عمر سليمان زار تل أبيب 1520 مرة.. لماذا؟!.

القوي : عقيدة عدم القدرة على تحدي أمريكا

} نواصل عرض دراسة مجدي حسين غير المنشورة والتي كتبت خلال النصف الأول من عام 2014 وهي أصلاً بعنوان < التبعية لأمريكا مرض العصر> ويركز هذا الفصل على مسألة إضفاء صفات الله وأسمائه الحسنى على أمريكا ، وبدأ بصفة القوي وما يرتبط بها القادر – المعز – المذل – العزيز – الجبار – المتكبر – خير الماكرين – ذو انتقام – ذو عقاب أليم – ذو الطول – شديد القوى – شديد المحال – فعال لما يريد – الضار – العلي – القاهر – القدير – القهار – المتين – المقتدر ..الخ
وهو ما أجمله في ( عقيدة عدم القدرة على تحدي أمريكا ) وبدأ بمواقف السادات باعتباره نبي هذا الدين الجديد ثم مبارك ثم أبو غزالة ونواصل من حيث توقفنا في الحلقة السابقة – < الشعب < {
العسكريين فحسب .
قبل ثورة 2011 اقتنعنا بوجود جناح “وطني” في الحكم وأساساً في المؤسسة العسكرية وكانت عواطفنا معه في مواجهة مشروع التوريث، وكنا نرى إذا كان الخيار بين جمال مبارك وعمر سليمان فإن الأخير أفضل بالتأكيد ولكن ثورة 2011 ضربت هذا الوهم نهائياً عندما انكشف عمر سليمان عندما انكشف عنه الغطاء، بخروج مبارك من الصورة قبل التنحي في 11 فبراير 2011، بل وتعيينه نائباً للرئيس بكل الصلاحيات، ففي خلال أيام قليلة اتخذ عمر سليمان أسوأ المواقف الممكنة، بما فيها الموقف من أمريكا وإسرائيل وهذا ما يهمنا الآن في هذه الدراسة، ظهور بعض العسكريين المتقاعدين يهاجمون أمريكا و إسرائيل في الإعلام، المصري !!!
وأتوقف عند بعض الخبرات الخاصة :   
•    في حملتنا على يوسف والي وزير الزراعة ونائب رئيس الوزراء وأمين عام الحزب الحاكم على مدار سنوات كانت الأجهزة الاستخبارية والرقابة الإدراية ( وهي عسكرية ) ترى صحة ما ننشره في الشعب وأن إسرائيل – بالتعاون مع أمريكا – تعمدت دس السموم لنا عبر المواد الزراعية حتى وصل المصابين بالسرطان وحده إلى 12 مليون مع إصابة 800 ألف جدد كل عام ( تصريح لوزير الصحة ) ومع ذلك تم حبسي وصحفيي الشعب لمدة عامين في عهد مبارك وعندما خلصنا من مبارك يتم حبس والي الآن بتهمة تافهة ( أرض البياضية ) ولم يتم فتح ملف هذه المذبحة، وهذا أهم قصاص، حتى لا يستبيح أحد حياة المصريين. ولكن الأنكى من ذلك فإن تلاميذ والي ظلوا يعملون في وزارة الزراعة حتى الآن!! لا توجد حجة الآن ( حجة مبارك ) واستمرت جريمة التطبيع الزراعي مع إسرائيل وهي استمرت في عهد مرسي أيضاً. وما يهمني هنا هو الخوف من الصدام السياسي والعسكري مع أمريكا وإسرائيل فنصمت عن قتل الملايين !!
•    ومثل هذا حدث في مواقف أخرى عديدة من أبرزها (إسقاط طائرة البطوطي) وهذه استهدفت قتل عسكريين وكان لابد للعسكريين أن يثوروا لأنفسهم. لم يحدث شئ إلا التلسين الإعلامي، في عهد مبارك . وقال لي أحد كبار العاملين في المخابرات العامة – في لقاء شخصي عارض أي بدون أي ترتيب – إنه هو الذي حقق بنفسه هذا الحادث في الولايات المتحدة وتأكد من أن الطائرة أسقطت بقرار أمريكي من خلال التلاعب في وقود الطائرة. وهذا مثال آخر على عبادة أمريكا ( خوفاً ) منها. وكما أشرت من قبل فإننا نعبد الله ( خوفاً وطمعاً ) الأعراف 56 . ما الذي يحدث لو أعلنا ذلك وخفضنا مستوى العلاقات وأوقفنا المعونة ..الخ
•    الارتقاء الإعلامي بعملاء أمريكا : في إحدى المرات حذرني مصطفى بكري من مأمون فندي المصري الأمريكي (لا تتصل بفندي لأنه مخابرات أمريكية) وأنا أعلم أنه موظف بمراكز بحوث البنتاجون، وعلاقتي به محدودة، هو الذي سعى إلي خلال إحدى زياراتي للولايات المتحدة وأعتقد أنه زارني مرة واحدة في القاهرة، وكان يروج لفكرة تعاون الإسلاميين مع أمريكا ولكن فوجئت به يهاجم حزب العمل (الاستقلال) بصورة بذيئة باعتبارنا ظلاميين في مقال بالأهرام. وليس هذا هو المهم (سأتعرض في الفصل الأخير لعلاقاتي مع الولايات المتحدة إن شاء الله) المهم بعد تحذير مصطفى بكري وجدت مأمون فندي وقد تحول إلى نجم ولا يزال في الإعلام الرسمي. وبدأ في الأهرام، ويبدو أن الهجوم على حزب العمل كان شرطاً، لأنه كان بدون مناسبة أو مبرر. ثم أصبح نجماً في التليفزيون الرسمي، ثم أصبح كاتباً في مجلات أخرى قومية، ونجماً فضائياً باعتباره خبيراً أمريكياً. أنا غير معترض على التحذير، ولكن معترض على أن الاستخبارات تفتح الطريق عن عمد لعملاء أمريكا في الإعلام المصري، ويبدو أن هذا جزءاً من التفاهمات مع الاستخبارات الأمريكية الذي اتضح أكثر فيما كتب عن عمر سليمان حياً وميتاً. المهم أن هذا ديدن الأجهزة الاستخباراتية تضع أمثالي في السجون وتضع من تثق تماماً أنهم عملاء أمريكان في أهم المواقع الإعلامية. عندما قامت الثورة كنت أنا الوحيد في السجن (بالإضافة للإخوان) بينما كان عملاء أمريكا ملئ السمع والبصر (ساويرس – صبور على سبيل مثال). مثال آخر : أثناء حديث تليفوني مع صلاح الدين سليم أحد الرموز العلنية للمخابرات وكان يتصل بالجميع للحوار السياسي العام، قال لي أن عبد المنعم سعيد عميل أمريكي وأنه حصل على هدية 20 ألف دولار من السفير الأمريكي بمناسبة زواجه الثاني، وأنه (أي اللواء صلاح) هو الذي نشر هذا الخبر في صحيفة العربي. المهم أن د. عبد المنعم سعيد رغم كل هذا التأكد، بل بسببه ، استمر رئيساً لمركز دراسات الأهرام ثم الأهرام ثم المصري اليوم وكان له برنامج أسبوعي في التليفزيون الرسمي. إذن لابد أن أكون صديق السفير الأمريكي حتى يكون لي برنامج ثابت في التليفزيون أو رئيس مجلس إدارة صحيفة (غيرمغلقة!!). أحد قيادات المخابرات أذهلني عندما تحدث عن آل ساويرس بلهجة عالية وقال: إنهم وطنيون جداً : انها نظرية مصاحبة العقارب السامة لتكسر سمهم وقد أدت هذه النظرية لحكاية تصدير الغاز برخص التراب لإسرائيل!! فقد كان رأى عمر سليمان ان تصدير الغاز لاسرائيل بأسعار رخيصة سيجعل لمصر تأثير على اسرائيل !! وهي نظرية تعكس الإيمان العميق بأن التبعية لأمريكا ستظل مفتوحة لأجل غير مسمى وأن أمريكا هي (قدرنا المتجلي)! وهذا يتضح أكثر في مواقف مصطفى بكري المتقلبة من ساويرس ومن البرادعي .

الإسلاميون أخطر من إسرائيل
(الإسلاميون أخطر على الأمن القومي من إسرائيل) مقولة ترددت أكثر من مرة في مقالات كبار كتاب صحيفة الفجر وهي مقولة خطيرة من عدة زوايا، فهي تستبعد أمريكا أصلاً من أن تكون أخطر طرف على الأمن القومي المصري وتضعها هكذا في خندق الصديق، ثم تضع التيار الإسلامي كأخطر من إسرائيل، وهذه المعادلات تعني عادة التعاون مع الأقل خطورة ضد الأكثر خطورة وهذ ما يقوله نتنياهو، وهو ما بدأ يحدث فعلاً من تعميق التعاون المصري – الإسرائيلي ضد الإرهاب الإسلامي المصري والفلسطيني. هذه المقولة خطيرة وقد علقت عليها في حين نشرها وقلت إنها تعكس تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري، وأن هذا انقلاب حقيقي، فلم يضايق ما كتبته الصحيفة، بل علقت بأن نقلت ما ذكرته كدليل على تأييدي للإخوان !!
وما حدث طوال فترة حكم مرسي وقبلها بعدة شهور يؤكد ويرسخ هذه الفكرة. والتي انتهت بضرب الإخوان مع استمرار الحفاظ بأوثق العلاقات مع إسرائيل وأمريكا. ومع وجود عملاء أمريكا في أبهى وضع وصورة كما كانوا أيام مبارك وأكثر .

مواقف عمر سليمان :
كما أشرت فإن مواقف عمر سليمان خلال أيام الثورة (2011) دمرت فكرة موقفه الوطني المعادي لأمريكا وإسرائيل التي حاول البعض ترويجها في الساحة السياسية، دون أن يبرهن عليها أي موقف أو تصريح، . والمعروف أن الأمريكان لا يجاملون ولا يمدحون إلا من يثقون فيه فعلاً، وكانت التقارير المنشورة والصادرة عن جهات قريبة للسلطة الأمريكية تشيد دائماً بعمر سليمان ويقولون عنه إنه أحدى ثمرات التدريبات والشراكة المصرية – الأمريكية حيث خضع لتدريبات في ثمانينات القرن العشرين بمعهد ومركز جون كيندي المتخصص في شئون الحروب في فورت براج بنورث كارولينا. وتقول “مارجورييه كوهين” أستاذة القانون بجامعة “توماس جيفرسون” والرئيس السابق لنقابة المحامين الأمريكية كلاماً في منتهى الدقة والأهمية: (لم يكن دور عمر سليمان لدى الإدارة الأمريكية في البداية يتعدى كونه رجل ربط العلاقات بين مصر وأمريكا بعد أن انتدبه مبارك ليكون وسيطاً بين الإدارتين للتنسيق فيما هو مشترك في الدوائر الأمنية السرية، ولكنه استطاع فيما بعد بمثابرته وإخلاصه وأمانته (الإخلاص والمثابرة والأمانة لمن ؟! – م.ح) ومن خلال إظهاره الاستعداد الكبير للتعاون غير المحدود مع الدوائر الأمنية الأمريكية أن يترك انطباعاً إيجابياً لديها) هذه السيدة تتعاون مع المخابرات الأمريكية وبالتالي هذا هو رأي المخابرات الأمريكية في عمر سليمان فهو شريك موثوق فيه لأنه قناة التواصل الرئيسية بين مبارك والحكومة الأمريكية في شتى الموضوعات وليس في الأمور الاستخبارية فحسب. وسنأتي لعلاقة عمر سليمان بمبارك. ودور عمر سليمان في الاشراف على التعذيب لصالح المخابرات الأمريكية ثابت في كثير من الدراسات الأمريكية (تأكد هذا بصورة حاسمة في تقرير الكونجرس الذي صدر منذ أيام – الشعب)، وترى الصحيفة الرصينة (وول ستريت جورنال) الأمريكية أن عمر سليمان من خلال علاقاته بأمريكا وإسرائيل والحكومات الغربية كان له دور كبير في استمرار نظام مبارك كل هذه المدة الطويلة .

أنني غير معني بالهجوم على عمر سليمان وقد رحل عن عالمنا، ولكنني مضطر للتعرض له لتأكيد كيف أن العلاقات مع أمريكا وإسرائيل أصبحت من الثوابت العقائدية لنظام مبارك،)
تؤكد وثائق ويكليكس أن عمر سليمان قال لمسئول إسرائيلي بأنه يود منع الإنتخابات التشريعية بالسلطة الفلسطينية عام 2006 حيث كان من المتوقع فوز الإسلاميين لكن سليمان فشل، وفازت حماس .
وفي وثيقة أخرى تعهد أمام وفد أمريكي بمحاصرة حماس، وتدريب قوات فلسطينية تابعة لفتح بدعم أمريكي لمواجهة حماس في غزة. وقد استضافت مصر بالفعل وحتى الآن آلاف من عناصر الأمن الوقائي التابعين لدحلان في العريش وقد لعبوا دوراً تخريبياً في سيناء وساهموا في الوقيعة بين الجهاديين والشرطة والجيش، والمؤكد أن دحلان عميل إسرائيلي. والعجيب أن واشنطن هي التي رفضت مشروع تدريب هذه العناصر، ربما لتفريغهم لأعمال التخريب في سيناء، واقترحت واشنطن أن يكون التدريب في الأردن!! وتعهد سليمان وفقاً لويكليكس باستمرار الضغط على حماس لوقف ضرب الصواريخ ضد إسرائيل. (لقاء مع وفد أمريكي).
أما عن الغزل الإسرائيلي في عمر سليمان فحدث ولا حرج فقد اتضح انه هو الكنز الاستراتيجي أكثر من مبارك. فقال عنه بن اليعازر:(سليمان كان أفضل من خدموا إسرائيل ومن أبرز الشخصيات التي قوضت حركة حماس. وكانت لديه علاقات ممتازة مع كبار المسئولين العسكريين الإسرائيليين . كانت علاقتي مع سليمان وثيقة جداً وعملت على إدخاله في كل موضوع وخاصة في قضية الغاز، فكنت أتحدث معه يومياً (لاحظ حكاية يومياً!) وكان له فضل كبير في تصدير الغاز المصري إلينا)، وأضاف أليعازر حول مآثر سليمان أنه ساهم في نقل 150 ألف سعفة من النخيل إلى إسرائيل التي كانت بحاجة ماسة إليها من أجل الاحتفال بعيد المظال اليهودي. (هل كان هذا أيضاً من ضرورات الأمن القومي المصري؟ ولماذا كل هذه المحبة في أمور دينية؟ وهل يوجد نص في معاهدة السلام على توفير سعف النخيل لليهود؟) وأنه لم يتردد في مقابلة وزير الخارجية أفيجادور ليبرمان (الذي هدد بضرب السد العالي بالقنابل النووية) وكان مؤيداً لعملية السلام مع إسرائيل ومؤيداً للسياسات التي تعارض إيران. انتهى كلام بن اليعازر الذي كان يحصل على مرتب ثابت من مبارك كمستشار!!
ويقول الخبير الإسرائيلي في شئون الشرق الأوسط موردخاي كيدار: (لقد كنا نحن وسليمان حلفاء في مواجهة المتشددين الإسلاميين، ولقد حاربناهم وكذلك فعل سليمان) والطريف أنه يفسر ذلك بأن (سليمان كان يمثل طبقة علمانية صغيرة في المجتمع المصري، كانت ثرية وفاسدة!! ولهذا كان مناهضاً للإسلاميين).
وكان التليفزيون الإسرائيلي يصف سليمان بأنه كان صاحب بيت في إسرائيل. ووصل عمق علاقته بإسرائيل أن نتينياهو – وفقاً لصحيفة ميدل ايست مونيتور البريطانية – عرض عليه وهو نائب لمبارك إرسال أفراد من المخابرات الإسرائيلية لفض مظاهرات التحرير بطرق فنية متخصصة!! ووفقاً لويكليكس فإن عمر سليمان كان مرشح إسرائيل المفضل لخلافة مبارك. وأكد سليمان لجهاد الخازن أنه (عارض إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وقال أنها غير ذات تأثير إطلاقاً (!) وتعطي إسرائيل عذراً للرد) وكأن الفلسطينيين هم الذين يبدأون!! ولقد استخدم عمر سليمان جهاد الخازن الكاتب بصحيفة الحياة لإرسال عدد من الرسائل قبل ترشحه للرئاسة ولكن أخطر ما جاء في سلسلة مقالات جهاد الخازن هذه المعلومة الخطيرة على لسان العماد أول مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري التي تقول أن عمر سليمان زار تل أبيب 1520 مرة خلال 30 سنة .. نعم ألف وخمسمائة وعشرين أي بمعدل زيارة كل أسبوع على مدار30 سنة هذا بدون حساب مقابلة الإسرائيليين في مصر، بالإضافة للهاتف الأحمر الذي يتخاطب فيه يومياً معهم، وهو تولى المخابرات 18 سنة، إذن بحسبة بسيطة فإن عمر سليمان كان يمضي مع الإسرائيليين وقتاً طويلاً جداً من حياته، وهذا في حد ذاته يخلق حالة من العشرة والمودة بحكم طبيعة الأشياء، لذلك فقد أمرنا القرآن بعدم إبداء المودة للأعداء (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ) الممتحنة 1. ولا أستطيع إلا أن أتوقف هنا عند سرد الوقائع الخاصة بعمر سليمان وأتوقف عند هذه المعلومة المذهلة التي لم ينفها جهاد الخازن رغم أنه متعاطف أصلاً مع عمر سليمان وكان يمكن أن يعود إليه لينفيها. وكما ذكرت فإنني مهتم بحالة عمر سليمان لأنه حكم مصر مع مبارك 18 عاماً، . وهي حالة مخيفة من الشيزوفرنيا فهم عندما يتحدثون في الغرف المغلقة يكونون أكثر الناس تطرفاً ضد أمريكا وإسرائيل ثم يخرجون للعلن يتحدثون عن الصداقة والسلام. وهم يقولون في الغرف المغلقة إننا غير قادرين الآن على المواجهة ولابد أن نداري أوضاعنا، وهم من كثرة ترداد هذا المعنى يصبح متأصلاً لديهم أنهم أبرياء . يصبح حديثهم في الغرف المغلقة وكأنه نوع من التطهر على طريقة الاعتراف الكنسي. وهذا الدور يتقمصهم فعلاً ويقتنعون به ويقنعون به بعض الناس حولهم. وأنه لا يمكن تحدي أمريكا ولا يمكن العيش بدون رضاها. وهذا يؤدي للاستجابة لمعظم مطالبها، ولاحظوا أننا مع الله نلبي معظم ما يطلبه منا ونظل مقصرين ونسأل الرحمة والمغفرة، وكذلك مع أمريكا التي نسمع كلامها (خوفاً وطمعاً) على الأغلب ولكن الحكام يرفضون تلبية بعض المطالب المتعلقة بتداول السلطة فهم فقط يختلفون مع أمريكا في هذه النقطة، يريدون البقاء الأبدي في الحكم وتلبية مطالب أمريكا الأخرى! مبارك كان يدرك أنهما ( أمريكا واسرائيل ) أهم ضمانة لاستمراره في الحكم لذلك يطيعهما ولا يطيع الله. ولكن عندما تسأل أحدهم أين مصلحة مصر التي تحققت؟ فلا تجد رداً إلا عدم تدمير مصر كما دمرت العراق. إذن كان تدمير العراق أمثولة لإرهاب الآخرين ، وحقق هدفه. إذن ليس عمر سليمان الذي يشغلنا الآن وهو بين يدي ربه ولكن مايشغلنا هو المنهج الذي حول علاقاتنا مع أمريكا إلى “دين “.
لقد استمر سليمان في زيارة تل أبيب 1520 مرة وما يزال مقتنعاً أنه يخدم مصر وحواريه وأنصاره يسمونه “الفارس”، ونعود لجهاد الخازن وسلسلة مقالاته الخطيرة عن عمر سليمان لأنه يجسد حالة الشيزوفرانيا. فيقول أنه سمع مباشرة من حسني مبارك وعمر سليمان، أنك إذا أغلقت جهاز التسجيل فهو (أي مبارك أو سليمان) يقول: ولاد الكلب اليهود دول، إلا أنه وصل إلى قناعة نهائية بأن مصر لا تستطيع أن تربح حرباً ضد إسرائيل وأن الولايات المتحدة في حال الحرب ستقيم جسرين جويين مع إسرائيل لا جسراً واحداً كما حدث في 1973 وأن الدول العربية لا تريد أن تحارب. (جهاد الخازن)
وهذا الكلام يؤكد ما ذكرته من قبل عن لقاء مبارك وكامل زهيري، وما ذكرته عن أن حجة الجسر الجوي أصبحت حجة أبدية للركوع أمام إسرائيل وأمريكا دون مسوغ من قرآن أو سنة. وإذا كانت تقوى إسرائيل وأمريكا هي عين العقل، فمن الطبيعي أن تعطي لهم سعف النخيل والغاز بل ونعطيهم ما تبقى لنا من شرف وكرامة، وأصبح التمييز بين العمالة والوطنية مستحيلاً، فكيف يكون عمر سليمان وطنياً بينما حسين سالم هو ذراعه اليمين، وعندما تقول إن أصدقاء حسين سالم من الموساد، يقولون: نعم ولكنه أخذ الأذن من عمر سليمان، ويعطي عمر سليمان تسهيلات سياحية لحسين سالم حامل جواز السفر الإسرائيلي في شرم الشيخ وأسوان ويكلفه بحكاية الغاز الطبيعي لإسرائيل، وأصبحت نظرية الأمن القومي هي الارتماء في أحضان إسرائيل. ولأننا لا نستطيع مواجهتها فلنكسبها لصفنا بالخدمات ولنجعلها معتمدة علينا في الغاز، والطاقة أهم شئ. والآن أصبحت إسرائيل أغنى بلدان المنطقة بالغاز بعد قطر ومنه غاز مسروق من مصر .
ولا أدري كيف لا يُعدم مبارك وسليمان (إذا كان حياً) بينما يتم القبض على جواسيس مصريين لإسرائيل!!!
معنى سياسة إرضاء إسرائيل حتى بثرواتنا القومية، أن تكون استراتيجية مصر هي الضعف والاستمرار في الضعف وفتح الطريق أمام إسرائيل لتستأسد في المنطقة، خاصة ونحن نتحدث بعد 3 عقود من كامب ديفيد. وماذا كانت تريد مصر من إسرائيل عام 2010 حتى تعطيها الغاز مجاناً. هل كانت إسرائيل ستحتل سيناء؟! نعم هذه كلمة تقال كي نبيع شرفنا لإسرائيل. والله إذا لم يكن لدينا القدرة على حماية الأراضي المصرية فنحن نكون غير جديرين بمصر؟!
ونعود مرة أخرى لمقالات جهاد الخازن حيث ينقل عن عمر سليمان ما نسميه نحن “الدين” الذي يحكم مصر منذ عام 1974 (كيسنجر/ السادات) يقول سليمان: (علاقات مصر الإستراتيجية – لاحظ حكاية الاستراتيجية بمعنى الثوابت العقائدية والتي يكررها مبارك وسليمان وخيرت الشاطر – مع الأمريكيين مهمة جداً لاستقرار مصر . إذا ساءت العلاقة ستصبح مصر ألعن من باكستان وأفغانستان وينظر إليها كبلد يصدر الإرهاب ، فستخسر مصر دورها (ما هو هذا الدور المقدس؟!) ويخسر جيشها، والأسلحة الأمريكية تمثل 70% مما لديه (ما فائدة هذا السلاح؟!) ويتم ضرب الاقتصاد، فهناك 500 مصنع ضمن برنامج الكويز لتصدير البضائع إلى أمريكا (بشرط وجود 11% مكون إسرائيلي) انتهى كلام عمر سليمان .

(في الحلقة القادمة : كلام ينشر لأول مرة عن عمر سليمان وأنفاق غزة وقصة إقالة نبيل العربي من وزارة الخارجية – سرقة أمريكا للسجل المدني المصري ومفاجآت أخرى ينشر بعضها لأول مرة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: