ألم تروا هذا الانسحاب امريكى المذل من أفغانستان ؟ لماذا لاتزالوا تخافون منها ؟

مجدى حسين

ألم تروا هذا المشهد المذل للدولة العظمى وهى تنسحب من أفغانستان تجر أذيال الخيبة والعار بعد عشرين عاما من الاحتلال الفاشل والخسائر البشرية والمالية بالتريليونات.. نحن لم نشعر بهذا المشهد لدى الانسحاب الأمريكى من العراق بسبب استبقاء بضع آلاف من القوات فى بعض القواعد تحت دعوى التدريب. ولكن هذه المرة نحن نرى انسحابا كاملا بلا قيد أو شرط وبدون ذيول.. ومن مساخر الزمان أن تركيا تريد أن تلعب دور ذيل الناتو فى أفغانستان بتولى حراسة مطار كابول وهذه سخافة تفضح المفهوم التركى الاردوجانى لما يسمى الدور التركى فى العالم الاسلامى ، كما وقف الجيش التركى مع النظام العميل لأمريكا فى أذاربيجان بالتعاون مع اسرائيل . ومن المؤكد أن طالبان ترفض هذا الطلب التركى وتعتبر القوات التركية مجرد جزء من قوات الناتو ويجب أن تنسحب معه . الانسحاب الأمريكى أخذ شكلا دراماتيكيا ذكرنا بالانسحاب الأمريكى من فيتنام الجنوبية. فنظام سايجون العميل كان يتساقط فى مواقعه الأخيرة أثناء عملية الانسحاب الأمريكى ، حتى وصل الأمر إلى حد انسحاب أعضاء السفارة الامريكية من فوق سطح السفارة عبر طائرة هليكوبتر ، فلم يبق تحت سيادة أمريكا وحكومة سايجون العميلة أى أرض يسيطرون عليها إلا السفارة الأمريكية وسطوحها ، وهناك لقطات فوتوغرافية وسينمائية صورت هذه اللقطة التاريخية . الآن سحب الأمريكان قرابة 90% من قواتهم بينما تتداعى بواقى أركان الحكومة الموالية لهم بسرعة متزايدة أثناء هذا الانسحاب فجسد المشهد عمق الهزيمة الامريكية لمن كان له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد . فخلال أيام قليلة نرى مشاهد انسحاب القوات الامريكية متزامنة مع سقوط المديريات فى يد طالبان وغالبا بدون قتال حقيقى ، وتحولت سيطرة طالبان من 40 % إلى حوالى 80 % من الأراضى وسيطرت على حدود البلاد كلها وهذا أمر حاسم فى دولة برية لاحدود بحرية لها ، سيطرت على حدود ايران وطاجيكستان والصين وباكستان وبالتالى تبقى العاصمة كابول ضعيفة معزولة كثمرة ناضجة آيلة للسقوط .. وأمام هذا المشهد المهين حاولت أمريكا التراجع بالحديث عن بقاء قليل من القوات أو قاعدة بجرام ولكن سرعان ما تم التراجع عن هذه الأفكار التى قيلت علنا ، كذلك طرحت قيادات عسكرية أمريكية تمركز الطيران فى بلدان قريبة للتدخل الجوى لنصرة الحكومة المتداعية  ولكن سرعان مارفض رئيس وزراء باكستان استخدام أراضى بلاده فى هذه المهمة ولا أى مهمة عسكرية أخرى بالتعاون مع أمريكا ( مرحبا لاعب الكروكيت ) وكذلك اعترضت روسيا على انتقال القوات الامريكية إلى دول وسط آسيا المجاورة . وتراجعت أمريكا علنا عن فكرة استخدام القوات الجوية من الخارج لدعم الحكومة . وهى كلها أفكار خائبة ستزيد الموقف سوءا وستلطخ أكثر صورة أمريكا المهزومة التى تلعق جراحها أمام واحدة من أفقر دول العالم . وستكون الصورة رائعة أكثر اذا تحلت طالبان بالمزيد من الشجاعة والذكاء والحكمة وسوت أمورها مع أهل أفغانستان من الطاجيك والاوزبيك والتيارات المخالفة لطالبان عموما وأوجدت صيغة للوحدة الوطنية . المهم هذه هى أمريكا المهانة المذلة أمامكم فلماذا لاتزالوا تخافون منها . ألم تروا كيف تعجز عن حماية قواعدها فى العراق وسوريا من الضرب اليومى ( 45 هجوما على قواعدها فى العراق منذ بداية هذا العام ) . ألا تعلمون أن أمريكا شاركت اسرائيل فى انتاج القبة الحديدية الفاشلة التى عجزت عن حماية اسرائيل من صواريخ غزة المحاصرة ؟ألاترون أعضاء الكونجرس من الديموقراطيين والجمهوريين يلطمون الوجوه على هذا الموقف المذل ويقولون ما كان لنا أن ننسحب من أفغانستان بهذا الأسلوب ؟ . وهذا كلام فارغ لأن أمريكا ليس لديها اختيار الآن أفضل من الانسحاب . وبإمكان أمتنا أن تعمم هذا الخيار الامريكى فى كل المنطقة . هل مازلتم تخشون من أمريكا ؟ الذى يخشى من أمريكا يرفع صباعه !!

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: