
غزة-أحمد صقر: أجرت “عربي21” حوارا خاصا مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في الخارج، موسى أبو مرزوق، اعتبر فيه أن “من يتحكمون” بمنظمة التحرير الفلسطينية يقومون بـ”تغييبها” وإلغاء دورها، وأن السلطة تعرقل إعمار قطاع غزة المحاصر، بعد عدوان أيار/ مايو الماضي، من خلال اشتراط عبور الأموال من خلالها، وسط غياب للثقة بنزهاتها.
وعن تقييم “حماس” لدعوة رئيس السلطة محمود عباس الأخيرة للعودة “فورا” لحوار جاد لإنهاء الانقسام، قال أبو مرزوق: “نحن في حماس من ندعو إلى حوار فلسطيني جاد، ينهي الانقسام من جذوره، ويعيد اللحمة الوطنية، حتى يصبح تناقض شعبنا الوحيد مع عدوه الإسرائيلي”.
من يريد إلغاء المنظمة؟
واعتبر أبو مرزوق أن الشعب الفلسطيني يواجه تحديات كبيرة سواء من حيث مواجهة الاحتلال، أو ما وصفه بـ”الفساد المركّب”. وقال: “لعلّك شاهدت صفقة اللقاحات الأخيرة، ولهذا قلنا إننا نريد التوافق على المنظمة ونبدأ بكل مؤسساتها؛ من الرئاسة إلى اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ومن ثم المجلس الوطني، إن تعذر إجراء انتخابات، ولتصبح القاعدة والممثل الرسمي لكل الشعب الفلسطيني، وبعد ذلك هناك ثلاث قضايا وهي رئاسة السلطة والمجلس التشريعي والحكومة”. وأضاف: “منظمة التحرير هي مظلة واسعة لتمثيل الشعب، والسلطة هي نتاج اتفاق سياسي عفى عليه الزمن.. نحن بذلك لا نلغي المنظمة، عكس الدعاية التي تمارسها السلطة، بل نحن نريد أن نحافظ عليها ونصلحها بعد ترهلها، وأن نُفَعِّلها بعد مواتها، وهي إرث للشعب الفلسطيني”.
واستدرك بالقول: “إلا أن من لديه مفاتيح المنظمة لا يزال يمنع الجزء الأكبر من شعبنا من دخولها والمشاركة فيها، كما أنه لا يحسن إدارتها وتفعيلها، ومن مؤشرات ذلك غيابه الواضح عن معركة سيف القدس، وهذا أمر مؤسف للغاية، حتى بات الشعب يتساءل: هل من يسيطر على المنظمة يسعى إلى إلغائها؟”.
واعتبر أبو مرزوق أن “تغييب منظمة التحرير في المحطات الفاصلة من تاريخ شعبنا وقضيتنا، هو الإلغاء الحقيقي لها، ولو أن الرئيس أبو مازن (محمود عباس) لم يعطل الانتخابات، لمارس شعبنا اليوم حقه في اختيار نصف ممثلي شعبنا في المجلس الوطني لمنظمة التحرير، ولأصلح شعبنا المنظمة وجعل منها مظلة حقيقية له، لا شعارات فقط”.
“صدمة” العودة للتنسيق الأمني
وقال أبو مرزوق: “لقد جرى التوافق على تنسيق المواقف لمواجهة صفقة القرن وخطة الضم ومن ثم الحديث عن مصالحة وطنية، شريطة عدم العودة للتنسيق الأمني”. وتابع: “إلا أن حركة فتح فاجأتنا بالعودة للتنسيق الأمني (مع الاحتلال) رغم وعودها لنا وللشعب الفلسطيني بأنها لن تعود له، ومع ذلك قدمت الحركة حينها أولوية الخروج من المأزق الوطني، ووافقنا على مقترح التوجه للانتخابات بشكل مباشر قبل إجراء حوار وطني”.
المصالحة “في جيب أبو مازن”
وقال أبو مرزوق: “الحديث عن دعوة جدية وفورية من قبل فتح للحوار الوطني يجب أن تكون دعوة صادقة وبإرادة حقيقية وطنية، إلا أن التصريحات الصادرة عن قيادات فتح ومؤسساتها لا تبشر بخير، فلا زالت فتح تريد البدء بتشكيل حكومة شريطة أن تكون مقبولة دوليا، دون اكتراث لرأي شعبنا وقواه الحيّة”. وأضاف: “أقولها مرّة أخرى، جهود رأب الصدع الداخلي الفلسطيني تصطدم بتعنت إخواننا في فتح، والمصالحة اليوم في جيب أبو مازن؛ فهو من يطلقها أو يمنعها”.
وتابع: “لا يمكن الحديث عن حوار فلسطيني-فلسطيني لإنهاء الانقسام يرعاه الرئيس عباس، كونه طرفا أساسيا في هذا الانقسام، وحين الحديث عن الانقسام لا نقصد الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، وإنما الانقسامات الفلسطينية المتعددة التي برزت منذ تولي الرئيس عباس الحكم عام 2005”. ومن هذه الانقسامات، بحسبه، ما تشهده “فتح” من تشظيها لأكثر من كتلة، وكذلك ما شهدته منظمة التحرير وإقصاء فصائل رئيسية فيها من المشهد بل وتحجيم دور مؤسسات المنظمة.
“لا ثقة بالسلطة” في ملف إعمار غزة
وبشأن القضية المهمة والملحة، وآخر التطورات في التوصل إلى آلية لإعادة إعمار قطاع غزة، أكد أبو مرزوق، أن “جيش الاحتلال مارس إرهابا وحشيا تجاه شعبنا في القطاع، وتسبب في تدمير البنية التحتية وأبراج ومبان سكنية، وهنا يجب تعزيز صمود شعبنا بإعادة إعمار ما هدمته آلة الدمار الإسرائيلية”.
واعتبر أبو مرزوق أن “السلطة الفلسطينية تضع عراقيل أخرى حيث تشترط أن يمر المال عبرها، وفي الحقيقة رغم أننا لن نستلم دولارا واحدا، وسنسهل أي عملية لإعادة الإعمار، إلا أننا لا نشعر بالثقة حيال ذهاب الأموال إلى خزينة السلطة، فمن أهدر قبل أيام 27 مليون دولار في صفقة اللقاحات الفاسدة وهي مسألة تتعلق بالصحة العامة لعموم المواطنين، ما الذي يمنعه من إهدار أموال إعمار غزة؟”. وتابع بأن “السلطة الفلسطينية ليست طرفا فاعلا في قطاع غزة حتى تمارس هذا الدور، ونحن ندعوها إلى التحلي بالوطنية، ولا مانع عندنا من المساهمة في الإعمار لمن يريد أن يرسل الأموال عبرها، لكن لا نحرم الآخرين ويجب أن نُجنّب هذا الملف المناكفات السياسية حتى لا ينعكس ذلك سلبا على شعبنا”. وختم بالقول: “حماس ترحب بكل من يريد المساهمة في الإعمار مع إخواننا في مصر وقطر والكويت وغيرهم أو الأمم المتحدة وعبر ممثليها في غزة، فهي مسؤولة عن 75 في المئة من السكان كَوْنهم لاجئين، وكذلك السلطة، وحماس لن تأخذ دولارا واحدا بل ستكون مسهلة ميسرة لكل من يعمل”.
موقع “عربي 21″، 25/6/2021