( ) الصورة لأيقونة عبادة الشيطان_
الحلقة الثالثة من كتاب التبعية لأمريكا مرض العصر
14 شكل ونوع للكفر والشرك
العبادة هي الاتباع:
سيقولون نحن لانسبح بحمد بوش ولا أوباما ولا نصلي قبل البيت الأبيض ولا نتمتم في صلواتنا بأحاديث لجيفرسون أو جورج واشنطن، وهذا صحيح لا يحدث، ولكن ليست هذه هي العبادة المقصودة، فالعبادة في جوهرها هي مسألة اتباع، فرب مسلم يصوم ويصلي ويحج ويدخل النار لأنه لا يتبع أوامر ونواهي الاسلام ولأن هذه مسألة جوهرية فقد ذكرها القرآن الكريم (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) التوبة ﴿٣١﴾، بل هناك حديث شريف حول معنى هذه الآية، فقد سأل الصحابة عن معنى هذه الآية وقالوا كيف يعبدون أحبارهم ورهبانهم؟ قال الرسول (ص): إن اتباعهم لهم هو عبادتهم لهم. وبالتالي فإن التزام الدول العربيةوقبول الشعوب بما يسمى الشرعية الدولية وبإملاءات أمريكا علينا في الاقتصاد (من خلال صندوق النقد والبنك الدولي وغيرهما) والسياسة الخارجية والتشريعات ومناهج التعليم وبما يخالف شرع الله هو الشرك بالله وهذا أخطر أنواع الشرك في الحياة المعاصرة.
أنواع الشرك والكفر:
كثيراً ما يركز خطباء الجمعة والمتحدثون في الأحاديث الدينية في الاعلام فيما يتعلق بالشرك على الأصنام ويركزون على قصص صدر الدعوة، وعبادة قريش للأصنام، حتى يهربوا من الحرج، وحتى لايتعرضوا للأوضاع الراهنة، وقد يشير بعضهم للحكام عرضا وسريعاً ولكن ليعود ويركز على الأصنام.. خاصة اللات والعزى لأن تناول هذه الموضوعات لا يعرض صاحبها لعواقب أمنية!! ولكن القرآن الكريم طرح لنا موضوع الكفر والشرك برحابة واسعة تحتمل عدة أوجه واحتمالات وصيغ وأشكال..
(1) الكفر الصريح: عدم الايمان بوجود اله (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء ﴿١٣٦﴾
(2) النفاق: واظهار الايمان وإبطان الكفر (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) البقرة ﴿١٤﴾
(3) عبادة التماثيل والأصنام كما عبد بنوا اسرائيل العجل، وعبادة الأصنام في عهد ابراهيم، وكفار قريش..الخ (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم)البقرة 93
(4) الايمان ببعض الكتاب والكفر ببعض، والمقصود كتاب الله السماوي سواء أكان التوراة أو الانجيل أو القرآن أو غيرها (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة ﴿٨٥﴾ وقد نزلت في بني اسرائيل ولكن حكمها عام كما هو واضح، وأيضا التفرقة بين الله ورسله(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا (150) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذابًا مُهِينًا) (151) النساء
ويتفرع عما سبق ما فعله أهل الكتاب من إخفاء جزء من كتابهم الذي يؤكد بعثة محمد(ص)( فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) البقرة (89)
(5) استخدام السحر بالتعاون مع شياطين الجن (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ) البقرة 102، والتعاون معهم في الشر عموما (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ) (131)الأنعام
(6) عبادة الأشخاص وهم غالباً الحكام {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (166) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّار)(167)البقرة ،
(يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ۚ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ۖ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ) (29) يونس،
(وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59)هود،
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ۖ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194)الأعراف
فالأنداد هنا بشرويجري حوار بين التابعين والمتبوعين في النار، فهذه ليست أصناماً وتماثيل. وقد تبعها آية مهمة جداً، وهي أول آية تتبعها في نفس القضية (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)}.البقرة وكذلك 257 عن الطاغوت (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ثم الآية 258 (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) تتحدث عن الملك الطاغية الذي يحاور ابراهيم وقد اعتبر نفسه إلها!! صحيح أن مصطلح طاغوت مصطلح قرآني وهو صيغة مبالغة من الطغيان أي تجاوز الحد، وهو يشير إلى عدة احتمالات.. فهو كل ما يعبد من دون الله، ويشير إلى الشيطان، والشيطان عموماً وراء كل مصيبة ولكن إذا أراد القرآن أن يشير إليه مباشرة يذكر (الشيطان) أو (ابليس)، وكذلك ظهرت أخيراً بدعة عبادة الشيطان ولكنها أقلية شديدة. ونرى أن أخطر صور الطاغوت هي الحكام الذين لايحكمون بما أنزل الله، والجماعات الاسلامية تركز على الحكام المحليين (وسنأتي لهم لاحقا) ولكنهم يغفلون أن هؤلاء لايحكمون بإرادتهم بل هم أشبه بالوكلاء أو المحافظين أو الولاة أما “خليفة” المسلمين أو بالأحرى الحاكم الفعلي لهم فهو الرئيس الأمريكي ودار الخلافة في البيت الأبيض. وبالتأكيد لن يختلف أحد من المسلمين معنا في أن البيت الأبيض لايحكم بما أنزل الله، لا التوراة الحقيقية ولا الانجيل ولا القرآن، فلماذا اذن يقبل المسلمون الاحتكام اليه والالتزام بقراره؟! في كل منازعات المسلمين، ومنازعات المسلمين مع غيرهم (اسرائيل) . والطاغوت هنا ليس شخصاً بسيطاً بل نظاماً مركبا ومتكاملا هو النظام الأمريكي. وبالتالي فإن مصطلح (طاغوت) لفظ معجز لأنه يشمل عدة احتمالات وأشكال عبر العصور، ولكن لاشك إن الارتهان للنظم الكبرى المعادية للاسلام هو أخطر هذه الأشكال، وهي ليست منفصلة بل تقود معظم أنظمة حكم المسلمين المحلية لذلك فصلنا عبادة الأشخاص عن الطاغوت. واتخاذ فرعون من نفسه إلهاً مسألة أخذت اهتماماً كبيرا في القرآن الكريم كمثال بارز (أنا ربكم الأعلى) النازعات (لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنَّك من المسجونين) الشعراء 29، فشكل الشرك هنا هو تأليه الحاكم المباشر في مجتمع ما، أي عبادة الفرد ونواصل الحديث عن الطاغوت في نقطة منفصلة.
عبادة الطاغوت:
وقد فصلنا (الطاغوت) عن عبادة الأشخاص والحكام أيضا لأن عبادة الأشخاص قد تكون لأشخاص من غير الحكام، كرجال دين أو فلاسفة أو حكماء كما نرى اليوم عبادة بوذا أو كونفشيوس ولايوجد ما يؤكد عندنا أنهم من الأنبياء وهما لم يكونا من الحكام. وعبادة الشخص واضحة ولا تحتاج لشرح كعبادة فرعون وعبادة كثير من ملوك مصر القديمة وعبادة امبراطور اليابان. ولكن الطاغوت مصطلح عام يصلح للاستخدام مع الظاهرة المركبة. وفي كل الأحوال نؤكد أن مظاهر وأشكال الشرك متداخلة، وأن هذا التصنيف من أجل تحليل وفهم كل ظاهرة على حدة. وإلا فإن كل أشكال الشرك متصلة بالطاغوت وتعريفه المتفق عليه: (كل ما يعبد من دون الله) ولكن كل لفظ يستخدم في الحالة المناسبة له. ونرى أن مصطلح (الطاغوت) متفرد وتوحي معانيه بالشمول وبالتالي فهو ينطبق أكثر ما ينطبق على الحكام والنظم المعادية للاسلام، بينما تجده غير ملائم لوصف تمثال أو صنم (لا قيمة له) أو لوصف المسيح بن مريم وهو مظلوم لأنه لم يدع الناس لعبادته بل هو برئ تماما من هذه الفرية، إذ يقول لربه: (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) المائدة 117 ولذلك نرى أن الطاغوت هو أبلغ وأدق وصف قرآني لأمريكا.. طاغوت العصر.. وقد ورد لفظ (طاغوت) 8 مرات في القرآن الكريم وكان دائماً يأتي في وضع الشمول كرأس لكل معسكر الكفر في مواجهة معسكر الايمان..
– (مَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا) البقرة 256
– (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة257)
وهنا لابد أن تلاحظ الربط الفوري في الآية التالية مباشرة وهي عن ملك طاغية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) البقرة 258
-(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) النساء 51
-(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّـغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَـنُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَـلا بَعِيداً) النساء(60)
-( الَّذِينَ ءَامَنُوا يُقَـتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَـتِلُونَ فِى سَبِيلِ الطَّـغُوتِ فَقَـتِلُوا أَوْلِيَآءَ الشَّيْطَـنِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَـنِ كَانَ ضَعِيفاً) النساء(76)
-(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ) المائدة (60)
ولاحظ الشمول في هذه الآية (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل 36
-( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ) الزمر 17
وفيما عدا آية واحدة تشير إلى اليهود (عن الطاغوت) فإن كل الآيات عامة مجردة لكل زمان ومكان ولكل قوم.
وبالتالي لا نقول أن هذا المصطلح يخص أمريكا وحدها، ولكننا نزعم أنه يخصها في العصر الحالي وحتى سقوطها من على عرش الكرة الأرضية كما سقطت الامبراطوريتان الفارسية والرومانية وغيرهما.
ولفظ (الطاغوت) مركب، فلا يشير إلى شخص واحد (فرعون) مثلاً، بل إلى نظام متكامل والحقيقة فإن فرعون كان له نظام ومستشارين وأعوان ومؤسسات قمعية: شرطة وجيش وكهنة وسحرة، ولكن النظام متمحور حول عبادة الفرد. أما النظام الأمريكي فهو يعبد ككل، أو يتبع أو تطاع أوامره ككل بكل مؤسساته، ولا توجد عبودية للرئيس الأمريكي لأنه غير مؤبد في الحكم. فالتبعية هنا لأمريكا وللاعلام الأمريكي والكونجرس والمنظمات الدولية التي تديرها أمريكا: الأمم المتحدة – صندوق النقد – البنك الدولي – منظمة التجارة العالمية، النظام المصرفي العالمي.. وما أطلقوا عليه: النظام العالمي الجديد أو العولمة أو الشرعية الدولية، التي أصبحت تتدخل في كافة شئون المسلمين الداخلية من خلال مجلس الأمن وبياناته شبه اليومية، التي تؤيد أو تعارض ما يجري داخل الدول المستضعفة وأكثرها دول اسلامية، ولكنه لا يمكن أن يصدر بياناً عن جرائم عنصرية في أمريكا أو أوروبا!! وكما قلنا فإن الدين هو: الطاعة والانقياد للمعبود، وبهذا المعنى فإن بلادنا تعبد أمريكا وسنفصل في ذلك بعد الانتهاء من تصنيف أنواع وأشكال الشرك والكفر كما وردت في القرآن الكريم. وأيضا لابد من ملاحظة أن اليهود مكون أساسي في النظام الأمريكي (راجع دراستي: اليهود يحكمون أمريكا).
(8) عبادة الملائكة:
(وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ)آل عمران (80) وسنأتي لعبادة الأنبياء، أما في مسألة عبادة الملائكة فهذا إدعاء من بعض المشركين أو وهم فلا توجد وسيلة للاتصال بالملائكة (على خلاف إمكانية الاتصال بالجن)، كما أن الملائكة لايمكن أن تسمح أو تتورط في مثل هذا الاثم، فعبادة الملائكة إدعاء لفظي والحقيقة فإن هؤلاء المشركين لا يعبدون إلا الجن!! وهذا ما ورد في الآيتين الكريمتين (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ) (41) سبأ ..وقد أشرنا لذلك في بند رقم 5 الخاص بالسحر.
(9) الخضوع للشيطان وموالاته:
(إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً (117)لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (118)وَلأضِلَّنَّهُم ْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً) (119)النساء
ونكرر أن أنواع وتجليات الشرك متداخلة مع بعضها البعض فالشيطان كما ذكرنا وراء كل مصيبة ووراء كل أنواع الشرك ووراء وقوع الانسان في مختلف المعاصي والخطايا. ولكن القرآن الكريم يخصص الحديث أحيانا عن هذا الاتباع المباشر للشيطان (وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً) (119)النساء
وفي العصرالحديث أصبح عندنا بدعة اسمها (عبادة الشيطان) ويتم في مصر بين حين وآخر ضبط مجموعات من الشباب بتهمة عبادة الشيطان، ولكن الموضوع أكبر من ذلك. فهناك تيار داخل الماسونية العالمية اسمه النورانيون (الألوميناتي) يدعو لعبادة الشيطان صراحة ولهم تنظيرات مكتوبة يقولون فيها بثنائية الآلهة، وأن الرب المتعارف عليه هو أدوناي والشيطان هو الاله الثاني (لوسيفر) وهو منافس له وهو أكثر أهمية، وبعض رؤساء الولايات المتحدة من هذا التيار وثبت حضورهم اجتماعات سرية لعبادة الشيطان (فيديوهات على اليوتيوب) مثل كلينتون.
وعبادة الشيطان والسحر مرتبطان باستخدام الدماء وشرب الدماء ومن ثم القتل. ومن الأمور الملفتة للنظر أن أفلام هوليوود (التي يسيطر عليها اليهود) أصبحت تعطي مساحة أكبر لمسألة حب شرب الدماء في كثير من الأفلام في الأعوام الأخيرة. وهناك أنواع معينة من الموسيقى مرتبطة بعبادة الشيطان، وثبت علمياً ان هناك نوعاً من إدمان انواع معينة من الموسقى كإدمان المخدرات ويطلق عليه الادمان الرقمي.
(فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) الأعراف (30)
(10) عبادة الأنبياء :
تحويل النبي إلى إله ثم القول بالتثليث كما فعل النصارى مع المسيح عيسى بن مريم الذي سموه ابن الله ثم اعتبروه مساويا لله، ثم اضافوا الروح القدس ليكون الله ثلاثة..وكما قال اليهود عن عزيز انه ابن الله (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) النساء 171 (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)التوبة (30) .. وليست هذه مشكلتنا مع أمريكا فلتعبد المسيح كما ترى ويحاسبها الله، ولكن مشكلتنا مع أمريكا أنها تعتدي علينا وتفرض ارادتها علينا وعلى أرضنا وتريد أن تخرجنا من ديننا الحق.( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) البقرة 109 –(يتبع)