هل هزمت المقاومة الجيش الأكثر قوّةً؟ الكيان يلجأ لقطر بعد التحذير المصريّ ومُناشدة عبّاس.. مواجهة المقاومة بكلّ القوة قبل تحوّلها لانتفاضة..

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

تتزايد المخاوف الإسرائيليّة الرسميّة من اندلاع انتفاضةٍ ثالثةٍ بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، وما لجوء الكيان إلى قطر إلّا محاولة أخرى لكبح جماح العمليات التي تُنفذها المقاومة، والتي باتت تقضّ مضاجع صنّاع القرار في تل أبيب، علمًا أنّ التوجّه لقطر، جاء بعد الرسالة التي بعثتها القيادة الإسرائيليّة إلى رئيس السلطة الفلسطينيّة في رام الله، محمود عبّاس، لوضع حدٍّ لما أسمته المصادر بتل أبيب الفلتان الأمنيّ، وجاءت هذه التطورّات على وقع التحذير المصريّ لحكومة يائير لبيد بأنّ الضفّة الغربيّة غدت قاب قوسيْن أوْ أدنى من الاشتعال.

 وفي هذا السياق، رأى المُستشرِق إيال زيسر، في مقالٍ نشره اليوم الاثنين بصحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة، رأى أنّ “الانطباع الذي يحصل عليه المرء من متابعة الإعلام العبريّ هو أننا لسنا في خضم تصعيد كبير لموجات الهجمات (عمليات المقاومة) من اليسار واليمين، لكن هذا الشعور المخادع يمكن أنْ يكون مجرد الهدوء ما قبل العاصفة، وفي الحقيقة العاصفة قد وصلت بالفعل، فلا يمُرّ يوم دون أحداث عنيفة بين الجيش الإسرائيليّ وحشود فلسطينية أوْ دون أنْ تتحول بعض الغارات على قرية فلسطينية إلى ساحة معركة حيث اشتبك مئات السكان مع القوات التي ردت بالنيران”، على حدّ تعبيره.

 البروفيسور زيسر، وهو من كبار المحللين والباحثين في مركز (ديّان) ونائب رئيس جامعة تل أبيب، أضاف أنّه “لا يمر يوم دون وقوع هجوم (عملية) طعن أوْ حادثة دهس، كما كان هناك ارتفاع في عدد الضحايا الفلسطينيين، حيث أدت كل حالة وفاة إلى تأجيج التوترات بشكل أكبر”، وفق أقواله.

وشدّدّ المُستشرق على أن “جنين قد تكون عاصمة الإرهاب، النقطة الساخنة الرئيسية، لكن غور الأردن أصبح مؤخرًا بؤرة ساخنة، كما حدث في منطقة بنيامين، وشهدت نابلس والخليل ومنطقة القدس (بما في ذلك أحيائها العربية) حوادث عنف يومية. بعبارة أخرى، منطقة يهودا والسامرة (الاسم التناخيّ التوراتيّ للضفّة الغربيّة) مشتعلة”، كما قال.

وأشار المستشرق أيضًا إلى أنّ “البعض حاولوا تفسير هذا التطور على أنّه نتيجة الزوال النهائي للسلطة الفلسطينية، أو على الأقل شفق الرئيس محمود عباس البالغ من العمر 87 عامًا، السلطة الفلسطينية وعباس ضعيفان ويفتقران إلى الإرادة لفرض النظام في المناطق التي يسيطران عليها، لكن المستقبل سيكون أسوأ لأن أولئك الذين سيحلون محل عباس لن يتمتعوا بنفس الشرعية التي يتمتع بها الشخص الذي كان الذراع اليمنى لياسر عرفات، ولذا يمكن أنْ يُعزى ارتفاع العنف أيضًا إلى الرياح الخلفية التي تلقاها الفلسطينيون من أولئك الذين يُفترض أنهم حلفاء لإسرائيل وعادة ما يدعمون حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، طبقًا لتحليله.

ونبّه البروفيسور زيسر إلى أنّه “يجب أنْ نتذكر أنّه لم يتوقع أحد الانتفاضات الماضية التي اندلعت بشكلٍ عفويٍّ وبالتدريج دون أنْ ينسقها أحد من أعلى إلى أسفل، وكانت الجماهير هي التي قادت أعمال العنف (أعمال المقاومة) مجرى الأحداث، وفاجأت إسرائيل التي لم تكن مستعدةَ، لذلك تأخر الرد وفُقدت السيطرة لفترةٍ”، كما قال.

علاوة على ما جاء أعلاه، أكّد البروفيسور زيسر أنّ “نتيجة الانتفاضة الأولى هي اتفاقات أوسلو، والانتفاضة الثانية جاءت بفك الارتباط عن غزة حيث انسحب الجيش الإسرائيليّ من غزّة وشمال السامرة عام 2005. يجب أنْ نتذكر أن القصة الصهيونية بأكملها والقتال على هذه الأرض هي قصة موجات عنف تظهر وتتلاشى لتعاود الظهور”، على حدّ زعمه.

وأوضح أنّ “الهدوء التام شيء لا يرجح أنْ يراه جيلنا، احتفلت إسرائيل مؤخرًا بمرور 55 عامًا على احتلال يهودا والسامرة، وهي فترة أكبر بكثير من فترة الانتداب البريطاني والاحتلال الأردني مجتمعين، وينظر الكثيرون إلى الوضع الراهن على أنه أهون الشرين لأنّه يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالمنطقة دون مواجهة رد فعل دبلوماسي عنيف على المسرح العالميّ”، وفق تعبيره.

وخلُص إلى القول: “لكن هناك لحظة تفوق فيها مساوئ الوضع الراهن على مزاياه، في مثل هذه المرحلة، من الضروري التفكير خارج الصندوق لإحداث التغيير. يجب على إسرائيل مواجهة هذه الموجة (المقاومة الشعبية) بكل قوتها قبل أنْ تصبح انتفاضة كاملة، وفي الوقت نفسه يجب مراقبة نبض يهودا والسامرة لكي نعرف في وقت مبكر متى الوضع القائم لن يعد قائمًا”، كما قال المُستشرق الإسرائيليّ البروفيسور إيال زيسر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: