الحلقة الاخيرة من كتاب أمريكا زرعت قنبلة نووية سنية شيعية لتدمير المنطقة
أمريكا لم تتآمر على المنطقة بصناعة الربيع العربي. الأصح أن نقول أن أمريكا حاولت استغلال الربيع العربي لتحقيق مصالحها. إذا نظرت إلى خريطة الشرق الوسط لن تجد سوى تحالف: إيران- سوريا- حزب الله- المقاومة الفلسطينية- العراق ثم في أفريقيا السودان والصومال. لن تجد سوى هؤلاء ضد التحالف الأمريكي الصهيوني- (رغم تعقيدات الوضع العراقي إلا أنه أقرب إلى ايران منه إلى أمريكا ورغم تدهور مواقف السودان) فلماذا سيهتمون بأحد سواهم؟!.
.باقي المنطقة مع الأسف: مصر في استراحة كامب ديفيد- كذلك الأردن- تركيا في الناتو- السعودية والخليج تحت السيطرة الأمريكية كذلك اليمن..
تم وضع أفغانستان في قوس المقاومة وبدأت بيانات رسمية أمريكية تتحدث عن علاقات بين إيران وطالبان.. أسلحة وتمويل. وهذا كلام منطقي لأن إيران كانت ترى أن الدور سيأتي عليها وبالتالي كان من المصلحة تعطيل الجيش الأمريكي في العراق وافغانستان، وكنا قد تحدثنا عن بداية تأسيس منظمات شيعية لمقاومة الانجليز في العراق، فقد بدأ الحديث يجري عن خطوط امداد السلاح من ايران إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان، كانت هذه هي المعركة المركزية في العالم ولا معركة سواها وكانت أمريكا في موقع المهزوم واسرائيل تحارب وحدها، إلا بالمساندة الأمريكية المعروفة.
حرب 2006 تبرهن على ذلك.:
قرر حزب الله مهاجمة اسرائيل للحصول على بعض الجنود الاسرائيليين لمبادلتهم بالأسرى اللبنانيين والفلسطينيين فكانت حرب 2006. عام 2000 هرب ايهود باراك رئيس وزراء اسرائيل من لبنان وتصور البعض ان المعركة قد انتهت. ولكن حزب الله كان يستعد للمرحلة التالية من النزال كما أوضحنا. في موقعة تموز 2006 لم يكن أحد يحارب اسرائيل في المنطقة إلا حزب الله بمساندة خلفية من ايران وعبر خطوط امداد من سوريا. وكانت اسرائيل تحارب وحدها بمساندة أمريكية، ولم تخف كونداليزا رايز مسئولة الأمن القومي الأمريكي أنها تقود معركة الشرق الأوسط الجديد..
وتصورت أمريكا انها ستقضي على حزب الله من خلال اسرائيل فأعطت لها كل الأضواء الخضراء، والأسلحة المطلوبة. بينما كان مبارك والسعودية يؤيدان اسرائيل من خلال الهجوم على حزب الله فى الاعلام.
وهُزمت اسرائيل في الحرب، ووصل الأمرإلى حد أن حسن نصر الله هدد أمريكا نفسها وقال لها: تعالي إلى لبنان ان كنت تستطيعين. كان سلاح الصواريخ الذي يضرب كل مكان في اسرائيل قد أذل الأعداء.
بينما حكام السنة هم الذين أذلونا. وكان لابد من القضاء على سمعة حزب الله وشعبيته في المنطقة. كان لابد من قصم ظهر هذا الحلف الممتد من طهران حتى الليطاني..
ثم كانت حرب غزة أواخر عام 2008 وأوائل 2009 حيث ضربت المقاومة المدن الاسرائيلية بالصواريخ الايرانية.. بالتكنولوجيا أو بالتسليم المباشر أنفاق غزة. وكانت ايران وسوريا في العمق الاستراتيجي لهذه الحرب. وصرح خالد مشعل أخيراً لصحيفة الحياة: (لابد أن نعترف أن السوريين كانوا كرماء وأنهم فتحوا لنا مصانع الصواريخ لنقوم بتطوير صواريخنا كما نريد).. 23/4/ 2017.
– تذكروا هذه الخريطة للشرق الأوسط حيث حرب الصواريخ تدك اسرائيل وتضرب نظريتها في الأمن القومي، بفقدان اليهودي الاحساس بالأمان. والتفكير في الهجرة العكسية.
وقبل ذلك كانت حماس والجهاد يضربان قلب تل أبيب بالعمليات الاستشهادية. والسودان يهرب السلاح الايراني لغزة. قارنوا بين هذه الخريطة وخريطة اليوم حيث يدمر المسلمون بعضهم اللبعض ويفككون سوريا والعراق..
كانت أمريكا تخطط كما ذكرنا واستغلت الثورات العربية، ولكن النظام السوري الأحمق تعامل بوحشية غير عادية مع الثورة السلمية بدلاً من محاولة استيعابها ببعض التعديلات الدستورية . وفي إطار هذه الوحشية استغلت أجهزة المخابرات الغربية (أصدقاء سوريا) والنظامان السعودي والقطري والنظام التركي الذي كان متواءماً تماما مع الناتو، وحدث كل هذا الهجوم على سوريا.. وفي غرفة عمليات سوداء لا يعرف أحد مكانها وحضورها بالضبط .. تم الاتفاق على وتنفيذ التالى
إعلان الكفاح المسلح في سوريا بدون أي قيادة معروفة.!!.
(2) الاعلان عن حشد المجاهدين من كل قارات العالم لنصرة الثورة المقدسة (على طريقة أفغانستان أيام الاحتلال السوفيتي).
(3) فتح الحدود التركية لمرور أي كم من المقاتلين والأسلحة والمعدات. ولا شك أن تسربا جاء من لبنان والأردن والعراق ولكن ظلت تركيا هي البوابة الرئيسية.
(4) ولأول مرة في التاريخ نسمع عن ثورة شعبية مسلحة بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتطورة. وكان التمويل بلا سقف أو حساب. والآن يريدون أن يحاسبوا قطر فحسب.
(5) مئات التنظيمات التي تصب في النهاية تحت قيادة أمريكا أو تركيا أو السعودية اوقطر…الخ وأصبحت سوريا في حالة غير عادية من الفوضى.
(6) كل هذا الضغط العالمي كاد يودي بالنظام السوري، فبعد عامين أو ثلاثة اضطر للجوء إلى حزب الله.
بل مع المزيد من الضغط والتمويل والتسليح للمعارضة اضطر للجوء إلى روسيا..
(7) لم نعد أمام ثورة اسلامية مفترضة، بل صراع عالمي بين روسيا وأمريكا لتقسيم سوريا.
(8) علاقة النصرة بالقاعدة معروفة، ولكنها أصبحت تحت قيادة قطر، بل يقوم الاعلام الغربي كله بمناصرتها كما كان الحال في معركة حلب، ومعركة الكيماوي المزعومة.
وحتى الآن فإن الاعلام الغربي لا يدافع إلا عن إدلب وكل مناطق النصرة لأن القوات الأخرى ضعيفة وغير مؤثرة..
(9) بعد محاولة الانقلاب على أردوغان أدرك أن أمريكا ضده وتريد تغييره فتغير موقفه، وتوجه إلى روسيا بل إلى إيران. ومن هنا انقلبت مؤقتا خرائط شمال سوريا.
.التفاصيل كثيرة.. ولكنها كلها تؤكد ضرورة أن يلتئم المخلصون من المقاتلين في سوريا لوقف القتال والوصول لحل وسط تاريخي..
من الأمور الشائعة الخاطئة أن نظام الأسد شيعي والواقع انه علماني- بعثي كنظام صدام حسين أما المجموعة العلوية في الحكم فهي ليست شيعية. فالعلوية تعني الايمان بسيدنا علي الها أو نبيا، وعدم القيام بأي من شعائر الاسلام: الصلاة- الصوم…الخ.
وبالتالي فإن الاثنى عشرية يكفرون العلوية، وحسب آخر احصاء في سوريا فإن الشيعة الاثنى عشرية حوالي 3% أما العلويين فهم حوالي 15% والسنة حوالي 70% والباقي دروز ومسيحيين واسماعيلية وغير ذلك. الذي أعطى الطابع الشيعي للقتال في سوريا هو مشاركة حزب الله بناء على التحالف السياسي مع النظام..
ولكن الأمر أصبح هكذا مع الأسف. لابد من وقف هذه الحرب.. ولابد من العثور على أطراف للتفاوض، ومبادرة أستانة هي العملية العاقلة الوحيدة. ولكن أمريكا تشعر بهزيمتها فيها..
إن علامة الاخلاص الآن هي الموافقة على وقف اطلاق النار والدخول في التفاوض. وإخراج غير السوريين من سوريا بشكل متزامن ومن خلال مبادرة أستانة..
يجب أن يدرك الاسلاميون انه لم تعد هناك في سوريا منذ سنوات ثورة اسلامية أو غير اسلامية. لقد أصبحنا أمام حروب دول. لقد خرج الشعب السوري من سوريا وتركها للمحاربين الأجانب، فنصف الشعب السوري خرج وهذا لا يحدث في أي ثورة.
هل تعلمون أن بعض وحدات القوات الاسلامية المحاربة تتشكل من 90% من جنسيات غير سورية؟!.
هذا عبث ولا مجال لمقارنة سوريا بأفغانستان. وبالمناسبة هل كانت أفغانستان تجربة ناجحة حتى على صعيد هزيمة السوفيت؟!.
.انظروا إلى نشرات الأخبار سترون قرى خالية أو مدن خالية من السكان..
المهم لم تفعل قطر والسعودية ومخابرات الغرب إلا خدمة اسرائيل، ولم يسع أحد بطبيعة الحال لتشجيع أو مساندة قيادة سورية شرعية حقيقية..
ان سب بشار الأسد هو العقيدة الوحيدة التي تجمع معارضة الفنادق وكل المعارضات المسلحة لمنع حدوث أي تسوية. والمسألة لم تعد فظائع بشار فقد اشترك الجميع .في هذه الفظائع وداعش والنصرة قتلوا الآلاف من بعضهم البعض والأمثلة الأخرى كثيرة..
نحن نريد وقف المزايدات.. والمطالبة بوقف نزيف الدم ووقف قصة الشيعة والسنة. واخراج المجاهدين من 120 دولة خارج سوريا وإخراج الشيعة من 3 أو 4 دول، للتوصل إلى تسوية معقولة، لا أملك تفاصيلها بالتأكيد ولكن أملك أن أجزم أن ما يجري عبث لابد أن يتوقف.
( قريبا دراسة تفصيلية عما جرى فى سوريا بالحقائق الدامغة والأدلة الثابتة )- انتهى هذا الكتاب بإذنه تعالى ..