- 2014 كتب عام
- الحلقة الرابعة من كتاب التبعية لأمريكا مرض العصر
موالاة أمريكا تخرج من الملة
ذكرنا في الحلقة الماضية 10 أشكال وأنواع من الشرك والكفر في إطار عرضنا لمسودة الدراسة التي لم يتمكن كاتبها من مراجعتها مراجعة أخيرة قبل دخوله السجن. واليوم نكمل 4 أنواع أخرى وأخيرة.
(11)عبادة رجال الدين:
(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه)التوبة31 وهذه آية معجزة لأنها تصف ما حدث وما يزال يحدث حتى الآن في أوساط اليهود والنصارى، فالأحبار عندهم أهم من الله بل يصححون له أخطاءه، وأقوالهم في التلمود أهم عند اليهود من التوراة. أما النصارى فقد تمزقوا لمئات الفرق بسبب اتباعهم لرجال الدين فهم لايعلمون دينهم إلا عبر رجل الدين ويتبعون ما يقول، وإذا انحرف انحرفوا معه، وهذه الآية أشرنا اليها من قبل لأنها تشرح مسألة الاتباع وأنها جوهر العبادة، فلا يقول أحد من اليهود والنصارى أن الجد إله أو الراهب أو الكاهن إله، ولكنهم يتبعون ما يقولون بطاعة كاملة وانقياد تام. وهذا ما نقصده بعبادة أمريكا فلا يقول أحد من أتباع أمريكا أن الرئيس الأمريكي إله، ولكن يتبع أوامره بطاعة كاملة. وقد أدى إتباع رجال الدين أو مدعي النبوة أو مدعي المذاهب المسيحية إلى بلوغ عدد الأديان المنظمة في الولايات المتحدة أكثر من 2150 ديانة!! وفقا لموسوعة الديانات الأمريكية. أما بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية فيعتبر البابا ممثل يسوع المسيح على الأرض وخليفة القديس بطرس.
(12)العبودية للشهوات وحب الدنيا:
ومن الآيات التي تشير إلى ذلك (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)مريم 59 + (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ)الحاثية 23 (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ)ابراهيم 3
واتباع الشهوات وحب الدنيا من صفات الكافرين عموما، وهذا ليس نوعاً مستقلاً من الكفر ولكن كما ذكرنا فان أشكال الكفر والشرك تتداخل مع بعضها البعض، والقرآن يسلط الضوء على الزوايا المختلفة. فأحد أسباب وأشكال الكفر هو الخضوع التام للشهوات، وعدم الانشغال بالفكر والتفكير في مسألة الايمان والكفر، مسألة وجود إله من عدمه. وهذا ما ورد في الفلسفة الغربية المعاصرة، أن اللذة هي معيار الأمر الصواب وكل ما يحقق لذة للانسان فهو الأمر الحق والصحيح!!(بنتام على سبيل المثال).
وهناك من العلمانيين من يكره فكرة الدين لأنها ستحرمه من الخمور والمخدرات والحرية الجنسية بكل أنواعها وغير ذلك من الملذات، وهم غير منشغلين بأي رؤية فكرية أو فلسفية، هذا في بلادنا. أما في أوروبا فينزعجون بشدة أيضا من الحديث عن الدين في وقت أصبحت فيه على سبيل المثال ( الدعارة قانونية في أمستردام وكوبنهاجن وزواج السحاقيين واللواطيين أصبح قانونياً في هولندا وشرعت بلجيكا حيازة الحشيش وتباع البيرة في ماكينات توزيع الكولا في بروكسل (أي في متناول الصبية والقصر) ويسمح بالتعري على الشواطئ العامة في أوروبا كلها) موقع
Worldpolicy.org oct 3 2001
(13)عبادة الشمس والقمر:
(لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)فصلت 37- وأشار القرآن إلى عبادة ملكة سبأ وقومها للشمس، وأشار القرآن للصابئين 3 مرات وهم كما يقول المفسرون من عبدة الملائكة أو الكواكب وتوجد بقايا لهم في العراق، ونحن نعلم عبادة المصريين القدماء للشمس (أتون) خاصة في عهد أخناتون.
وما ينطبق على الشمس والقمر ينطبق بطبيعة الحال على كل أشكال عبادة كائنات الطبيعة أو ظواهرها والمنتشرة في أفريقيا: أشجار معينة أو البقر أو التمساح..الخ وتوجد عبادة البقر في آسيا وليس مجال هذه الدراسة التوسع في تناول كل أنواع الشرك ولكن مجرد حصرها في القرآن الكريم، وكما ترون فليست هذه الأنواع من الشرك مما يشكل خطراً رئيسياً على المسلمين في هذا العصر . سيظل الخطر الرئيسي الذي يفتن المسلمين عن دينهم هو الطاغوت الأمريكي- الغربي- اليهودي.
(14)موالاة الكفار والمشركين تخرج من الملة:
هناك عدد من الجرائم تخرج من الملة في حالة اصرار المسلم على ارتكابها، واستمراره في ذلك بإصرار وعلى مدى زمني مستمر، وبدون التفكير في التوبة، بل مع تقديم حجج لنفسه وللغير أنه على صواب، وأبرز هذه الجرائم موالاة الكفار والمشركين، والموالاة تعني الصداقة والمحبة والتناصر والتحالف وهي من الألفاظ الغنية الأبعاد في اللغة العربية، وتشمل أيضا المسئول والمربي والمعلم. ومن الطبيعي أن تكون هذه الجريمة مخرجة من الملة (في حالة الإصرار عليها) لأنه ما معنى أن تكون مسلماً، وأن يكون أصدقاؤك وأحباؤك ومعاونيك ومناصريك وحلفاؤك من أعداء الله*.
ولم يستخدم القرآن الكريم تعبيرات تؤكد الخروج من الملة إلا في هذه الجريمة و3 جرائم أخرى سنأتي إليهم (الربا- التشريع للشذوذ الجنسي- التولي يوم الزحف) وهذه نقطة محورية في دراستنا تؤكد أن التبعية للأمريكان وما يصحبها من صداقة وتحالف وتآلف مسألة عقدية، وغير جائزة تحت لافتة أن هذا عمل سياسي، فلا يوجد أي عمل سياسي أو أي نوع من النشاط البشري يبرر الخروج على القرآن. والحديث هنا موجه للمؤمنين، وإلا فما معنى إنزال الكتاب وما معنى أن يكون هذا كتاب الله الذي يحدد هوية المؤمن حتى قيام الساعة، فهو كتاب لكل العصور لأنه آخر كتاب سماوي. أما مسألة الاضطرار والضرورة فقد تناولناها من قبل في دراسة (أحكام القرآن الكريم في موالاة الكفار والمشركين) وهي بإجماع الفقهاء والمفسرين مسألة عارضة ومحدودة مكانا وزمانا وتنتهي بانتهاء الموقف العصيب (كالتعذيب مثلا) ولايمكن بحال أن تستمر 40 سنة كما هو حال معظم العرب مع أمريكا واسرائيل!! وسنعود لذلك بالتفصيل. ولكن الآن نثبت أهم الآيات في هذا المجال.
-( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء)آل عمران 28 – فليس من الله في شيء تعني انقطاع المسلم عن الصلة بالله ودينه، وهذا التعبير لم يرد مع أي جريمة أخرى. وأولياء من مشتقات (ولي) و (الموالاة) وتعني هنا بطانة وأعوان وأنصار.(تفسير حسنين مخلوف).
-( وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِير)ٍ البقرة 120 – أي إذا اتبعت أهواءهم: بالاعتراف باسرائيل والموافقة على حصار ليبيا وسوريا والعراق وايران والسودان وأفغانستان والصومال وباكستان ومحاصرة غزة، والخضوع للتوجيهات الاقتصادية والتطبيع..الخ، وهذا هو المهم فهم لايسعون ليأخذونا إلى الكنس والكنائس!! إذا فعلنا ذلك فإن الله سيسحب ولايته لنا ومناصرته لنا أي أن الله يعلن أنه برئ مننا- في هذه الحالة- ولسنا أتباعه وعباده وسيتركنا لمصيرنا معهم.. وفعلاً لقد كانت النتيجة من عام 1974 وحتى الآن بالغة البؤس على مصر وكل من اتبعها من بلاد العرب. فالله لم يعد معنا ، وقد حذرنا، ولكننا تجاهلنا باعتبار أن هذه “سياسة” وكأن الله سبحانه وتعالى “لايعلم” (استغفر الله) ولا يدرك السياسة وأبعادها والعلاقة الوثيقة بين توجيهاته وتعقيدات السياسة العالمية أو كأنه أنزل القرآن للأمور الشخصية وليس لإدارة وتنظيم المجتمع، وان كان اتباع أهواء أمريكا واسرائيل قد تحول إلى سلوك شخصي.
-(بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا.)138 – 139 النساء. وهنا تحذير بأسلوب آخر فالقرآن يقول إن الذين يتخذون الكافرون أولياء هم منافقون. وكما ذكرنا فان مصطلح (النفاق) في القرآن يعني إظهار الايمان واستبطان الكفر. وليس كما نفهمه في اللغة الشائعة بالمعنى السياسي والأخلاقي فقط. ولذلك فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار وهذا ما ورد في القرآن عموماً وفي هذه الحالة تحديداً (موالاة الكفار).
في نفس السورة وبعد عدة آيات:
-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)النساء (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)النساء ، ولكن أحدا منهم لم يتب حتى الآن. ونحن لانقصد أشخاص بل نقصد نظام مبارك بكل رجاله ، وتنظيم الاخوان المسلمين ، رغم رأينا أن الاخوان أفضل من نظام مبارك ولكن أفضلية في الدرجة وليس في النوع، وهم في هذه النقطة غارقون حتى الآذان في الاثم ولا يراجعون موقفهم ونحن نطالبهم بذلك منذ سنوات، دون مجيب. ونحن لانحكم على أحد نحن الفقراء إلى الله الطامعين في رحمته المشفقين من عذابه، ولانتعالى على أحد، ولكننا نمارس واجبنا في ابراز أحكام القرآن ونحن نراها جلية لاتحتمل رأيين، كذلك فاننا جاهزون لأي مناظرة علنية مع الاخوان أمام جمهور المؤمنين.
– سورة المائدة مهمة جدا في هذا الصدد ولكننا نكتفي بالاشارة للآيات .. (51 – 57)( (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57 ونجد فيها التهديد والوعيد في حالة اتخاذ اليهود والنصارى أولياء (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) ولن تجد هذا الوصف الذي يخرج من الملة أو يهددبه إلا في هذه الجريمة.( وسنشير إلى 3 جرائم أخرى).
وتجد فيها تعبيراً يردده الاعلام والناس في مصر في الأعوام الأخيرة بالنص تقريبا (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ)!! أي دعونا نسير في ركابهم حتى لايدور علينا الدهر بنوائبه!! وتدور علينا الدوائر، لقد كان السادات ثم مبارك ليسا على حق عندما أدركوا هبوط الاتحاد السوفيتي ورأيا في السير مع أمريكا النجاة أو الصواب والصلاح لمصر، وكأن أمريكا هي سفينة سيدنا نوح، وكأننا لانملك إلا الاختيار بين أفضل الكافرين أو بالأحرى أقوى الكافرين!
ونجد في الآية رقم 54 وصفاً للذين يحالفون الكفار بأنهم مرتدون وهاربون من الجهاد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ).)
وهنا نجد القرآن يتصاعد في تهديده ووعيده للمؤمنين إذا أصروا على هذا المسلك، فبعد (ليس من الله في شيء) نجد (ما لك من الله ولي ولا نصير) إلى (منافقين) إلى (دخول النار) إلى (ومن يتولهم منكم فانه منهم) إلى (مرتدين) وهذا تصاعد مقصود ونحن نذكره كما ورد بهذا الترتيب في القرآن الكريم، وقد ذكرت من قبل في دراسة (الاسلام والحكم) انه علينا أن نكتشف الحكمة الالهية في الترتيب الراهن للسور والآيات.
3 جرائم أخرى تخرج من الملة:
ورغم أن هذا يخرج عن موضوع بحثنا ولكن كنوع من الحصر النهائي والشامل لما ورد في القرآن الكريم ولفائدة القراء المؤمنين والباحثين، نذكر أنه بعد موالاة الكفار والمشركين فإن القرآن الكريم اعتبر الاصرار على 3 جرائم أخرى، يؤدي إلى الخروج من الملة، أي الكفر.
(1)تشريع اللواط (الشذوذ الجنسي)، لأن في ذلك تحدي لفطرة الله .. ونقول بدقة “تشريع” وليس مجرد ممارسة فردية آثمة، أي تحويل اتيان الفعل إلى عمل مشروع، والسحاق ينبني عليه بطبيعة الحال بمنهج القياس.( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83)الأعراف
(2)الاصرار على جريمة الربا (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) البقرة (276) . وهذه الجريمة متصلة بموضوعنا فاليهود والأمريكان يسيطرون على النظام المصرفي الربوي، فكيف نتخلص من هذا الأخطبوط ولا نستسلم له؟ وقد تهرب حكم الاخوان وبرلمان الاسلاميين من هذه المعضلة عن طريقين: (1)القول بحكم الاضطرار والضرورة كأكل الميتة عند الاضطرار.(2)أو اعتبار الفائدة الصغيرة 1 أو 2% ليست ربا!! (تصريح لمرسي) وقد دعوت يومها إلى عدم الدوران حول الحق، وأن نعلن تأجيل النظر في هذا الموضوع نظراً لتعقيداته وتشابكاته العديدة في النظامين المصرفيين المحلي والعالمي، ولأن الشريعة تطبق بالتدريج ولكن الاخوان لم يضعوا أي جدولة لتطبيق الشريعة حتى بالنسبة للزكاة يتم تجاهلها تماماً، ومن المفارقات الأن أن نظام 3 يوليو يؤسس بيت للزكاة تحت إشراف شيخ الأزهر . ان الاسلاميين من كثرة حرصهم على الابتعاد عن أي أمر شائك، تركوا ركنا من أركان الدين، كانوا يهتمون به ويمارسونه وهم في المعارضة!! ونظرا لأهمية الموضوع أرجو أن تتاح لي فرصة إصدار دراسة عن مسألة الربا في تعقيداتها المعاصرة، وكيف لا تكون صعوبة الأمر مبرراً للتفلت من أحكام الله.
(3)التولي يوم الزحف: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)الأنفال
* * * * *
اذن حصرنا 14 شكلاً ونوعاً من الشرك، وأكدنا التداخل بين هذه الأشكال وهي في الحقيقة تدور حول جوهر واحد اتخاذ آلهة من دون الله وافساد فكرة التوحيد الصافي، أو إنكار فكرة الألوهية تماماً، وان كان القرآن لم يذكر هذه الأخيرة بصراحة لأنها فكرة شاذة جداً، ويتبناها نفر قليل من البشرية، ومع ذلك هم يصنعون آلهة آخرى: الطبيعة، وقوانينها الديالكتيكية، أو تقديس ماركس أو لينين أو ماوتسي تونج. والحقيقة فإن الملحدين تقريبا جميعا يقولون بفكرة وجود قوة مركزية غامضة تنظم الكون ولكن لاداعي للتفكير في هذا الموضوع!! فالغالب كما أكد القرآن هو فكرة الشرك (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴿٦١﴾العنكبوت
عبادة أمريكا، أو إشراكها في ملك الله فضلنا أن نضعه تحت عنوان عبادة الطاغوت وموالاة الكفار والمشركين، وهذا يضعنا على أعتاب شرح أبعاد هذا الدين المعاصر: وعبادة أمريكا .*وان كنا نرى أنه يحتضر . ونؤكد أن الله سبحانه وتعالى يحذر المؤمنين ويفتح الطريق أمامهم للتوبة والعودة إلى صحيح الدين وهذا يختلف جذريا عن استسهال بعض الاسلاميين فى تكفير الآخرين من المسلمين حكاما كانوا أم محكومين .
وأنا أبعد ما أكون عن منهج التكفير وهذا سيتضح دائما فى هذه الدراسة وغيرها . واختصارا أشير إلى بعض آيات القرآن الذى يمكن أن نجد فيه حلا للمعضلات . التى تشغلنابدلا من كثرة التفلسف . فالقرآن الكريم يوجه الحديث لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مرارا بالقول “فلا تكونن ظهيرا للكافرين )(
ولاتكونن من المشركين .القصص 86 و87 والمقصود تحذير الرسول لا التشكيك فى صلابته الايمانية والمقصود أساسا أن يكون هذا تحذيرا للمؤمنين عبر التاريخ وحتى يوم القيامة . وهذا يعنى اننا ندعو الى عدم تكفير الا من يعلن كفره صراحة .