موقع دنيا الوطن ينشر مقالا لمجدى حسين :مهزلة انتخابات الرئاسة الأمريكية

تاريخ النشر : 2022-09-13

 

استمع

مهزلة انتخابات الرئاسة الأمريكية

مهزلة انتخابات الرئاسة الأمريكية.. كثيراً ما ينجح المرشح الحاصل على أصوات أقل 

بقلم: مجدي حسين

الديموقراطية لها شقان: 1 آلية اختيار الحاكم واتخاذ القرار 2 حرية التعبير، وبعد المقارنات التي أجريناها بين النظام الإسلامي الأول والنظام الأمريكي في آلية اتخاذ القرار بقيت نقطة أخيرة في آلية اختيار الحاكم الأمريكي لا يدركها معظم المتابعين لأخبار أمريكا، وتكمن أهميتها فى أنها تكشف زيف هذه اللعبة الديموقراطية، إعلامنا نادراً ما يتحدث عنها عن جهل وعدم معرفة على الأغلب أو لأن الاعلام الغربي الموجه لنا لا يوضح ذلك.

لايعرف كثيرون أن الرئيس الأمريكي من المفترض ألا يتم اختياره مباشرة من الشعب، ولكن يتم ذلك على مرحلتين، كتقليد أمريكي قديم في نظام اتحادي، فإن كل ولاية تنتخب مندوبين يتناسب عددهم مع عدد سكان الولاية، ثم يقوم هؤلاء المندوبون باختيار رئيس الجمهورية، ولكن هذه المرحلة تم اختزالها بحيث لم تعد مرئية، فلا مندوبون ولا يحزنون.

ولكن يبقى من تقليد الماضىي أن كل ولاية لها قوة تمثيلية بعدد مندوبيها وأن الذى يحصى في النهاية هو حاصل جمع عدد هذه الأصوات التمثيلية لكل ولاية، فهذه الولاية تساوي 20 صوتاً وتلك تساوي 5 أصوات وهكذا، وجمع هذه الأصوات هو الذي يحدد الفائز لا جمع أصوات الجماهير، والمرشح الذي يحصل على 51 % من أصوات ولاية محددة يحصل على كل ما تمثله من أصوات.

وهذه قاعدة غير عادلة تهدر كثيراً من الأصوات التى صوتت ضد هذا المرشح وأعطت أصواتها للمرشح المنافس! لذلك لقد حدث عدة مرات أن فاز بالرئاسة الذي حصل على أصوات أقل من الجمهور، ولكن نجح فى جمع الأصوات الكافية من الولايات وفقاً لعددها النسبي.

وهذا ما حدث مع بوش الصغير ضد منافسه الديموقراطي آل جور، وهذا ما حدث مع ترامب ضد هيلاري كلينتون وهذا أمر معلن لأن هذا هو النظام الانتخابي، ويحدث أحياناً أن يحصل المهزوم على أصوات من الجماهير أكثر من المرشح الفائز بمليون أو 2 مليون صوت! وهذه مهزلة بكل المقاييس ولا تمت للديموقراطية بصلة، لأن الديموقراطية تقوم على فكرة الأغلبية.

لذلك فإن عملية التصويت على رئاسة الجمهورية تتسم بالغموض ولا يفهمها كثير من الناس حتى في أمريكا وهذا مطلوب!! لأن الحاوي لابد أن يربك الجمهور بكلام وحركات لتشتيت الانتباه عن الحركة التي سيقوم بها ليؤكد أنه ساحر! فيخرج من كمه حمامة مثلاً! فالخطوتان أختزلتا فى خطوة واحدة.

فلا أحد يذهب لينتخب لائحة من المندوبين، ولكنه يذهب لانتخاب الحمار أو الفيل رمزي الحزبين ، وبالتالي لم يعد هناك أي مندوبين يجتمعون ليناقشوا ويقرروا، وهذا هو جوهر الانتخاب على درجتين.

أما الآن فإذا كان للولاية ثقل انتخابي = 7 أصوات، فإن المرشح الذى يحصل على الأغلبية في هذه الولاية يحصل على كل الأصوات السبعة، وهناك مشكلة إضافية فلا شك أن عدد سكان وناخبي الولايات فى تغير مستمر بسبب كثرة حراك الأمريكيين بين الولايات ولكن العدد المقرر لكل ولاية لا يتغير من انتخاب لآخر.

وهذا ما يؤدي إلى مفارقة إضافية تزيد في عدم عدالة توزيع الأصوات، ولذلك فإن المشكلات الكبرى التي تصل إلى حد التزوير أحياناً تحصل عادة في الولايات ذات الوزن التصويتي الأكبر مثل كاليفورنيا وفلوريدا.

غموض مسألة المرحلتين اللتين اختزلتا عمليا لمرحلة واحدة هو الذى يتيح فرصاً عديدة للتلاعب في نتيجة الانتخابات، وطالما لا توجد انتخابات حقيقية بين مندوبين، فلا شك أن فوزالرئيس بأصوات جماهيرية أقل ليس من العدل في شيء و ليس من الديموقراطية المزعومة!

هذه الحقيقة تحول متابعة نتائج الانتخابات الرئاسية على لوحات الكترونية وكأنها لوحات بأسعار الأسهم في البورصة، إلى خلق إثارة وهمية بينما المسألة في النهاية تجرى بين مرشحين لا فرق جوهري بينهما، جورج مثل آل جور وأحمد زي الحاج أحمد.

وإن جاز هذا في المنافسات الرياضية بين الأندية حيث لا فرق حقيقة بين النوادي، فكلها من أبناء وطن واحد ويلعبون بنفس القواعد وأحياناً بنفس الخطط، فإن هذا لايجوز في معركة سياسية وانتخابات رئاسية في أكبر دولة في العالم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: