عبر التاريخ كان المسجد الأقصى ولم يكن الهيكل المزعوم – 7 – انعتاق أمتنا من العبودية مرهون بتحرير كيلومتر مربع واحد هو مساحة القدس القديمة

بقلم مجدى أحمد حسين

من المهم ونحن نتناول تاريخ وحاضر المسجد الأقصى أن نشير إلى الخطأ الشائع الذى بدأ الكتاب يشرحونه مؤخرا وهو أن المقصود بالمسجد الأقصى ليس قبة الصخرة الذهبية الشهيرة ولكنه بالأساس المسجد القبلى الذى تقام فيه الصلاة الأساسية ثم كل ما دار عليه السور من الساحات والأبواب والمصلى المروانى والأروقة والقباب والمصاطب وأسبلة الماء والمآذن على أسواره وغير ذلك ففيه 200 معلما على مساحة تقارب 144,000 متر مربع ويقع فوق هضبة صغيرة تسمى «هضبة موريا» في مدينة القدس، إذ تعد الصخرة أعلى نقطة به، بل تقع في قلبه والمسجد كله غير مسقّف سوى بناء قبة الصخرة والمصلى القبلي الجامع، وهذا ما اتفق عليه العلماء والمؤرخون، وعليه تكون مضاعفة ثواب الصلاة في أي جزء مما دار عليه السور.

أهم وأقوى حديثين شريفين من حيث الثبوت يتعلقان به سنتوقف عندهما ، الحديث الأول الذى نبدأ به اليوم الخاص بأنه المسجد الثالث الذى تشد إليه الرحال

فالحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرةرضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى.”

ومن المعروف أنه كان قبلة المسلمين طوال العهد المكى و 16 شهرا بعد الهجرة إلى المدينة . وكان قبلة الأنبياء من قبل .

. وما كان لرسول الله وهو يهفو إلى أن تكون الكعبة قبلته– – أن يخالف أمر ربّه، بيد أنه استطاع الجمع بين رغبته في التوجّه إلى الكعبة وعدم مخالفة الأمر بالتوجّه إلى المسجد الأقصى بأن يصلّي أمام الكعبة ولكن متّجها إلى الشمال، كما يدلّ عليه الحديث الذي رواه ابن عباس حيث قال : ” كان رسول الله – – يصلي وهو بمكة نحو المسجد الاقصى والكعبة بين يديه “. رواه أحمد .

ويظل للمسجد الأقصى مكانته الخاصة رغم تحويل القبلة عنه ولعل هذا كان من أسباب واقعة الاسراء والمعراج ، الاسراء إلى المسجد الأقصى والمعراج منه إلى السماء , ولا غرو فقد بارك الله حوله إلى يوم الدين فقد كان مركزا لمنطقة الشام التى وصفها رسول الله صلى

الله عليه وسلم بأنها عقر دار المؤمنين وأنها أرض المحشر والمنشر . وقد وصفت بأنها عش الأنبياء من كثرة الأنبياء التى ظهرت فيها ومشت على ترابها ودفنت فيها ، وفلسطين هى جنوب الشام والشام تشمل سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، المسجد الأقصى والقدس هما المركز الروحى لهذه المنطقة المباركة وبالأخص المنطقة الواقعة بين دمشق والقدس وبين القدس ونهر الأردن وكل فلسطين الطبيعية . وقد برهن التاريخ على أن المعارك الكبرى التى حسمت مجرى تاريخ العالم جرت على أرضهامن معارك بين القوى الاقليمية : مصر والعراق وتركيا وفارس فى التاريخ القديم وكانت هى القوى العظمى فى العالم خاصة مصر والعراق . ثم الصراع اليونانى الفارسى الذى جرى أساسا على هذه الأرض ثم الصراع الفارسى الرومانى ثم الصراع الاسلامى الرومانى أو البيزنطى ثم الحروب الصليبية التى حسمت على أرض فلسطين فى معركة حطين وما بعدها وهى المعركة التى شهدت تحرير القدس من المعتدين وهى تقع على بعد 9 كيلومتر من مدينة طبرية . ومعركة عين جالوت التى قصمت ظهر الهجوم التتارى الهمجى وهى واقعة بالقرب من بيسان شمالى فلسطين وقريبة من جنين المركز الثورى الحالى . المهم أن القضاء على أكبر خطر يتهدد الأمة تم فى فلسطين بهزيمة الصليبيين وأن القضاء على أكبر خطر يهدد العالم بأسره كان فى فلسطين بهزيمة التتار . القيادة كانت من مصر ولكن مختلف أطراف الشام شاركت فى المعركتين خاصة من فلسطين وجنوب الشام عموما . ولاتزال معارك العالم الكبرى ومصير البشرية معلق بهذه المنطقة التى سميتها المستطيل القرآنى لأن جغرافية القرآن منحصرة فيها وتضم مصر والوطن العربى الآسيوى برمته وأطراف من إيران وتركيا, والغرب يسميها الشرق الأوسط . فى هذه المنطقة دارت المعارك بين فرنسا وبريطانيا بعد ذلك للسيطرة على مركز العالم والقدس فى قلبها ودارت المعارك بين المسلمين وبين كل هؤلاء الغزاة . وظهرت الحركة الصهيونية وتحالفت مع الغرب خاصة بريطانيا . وحسمت الحرب العالمية الأولى على أرض فلسطين بهزيمة العثمانيين واستيلاء بريطانيا على القدس . وحسمت الحرب العالمية الثانية على أرض مصر عندما منعت القوات الآلمانية من السيطرة على مركز العالم : الشرق الأوسط – المستطيل القرآنى عندما هزمت فى العلمين . ثم جرت المعركة بقيادة الحركة القومية العربية وتم إخراج الانجليز الفرنسيين وظلت القدس الشرقية بمقدساتها فى أيدينا رغم هزيمة 1948 . ثم دخلنا فى معركة الصراع بين الأمة العربية والاسلامية وأمريكا واسرائيل ، وصراع عالمى بين الاتحاد السوفيتى وأمريكا . والآن يجرى الصراع على ذات المحورين : أهل العروبة والاسلام فى مواجهة الغزو الصهيونى الأمريكى – والصراع العالمى بين روسيا وامريكا وتسعى الصين للدخول فيه . ومسار ومصير البشرية يحسم على هذه الأرض الآن وفى المستقبل وحتى يوم الدين . إن الأرض المقدسة والمباركة مطمع لكل قوى الشر فى العالم لأن من خصائصها أنها فى مركز العالم ولابد لأى قوة عظمى أن تسعى للسيطرة عليها كما أنها وهذا ليس من قبيل المصادفة فقد كان ذلك قدرا الهيا تضم الرموز المقدسة لأصحاب الأديان الذين يشكلون معظم البشرية : مكة والمدينة والقدس ومئات من الآثار والرموز الدينية الأخرى وفلسطين مكدسة بها . بل إن القدس فى حدود كيلومتر مربع واحد تضم مقدسات ورموز أساسية للمسلمين والمسيحيين واليهود . وفى هذه المساحة الضيقة انصبت صراعات العالم دوما وهى ستحدد مصير الصراع العالمى كله بين المؤمنين والكفار . إن إنعتاق أمتنا العربية الاسلامية مرهون بالصراع حول هذا الكيلو متر المربع المقدس.

يتبع

magdyahmedhussein@gmail.com

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: