لبيد بتركيّا غداة زيارة بن سلمان لأنقرة و”جوهر الزيارة أمنيّ وأهميتها بحدوثها”.. مستشرقٌ: “ترميم العلاقات السعوديّة ـ التركيّة قد يخلق تحالفًا إقليميًا لا يرتكِز على واشنطن”.. “السعوديّة والإمارات أكّدتا رفضهما لحرب ضد إيران”
هل إصرار وزير الخارجيّة الإسرائيليّ يائير لبيد زيارة تركيّا، والتي كانت مقررةً منذ وقتٍ، رغم الأزمة السياسيّة التي تعصف بالكيان إثر سقوط الحكومة برئاسة نفتالي بينيت، هل إصراره على الزيارة تتعلّق بزيارة ولي العهد السعوديّ، الأمير محمد بن سلمان إلى أنقرة، وخصوصًا التزامن في التوقيت؟.
الإعلام العبريّ أوضح اليوم، نقلاً عن مصادره الرفيعة في الكيان، أنّ زيارة لبيد إلى أنقرة أمنيّة في جوهرها، وأنّها تشكل خطوة إضافية في عملية توثيق العلاقات بين إسرائيل وتركيّا، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّ أهمية الزيارة تكمن بحدوثها، بحسب (هآرتس) العبريّة.
يُشار إلى أنّ زيارة لبيد إلى أنقرة تعتبر بحسب تل أبيب تاريخيّةً، لأنّ وزير الخارجيّة الإسرائيليّ، لبيد، الذي سيلتقي نظيره التركيّ مولود شاويش أوغلو، سيتولى لبيد منصب رئيس حكومة تصريف الأعمال بالكيان، تماشيًا مع اتفاق التناوب الذي كان قد وقعّه مع رئيس الوزراء بينيت، الذي أعلن عن تنازله للبيد يوم الاثنين الماضي، في بيانٍ تلفزيونيٍّ مشتركٍ، أيْ أنّ لبيد، وصل إلى أنقرة كرئيس وزراءٍ وليس كوزير خارجيّةٍ فقط.
وبحسب مجلّة (تايمز أوف أزرائيل) كان لبيد وجاويش أوغلو قد التقيًا مؤخرًا في أواخر شهر أيّار (مايو)، عندما قام وزير الخارجية التركيّ بزيارةٍ “تاريخيّة”ٍ إلى إسرائيل، وهي الزيارة الأولى لمسؤول تركي رفيع إلى إسرائيل منذ حوالي 15 عامًا، حيث استمرت العلاقات التركية مع إسرائيل في التحسن بعد فترة طويلة من العداء، بحسب المصادر الإسرائيليّة التي اعتمدت عليها المجلّة.
(هآرتس) العبريّة ذكرت في تقريرها اليوم الخميس أنّ زيارة لبيد تأتي مباشرةً بعد زيارة الأمير بن سلمان، إلى أنقرة، وذلك لأوّل مرّةٍ منذ تصفية الإعلاميّ السعوديّ جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول في العام 2018، علمًا أنّ بن سلمان كان قد اتُهِّم بإصدار الأمر بتنفيذ عملية اغتيال خاشقجي.
وفي السياق عينه، رأى المُستشرِق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، وهو محلل الشؤون الشرق أوسطيّة في (هآرتس)، رأى أنّه فيما يتعلّق بتركيا، من غير الواضح حتى اللحظة أيّ هدايا جلبها معه الأمير بن سلمان للرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان، مُشيرًا في الوقت ذاته إلى أنّ هناك توقعّات بأنّ ما أسماها بالهدايا لن تقل عن المساعدة الكبيرة التي حصلت عليها تركيّا من الإمارات العربيّة المُتحدّة،
وشدّدّ المستشرِق على أنّ الأمر المهم من ناحية الأمير بن سلمان هو مجرّد الظهور العلنيّ واستعراض زعامته الإقليميّة، التي ستثير الانطباع لدى الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، الذي سيزور المنطقة، والسعوديّة بشكل خاصٍّ، الشهر القادم، على ما قال المُستشرِق د. بارئيل.
المستشرِق الإسرائيليّ أضاف في تحليله أنّ السعوديّة والإمارات أوضحتا في كلّ مناسبةٍ أنّهما تعارضان حربًا إقليمية جديدة، حتى وإنْ كانت ضد إيران، لافتًا إلى أنّ السعودية وإيران تحاولان فتح صفحة جديدة في علاقاتهما، ولدى الإمارات علاقات عمل وتجارة مستمرة مع طهران، مشدّدًا على أنّ منظومات الدفاع الإسرائيليّة، التي تمّ نشرها بحسب الإعلام الغربيّ في دولٍ خليجيّةٍ، ليس بالضرورة هي البديل الذي يمكنه ضمان مصالحهما الجديدة، كما قال.
وقال المستشرق أيضًا إنّ حجم التبادل التجاري بين تركيا وإيران حوالي 5 مليارات دولار، وفي كل عام يصل إليها حوالي مليونيْ سائح إيراني، إضافة إلى حوالي 100 ألف مواطن إيراني يسكنون في تركيا، وإذا وقعت عملية إيرانية ضد مواطنين إسرائيليين، فمن شأنها أنْ تحدث “ذعرًا سياحيًا” عالميًا، وليس فقط للإسرائيليين، وبهذا سيمس بأحد مصادر الدخل الأكثر أهمية في تركيا، الذي من المتوقع أنْ يدر عليها هذا العام حوالي 40 مليار دولار.
وخلُص المستشرق إلى القول إنّ التعاون الاستخباراتي بينها وبين إسرائيل ضدّ النشاطات الإيرانية يدفع أنقرة إلى موقف غير مريح تمامًا، وأنّ الرئيس التركيّ اردوغان كان سيتنازل بسهولة عن الإطراءات التي تغدقها إسرائيل على التعاون الاستخباراتي والعملياتي التركيّ، وأيضًا على الذريعة التي قادت إليه، وأنّ ترميم العلاقات بين السعوديّة وتركيّا قد يخلق تحالفًا إقليميًا لا يرتكِز على الولايات المُتحدّة فقط، على حدّ تعبيره.