طغيان السلطة الرئاسية فى أمريكا : زيادة عدد موظفى البيت الأبيض من 50 إلى ألفين وطول مدة بقاء المساعد – بقلم : مجدى حسين

الاعلام فى صدر الاسلام – 2

فى مرحلة لاحقة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستفادة من مواسم الحج لكى يلتقى بوفود كل قبائل الجزيرة العربية . وهكذا على مدار سنوات كانت رسائل الاسلام تصل لكل قبائل العرب بدون استثناء . ظل دخول الاسلام فرديا ، ولكن رسالة الاسلام وصلت للجمهور المستهدف كله بلا استثناء .. كل العرب من سكان الجزيرة . لم تكن هناك حاجة لقناة فضائية ولو وجدت قناة فضائية فلن ينتشر الاسلام بمعدل أسرع مما حدث . وقد أدت هذه الاتصالات إلى بيعتى العقبة الأولى والثانية خلال مواسم الحج وهذا ما أدى إلى انتقال الاسلام إلى يثرب – المدينة. وعندما ذهب مصعب بن عمير يتبعه بن أم مكتوم وفقا لبعض الروايات .. كان مصعب بحفظه القرآن وتعاليم الاسلام جهاز إعلامى متحرك . وخلال عام انتشر الاسلام فى كل بيت بالمدينة ، فالمجتمع صغير ، وتنتقل فيه الأنباء سريعا . وكان هذا التركيز فى المدينة أهم من الانتشار ، فلابد من مرحلة تركيز قبل الانتشار، فالتركيز يساعد فى خلق الخميرة الأولى ، مادة الاسلام الأولى من الأنصار . وبالتالى فإن الانتشار الاعلامى فى تلك المرحلة أكثر من ذلك لن يكون مفيدا بدون قاعدة مادية من البشر تكون الأساس لبناء أول دولة اسلامية فى المدينة . وكانت فكرة بناء دولة مدينة فكرة سائدة فى العالم فى ذلك الوقت عدا بلاد الحضارات الكبرى وعلى رأسها مصر . بل لقد ظلت اوروبا قارة دول مدينة فى كثير من البلدان حتى القرن التاسع عشر . وقامت من قبل حضارة اليونان على فكرة الدولة المدينة .

ونعلم قبل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب بنفسه إلى الطائف وهى أحد المراكز الكبرى فى الجزيرة العربية بعد مكة لنشر الدعوة ولكنه قوبل بالصدود .

فى مرحلة المدينة أصبحت الدائرة الاعلامية أكثر إتساعا : المسجد حيث إقامة الصلاة خمس مرات فى اليوم . كان هناك اتصال يومى بين رئيس وقادة الدولة وكل الجمهور ، لاحظ كل الجمهور ، فكل رجل يتعين عليه أن يصلى فى المسجد ، كذلك المسجد مفتوح للنساء وحتى للصبية والأطفال . لم تكن هناك حتى الآن مشكلة اعلامية ، فالدولة تتصل بسهولة بالشعب ولا تحتاج لقناة فضائية للمدينة وهى لن تضيف شيئا إن وجدت . والاسلام ينتشر حول المدينة بصورة تدريجية ولم يكن من المصلحة إثارة قلق الدول العظمى المجاورة : الرومان والفرس من هذه الدولة الفتية الوليدة .. ولكن فى مرحلة لاحقة بعد أن ترسخت أقدام الدولة الاسلامية قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بإرسال رسائله إلى حكام الدول المحيطة فى مصر والشام وفارس . وكانت أخبار مكة متواترة وتتدفق إلى المدينة بوسائل شتى ، ولم يعدم الأمر من زوار هنا وهناك .وكانت سور القرآن الكريم تصل سرا إلى مكة .وظل عدد المسلمين الذين يكتمون إيمانهم فى إزدياد ، كما أكدت سورة الفتح فى العام السادس للهجرة . بينما تنامى جهاز إعلامى بشكل عنكبوتى فى كل الجزيرة العربية قوامه القرآن وحفظة القرآن والدعاة فى حصار التفافى شامل حول مكة – راجع كتاب سنن التغيير فى السيرة النبوية لكاتب هذه السطور .

وكما يحدث فى الاعلام الحديث قطع للارسال وبث خبر مباشر أو عاجل ، لم يكتف المسلمون بالصلوات الخمس ، فعندما يحدث أى طارىء لا يحتمل الانتظار لموعد الصلاة التالية ، كان النداء : الصلاة جامعة ، ليأتى الناس ليسمعوا بيانا طارئا من القيادة . وعندما توسعت الدولة الاسلامية خلال الفتوحات فى العراق وفارس والشام ومصر تمدد الجهاز الاعلامى بدوره عبر رسائل الخليفة التى تتلى على المقاتلين . وكما ذكرنا فقد ورث عمر بن الخطاب من أبى بكر جهاز كمبيوتر وشبكة انترنت دقيقة ، أعنى جهاز إتصال كفؤ يجعل الحاكم فى المدينة على اتصال شبه يومى ب 11 جيش فى أماكن مختلفة لقتال المرتدين ثم للاتصال شبه اليومى بالجيوش فى جبهتى العراق والشام حيث كانت تتلى رسائل عمر بن الخطاب على فترات متقاربة على المقاتلين فى الجبهتين بالاضافة لخطب ورسائل قادة الجيوش : أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد . وبعد استقرار الحكم فى هذه البلاد تم التواصل الاعلامى بنفس طريقة التواصل فى المدينة ، حيث كان الوالى يتواصل مع جمهور الولاية فى المسجد كل يوم . وهو إعلام تفاعلى أى ليس مجرد رسالة من الوالى بل يسمع أيضا لآراء وانتقادات الجمهور . كذلك كانت تتلى فى المسجد الكبير رسائل أمير المؤمنين حتى وإن تضمنت نقدا لاذعا للوالى كما حدث عندما تليت رسائل عمر بن الخطاب فى المسجد الكبير الذى أصبح اسمه الآن جامع عمرو بن العاص ، ولم يكن عمرو بن العاص يعلق على هذه الرسائل أمام الجمهور ، ولكن يرسل بآرائه بقوة لأمير المؤمنين فى رسائل خاصة .

وهكذا تكتمل الدائرة الاعلامية وتتوسع مع توسع الدولة استنادا لمرتكزات أساسية وهى المساجد الكبرى ، والمحصلة النهائية ان الرسالة الاعلامية تصل إلى الجمهور المستهدف . ولم تكن هذه الرسائل مجرد توجيهات سياسية بل كثيرا ما كانت رسائل إخبارية ، فيأتى المبعوث من الجبهة ويروى تفاصيل المعارك والانتصارات لعموم الجمهور . كان المواطن المسلم غير مغيب بل يعيش تفاصيل الأحداث الكبرى يوما بيوم .

أما ما يمثل صحافة الرأى فقد كان موجودا وممثلا فى حق كل صحابى أو قائد أو مواطن أن يعلن رأيه المؤيد أو المعارض على الملأ فى المسجد دون أن يقاطعه أحد أو يقطع عنه الاتصال التليفونى كما يحدث الآن حتى فى القنوات الامريكية وقد تابعت ذلك بنفسى خلال زياراتى للولايات المتحدة . أمهات كتب التاريخ لاتنتقى الأخبار وإذا عدت إليها ستجد حرية التعبير تفوق الوصف بين الحاكم والمحكومين وبين الصحابة بعضهم بعضا ، وستجد بعض التجاوزات كما يحدث فى أى تجربة ديموقراطية . وأنا أتجنب أسوة بالأساتذة من الكتاب المعاصرين إعادة نشر بعض هذه الملاسنات لأنه ليس من المطلوب إعادة نشرها ، ولكنها حتى بما فيها من تجاوزات أكبر دليل على حرية التعبير ، ولا حرية تعبير بدون تجاوزات ، فهذه طبيعة البشر ” لايحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ” النساء 148 .

والآن نعود إلى حرية الاعلام فى امريكا وأسمع من يقول كيف تقارن بين الاعلام الاسلامى والاعلام الامريكى العظيم من حيث الحرية ، اعلام يوجد به 2000 قناة تلفزيونية و15 ألف محطة راديو و1300 جريدة و20 شركة انترنت كبرى – و6 استديوهات كبرى لإنتاج أفلام السينما ؟

هذا ما سنأتى له وسنفك أخطر شفرات السياسة العالمية بإذن الله.

ملحق – 1 : علوم المسلمين فى مجال الأصوات

مع تطور الحضارة الاسلامية اكتشف علماء المسلمين وطوروا تقنية الهندسة الصوتية واستخدامها فى الصوتيات المعمارية . فالصوت عندما ينعكس على سطح مقعر فإنه يتجمع فى بؤرة محددة مثل الضوء وإذا جرى حساب دقيق لهندسة السطوح المقعرة فإنه يصبح بالإمكان تسليط الأمواج الصوتية المنعكسة وتركيزها فى اتجاهات معينة بحيث تزيد وضوح الصوت وشدته . واستخدمت هذه الخاصية فى بناء وتشييد المساجد الجامعة الكبيرة لنقل صوت الخطيب والإمام ، مثل مسجد أصفهان القديم ومسجد العادلية فى حلب وبعض مساجد بغداد القديمة ، ولعل هذا من أسباب استخدام القباب بتوسع فى بناء المساجد

ملحق – 2

طغيان السلطة التنفيذية الرئاسية الامريكية

نحن هنا نتحدث عن طغيان البيت الأبيض ليس كفرد الرئيس ولكن كمؤسسة تجمع مختلف عناصر جماعات الضغط الرئيسية وأجهزة الحكم الأمنية وعالم المال والأعمال والجيش واليهود فهذه الطغمة المتحالفة تهيمن على النظام والمجتمع من خلال البيت الأبيض ، لذلك فهم جميعا مع تعزيز صلاحيات الرئيس حتى أكثر مما ورد فى الدستور .وقد أدت الخلافات المستمرة مع الكونجرس إلى زيادة سلطات الرئاسة وحلت الأوامر التنفيذية والقرارات التنظيمية الرئاسية محل القوانين أو قرارت الكونجرس ، وارتفع عدد العاملين فى البيت الأبيض من 50 موظفا فى سنوات الستينيات من القرن العشرين إلى ألفى موظف الآن بما يعكس حجم التمركز البيروقراطى للسلطة الذى يكاد يلغى دور الكونجرس والوزارات . كما يتولى الرئيس وفقا للدستور تعيين القضاة التسعة للمحكمة الفيدرالية العليا – الدستورية وهم عادة ما يلتزمون بإنتماء حزبى للجمهورى أو الديموقراطى . ولذلك يحرص الرئيس على تعيين قضاة ينتمون إلى حزبه وهو إنتماء بمعنى الولاء لا العضوية . ومن الأمور الملحوظة طول فترة عمل المساعدين فى البيت الأبيض لسنوات عديدة حتى ان المساعد يعمل لحساب العديد من الرؤساءمن نفس الحزب أو حتى يغير ولاءه للحزب ليتبع الحزب الناجح فى انتخابات الرئاسة .جوزيف كاليفانو مثلا كان يعمل فى البنتاجون والبيت الأبيض أيام الرئيس ليندون جونسون فى الستينيات من القرن العشرين واستمر يتقلب فى المناصب حتى تولى موقع وزير الصحة فى عهد الرئيس جيمى كارتر فى بداية الثمانينيات ، وستجد كثيرا من الوجوه الثابتة فى المواقع التنفيذية أو فى الكونجرس لعشرات السنين !! بل يتم توريث مقاعد الكونجرس للأبناء كما يحدث فى مصر !! عبر الانتخابات طبعا !!

الحلقة 141 من دراسة المستطيل القرآنى – الجزء الثانى

magdyhussein.id

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: