جنين تهزِم الاحتلال مرّةً أخرى والقادِم أخطر.. الاحتلال يُقِّر: لا يُمكِن تسويق اعتقال الشيخ السعدي كنجاحٍ باهِرٍ لإغلاقنا الجنوب كليًّا خشية صواريخ المُقاومة.. إسرائيل: الفلسطينيون سجّلوا انتصارًا كبيرًا – فيديو
حاول الاحتلال، عبر ممثليه ومندوبيه الرسميين وغير الرسميين الذّين ظهروا في وسائل الإعلام العبريّة، حاول وما زال يُحاوِل تسويق عملية اعتقال الشيخ بسّام السعدي، (61 عامًا)، القياديّ البارِز من حركة (الجهاد الإسلاميّ)، في مُخيّم جنين، وكأنّها عمليةً بطوليّةً، تؤكِّد مرّةً أخرى، أنّ الجيش الإسرائيليّ ما زال “الجيش الذي لا يُقهَر” (!)، وأنّ مخابرات الكيان أثبتت مقدرتها وكفاءتها في جمع المعلومات الاستخباريّة، والوصول إلى الهدف واعتقاله من بيته.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، كال الجنرال الإسرائيليّ المُتقاعد يسرائيل زيف، كال المديح لجيش الاحتلال في حديثٍ أدلى به للقناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، واعتبر الاعتقال نجاحًا إسرائيليًا باهِرًا في حربها المُستمّرة ضدّ “الإرهاب” الفلسطينيّ، ولكنّه بالمُقابِل لم يجِد تفسيرًا منطقيًا للنقاش الذي دار في الأستوديو حول ردّ الفعل الإسرائيليّ على العملية، والذي تمثّل بإعلان حالة التأهّب القصوى في جنوب الدولة العبريّة، وإغلاق الشوارع الرئيسيّة، خشيةً من قيام المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، وتحديدًا حركة (الجهاد)، بالردّ على اعتقال الشيخ السعدي بإمطار مُستوطنات ما يُسمّى بمنطقة (غلاف غزّة)، بالصواريخ.
على النقيض، أكّد المُستشرِق تسفي يحزكئيلي، الذي يعمل مُحللًا للشؤون العربيّة بالتلفزيون الإسرائيليّ، أكّد أنّه لا يتذكّر قيام إسرائيل بإعلان حالة التأهّب القصوى في حالاتٍ مماثلةٍ، لافتًا إلى أنّه في مرّاتٍ سابقةٍ عندما أقدم الاحتلال حتى على اغتيال قادةٍ من المقاومة الفلسطينيّة أكبر شأنًا وقيمةً وتأثيرًا من الشيخ السعدي، لم تقُمْ إسرائيل بإغلاق جنوب الكيان، مُضيفًا بأنّ حركة (حماس)، التي لم تكُن على علاقةٍ مع الشيخ السعدي، سجلّت لنفسها انتصارًا إضافيًا في المعركة التي تُديرها ضدّ الاحتلال، على حدّ تعبيره.
يحزكئيلي، الذي لم ينفّك يومًا عن التحريض ضدّ المُقاومة الفلسطينيّة، وعلى نحوٍ خاصٍّ، ضدّ التنظيمات التي تُمثّل ما يُسّميها هو بـ(حركات الإسلام السياسيّ المُتطرِّف)، عبّر عن استغرابه الشديد من حالة الفزع والهلع والخوف التي ميّزت الكيان بعد عملية الاعتقال، مُشدّدًا على أنّ اعتقال الشيخ السعدي حيًّا، هو ضربةً قاسيةً لحركة (الجهاد الإسلاميّ) ليس لأنّ الرجل قياديًا بارزًا، كما زعم الإعلام المُتطوّع لصالح الأجندة الإسرائيليّة الرسميّة، بل لأنّه بحسب أيديولوجيّة تنظيم (الجهاد) كان على السعدي رفض تسليم نفسه دون قتالٍ، والمُقاومة حتى الشهادة، على حدّ قوله.
علاوةً على ما ذُكِر أعلاه، فإنّ قنوات التلفزة الإسرائيليّة بثت عدّة مرّاتٍ شريط الفيديو الذي وثقّ عملية الاعتقال، وهو بالمُناسبة من تصوير الفلسطينيين، الذين عنونوه بـ(فيديو يُوثّق لحظة اعتقال القياديّ في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ بسام السعدي خلال اقتحام مخيم جنين)، ونشروه على نطاقٍ واسعٍ في الإعلام العربيّ والفلسطينيّ وفي وسائط التواصل الاجتماعيّ في إطار الحرب الإعلاميّة ضدّ الاحتلال وماكينته الإعلاميّة.
إضافةً لما ورد أعلاه، فقد قال الجنرال عاموس غلعاد، الرئيس السابِق للشعبة السياسيّة والعسكريّة في وزارة الأمن الإسرائيليّة، قال في معرِض إجابته على تساؤلات التلفزيون العبريّ حول ردّ فعل الجيش المُبالَغ فيه على الاعتقال وإغلاق جنوب الكيان، ردّ بالقول إنّ الاحتياط واجب، مُضيفًا بشعبويةٍ إسرائيليّةٍ ممجوجةٍ، أنّ النقاش كان سيكون مُختلِفًا لو أنّه لا سمح الله تعرّض جنوب الكيان للصواريخ بسبب اعتقال الشيخ السعدي، طبقًا لأقواله.
الاعتراف الإسرائيليّ غيرُ المُباشِر بأنّ جنين هزمت الاحتلال مرّة أخرى، وربّما ليست أخيرةً، يُمكِن تلخيصه كالتالي: بعد مرور أكثر من 48 ساعةٍ على اعتقال الشيخ السعدي، ما زال الكيان مُنقسِمًا على نفسه حول نتائج العملية، وهذا المشهد تمّ اختصاره من قبل الإسرائيليين أنفسهم، الذي كانوا يتحدّثون عن اعتقال الشيخ السعدي في الأستوديو المُكيّف بـ”شهر آب اللهّاب”، وفي الوقت عينه كانت أعينهم وتفكيرهم وقلقهم نحو البثّ المُباشِر من جنوب الدولة العبريّة لتغطية مشاهد الشوارع الفارغة من السيارّات والمُستوطنين، والمحاوِر المُغلقة، وسيطرة قوّات الأمن على الأحداث ودفع قوّاتٍ كبيرةٍ من جيش الاحتلال إلى الحدود مع غزّة، تحسبًا لردٍّ صاروخيٍّ من المُقاومة في القطاع المُحاصر.
في الخُلاصة فإنّ الدروس المُستفادة إسرائيليًا من اعتقال الشيخ السعدي، والردّ عليه بإغلاق الجنوب ورفع حالة التأهّب للقصوى، يتلخّص بما نقلته مُحللة الشؤون العسكريّة بصحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة، عن مصادر رفيعةٍ في جيش الاحتلال، التي قالت إنّ:”تشويش حياة سُكّان جنوب إسرائيل في عزّ الصيف عقب عملية اعتقالٍ فقط لقائدٍ بـ(الجهاد الإسلاميّ) يُعتبر إنجازًا كبيرًا لا يُمكِن التقليل منه بالنسبة للتنظيم (الإرهابيّ)”، على حدّ قول المصادر التي شدّدّت على أنّ “البديل المُتمثِّل بقصفٍ صاروخيٍّ لمُستوطنات الجنوب ليس أفضل، لأنّ القصف من شأنه جرّ دولة إسرائيل لجولةٍ أخرى من الحرب ضدّ التنظيمات الفلسطينيّة بقطاع غزّة”، على حدّ تعبير المصادر الرفيعة بتل أبيب.