المشروع العروبى كان متأصلا عند ابراهيم باشا أكثر من أبيه

سوريا تفتح ذراعيها لمصر والجيش التركي يولي الادبار!

جنوب الشام (فلسطين) كان جزءا من مصر عبر التاريخ

مصر افريقية الجذور آسيوية الروح وطرف أصيل في قصة التوحيد

  • الصورة لابراهيم باشا ابن محمد على
  • دراسة: المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (52)


كان ما حدث في حرب اليونان (الموره) نقطة تحول وانعطافة كبرى في العلاقات المصرية العثمانية ، فكما أوضحنا ظهر الفارق الشاسع بين عدة وكفاءة الجيش المصري و تدهور حاله الجيش العثماني تنظيميا ومعنويا واحترافيا , لقد قاتل الجيش المصرى بكل شجاعة وإخلاص وأخضع اليونان التي عجزت الدولة العثمانية عن مواجهتها ,ثم .تحمل النتائج بهذا التكالب الأوروبي الذي أدى الى تدمير الأسطول المصري في نافارين .

وقد كان قرار محمد علي بسحبه الجيش المصرى بعد موقعة نافارين قرارا صائبا , ولكنه لم يكن بموافقة السلطان محمود الذى كان عليه أن يقدر دوافع محمد على لهذا .الانسحاب , بعد خذلان الجيش العثمانى له .

ولكن السلطان محمود كان من رموز حالة التدهور الشامل الذي ألم  بالامبراطوريه المتهاوية , فتراجع عن وعده بضم الشام إلى حكم محمد علي واكتفى بإعطائه جزيرة .كريت ( وهي أشبه بمقلب سخيف وبارد كما أوضحنا) وكان ضم الشام هو الموقف الوحيد الذى يمكن أن يعوض لمحمد علي خسائره في حرب اليونان.

وكان يجب ان يتم في إطار الإقرار بنشوء مركز قوة جديد داخل معطف الدولة العثمانية ويتولى حكم وادارة والدفاع عن بلاد العرب ( المستطيل القرآني – الشرق الاوسط ) ولكن أنى للسلطان محمود ومن حوله أن يعلو الى هذا الحد من الأفق الاستراتيجي .


وقد كتب كلوت بك الذي عاش وعمل مع محمد علي فعبر عن الرؤية الاستراتيجية لمحمد علي تجاه الشام فقال : (إن ضم  سوريا الى مصر كان ضروريا لصيانة ممتلكات الباشا فمنذ تقرر ان انشاء دولة مستقلة على ضفاف النيل يفيد المدنية فائدة عام وجب الاعتراف بانه لا يمكن إدراك هذه الغاية إلا بضم سوريا الى مصر , وقد رأينا فعلاً ان موقع البلاد الحربي لا يجعلها في مأمن من الغزوات الخارجية خصوصا عن طريق برزخ السويس فاذا استثنينا غزوة الفاطميين المغاربه وغزوه الفرنسيين بقياده بونابرت نجد أن سائر الغزوات جاءت عن طريق سوريا. وعلى ذلك لا يمكن الاطمئنان الى بقاء مصر مستقله الا بتأمين الحدود السورية لأن حدودها ليست في السويس بل في طوروس) (يقصد الجبال الفاصلة بين سوريا وتركيا).

والواقع ان تاريخ مصر يشهد على ذلك فبعد تأمين وتوسيع الدولة جنوبا فى السودان (ما بين الشلال الأول والشلال الرابع)  كان تأمين بلاد الشمال (الشام) أولوية قصوى , ولطالما كانت حدود الدولة المصرية تصل الى خط العرض الذى تقع فيه القدس (اورشاليم) . ولكن وصلت أحيانا  حدود مصر الى لبنان (الفنيقية)او تركيا (الحيثية) أو أطراف نهر الفرات .

تاريخيا  كانت مصر مطمع للرعاة وايضا في الرعاة ودول الملاحين وحتى دول  فلاحين (كالعراق)ومن هنا أدركت مصر أن حدودها الطبيعية إنما تبدا خارجها في فلسطين وبرقه. , بينما لا يقل نطاق الأمان من حولها عن الشرق الأوسط تقريبا , ومن هنا  توسعت الإمبراطورية المصرية الى حدودها القصوى كلما أمكنها ذلك,لا كاستعمار بالمعنى المفهوم , وإنما لنشر السلام المصري pax aegyptiaca بل اننا يمكن أن نزعم أن الامبراطورية المصرية كانت فى جوهرها وفى معنى ما امبراطورية دفاعيه اساسا حتمتها ظروف الصراع الاقليمي والاستراتيجي العريضه في الشرق القديم .

وقد كان من السهل على مصر أن تمد زراعيها بعيدا  يمينا ويسارا وشمالا وجنوبا بفضل موقعها الاوسط الفريد . والتاريخ بعد هذا يسجل أن أغلب معارك مصر الحاسمة – الدفاعية إنما تمت على أرض الشام , ابتداء من مجدو تحتمس الى حطين صلاح الدين. وعلى العكس من ذلك انتهت أغلب المعارك الدفاعية التي تمت على ارضها الى معارك خاسرة ابتداء من ريدانية طومان باي إلى اهرام نابليون.

( شحصية مصر – د.جمال حمدان – دار الهلال – كتاب الهلال مايو 1993 ) .

ويضيف د.جمال حمدان أن صراع القوى فى الشرق الاوسط القديم كان بين ثلاث قوى : مصر – العراق – آسيا الصغرى . وفى الغالب كانت سوريا من نصيب مصر ولكن الاغلب انها كانت تسيطر على نصفها الجنوبى (فلسطين).  اما النصف الشمالي اما ان تفرض تحييده أو ان يقع  إما للعراق او لآسيا الصغرى (تركيا) .

وأكدت موجة الهكسوس ربما لأول مرة أن الدفاع عن مصر يبدأ في سوريا.  وبالفعل فقد تركزوا بعد طردهم من مصر في جنوب فلسطين كقاعده لإعادة زحفهم فكان على التحرير المصرى أن يتعقبهم إليها  حيث كانت معركة شاروهن هي النهايه.

وفى ذروة عصر الامبراطورية ( القرن 15 ق.م ) اكتسح تحتمس الثالث في سلسلة من الحملات اتحاد إمارات الشام الذى جمع بضع مئات من الامارات الضعيفة فى معركة مجدو (هرمجدون التاريخ القديم ) . ثم استمر المد المصري حتى عبر نهر الفرات ووصل الى تخوم الأناضول كما سيطر على كل سواحل وجزر شرق البحر المتوسط , ولقد كانت هذه هي أول وآخر مره تخضع مصر  فيها اجزاء من اطراف العراق والميتانى (تركيا) فى التاريخ القديم .

ومن العلاقات الاخرى في النصف الثاني عشر من القرن الميلادي وقعت حطين التى انتصر فيها صلاح الدين من مصر على الصليبيين في مكان قريب من موقع مجدو تحتمس, وفى القرن الثالث عشر سحق قطز المغول فى عين جالوت الشامية ,وتواصلت مطاردة فلولهم الى الفرات الذي حدد بذلك مجال نفوذ مصر الجديد ودورتها التوسعية النادرة . وفي القرن الرابع عشر تقف الصخرة المصرية مرة أخرى دون مواجهة تيمورلنك على أرض الشام .

نرى بوضوح  أن سوريا استراتيجيا جسر برى الى مصر على كل من يبغيها أن يعبره , حتى بعض الحملات الصليبيه أتت عن طريق بيزنطة قاصدة مصر عبر سوريا .ومن هنا نجد ان كل المعارك المصريه الدفاعية أو الهجوميه تتم على أرض الشام وبالأخص جنوبه الفلسطينى .

وفي الصراع مع الدولة العثمانية و كما فعلت مصر من قبل بوعى استراتيجي تام زحفت لمعركتها الى خط دفاعها الأول جغرافيا وتاريخيا فكانت معركة مرج دابق- حلب على التخوم بين الاناضول وسوريا . وكأنما جاءت هزيمة مصر المملوكيه فيها لتؤكد التجربة التاريخية التي تحدد مصير مصر على أرض الشام , اذ لم تعتمد مصر بعدها في خط دفاعها الأخير في قلب أرضها في رايدينيه القاهره .

ويلخص د. جمال حمدان الموقف الاستراتيجى لمحمد على فى حرب الشام والاناضول فيقول : تحولت ولاية مصر العثمانية الى امبراطورية مصرية كاملة تشمل الحجاز ونجد واليمن وسواحل الخليج العربى والشام والسودان وتنشر أسطولها فى البحرين المتوسط والأحمر لتصبح قوة امفيبية(برمائية) حقيقيه . ولعلها جمعت بذلك بين أبعاد جغرافية لم تصلها مصر. ودائره آسيا الصغرى كاد ينقلب في الاتجاه العكسي حين اخترقت مصر قلب الأناضول وهددت اسطنبول مباشرة في وقت ما – كل أولئك فى إطار التبعية الشكلية ويرى البعض ان موقعتى حمص ونصيبين هما المقابل  المضاد لمرج دابق والريدانية تاريخيا واستراتيجيا.

وهنا يظهر البعد الديني فى فهم أبعاد الشخصية المصرية واللافت للنظر أنه كان بعدا آسيويا  في أغلب الأحيان , فيقول د.. جمال حمدان (من الحقائق اللافتة للنظر أن مصر كانت دائما طرفا في قصة التوحيد في فلسطين وسيناء والحجاز. فقد انصبت هذه  الرسالات جميعا فى مصر على التوالى وان كانت كل فرشة منها تطغى وتغطى على سابقتها حتى سادت أخراها في النهاية (موسى – عيسى- محمد ) حتى في ما يتعلق بالدماء يقول حمدان : (منذ العروبة يلاحظ ان كل الدماء القريبة او البعيدة التي انصبت او تشربت إلى مصر ,جماعات وافراد , جائت كلها تقريبا من الجبهة الآسيوية باستثناءات قليلة .( عرب – اكراد – تركمان -غز -دبلم – اتراك – شراكسة – ارمن وبالاخص عرب الشام ولبنان وفلسطين ) . اما فى الوقت الحاضر فلا جدال ان الثقل الاكبر من السياسة القومية لمصر 23 يوليو يتجه إلى الجبهة الآسيوية  على طريق التاريخ , وقد أكدت فلسطين هذا التوجيه وحتمته تماما مثلما فعلت الحروب الصليبية في العصور الوسطى.

وبالتوازي مع البعد الاستراتيجي العسكري المباشر يضيف الدكتور جمال حمدان زاويه بالغة الأهمية تخص الارتباط الاسيوي لمصر : : ( فى علاقتها الخارجية  كانت مصر القديمة آسيوية أكثر منها أفريقية , والانحدار التاريخى والجاذبية الجغرافية في مصر هي أساسا في الشمال الشرقي والدلتا تؤدى تلقائيا الى سيناء وهي جسر بري الى آسيا والمدخل الشرقي لمصر ومفتاحها الام, وحلقة الوصل بين القارتين. والى جانب سيناء يأتى البحر الأحمر كدهليز طويل يفضى بمصر  إلى غرب الجزيرة العربية حتى اليمن ,وهنا كان وادي الحمامات – طريق قنا-القصير (100 ميل فقط ) يقوم كخاصرة للصحراء الشرقية بدور مناظر ولكنه مصغر لدور شريط سيناء فى توجيه مصر نحو آسيا . وكان المصريين القدماء قد سموا هذا الطريق ” طريق الالهة” اعتقادا منهم بأنه طريق اجدادهم الاول . وفى المقابل ربما جاز أن نصف طريق سيناء ” بطريق الغزاة ” ولكثرة ما عبرته الجيوش . وعن هذين الطريقين سيناء والقصير, دخلت مصر فى علاقة حميمة مع غرب آسيا


ومنذ حرب فلسطين خاضت جيوش مصر معاركها الأساسية على الجبهة الآسيوية بما في ذلك اليمن. فمن الواضح اذن ان البعد الآسيوي هو البعد المحوري في توجيه مصر الخارجي وانه اساسا علاقة  أخذ وعطاء من طرفين تمتاز بالاستمرار والاطراد دون ذبذبة او تقطع . ثم يتحدث جمال حمدان عن البعد الافريقي لمصر ولكن ليس هذا .موضوعنا الان.


ويشير جمال حمدان الى مسألة كثيرا ما تغيب عن اذهان المصريين وهى أن مصر من الدول العربيه القليلة التي لا حدود لها مع غير العرب .  فهذا العمق الجغرافي لم يمنحها الامن والسلامة الاستراتيجية فحسب , بل جعلها طوال التاريخ تتعامل وتتفاعل مع عرب وعروبة , بعكس اطراف العالم العربى نفسه حيث تعرضت للمؤثرات الاجنبية المتاخمة وبعض من اطراف العروبة تعرف ملامح خلط ثقافى وحضارى  بل وجنسى خطير فثمة مؤثرات التهنيدفي كل الجنوب العربي , والتتريك في تخوم سوريا ,وثمة كانت اخطار الصبغة الاسبانية في هوامش المغرب , وبالمثل المؤثرات الزنجيه في السودان . اي ان مصر كانت دائما جزيرة عربية يحيط بها العرب من كل الجهات. (انتهى الاقتباس بتصرف من كتاب دكتور جمال حمدان مرجع سابق)

لذلك فإن أخطر التطورات على أمن مصر وسلامتها وموقعها وجود الكيان الصهيوني الغريب الاستيطاني على حدودها الشرقية الشمالية منذ  70 عام.

كذلك نعود لنؤكد على ارتباط مصر الآسيوي بأهم رباط وهو رباط الدين بالمسيح ومحمد بالقدس ومكة والمدينة , فهل توجد اهمية للشام أكثر من انه جسر الى آسيا التي جاءت منها أنوار الدين ولا تزال . كيف تركنا الكيان اليهودي يفصل بيننا وبين مصدرنا الروحي الذي كنا نسير اليه على الأقدام والابل عبر سيناء وام الرشراش (ايلات حاليا ) لأداء فريضة الحج.

ان الشام أو سوريا وبالاخص الجنوب الفلسطيني هو روح مصر التي لا يمكن أن تسمح لأي عدو أن يخنقها من خلال احتلاله .

ان روح مصر في آسيا منذ آدم حتى محمد صلى الله عليه وسلم ,  وكما بدأنا هذه الدراسة . و اكدنا بنصوص القرآن ان كل الانبياء والرسل (الخمسة والعشرين) المذكورين في القرآن الكريم نشأوا ومارسوا الدعوة الى الله في المستطيل القرآنية (الوطن

العربي الاسيوي + مصر)  مما يؤكد ان الله يقول لنا انه هنا هو مركز العالم منذ بدء الخليقة وحتى نهايتها  و لطالما فرطنا في ذلك بينما ادركه الاعداء بكل هذا الاهتمام الذي يصبونه على هذا المستطيل بعد ان سموه (الشرق الاوسط).  ووضعت الكنيسة الكاثوليكية خرائط تضع القدس في مركز العالم حيث تلتقي القارات الثلاث . وكما ترى فإن الحروب تتفجر كل يوم حولنا فيما سموه الشرق الاوسط والقوات الصليبية متواجدة في سوريا والعراق وكل دول الخليج واليمن والاردن وفلسطين المحتلة .

وبالعودة للانبياء المذكورين في القرآن الكريم سنجدهم جلهم آسيويين أي عدا اثنين على وجه الحصر هما : موسى وهارون وذلك وفقا لنصوص القران الكريم وليس استنادا لاي روايات اخرى . اما إسماعيل فتجري في عروقه دماء مصرية سيناوية من أمه هاجر التي تقول الروايات انها من الفرما (بالوظه الان)  والواقعه شرق القنطرة شرق على ساحل البحر المتوسط . ولكن بنص القرآن الكريم فان موسى وهارون ولدا في مصر وعاشا في مصر حتي عبور البحر الأحمر إلى سيناء, وهاجر موسى الى مدين مؤقتا ثم عاد الى مصر ليبدأ دعوته الى الله.


وان كان موسى وهارون من بني إسرائيل فهذا لا يتعارض مع مصريتهما , خاصة ان بني اسرائيل كانوا قد هاجروا واستقروا في مصر منذ زمن . وهذا هو مفهومنا للمصرية :الاستقرار والتوطن, وإن كان قد اصبح من أهم معاييرالجنسية في العصر الحديث : الولادة- الاستقرار .  والانبياء فوق معايير الجنسية السطحية , فهم دعاة إلى الله , ولكن سنة الله كانت عبر التاريخ إرسال الرسل لأقوام محددين, فكانوا لابد ان يكونوا من بينهم وليتحدثوا بلسانهم كما أنبأنا القرآن الكريم وكما اكد رسول الله صلى الله عليه وسلم

ان من بين ما يتميز به انه أرسل للناس كافة . وقد كانت هذه من علامات النهاية , اى نهاية ارسال الرسل للناس فانقطع الوحى الا من طبعته الاخيره النهائيه( القرآن الكريم) وكان مناسبا لقيادة الناس حتى يوم القيامة كما برهنت الأيام عبر اكثر من 14 قرنا .  كم كانت هناك استثناءات عبر تاريخ الأنبياء فانتقل إبراهيم من العراق الى الشام الى جزيرة العرب حيث قام برفع قواعد الكعبة التي ستظل محورا في تاريخ و عقيده المسلمين.


كذلك انتقل سيدنا يوسف من البدو (مدين) الى مصر انتقالا إجباريا , ولكنه تمصر بذلك وأصبح النبي المصري الثالث (بعد موسى وهارون)  وفقا لنصوص القرآن الكريم . 3 أنبياء من مصر من اصل 25 ذكروا في القرآن

ما يهمنا هنا ان القارة الآسيويةحظت بشرف أغلب أهم الانبياء والرسل حتى تستحق أن تأخذ لقب قارة الأنبياء , بل في الشام وحدها يكمن عش الأنبياء فما أروعها من أرض مقدسة , فكم تربطنا بها وشائج المحبة والشجن وخفقان القلوب . واليوم لدينا حكام  يقولون ان الكيان اليهودي (اسرائيل) ولد ليبقى أبد الدهر ولابد ان نعترف به وننحني له , بل ان بعض الاسلاميين اعترفوا باسرائيل فعلا , عندما أعلنوا التزامهم بكامب ديفيد كاتفاقية دولية ,ومنهم المراقب السابق للإخوان المسلمين في سوريا , وحركة الإخوان المصريين في مصر التي كان من شروط موافقة امريكا على تسلمها الحكم أن تعترف بكامب ديفيد ,وما أدى إليه ذلك من تقديم رسالة تهنئة لاسرائيل في ذكرى عيدها القومي (15 مايو) حيث أعرب الرئيس مرسي عن تمنياته وامنياته بحياة سعيدة لاسرائيل على ارض فلسطين , وحيث أعلن هشام قنديل في تصريح منشور له في الصفحة الأولى بصحيفة الأهرام عندما كان رئيس وزراء الإخوان المسلمين انه يسعى لتوسيع التعاون مع اسرائيل من خلال اتفاقية الكويز التي تبيح تصدير المنسوجات المصرية لأمريكا بدون جمارك شرط ان يكون بها مكون اسرائيلي لا يقل عن 11.3 % .

نعم نحن لم نصل بعد الى قضية فلسطين في القرن العشرين وسنسهب الحديث عنها إذا امتد بنا العمر,  ولكن ارتباط مصر بالشام ( وفلسطين هي جنوب الشام) هو اساس نظرتنا للقضيه الفلسطينية . فحاكم مصر الذي وحد مصر والشام هو الذي يدرك الحقيقه الاستراتيجية لمصر ويعرف قيمتها ومركزها وكيف يدافع عنها وكيف .يحفظ مصالحها . وعندما تم اغتصاب فلسطين عام 1948 فإن ذلك زاد في أهمية ارتباط مصر والشام لو كنتم تعلمون.

هذا هو صلب دراستنا وليس مجرد تتبع احداث التاريخ , فهذا التتبع يمكن التعرف عليه من أي مصدر تاريخي . ونحن لا نتتبع الاحداث الاساسية الا بغرض شرحه وتوضيحه هذه الفكرة الرئيسية : الصراع حول المستطيل القرآني /الشرق الاوسط / مركز العالم وعلاقه ذلك بقضيتنا الأولى: بناء الدوله الاسلامية المعاصرة والحديثه

نعود الى محمد علي الذي كان يتحلى بالنظر الاستراتيجي السليم ولم يكن ينقصه إلا الثقافة الاسلامية والإدراك العقائدى السليم لها ,وكل ما سبق يوضح أن توجه محمد على نحو ضم سوريا لمصر كان عملا صائبا تماما وهذا ما سنزيده توضيحا  خلال تتبع الاحداث .


كان محمد على قد طلب من السلطان خلال الحرب الوهابية ان يعهد اليه بولاية الشام وكانت حجته فى ذلك انه في حاجة الى مدد منها لمعاونته على قتال الوهابيين.

ففكرة ضم سوريا الى مصر كانت تختلج في نفس محمد على منذ 1810 . ومن الراجح كما يقول عبد الرحمن الرافعي , أن مشروع محمد علي كان يشمل انشاء دولة عربية مستقلة في مصر تضم إليها البلاد العربية في افريقيا واسيا . ولكن ربما كانت فكرة الدولة العربية أكثر وضوحا في ذهن ابنه إبراهيم باشا الذي عندما سئل خلال حصاره لعكا عن المدى الذي يمكن ان تصل اليه فتوحاته قال : إلى مدى ما يتكلم الناس واتفاهم واياهم باللسان العربى( كادفلين وباور: حرب مصر ضد الباب العالي في سوريا والاناضول 1831- 1833 ) . كما قال البارون (ليوالكونت ) عندما التقى إبراهيم باشا بالقرب من طرسوس بالاناضول عام  1833 ان ابراهيم باشا يجاهر علنا بانه ينوى إحياء القومية العربية. وإعطاء العرب حقوقهم , وإسناد المناصب لهم سواء في الادارة ام في الجيش , وأن يجعل منهم شعبا مستقلا ويشركهم في إدارة الشئون المالية , ويعودهم سلطة الحكم كما يتحملون تكاليفه , وتتجلى فكرته هذه في منشوراته ومخاطبته لجنوده  في الحرب الأخيرة بسوريا . فانه لا يفتأ يذكرهم بمفاخر الأمة العربية ومجدها التالد ,  ويتصل بهذا المعنى مجاهرته بان كل البلدان العربية يجب أن تنضم تحت لواء ابيه , ويقول البارون ان ابراهيم باشا قال لي أن أباه يحكم مصر والسودان وسوريا , ومن الواجب ان يضم العراق الى حكمه , فان  جزيرة العرب تابعة لأبيه الذي يعمل الآن على إتمام فتحها ,وهو في صلاته مع أهل البلاد يستخدم اللغة العربية ,ويعد نفسه عربيا , ولذلك لا ينفك يطعن في الاتراك , وقد لاحظ عليه ذلك احد جنوده وخاطبه بتلك الحرية التي كان يشجع رجاله عليها وسأله كيف يطعن في الاتراك وهو منهم فاجابه ابراهيم باشا على الفور :أنا لست تركيا فأنا جئت إلى مصر صبيا , ومنذ ذلك الحين قد مصرتنى شمسها وغيرت من دمى وجعلته دما عربيا ” (من كتاب مهمة البارون ليو الكونت) .

ولكن لا اتصور ان هذه كانت أفكار محمد على بالضبط  وسنرى ذلك من خلال مواقفه واقواله.  وكان محمد علي يرى الأبعاد الاقتصادية في فتح سوريا مثل الاستفادة من .مواردها من الخشب والفحم والحديد من أجل بناء السفن والمصانع وكانت عينيه أيضا على توسيع صفوف الجيش المصري من سكان سوريا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: