعى المطلوب لا يكون إلا اعتقادا وقولا وعملا. هكذا ذهب إليه أكثر الأئمة, بل قد حكاه الشافعى وأحمد بن حنبل وأبو عبيدة وغير واحد إجماعا: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
الجهاد بالمال:
لن أكتب عن الجهاد بالكلمة لأن كتاب (الجهاد صناعة الأمة) مخصص كله لهذا الباب، ولكن نقف وقفة عند الجهاد بالمال, نظرا لبعض المفاهيم غير الصحيحة عنه.
يتصور البعض أن الجهاد بالمال أسهل من الجهاد بالنفس، فهو أشبه بالضريبة التى تدفع وأنت مستريح فى بيتك!! والأمر ليس كذلك فى واقع الأمر، لذلك من الملفت أن القرآن الكريم قدم الجهاد بالمال على النفس فى كل الآيات (عدا آية واحدة) حثا عليه ولأنه أمر شاق. فالنفس البشرية تتعلق بالمال تعلقا شديدا، فالمال هو الأمان، والمال هو الدنيا، وبقدر ما لديك من مال بقدر ما تستمتع بمتع الحياة الدنيا، لذلك قال القرآن الكريم: )وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ( (النساء: 128).
)وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( (الحشر: 9).
)زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ( (آل عمران: 14).
أى أن متاع الحياة الدنيا الزائلة الفانية لا يعد شيئا إذا قيس بإحسان الله إلى عباده الذين يجاهدون فى سبيله عند أوبتهم إليه فى الآخرة (تفسير المنتخب – ص 72).
الجهاد بالمال فى المقابل رئيسى وحاسم لنصرة الدين، فلا يمكن تحقيق النصر بدون توفير أسبابه، والجهاد المسلح يحتاج لمال وفير لشراء المعدات والأسلحة وتموين القوات ووسائل نقلها، وتوفير مرتبات للجنود لإعالة أسرهم، وكذلك توفير ضمانات مالية لأسر الشهداء، والجهاد بالكلمة يحتاج لمال غير قليل للإنفاق على المطبوعات وتكاليف التنقل، وأخيرا أجهزة الاتصالات الحديثة: محمول – كومبيوتر – إنترنت – سى دى، وكل متطلبات العمل الإعلامى، وتوفير المقرات، والإنفاق على العمل الجماهيرى، والأنشطة الثقافية ودور الاجتماعات, ويصل الآن إلى الإذاعات ومحطات التلفزيون إن أمكن. كذلك فإن الحملات الانتخابية تحتاج تمويلا كبيرا، بالإضافة لتفريغ بعض المجاهدين, حتى يعطوا كل وقتهم للعمل العام, وإقرار ضمانات مالية للمعتقلين وأسرهم.. إلخ.
وبدون حد أدنى من الغطاء المالى لا يمكن ضمان النصر فى الكفاح المسلح, أو الكفاح السلمى.
ولأهمية هذا الإنفاق ركز عليه القرآن الكريم، بل وصف عدم الإنفاق فى سبيل الله بأنه إلقاء بالنفس فى التهلكة، سواء على مستوى الفرد أو الجماعة: )وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ(.
وقد ربط القرآن بين إعداد مصادر القوة: )وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ( بـ )وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ( (الأنفال: 60).
فإعداد مصادر القوة غير ممكن بدون إنفاق مالى على التسليح والبحوث العلمية وشراء الأسلحة, وغيره من وسائل الإعداد، فكل مهمة تترجم إلى أرقام مالية محددة, حتى يمكن تحقيقها فى الواقع.
ونظرا لإسقاط الجهاد من جدول أعمال الأمة (نموذج مصر) فقد سادت مفاهيم خاطئة لدى كثير من المسلمين، فالإنفاق فى سبيل الله يتلخص فى الزكاة للقادرين عليها مع إنفاقها على الفقراء والمساكين، بالإضافة للصدقات على الفقراء والمساكين.
وهذه ليست المصارف الوحيدة للزكاة أو الإنفاق فى سبيل الله. طبعا فى ظل وجود دولة إسلامية فإن المشكلة تكون محلولة فيما يتعلق بالزكاة، فالدولة تجمعها بشكل مجمع، وتنفقها فى المصارف السبعة, ومنها مصرف: فى سبيل الله. ولكن فى غياب الدولة الإسلامية يخرج الناس الزكاة بشكل فردى، ويقصرون زكاتهم على الفقراء والمساكين ولا يوجهون جزءا منها إلى مصرف “فى سبيل الله” وكله فى سبيل الله، ولكن المقصود بمصرف “فى سبيل الله” توجيه الزكاة إلى تمويل الجهاد بشكل مباشر سواء الجهاد المسلح أو السلمى.
كذلك فإن الإنفاق فى سبيل الله يتجاوز الزكاة، إلى كل أشكال التبرع للمجاهدين، وفقا لإمكانيات كل مسلم. ويتصور كثيرون أن التبرع لبناء مسجد أهم بالضرورة من التبرع للأنشطة الجهادية، بل يرون أن هذا هو أقصر طريق للجنة، وليس هذا صحيحا على الإطلاق، فقد يكون الحى مكتظا بالمساجد, بل تظل الأولوية لتمويل المجاهدين, لأن الجهاد هو الذى يضمن إقامة الدين قبل بناء مزيد من المساجد، بل نحن نرى أن وزارة الأوقاف تسيطر على المساجد وتغلقها بعد الصلاة، وتسيطر على خطباء الجمعة وأى نشاط داخل المسجد. وبطبيعة الحال لابد من التوازن فى التبرعات فى كافة أوجه الخير, ما بين بناء المساجد أو المستشفيات الخيرية أو المدارس الإسلامية أو دور تحفيظ القرآن أو الجمعيات الخيرية عموما من ناحية, وبين تمويل النشاط الجهادى, فيجب عدم إسقاطه أو تصور أنه أقل أهمية, أو أقل قربا من الله، بالعكس لأنه هو الضامن لحماية الدين، فالكفاح المسلح يستهدف تحرير الأرض أو إنقاذ المسلمين من براثن فتنة الطواغيت, والكفاح السلمى يستهدف بناء الدولة الإسلامية.
والجهاد بالمال عمل جهادى من الطراز الأول, لأن الجهاد لن يحقق أهدافه بدونه، ولأن المنفق فى سبيل الله يتحدى شح نفسه، ويتاجر مع الله مباشرة دون مكاسب مالية فورية منظورة، ولأنه يعرض نفسه للخطر، لأن الطغاة والمستعمرين يدركون أهمية المال فى دعم المقاومة، ولذلك يصدرون أوامرهم العسكرية بمنع جمع التبرعات، بل تتم محاكمة من يثبت تمويله لأنشطة جهادية حربية أو سلمية، وربما يتعرض للمطاردة ومحاولة الإفلاس عن طريق وسائل تبدو طبيعية من خلال الغرامات والضرائب على ممولى الجهاد، ومهما احتاط المجاهد بالمال فهو يعرض نفسه وماله كله للخطر بذلك، ولذلك اعتبر القرآن الكريم أن الجهاد بالمال لا يقل أبدا عن الجهاد بالنفس, وربطهما معا فى مجرى واحد. وكما ذكرنا من قبل فإن الجهاد بالمال ليس مقصورا على الأغنياء, ويؤكد ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل) رواه الشيخان.
هذا باختصار شديد الطريق إلى الجنة, وهو ليس مفروشا بالورود, بل محفوفا بالمكاره، وهو سهل ومعروف بنص القرآن والسنة، وصعب لأنه يتطلب مجاهدة النفس ووسوسة الشيطان، ولعلى لم أضف جديدا, بل عموما فى مثل هذه الأمور العقائدية لا يوجد جديد من حيث المبدأ, ولكنها تذكرة وتصحيح لمفاهيم خاطئة، الجديد هو التصدى لما هو سائد فى الخطاب الدينى الرسمى وبعض الخطاب غير الرسمى الذى يستبعد الجهاد من جدول أعمال الأمة المصرية، وقد قلت يوما تعليقا على كتاب “الجهاد الفريضة الغائبة” لعبد السلام فرج إن أهم ما فيه وأصح ما فيه هو عنوانه وليس الحيثيات التى فى الكتاب، لأن الجهاد بالمعنى الواسع المشار إليه (جهاد الكلمة والمال والقتال) فريضة، ولكنها غائبة، ومشطوبة فى أذهان الحكام ومعظم المحكومين. ولا شك أن وزر ذلك يقع بالأساس على الدعاة ووعاظ السلاطين، ولكن مسئولية كل مسلم ومسلمة لا تسقط, لأن نصوص القرآن الكريم واضحة لا تحتمل أى لبس كما أسلفنا. والوقت لم يفت: سارعوا إلى مغفرة من الله.. سارعوا إلى جنة عرضها السموات والأرض.
ملحق
آيات دخول الجنة كما وردت فى القرآن الكريم بشكل حصرى
أولا: آيات الجهاد والهجرة:
1- )أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ{214}(
(البقرة)
2- )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{218}(
(البقرة – سورة مدنية)
ملاحظة: المقصود برحمت الله هنا الجنة, لأن الآية السابقة عن الكفار وأنهم )أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ( (البقرة: 217).
3- )أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ{142}(
(آل عمران – سورة مدنية)
4- )وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{147} فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{148}(
(آل عمران)
5- )وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ{157} وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ{158}(
(آل عمران)
6- )فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ{195}(
(آل عمران)
7- )فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً{74}(
(النساء – سورة مدنية)
8- )الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{20} يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ{21}(
(التوبة – سورة مدنية)
9- )وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{71} وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{72}(
(التوبة)
10- )لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{88} أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{89}(
(التوبة)
11- )وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{100}(
(التوبة)
والمقصود هنا بالسبق أنهم أول من خرجوا فى سبيل الله.
12- )إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{111}(
(التوبة)
13- ) وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{41}(
(النحل – سورة مكية)
14- )ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{110}(
(النحل)
ملاحظة: الآية السابقة لها واللاحقة لها تتحدثان عن الآخرة لذا فـ )إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ( تشير إلى الجنة.
15- )وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ{20} اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ{21} وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{22} أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ{23} إِنِّي إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ{24} إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ{25} قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ{26} بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ{27}(
(يس – مكية)
ملاحظة: تقول التفاسير, وفى مقدمتها ابن كثير, أن هذا الرجل قُتل بسبب موقفه هذا, ولذلك مات شهيدا ودخل الجنة.
16- )وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ{69}(
(الزمر – مكية)
17- )وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ{39}(
(الشورى – مكية)
ملاحظة: وهى إحدى صفات داخلى الجنة, وقد سبقتها الآية: )فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{36}( (الشورى).
18- )فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ{4} سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ{5} وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ{6}(
(محمد – مدنية)
19- )لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً{17}(
(الفتح – مدنية)
الآية تتحدث عن القتال, ولذلك فإن طاعة الله ورسوله هى فى الجهاد.
20- )وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{11} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{12}(
(الواقعة – مكية)
ملاحظة: وقد أشرنا من قبل إلى أن السابقين هم السابقون إلى الخيرات والجهاد فى سبيل الله (ابن كثير).
21- )وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ{19}(
(الحديد – مدنية)
22- )سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{21}(
(الحديد)
23- )لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{22}(
(المجادلة – مدنية)
ملاحظة: تشير الآية إلى رفض موالاة الكفار والمشركين, وهى سياسة جهادية لها تكاليفها.
24- )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{11} يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{12}(
(الصف – مدنية)
25- )وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{11}(
(التحريم – مدنية)
ملاحظة: امرأة فرعون تعرضت لاضطهاد شديد بسبب موقفها الإيمانى وممارستها لجهاد الكلمة.
من 26 إلى 31: آيات سابقة تحدثت أيضا عن الهجرة, وهى: البقرة 218 – آل عمران 195 – التوبة 21:20 – التوبة 100 – النحل 41 – النحل 110.
ثانيا: الجهاد بالمال والإنفاق فى سبيل الله:
1- ) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{15} الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{16} الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ{17}(
(آل عمران – سورة مدنية)
2- )وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{133} الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{134}(
(آل عمران)
3- )وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ{12}(
(المائدة – مدنية)
4- )الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{20} يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ{21}(
(التوبة – مدنية)
5- )وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{71} وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{72}(
(التوبة)
6- )لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{88} أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{89}(
(التوبة)
7- )إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{111}(
(التوبة)
8- )وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ{22} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ{23}(
(الرعد – مدنية)
9- )وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ{4}( )أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{11}(
(المؤمنون – مكية)
10- )وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً{67}( )أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً{75} خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{76}(
(الفرقان – مكية)
11- )فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{36}( )وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{38}(
(الشورى – مكية)
12- )إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{15}( )وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ{19}(
(الذاريات – مكية)
13- )وَمَا لَكُمْ أَلا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{10} مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ{11} يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{12}(
(الحديد – مدنية)
14- )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{11} يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{12}(
(الصف – مدنية)
15- ) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ{24} لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ{25}( )أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ{35}(
(المعارج – مكية)
16- )وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً{8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُوراً{9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً{10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً{11} وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً{12}(
(الإنسان – مدنية)
17- )فَكُّ رَقَبَةٍ{13} أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ{14} يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ{15} أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ{16} ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ{17} أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ{18}(
(البلد – مكية)
18- )فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى{14} لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى{15} الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى{16} وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى{17} الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى{18}(
(الليل – مكية)
ثالثا: الصلاة:
1- )وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ{12}(
(المائدة – مدنية)
2- )وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{71} وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{72}(
(التوبة – مدنية)
3- )وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ{22} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ{23}(
(الرعد – مدنية)
4- )الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2}()أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{11}(
(المؤمنون – مكية)
5- )وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{11}(
(المؤمنون – مكية)
6- )وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً{64}( )أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً{75} خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{76}(
(الفرقان – مكية)
7- )فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{36}( )وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{38}(
(الشورى – مكية)
8- )إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{15} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ{16} كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ{17} وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{18}(
(الذاريات – مكية)
9- )إِلا الْمُصَلِّينَ{22} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ{23}( )أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ{35}(
(المعارج – مكية)
10- )وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{34} أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ{35}(
(المعارج – مكية)
11- )قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى{14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى{15} بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{16} وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى{17}(
(الأعلى – مكية)
رابعا: الإيمان:
الإيمان بالله وارد فى كافة مواضيع ذكر الجنة, صراحة فى أغلب الأحوال, أو ضمنا, وهى 178 موضعا, ولكنه ذكر منفردا فى 6 مواضع فحسب:
1- )وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ{84} فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ{85}(
(المائدة – مدنية)
2- )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً{41} وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{42} هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً{43} تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً{44}(
(الأحزاب – مدنية)
3- )إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ{51}(
(غافر – مكية)
4- ) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ{69} ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ{70}(
(الزخرف – مكية)
5- )لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً{5}(
(الفتح – مدنية)
6- )يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30}(
(الفجر – مكية)
خامسا: العمل:
1- )وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{25}(
(البقرة)
2- )قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{38} وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{39}(
(البقرة)
3- )وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{82}(
(البقرة)
4- )وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{111} بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{112}(
(البقرة)
5- )قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{15}(
(آل عمران)
ملاحظة:التقوى تربط الإيمان بالعمل، لأنها تعنى أن تتقى (تتجنب) غضب الله، لذلك وصف المفسرون المتقين بأنهم هم هؤلاء الذين آمنوا بربهم وعملوا صالحا، أى باتباع أوامر الله والانتهاء عن نواهيه.
6- )الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ{17}(
(آل عمران)
ملاحظة: الصبر فى اللغة وفى القرآن الكريم مفهوم إيجابى, على عكس الشائع أنه مرهون بالسلبية والخنوع والصمت والمسكنة، فالصبر يعنى إمساك النفس عن كل ما نهى الله عنه, وتحمل عواقب وتكاليف كل ما أمر الله به، فالصبر قرين العمل الإيجابى، وصفة من صفات سلوك المؤمن الحق.
7- )وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ{133} الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{134}(
(آل عمران)
8- )وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً{57}(
(النساء)
9- )وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً{122} لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً{123} وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً{124}(
(النساء)
10- )لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{127}(
(الأنعام)
11- )وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{42}(
(الأعراف)
12- )وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{43}(
(الأعراف)
13- )وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{71} وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{72}(
(التوبة)
14- )إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ{4}(
(يونس)
15- )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{9}(
(يونس)
16- )لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{26}(
(يونس)
17- )الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63} لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{64}(
(يونس)
18- )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{23}(
(هود)
19- )الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ{20} وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ{21} وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ{22} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ{23}(
(الرعد)
20- )مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ{35}(
(الرعد)
21- )وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ{23}(
(إبراهيم)
22- )إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{45}(
(الحجر)
23- )وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ{30} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ{31}(
(النحل)
24- )الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{32}(
(النحل)
25- )وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{41} الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{42}(
(النحل)
26- )ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{110} يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ{111}(
(النحل)
27- )إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً{9} وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً{10}(
(الإسراء)
28- )وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً{19}(
(الإسراء)
29- )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً{30} أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً{31}(
(الكهف)
30- )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً{107}(
(الكهف)
31- )إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً{60}(
(مريم)
32- )تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً{63}(
(مريم)
33- )يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً{85}(
(مريم)
34- )وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى{75} جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى{76}(
(طه)
35- )وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً{111} وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً{112}(
(طه)
36- )إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ{14}(
(الحج)
37- )إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ{23}(
(الحج)
38- )الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{56}(
(الحج)
39- )قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ{4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{5} إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{6} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{7} وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{8} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{11}(
(المؤمنون)
40- )إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ{57} وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ{58} وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ{59} وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ{60} أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ{61} وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ{62} بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ{63} حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ{64}(
(المؤمنون)
41- )قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيراً{15}(
(الفرقان)
42- )وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً{63} وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً{64} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً{65} إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{66} وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً{67} وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً{69} إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{70} وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً{71} وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً{72} وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً{73} وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً{74} أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً{75} خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{76}(
(الفرقان)
43- )إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89} وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ{90}(
(الشعراء)
44- )مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ{89}(
(النمل)
45- )تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ{83}(
(القصص)
46- )وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{58} الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{59}(
(العنكبوت)
47- )فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ{15}(
(الروم)
48- )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ{8} خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{9}(
(لقمان)
49- )أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{19}(
(السجدة)
50- )وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً{29}(
(الأحزاب)
51- )ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ{32} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ{33}(
(فاطر)
52- )إِن كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ{53} فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{54} إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ{55}(
(يس)
53- )إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ{38} وَمَا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{39} إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ{40} أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ{41} فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ{42} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{43}(
(الصافات)
54- )إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{60} لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ{61}(
(الصافات)
55- )ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ{68} إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ{69} فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ{70} وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ{71} وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ{72} فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ{73} إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ{74}(
(الصافات)
ملاحظة: أيضا الإخلاص يرتبط فيه الإيمان بالعمل: )إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ(.
56- )هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ{49} جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ{50}(
(ص)
57- )لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ{20}(
(الزمر)
58- )أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ{24}(
(الزمر)
59- )وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ{60} وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ{61}(
(الزمر)
60- )وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ{73} وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{74}(
(الزمر)
61- )الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{7} رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{8}(
(غافر)
62- )مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ{40}(
(غافر)
63- )إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ{30}(
(فصلت)
64- )تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ{22} ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ{23}(
(الشورى)
65- )فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{36} وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ{37} وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{38}(
(الشورى)
66- )وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ{35}(
(الزخرف)
67- )الأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ{67}(
(الزخرف)
68- )وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{72}(
(الزخرف)
69- )إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ{51} فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{52}(
(الدخان)
70- )فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ{30}(
(الجاثية)
71- )إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ{13} أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{14} وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ{15}(
(الأحقاف)
72- )إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ{12}(
(محمد)
73- )مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ{15}(
(محمد)
74- )وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ{31} هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ{32} مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ{33}(
(ق)
75- )إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{15} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ{16}(
(الذاريات)
76- )إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ{17} فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{18} كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{19} مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ{20} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ{21}(
(الطور)
77- )وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى{39} وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى{40} ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى{41} وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى{42}(
(النجم)
78- )إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ{54}(
(القمر)
79- )وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ{46}(
(الرحمن)
ملاحظة: خاف مقام ربه أشبه بتقوى الله، والخوف من الله ينعكس على الالتزام بأوامره والانتهاء عن نواهيه, فهو صفة من صفات السلوك العملى للمؤمن.
80- )كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ{58} فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{59} هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ{60}(
(الرحمن)
81- )جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{24} لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً{25}(
(الواقعة)
82- )يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{9}(
(التغابن)
83- )رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً{11}(
(الطلاق)
84- )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{8}(
(التحريم)
ملاحظة: التوبة أيضا سلوك يتصل بالعمل, ولا يقتصر على القلب.
85- )وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ{12}(
(التحريم)
ملاحظة: المقصود )أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا( وهذا من العمل.
86- )وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ{10} فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ{11} إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ{12}(
(الملك)
ملاحظة: خشية الله مماثلة لتقوى الله والخوف من الله, وهى لا تظهر ولا تتأكد إلا بالعمل.
87- )إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ{34}(
(القلم)
88- ) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ{24}(
(الحاقة)
ملاحظة: )بِمَا أَسْلَفْتُمْ( أى بما قدمتم من الأعمال الصالحة فى الدنيا (تفسير المنتخب).
89- )وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ{26} وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ{27} إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ{28} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{29} إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{30} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{31} وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{32} وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ{33} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{34} أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ{35}(
(المعارج)
90- )إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً{5} عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً{6} يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً{7} وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً{8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُوراً{9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً{10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً{11} وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً{12}(
(الإنسان)
91- )إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً{22}(
(الإنسان)
92- )إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ{41}(
(المرسلات)
93- )كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{43} إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ{44}(
(المرسلات)
94- )إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً{31}(
(النبأ)
95- )إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً{40}(
(النبأ)
96- )وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{41}(
(النازعات)
97- )عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ{5}(
(الانفطار)
98- )وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ{10} كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ{12} إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ{13}(
(الانفطار)
99- )إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ{22}(
(المطففين)
ملاحظة: الأبرار هم المحسنون الذين يحسنون أعمالهم
100- )فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ{34} عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ{35} هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ{36}(
(المطففين)
101- )فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ{7} فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً{8}(
(الانشقاق)
ملاحظة: الكتاب هو الذى يسجل أعمال الإنسان.
102- )فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{24} إِلا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ{25}(
(الانشقاق)
103- )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ{11}(
(البروج)
104- )قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى{14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى{15} بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{16} وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى{17}(
(الأعلى)
ملاحظة: تزكى أى تطهر من الكفر والمعاصى (تفسير المنتخب).
105- )وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ{8} لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ{9} فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ{10}(
(الغاشية)
ملاحظة: المقصود بـ )لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (سعيها فى الحياة الدنيا, وعملها الصالح فيها.
106- )ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ{17} أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ{18}(
(البلد)
107- )فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى{14} لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى{15} الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى{16} وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى{17}(
(الليل)
108- )ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ{5} إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ{6} فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ{7} أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ{8}(
(التين)
109- )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ{7} جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ{8}(
(البينة)
110- )إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيهْ{20} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{21} فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ{22}(
(الحاقة)
111- )فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ{85}(
(المائدة)
112- )لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ{16} وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ{17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ{18}(
(الزمر)
*****
من مراجع الفصلين الثانى والثالث
تفاسير القرآن الكريم, وفى مقدمتها:
- تفسير ابن كثير – دار إحياء الكتب العربية – مصر.
- تفسير أحمد حسين – الفاتحة والبقرة – المركز العربى الإسلامى للدراسات – القاهرة – الطبعة الثانية – 1992.
- تفسير أحمد حسين – سورة آل عمران – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – القاهرة – 1982.
- المنتخب فى تفسير القرآن الكريم – مجموعة من العلماء – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – القاهرة – الطبعة الثامنة عشر – 1995.
- السنة مصدر للمعرفة والحضارة – د. يوسف القرضاوى – دار الشروق – الطبعة الخامسة – 2008 – القاهرة.
- الجهاد – عبد المعز عبد الستار – شركة منارات للإنتاج الفنى والدراسات – القاهرة – الطبعة الأولى – 2009.
- صفة الجنة وأهلها فى الكتاب والسنة – د. محمد كمال شبانة – دار الشعب للصحافة والطباعة والنشر – كتاب الشعب – القاهرة – الطبعة الأولى – 1990.
- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم – محمد فؤاد عبد الباقى – دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – لبنان.
الفصل الرابع
كيف نصدق بالجنة
وهى غيب مطلق؟
ذكرنا فى رسائل الإيمان السابقة أن من أهم عقبات التعامل مع الجنة بيقين هو الغيب، والغيب هو أهم التحديات الإيمانية؛ لأنك تؤمن بما لا تراه رؤية العين، ولا تلمسه بأى حاسة من حواسك الخمس. ونحن نقول فى حياتنا اليومية (ليس من رأى كمن سمع)، فلا شك أن عدم الرؤية يفتح الباب للشك وعدم اليقين. بل من المنطقى فى بادىء الأمر أن يطلب موسى عليه الصلاة والسلام من الله تعالى وهو يكلمه أن يراه، فهو فضول إنسانى طبيعى ومدعاة لتثبيت اليقين.
)وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ( (الأعراف: 143).
وكان هذا درسا تعليميا للأنبياء وللبشرية جمعاء، حتى لا يطلب أحد المستحيل. ومن الحكمة الواضحة من هذه الواقعة تتضح رحمة الله، فإن رؤية الله تعالى فى الحياة الدنيا مستحيلة، وإن طاقة الإنسان على تحملها غير واردة. وهناك أحاديث شريفة عن رؤية المؤمنين ربهم سبحانه وتعالى فى الجنة، ولكن ما هى كيفية ذلك والله سبحانه وتعالى لا تحده حدود )هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ( (الحديد: 3), فهذا غيب أيضا بالنسبة لنا حتى الآن. وهناك آيات أخرى تشير إلى أن الله يوم القيامة لا يكلم الكافرين، وبمفهوم المخالفة فإن الله تعالى يكلم المؤمنين، ولكن كيف سيجرى هذا فإنه من الغيب أيضا.
ولكن الله العادل فى المقابل قدم لنا آلافا مؤلفة من الآيات كى نتثبت من وجوده سبحانه: )سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ(، وهذه الآيات قاطعة باترة لا تحتمل الشك، فمن يكفر بعد ذلك فقد ظلم نفسه، وفى إعجاز القرآن الكريم آيات حاسمة على وجود الله ما نزال نكتشف ذلك فيها حتى الآن، على رغم مرور أكثر من 14 قرنا على نزوله. وعلى الكافر الذى وصلته هذه الآيات بأى لغة أن يرد هو ويقول: كيف يمكن لبدوى فى قلب الصحراء وأمى أن يقول هذا الكلام منذ مئات السنين؟!
وبعد هذا الدرس (الواقعة) الذى جرى لسيدنا موسى فما كان لبنى إسرائيل أو غيرهم أن يتجرأوا ويطلبوا رؤية الله عز وجل. وبعد أن جاء موسى إلى قومه بالألواح التى فيها )مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ( (الأعراف: 145) كان عليهم أن يدرسوها ويتبينوا ما فيها من حكمة، ولكنهم اشترطوا أن يروا الله تعالى حتى يؤمنوا: )وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ( (البقرة: 55).
وقد تعرضوا لموقف مشابه لما تعرض له موسى، ولكن موسى سرعان ما تاب إلى الله تعالى، أما هم فظلوا فى غيهم يعمهون. مع ملاحظة أن سيدنا موسى لم يشترط رؤية الله حتى يؤمن به، ولكن كان سؤالا بريئا استكشافيا.
وتكرر هذا المعنى فى القرآن الكريم، حيث أصبحت حجة الكافرين فى كل زمان ومكان، أين الله؟ دعونا نراه حتى نؤمن به! )وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا( (الفرقان: 21).
وأيضا: )يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللَّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ( (النساء: 153).
وقد قال الفقهاء: إن البحث فى ذات الله كفر، والبحث والتأمل فى آيات الله وآلائه هو الإيمان. ذلك أننا لن نحيط بما لا يمكننا الإحاطة به. فهو ضرب من المستحيل، وتنكب سواء السبيل، واختيار طريق الفتنة. أما التفكر فى آيات الله التى تجزم بوجوده، وهى الآيات الموجودة داخل أنفسنا وفى الكون، والعلم يقدم لنا كل يوم مزيدا من المادة الحاسمة، فهو الطريق المنطقى للوصول إلى الحقيقة. حتى أن أكثر الناس فى الغرب الذين ينتقلون إلى الإيمان بالله، هم بين العلماء والمشتغلين بالعلم. لأن ما يكتشفونه من دقة تدبير الكون يجعل الاحتمال الآخر هو الجنون بعينه أو العبثية أو اللاعقل! فلا يمكن حل معضلة أن الكون بناء محكم التدبير والتنظيم والإدارة، بالحديث عن الطبيعة أو المادية الجدلية، فهل الطبيعة عاقلة، وهل المادية الجدلية مدبرة؟ أم أنها مجرد أسماء حركية جديدة لخالق الكون؟!
وهذا ينقلنا إلى نقطة بالغة الأهمية.. وهى أن جميع البشر تقريبا يقرون بوجود قوة خفية مركزية تدير الكون (الله)، ولكنهم اختلفوا أساسا حول البعث، وهل توجد آخرة أم لا؟ هل يوجد حساب وجنة ونار؟
(ولقد كانت قضية البعث من القضايا التى عنى القرآن الكريم بتثبيتها فى نفوس المؤمنين، واعتبرها أول مقوم من مقومات الإيمان، ذلك أنك لن تصادف كافرا أو مشركا أو ملحدا من أى نوع كان فى أى عصر من العصور لا يسلم لك بوجود قوة علوية تتحكم فى كل شىء وتهيمن على كل شىء. فالإيمان بالله كقوة غيبية علوية سابقة على كل شىء وهى سبب كل شىء، أمر مسلم به وإن اختلفت الأسماء التى تطلق على هذه القوة، وإنما يبدأ الخلاف الحقيقى بين المؤمن وغير المؤمن حول موضوع البعث، فالكفار فى كل زمان ومكان مهما تعددت أسماؤهم وصفاتهم، ينكرون البعث والحساب والجنة والنار، ومن هنا كان الفارق الأساسى بين المؤمن وغير المؤمن هو فى موضوع البعث؛ فحيث يقول الكفار: )إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ( يقول المؤمنون: )إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى() (أحمد حسين – تفسير البقرة – المركز العربى الإسلامى للدراسات – القاهرة – الطبعة الثانية – 1992 – ص 378).
غير المؤمنين لا يستطيعون التفلت من فكرة وجود قوة علوية مركزية عاقلة للكون. ولكنهم يتفلتون من الرسل والأنبياء وكتب السماء والبعث والجنة والنار: )كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ( (البقرة: 285)؛ أى يتفلتون من التكاليف والمسئولية.
فأنت إذا آمنت بالله ورسله وكتبه معا فهو الطريق الوحيد للإيمان بوجود الجنة والنار. وبالتالى فالجنة والنار غيب مطلق لا وسيلة لبحثه بوسائل العقل والمنطق بصورة مباشرة. ولكن بصورة غير مباشرة عن طريق التصديق برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والتصديق بأن القرآن الكريم كتاب منزل من عند الله سبحانه وتعالى، فعند هذا المستوى كل الوسائل المنطقية والعقلية يمكن أن توصلك إلى هذا التصديق. وبالتالى إذا جاء خبر السماء عن هذا الطريق بوجود الجنة والنار لقلنا: سمعنا وأطعنا (إن كان قد قال فقد صدق) كما قال أبو بكر الصديق عندما قالوا له عن قصة الإسراء والمعراج.
حقا هناك من الفقهاء من يبرهنون على أن الجنة والنار بالمنطق؛ كالقول بأن الله هو العدل، وكثير من الظالمين والفاسدين يرحلون عن عالمنا دون أن يأخذوا جزاءهم فى الدنيا، وهناك كثير من المتقين الذين يعذبون فى الدنيا، ومن العدل أن يعاقب الله أو يعوض الناس بالنار والجنة لإحقاق عدالة السماء )لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ( (غافر: 17)، وهى وإن كانت حجة سليمة إلا أنها مشتقة عن الإيمان بوجود إله عادل، وغير المؤمنين قد يوافقون على وجود قوة مركزية للكون ولكنهم لا يصفونها بالضرورة بالعدل!
الميل الإنسانى للمادة:
ومن مصاعب الإيمان بالغيب الاستعداد الإنسانى للميل إلى المادة، والتمسك بما يراه ويلمسه ويحسه بحواسه الخمس، ويرجع ذلك إلى الطبيعة الترابية للإنسان، فالإنسان مركب من طين, ومن نفخة الروح من الله، وبالتالى فإن فى تركيبته تنازعا بين صفتين ومكونين؛ المكون الترابى الطينى الذى يميل إلى كل ما هو مادى، وهذا هو الأساس الذى يعمل عليه الشيطان، فهو يخاطب شيئا حقيقيا فى تكوين الإنسان (الشهوات)، والمكون العكسى وهو روح الله سبحانه وتعالى: )فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ( (ص: 72).
وهذا هو الجانب الإيجابى فى تركيب الإنسان، إذا عمل عليه وعلى تنميته يصل إلى أعلى مراتب المخلوقات، وإذا تغلب عليه البعد الطينى فإنه يصبح )أَسْفَلَ سَافِلِينَ(.. يصبح أقل من الأنعام, وحتى من الجماد؛ لأن الجبل ينهد إذا نزل عليه القرآن الكريم: )لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ( (الحشر: 21)، وكذلك قال عن الحجارة: )وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ( (البقرة: 74)، والإنسان على صغر حجمه ففى نفسه ميدان واسع ومتشعب ومعقد يجرى فيه صراع يومى ولحظى بين طبيعته الطينية وطبيعته الروحية. ويظل هذا الصراع طاحنا داخل النفس حتى اللحظة الأخيرة من الحياة.
وفيما يتعلق بموضوعنا فإن الجانب الطينى هذا يدفع الإنسان إلى كل ما هو مادى؛ فهو يريد أن يرى بنفسه ويلمس بنفسه، ويريد أن يقدس أشياء ملموسة، ولهذا الميل جوانبه الخطرة والسلبية.
إن الإيمان بالله دون أى رؤية محسوسة يحتاج إلى إيمان عميق، وإلى تربية مستمرة للنفس، والاحتفاظ بعلاقة وثيقة مع الله تعالى من خلال العبادات المفروضة ومن خلال الالتزام بتعاليم الدين، ومن خلال المراقبة اليقظة للنفس (التقوى)، وللعلماء (أولى الأمر) دور حاسم ومسئولية كبيرة أمام الله فى هذا الأمر.
وبدون هذه اليقظة والإحياء المستمر لصحيح الإيمان فإن جمهور المؤمنين ينزلق إلى أشكال متنوعة من الممارسات المادية، لعل أخطرها هو تقديس الأنبياء، ثم رفعهم إلى مصاف الآلهة. وعبادة السيد المسيح وتحويله إلى إله أو ابن الله، وله صور وتماثيل تجسده، هى المثل الأشهر ولكن ليس المثل الوحيد، فقد قال اليهود عن النبى عزير إنه ابن الله. وكذلك قدست الشعوب الآسيوية شخصيات (قد يكونون فى الأصل أنبياء أو رجالا صالحين)؛ كبوذا وكونفوشيوس وزارادشت. وصنعت لهم التماثيل والمعابد، وأصبحوا يعبدون بعد موتهم وحتى الآن. وامتدت عبادة الأشخاص وتسميتهم بالآلهة إلى الملوك؛ كما حدث فى مصر القديمة واليابان، وعندما ظهرت الحركة الماركسية – وهى لا دينية – تحولت إلى دين جديد لا يسمح بنقد كارل ماركس أو لينين، ومن ينتقدهما يكون قد كفر بالماركسية. وتم تحنيط جثة لينين, وزيارة قبره تحولت إلى طقوس اجتماعية راسخة أشبه بالطقوس الدينية، فمثلا يوم العرس يذهب العروسان لزيارة قبره! فالإنسان – أى إنسان – يريد أن تكون له مقدسات يلتف حولها, ويشعر بالسمو وهو يرتبط ويؤمن بها.
وفى الممارسات الإسلامية ظهرت مسألة تقديس الأولياء الصالحين، والتبرك بقبورهم والتمسح بها والبكاء حولها، والتشبث بأعتابها أو بقضبان نوافذ قبورهم. وكأن الإنسان يريد أن يمسك شيئا فى يده يشعره بالأمان، وبالتواصل مع السموات العلا من خلال هؤلاء الوسطاء.
بل هناك بعض الأطروحات الصوفية ترقى بالرسول عليه الصلاة والسلام إلى مصاف الآلهة، وقد استمعت مرة إلى محاضرة فى إحدى دور الطرق الصوفية تتحدث عن الرسول باعتباره المكون الأساسى والوحيد للكون، وأن كل ما نراه فى الكون من مادة على الأرض والسموات إنما هى مكونات محمد عليه الصلاة والسلام.
والحمد لله أن هذه الرؤى غير منتشرة، ويرجع الفضل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى حذر من ذلك مرارا فى كثير من أحاديثه، ومن ذلك مثلا: (اللهم لا تجعل قبرى وثنا يُعبد) رواه مالك.
إن الالتصاق بالأضرحة والبكاء عندها يؤدى إلى تفريغ شحنات عاطفية وشحنات قلق، وهو يؤدى إلى حالة وقتية من الراحة النفسية، وهذا ما يدفع الناس إلى التمسك بها ومواصلة ذلك.
وفى الممارسات المسيحية نجد بالإضافة لصور وتماثيل السيد المسيح ومريم العذراء، نجد تقديس الحواريين ورسم صور لهم، وبناء أضرحة وتماثيل للقديسين، وتمارس حولها نفس الممارسات التى يمارسها المسلمون حول الأضرحة من حيث التمسح المادى بقضبان النوافذ وإطلاق الأدعية والطلبات والتوسلات.
أما عن الديانات الآسيوية فحدث ولا حرج عن التجسيدات المادية للعبادة والتماثيل، ووصول الأمر إلى ممارسة الجنس فى بعض المعابد كنوع من العبادة!!
وقد حلت بعض الديانات الآسيوية مشكلة الآخرة عن طريق الإيمان بتناسخ الأرواح، وأن الأرواح لا تموت ولكنها تنتقل لأجساد أخرى جديدة. وعلى رغم ما فى هذا التصور من انحراف إلا أنه يعكس إدراك الإنسان لمشكلة ما بعد الموت. وأن القول بأن الإنسان ينتهى بموته مسألة تثير معضلة ومشكلة عقلية ونفسية لبنى البشر.
وهكذا نجد ميلا لدى الإنسان إذا لم يقومه بصحيح الإيمان إلى كل مظاهر تجسيد ما هو غيبى، بحيث يتحول إلى مقابر وتماثيل وصور يمكن أن تلمس باليد وترى بالعين. ولأننا نعرف أكثر عن الطقوس المسيحية نظرا لترددنا على الكنائس، فإننا نرى كثيرا من العبادات تأخذ أشكالا مادية متنوعة: غناء – بخور – طقس المناولة بالخبز – القس يمسك صليبا فى يده – تعميد الأطفال المولودين.. إلخ، بينما نجد فى الإسلام التوحيد الصافى حيث لا توجد سوى الأرض نجلس ونسجد عليها فى اتجاه القبلة، ولا توجد صور أو تماثيل.
وقد كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون حصير أو سجاد، وكان الصحابة يسجدون على الرمل والحصى. أما المساجد الحديثة الفخمة فقد كانت من صنع الحكام تقربا للشعب وإظهارا لفنون العمارة، ويتعين الحفاظ عليها لقيمتها المعمارية وحيث تعتمد زينتها على رسم الآيات القرآنية أو الأشكال الهندسية من منمنمات ومقرنصات.. إلخ، وظل المسجد كما هو فى جوهره أرضا للصلاة والجلوس والسجود، وقبلة، وأسقفا تقى الحر والبرد والمطر، وزينة المسجد الحقيقية هى هؤلاء المصلون يتعبدون كالبنيان المرصوص وكأنهم شخص واحد.
وميل الإنسان إلى تجسيد المقدسات ليس شرا كله، ونعنى الارتباط العاطفى ببعض تجسيدات الإيمان؛ كحب الكعبة ومكة والمدينة المنورة والصفا والمروة باعتبارها كانت مسرح أهم أحداث الدعوة، كذلك الرغبة الجارفة فى زيارة غار حراء أو غار ثور، وليس عيبا أن ترتبط قلوب المؤمنين بالمساجد أو بزيارة قبور آل البيت وأولياء الله الصالحين حقا، وأخذ العبرة من زيارة القبور وهذا ما أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أن البكاء عند قبورهم ليس أمرا منتقدا فى حد ذاته.. عندما زرت جبل موسى فى سيناء حيث من المفترض أنه مكان اللقاء بين موسى عليه السلام وربه شعرت برهبة شديدة، وأحببت المكان، وتمنيت أن أبقى فيه أو أزوره مجددا. وكلما زرت دمشق أحرص على زيارة قبر صلاح الدين الأيوبى والدعاء له.
قال الإمام الغزالى: زيارة القبور مستحبة لأجل التبرك مع الاعتبار، والمستحب أن يقف مستدبر القبلة مستقبلا بوجهه الميت, وأن يسلم ولا يمسح القبر ولا يمسه ولا يقبله، فإن ذلك من عادة النصارى. وبالتالى فإن التردد على مثل هذه المزارات أمر محمود ومطلوب وليس مباحا فحسب، مادام جاء فى إطار ربطه بعقيدته وتاريخه, دون تحويل هذه الأماكن إلى أقانيم أو وسائط إلى الله عز وجل، أو بدائل له تعالى!
وفيما عدا مناسك الحج والعمرة والصلاة فى المسجد الحرام والمسجد النبوى والمسجد الأقصى، فلا يجوز ربط العبادات بالمزارات والأماكن المقدسة الأخرى. أما خط الاتصال مع الله سبحانه وتعالى فهو مفتوح طوال الأربع والعشرين ساعة كل يوم، ومن أى بقعة من بقاع الأرض. وهذا هو التوحيد الصافى كما جاء فى الإسلام: )وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ( (الحديد: 4).
أما رفع شأن الشخصيات المجاهدة والعالمة بالله من أولى الأمر، فهو سنة حميدة وصحيحة، فالجمهور يريد أن يرى الإيمان والأخلاقيات والمثل العليا تتجسد فى رموز، حتى يزداد يقينا بالله تعالى، ويزداد تمسكا بالأخلاق والمثل العليا، وهذه النجوم الزاهرة من قيادات ورموز الأمة التى تظهر فى كل جيل وعصر وأوان، هى التى تبرهن على أن الله سبحانه وتعالى لا يطالبنا بالمستحيل، وإذا كنا لا يمكن أن نرقى إلى مستوى الأنبياء، فإن بإمكاننا يقينا أن نقترب (أو يقترب بعضنا) إليهم إلى أقصى قدر ممكن، وهى مرتبة أولياء الله، والاقتراب إمكانيته أكبر لمستوى الحواريين والصحابة؛ لأنهم بشر غير معصومين.
ووجود هذه النماذج ضرورة لضمان صلاح المجتمعات والشعوب، وإلا فإن جمهور الناس يتصور أن المثل العليا مستحيلة وأنها موجودة فحسب فى كتاب الله أو سيرة الأنبياء.
وهذه الفئة من الناس هى التى وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق حتى يأتى أمر الله) رواه الشيخان.
وهؤلاء من قال عنهم الإمام علىّ رضى الله عنه: (لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لكى لا تبطل حجج الله وبياناته، أولئك هم الأقلون عددا الأعظمون عند الله أجرا).
لم يخل جيل أو عصر أو مكان من مثل هؤلاء الأقطاب، وهذا مما يحمى إيمان الأمة ويزيدها يقينا بالحق. شريطة ألا تنتقل حال الالتفاف أو الإعجاب أو الاقتداء أو إتباع هؤلاء القادة إلى حالة من التقديس التى ترفعهم لمستوى المعبود، فكل امرىء يخطىء ويصيب إلا الرسل والأنبياء. فالميل إلى التقديس يأتى بسبب ميل الإنسان إلى مسألة التجسيد (الأصل الطينى)، وأيضا قد يعنى اعتذارا ضمنيا عن التقصير، فأنا أقدس هذا الشيخ أو الولى لأننى لا يمكننى أن أكون مثله، والموقف الأصح أن أسعى للاقتداء به، وأن أكون صورة منه على الأقل، كما كانت – على سبيل المثال – علاقة الشيخ أحمد ياسين بشباب حماس، فقد ارتبطوا به إلى حد أن أصبحوا جميعا استشهاديين مثله.
وبالتالى نجد الخيط رفيعا، بين احترام وتقدير وتبجيل رموز الأمة وإتباع منهجهم وبين الاكتفاء بمجرد الإشادة بهم إلى حد التقديس, وإلى حد العبادة والشرك بالله.
حوار مع رجل دين كاثوليكى:
فى مناسبة عامة، دار حوار جانبى مع رجل دين كبير بالكنيسة الكاثوليكية، وقال لى: إن الفهم المسيحى للحياة الآخرة يختلف تماما عن الفهم الإسلامى، وسخر من الأشكال المادية للجنة كما وردت فى القرآن الكريم، بما يفهم منه أن التصور المسيحى للآخرة تصور روحى! والملفت للانتباه أن نصوص الأناجيل المتداولة لا تتطرق كثيرا لمسألة الآخرة، والجنة والنار، وتكتفى بالحديث عن ملكوت السماء دون تحديد.
والكتابات عن العقائد اليهودية تشير أيضا لعدم وجود حديث واضح عن الآخرة والجنة والنار. فقد خلت الكتب الإسرائيلية من ذكر البعث واليوم الآخر.
وبالتالى فإن القرآن الكريم هو الوثيقة الإلهية الوحيدة بين أيدى البشر الآن التى تتحدث بوضوح وإفاضة عن هذا الغيب، وهى مصدرنا الوحيد لليقين والمعرفة، بالإضافة للأحاديث الصحيحة.
حوار مع عضو سابق بالجماعات الإسلامية:
فى محاولة منى لإقناع أحد القيادات الوسيطة فى إحدى الجماعات الإسلامية السابقة بالانضمام لحزب العمل، أخذ يروى لى عن تجاربه المأساوية فى السجون وخوفه من العودة إليها. وخلال حوار طويل ولما لمست تردده، قلت له: إن المؤمن يسير فى حياته وكأنه يرى فى الأفق شاشة عرض كبيرة مقسومة إلى نصفين: نصف به صور النعيم فى الجنة، والقسم الثانى به صور العذاب فى النار، وكأنه يشاهد شريط فيديو مزدوج بصورة دائمة فى خلفية حركته فى الدنيا. وإنه يتخذ قراراته على هذا الأساس فى هذه الدنيا الفانية، فتكون حاسمة لا تقبل التردد فى الانحياز للحق.
وقد جاءت هذه الصورة فى ذهنى خلال حمية النقاش، ولذلك شعرت فيما بعد بسعادة كبيرة عندما قرأت الحديث الشريف التالى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحارثة: يا حارثة كيف أصبحت؟
قال: أصبحت مؤمنا حقا!
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: انظر ما تقول فإن لكل قول حقيقة؟
قال: يا رسول الله! عزفت نفسى عن الدنيا فأسهرت ليلى وأظمأت نهارى وكأنى أنظر إلى عرش ربى بارزا، أنظر أهل الجنة فى الجنة كيف يتزاورون فيها، وكأنى أنظر إلى أهل النار كيف يتعاورون (يبكون ويصرخون) فيها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبصرت فالزم، عبد نور الله الإيمان فى قلبه.
وهكذا وجدت أن هذا الصحابى قال بالضبط ما كنت أحاول أن أنصح به صديقى فى الجماعات الإسلامية السابقة.
فأنت إذا تعاملت مع الجنة والنار بهذا اليقين واستحضرتهما معك دائما فستحتقر شأن الدنيا، ولن تهاب شيئا، وستتجنب الزلل والخطأ قدر الإمكان. فلابد من ترجمة الإيمان بالله تعالى إلى هذا الإحساس الواقعى، وأن تكون الجنة حاضرة دوما فى ذهنك كهدف وحيد ونهائى، وأن يكون ذلك حافزا لك فى طريق الخير، وأن تكون النار حاضرة فى ذهنك كخطر ماثل لابد من تجنبه, بل الابتعاد عنه بأكبر مسافة ممكنة: )فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ( (الأعراف: 99). ومعنى الآية، ألا يأمن المؤمن أبدا أنه غير معرض لخطر النار، وألا يصاب بطمأنينة زائفة, فيكون لسان حاله كبنى إسرائيل: )وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ( (البقرة: 80).
ومكر الله هنا بمعنى ابتلاءات الله واختباراته التى وضعها أمام الناس أجمعين، وأن الاختيار بين طريق الخير وطريق الشر ليس لحظة واحدة فى العمر وينتهى التحدى، فالذى اختار طريق الخير لن يتركه الشيطان: )لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ( (الأعراف: 16).
فالابتلاءات لآخر لحظة فى العمر قد تغير موقف الإنسان بصورة انقلابية مخيفة، إذا لم يكن حذرا، وهذا هو معنى الحديث: (يعمل أحدكم عمل أهل الجنة حتى إذا أصبح بينه وبينها ذراع سبق عليه الكتاب فأصبح من أهل النار، ويعمل أحدكم عمل أهل النار حتى إذا أصبح بينه وبينها ذراع سبق عليه الكتاب فأصبح من أهل الجنة).
فإذا كان على المؤمن أن يكون يقظا حتى آخر لحظة فى حياته حتى لا يرتد عن طريق الخير، فإن أهل الشر يظل الباب مفتوحا لهم للتراجع إلى طريق الخير حتى اللحظة الأخيرة، ولكن المشكلة بالنسبة لهم أنهم – كسائر البشر – لا يعلمون موعد الموت, ولذلك فهم فى خطر دائم.
وفى معنى )فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ( يقول الحسن البصرى: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف والفاجر يعمل بالمعاصى وهو آمن!
فضل الإيمان بالرسول غيبا:
وقد أشار الرسول عليه الصلاة والسلام إلى فضل المؤمنين الذين يأتون من بعده فيؤمنون به ورسالته دون أن يروه رؤية العين. وقد ورد ذلك فى الحديث الذى أورده بن كثير فى تفسيره، حيث قال بعض الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك. قال: نعم قوم من بعدكم يؤمنون بى ولم يرونى). وفى رواية أخرى: (هل من قوم أعظم منا أجرا؟ آمنا بك واتبعناك، قال: ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحى من السماء, بل قوم بعدكم يأتيهم كتاب من بين لوحين يؤمنون به ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجرا) وكررها مرتين، ويعلق ابن كثير فيقول: أعظم أجرا من هذه الحيثية لا مطلقا. وفى رواية ثالثة: (سأل الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة: أى الخلق أعجب إليكم إيمانا؟ قالوا: الملائكة، قال: وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم. قالوا: فالنبيون. قال: وما لهم لا يؤمنون والوحى ينزل عليهم, قالوا: فنحن. قال: وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم. ألا إن أعجب الخلق إلىّ إيمانا لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيها).
انتهاء عهد المعجزات المادية علامة على نضج وتطور البشرية:
تطور البشرية كمجموع أشبه بتطور الإنسان الفرد من طفل إلى إنسان ناضج، فالطفل تنحصر معرفته بحاسة اللمس والشم ثم السمع والبصر، وعلاقته بالحياة والكون مرهونة فحسب بما يلمسه بيديه ويتذوقه بلسانه وبشتى الحواس الخمس، فالطفل الرضيع ثم فى سنواته الأولى يعتمد على هذه الحواس وحدها لمعرفته بالعالم، ويمسك كل شىء بيديه, ويحاول أن يتذوقه بفمه، وهذه هى علاقته الأولى باللعب أو الأشياء المحيطة به.. وبعد سنوات يبدأ فى إعمال العقل والفهم بصورة مجردة تدريجيا.
وقد مرت البشرية فيما يبدو بهذه المرحلة وانعكس ذلك على معتقداتها؛ فهى تريد أن تؤمن بأشياء محسوسة: إما الشمس والقمر وإما حيوان أو نبات أو صنم وتمثال. وكلما جاءتها رسالة التوحيد عبر الأنبياء، كانت معرضة دوما للارتداد إلى طور الطفولة، فتؤمن بالله ولكن تريد أن توجد وسائط مادية تعبدها وتلمسها باليد وتتمسح بها وتراها بالعين.
فى حين أن باب المعرفة الحقيقية بالله هو فى الخروج من هذا الطور البدائى، بل هو أيضا كان باب المعرفة العلمية بالطبيعة.
فكما ذكر العقاد عن حق فإن (الموجودات أعم من المحسوسات؛ فهناك موجودات أكثر مما نحس، بل هناك موجودات قابلة للإحاطة بها عن طريق الإحساس أكثر مما نحسه الآن بالآلات ووسائل التقريب والتضخيم) غريزة الحيوان كمثال يدرك بها أوسع من إدراك الإنسان.
(وقد أحس الإنسان قبل أن يفكر. فلا جرم ينقضى عليه ردح من الدهر فى بداءة نشأته، وهو يفكر حسيا أو يفكر “لمسيا”، فلا يعرف معنى الموجود إلا مرادفا لمعنى المحسوس أو الملموس. وقد كان للحاسة الدينية فضل الإنقاذ الأول من هذه الجهالة الحيوانية؛ لأنها جعلت عالم الخفاء مستقر الوجود، ولم تتركه مستقر فناء فى الخلاء والأوهام. فتعلم الإنسان أن يؤمن بوجود شىء لا يراه ولا يلمسه بيديه. وكان هذا “فتحا علميا” على نحو من الأنحاء ولم ينحصر أمره فى عالم التدين والاعتقاد. لأنه وسع آفاق الوجود وفتح البصيرة للبحث عن عالم غير عالم المحسوسات والملموسات. ولو ظل الإنسان ينكر كل شىء لا يحسه لما خسر بذلك الدين وحده بل خسر معه العلوم والمعارف وقيم الآداب والأخلاق.
ويجىء الماديون فى الزمن الأخير فيحسبون أنهم جماعة تقدم وإصلاح للعقول، وتقويم لمبادىء التفكير. والواقع أنهم فى إنكارهم كل ما عدا المادة يرجعون القهقرى إلى القول بأن الموجود هو المحسوس، وأن المعدوم فى الأنظار والأسماع معدوم كذلك فى ظاهر الوجود وخافيه) (الله – عباس محمود العقاد – دار الهلال – 1995 – الطبعة الثانية – ص 45).
وكما ذكرنا فإن أنبياء الله كانوا يتواصلون لتصحيح عقيدة التوحيد، ولكن الناس كان لديهم استعداد للارتداد إلى مرحلة الطفولة. وجاء بعض الأنبياء بمعجزات من الله لتثبيت إيمان الناس، وقد قامت المعجزات بدورها، ولكن ظل المؤمنون قلة، حتى لقد أصبحت هذه التجربة حجة على الناس، وبالتالى لم تعد المعجزات واردة فى الرسالة الخاتمة، بل اعتبرت هذه الرسالة التى ستوجه البشرية حتى قيام الساعة أن هذه هى مرحلة نضوج الإنسان، بحيث يمكنه أن يؤمن بالله ورسله دون معجزات مادية يراها بعينه ويلمسها بيده. وآخرها معجزات موسى وعيسى عليهما السلام. وفى ذلك يقول القرآن الكريم: )وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ( (الإسراء: 59)، وأيضا: )وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ{14} لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ{15}( (الحجر).
إذن نحن أمام نقطتين: الأولى: أن المعجزات السابقة لم تحسم قضية الإيمان على الأرض. والثانية: مرتبطة بها؛ لأن المعاندين يقولون إنه سحر!! إذن فليقم الإيمان بالله على أساس الغيب المطلق، وعلى أساس إعمال الفكر فى آيات الله فى القرآن والكون. ولذلك سمى القرآن المؤمنين بأنهم أولو الألباب.
وقد كان أفضل للمؤمنين وأكثر ليونة ويسرا أن يروا المعجزات على يد أنبيائهم. ولكن الله سبحانه وتعالى قدر أن البشرية المؤمنة لابد أن تستغنى عن ذلك فكانت المعجزة الأساسية لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم (القرآن الكريم) بعد انقطاع النبوة، لتصبح دليلا عقليا فى يد كل من يطلع عليه فى مختلف الأزمان والأصقاع. وحتى المعجزات السابقة الواردة فى القرآن الكريم أضحت غيبا مطلقا نصدق به دون أن نراه ولا يمكن أن نراه؛ لأنه حدث فى الماضى: )وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ{44} وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{45} وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{46}( (القصص).
إذن التوحيد فى صورته الصافية أن نؤمن بالغيب كله استنادا إلى إيماننا بأن القرآن الكريم كتاب الله المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, وقد جاء فى أوله بعد سورة الفاتحة: )ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ( (البقرة: 2).
وقد ورد ذكر الآخرة فى القرآن الكريم 193 مرة (الآخرة 115 – يوم القيامة 70 – يوم الحساب 7 – يوم التناد 1)؛ بل هى محور القرآن الكريم كله، فكل ما ورد فيه عن التوحيد والتشريع والأخلاق يستهدف إعدادنا للآخرة واختبارنا لها. وبالتالى فإن النصيحة للمؤمنين ألا تلهيهم الدنيا بكثرة مشاغلها وتفاصيلها وصراعاتها وهمومها وملذاتها وشهواتها عن الهدف النهائى، واستحضار واستصحاب الجنة وكل صورها الحية، كما وردت فى القرآن الكريم والسنة النبوية فى أذهاننا دائما، وربط الإيمان بالله دوما بهذه الجائزة الكبرى، فهذا مما يريح النفس ويزيدها اطمئنانا، وصبرا على المكاره، ويسدد خطاها، ويجنبها الذلل: )اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ( (الحديد: 20).
هذا اللعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر يكون أشبه بالحجب أو الضباب الذى يحجب الشمس، فهى تلهينا عن الآخرة (وجنتها) بمشاغلها التى هى بالفعل لعب أطفال بالنسبة للخلود فى الجنة. هذه الغيوم تشغلنا وتغطى على الغيب (الجنة)، وعلينا ألا نسمح لها بأن تلفتنا عن مصيرنا الأساسى.
والعبادة الصحيحة لله هى التى تردنا دائما إلى هذه النقطة، وتساعدنا على تبديد الغيوم, والنفاذ منها لضوء الشمس الغائب مؤقتا (الجنة)، وأخطر شىء أن تتحول العبادة إلى عادة، بحيث لا تغير من المؤمن ولا ترتقى به مع كل صلاة وكل قيام وكل صوم نحو الله. وهذه تجربة يمكن أن يمارسها ويكتشفها كل مؤمن مع نفسه. وهو الذى يمكن أن يحاسب نفسه ويعرف: هل الجنة والنار ماثلتان أمام عينيه طوال اليوم أو أغلب اليوم على الأقل؟!
والتلاوة اليومية للقرآن مهمة من هذه الزاوية؛ لأنه كما قلنا هو الوثيقة الإلهية الوحيدة عن الجنة. اقرأ جزءا واحدا يوميا أو حزبا واحدا أو ربعا واحدا أو حتى صفحة واحدة, فهذا سيساعدك على أن تعيش فى الجنة، على رغم أنك لم ترها بعد، وتتشوق إليها: )وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ( (الحجر: 99)، اليقين مفهوم لغويا ولكن بعض المفسرين قالوا: إن اليقين المقصود هنا هو يوم القيامة.
كما ذكر القرآن أن الإيمان يزيد وينقص، والإيمان بكل أبعاده إذن يزيد وينقص، بما فى ذلك الإيمان بالآخرة والجنة والنار. فهل وصلت إلى اليقين؟
أحسب أن مجاهدى فلسطين مثلا وصلوا إلى هذا اليقين، ويرون الجنة على مرمى حجر.
اسأل نفسك بصراحة: ألا تتساءل بينك وبين نفسك أحيانا؟! هل الجنة حق فعلا وهل ستأتى, إنها بعيدة، ويوم القيامة بعيد، أحيانا تشعر وكأنها حلم مستحيل. أو بعيد إلى حد يدفع لنسيانها (وسنأتى للبعد الزمنى فى رسالة الوقت إن شاء الله تعالى)، اعترف بينك وبين نفسك أنك لم تصل إلى اليقين لأن ذلك يساعدك على الوصول إلى اليقين. فإذا كنا كشعب نؤمن إلى حد اليقين بالآخرة والجنة والنار فكيف تحدث كل هذه الكوارث فى وطننا تهدد ديننا وأخلاقنا وتراب وطننا ولا نحرك ساكنا. بل لابد أن تكون الجرائم والانحرافات بنسب أقل، ومساحة الجبن والخوف من الطغيان بنسبة أقل.
إذا فكرنا أكثر فى الجنة لأصبحت حياتنا أجمل بكثير من ذلك، ولأصلحنا دنيانا؛ فهذه هى المعادلة الإيمانية، كلما فكرنا فى الجنة (الآخرة) كلما أصلحنا الدنيا. وكلما انشغلنا عن الجنة تحولت حياتنا الدنيا نفسها إلى جحيم!
الفهرس
الموضوع الصفحة
تقديم……………………………………………………. الفصل الأول: عبادة نمط الاستهلاك الغربى……………………… مفتاح الحل فى التأسى برسول الله…………………………… الفصل الثانى: كيف تدخل الجنة………………………………. ولكن ما هو العقد مع الله؟…………………………………… التوحيد الحق هو العنوان الأصلى للعقد……………………….. لماذا ندخل السياسة فى الإيمان؟ أو هل نبالغ فى المكون السياسى للإيمان؟!…………………………………………………. تفاصيل شروط عقد البيعة……………………………………. الطرف الأول للعقد: المؤمنون………………………………… الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر طريق الجنة…………………… الوفاء بعهد الله وميثاقه طريق الجنة………………………….. تجارة تنجيكم من عذاب أليم………………………………… الجهاد علامة الإيمان الصادق وبطاقة دخول الجنة……………… الفصل الثالث: العمل الصالح طريق دخول الجنة, والجهاد هو ذروة العمل الصالح……………………………………………………. رد شبهات……………………………………………….. ألا يكفى الإيمان بالله لدخول الجنة؟…………………………. كارثة كامب ديفيد وإلغاء الجهاد…………………………….. ربط الإيمان بالعمل…………………………………………. الجهاد بالمال……………………………………………… ملحق…………………………………………………….. آيات دخول الجنة كما وردت فى القرآن الكريم بشكل حصرى……. أولا: آيات الجهاد والهجرة…………………………………. ثانيا: الجهاد بالمال والإنفاق فى سبيل الله…………………….. ثالثا: الصلاة……………………………………………… رابعا: الإيمان……………………………………………… خامسا: العمل…………………………………………….. من مراجع الفصلين الثانى والثالث……………………………. الفصل الرابع: كيف نصدق بالجنة وهى غيب مطلق؟……………….. الميل الإنسانى للمادة……………………………………….. حوار مع رجل دين كاثوليكى………………………………… حوار مع عضو سابق بالجماعات الإسلامية…………………….. فضل الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم غيبا………………… انتهاء عهد المعجزات المادية علامة على نضج وتطور البشرية……… | 3 7 20 29 32 42 47 53 53 57 60 62 62 67 76 77 81 92 98 105 105 105 112 117 120 122 145 147 153 159 160 162 163 |