لماذا نَشكُر الرئيس التشيلي على صفعته القويّة للكيان حتّى لو تراجع ونلوم الدّول العربيّة المُطبّعة؟ وهل ستتكرّر هذه الصّفعة في دُوَلٍ أمريكيّة وجنوبيّة أُخرى في قادمِ الأيّام؟

كان قرارًا شُجاعًا ذلك الذي اتّخذه غبرائيل بوريتش برفضه استلام أوراق اعتماد السفير الإسرائيلي المُعيّن غيل إرتزيللي بعد دقائقٍ من وصوله يوم الخميس إلى القصر الجمهوري في سانتياغو ضمن سُفراء آخرين، احتجاجًا على اغتيال الجيش الإسرائيلي الشّبل الفِلسطيني عدي صالح (17 عامًا) أثناء غارةٍ له على مدينة جنين في اليوم نفسه.

صحيح أن الحُكومة التشيليّة تراجعت عن القرار وحدّدت يوم 30 من شهر أيلول (سبتمبر) الحالي كمَوعدٍ لتقديم السفير الإسرائيلي أوراق اعتماده مُجَدَّدًا، ولكنّ الرّسالة الاحتجاجيّة التشيليّة القويّة ومن قِبَل الرئيس التشيلي الشّاب المُنتَخب قد وصلت، وأعطت مفعولها بالكامل، من حيث احتِلالها العناوين الرئيسيّة ليس في دولة تشيلي فقط، وإنّما في جميع الأجهزة الإعلاميّة في القارّة الأمريكيّة الجنوبيّة، ومُعظم مَثيلاتها في مُختلف أنحاء العالم، كتابةً، وصوتًا، وصُورة.

من المُؤسِف أنّ جميع الحُكومات العربيّة، خاصَّةً التي طبّعت علاقاتها مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي تحت ذريعة خدمة عمليّة السّلام، وحماية الحُقوق الفِلسطينيّة في الأراضي المُحتلّة توقّفت كُلِّيًّا عن عمليّات الاحتجاج المُماثلة على قتْل الفِلسطينيين، والأطفال والنّساء خاصَّةً، على أيدي قوّات الجيش الإسرائيلي، وبالرّصاص الحيّ، والأخطر من ذلك أن هذه الحُكومات باتت “تتطرّف” و”تتغوّل” في توثيق علاقاتها، وتعاونها الأمني، والعسكري، والاقتصادي مع دولة الاحتِلال، وكأنّها بذلك تُشَجِّعها على المُضيّ قُدُمًا في عمليّات القتل هذه.

ad

نقول للرئيس التشيلي شُكرًا على تعاطفكِ الإنسانيّ الرّاقي والمُعبّر، وتضامنك مع هذا الطّفل الشّهيد عديّ صالح، وبمِثل هذه الطّريقة المُعبّرة التي حقّقت أهدافها وأوصلت رسالتها بشَكلٍ قويّ، في زَمَنٍ بدأ العالم، وبضَغطٍ أمريكيّ، وترهيبٍ إسرائيليّ، يُدير وَجْهَهُ إلى الجهة الأُخرى، غضًّا للنّظر عن جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي يوميًّا في الأراضي العربيّة الفِلسطينيّة المُحتلّة.

من المُؤكًد أن السّفير الإسرائيلي سيُقدّم أوراق اعتماده للرئيس التشيلي بعد تأجيل أكثر من أُسبوعين، وهو مُطَأطَأ الرّأس، ولو كان يُمثّل دولةً مُحترمةً قويّةً مثلما يدّعون لما عادَ إلى القصر الجمهوري التشيلي لتقديم أوراق اعتماده مرّةً ثانية، وبعد طرده بتِلك الطّريقة المُهينة.

إنها صفعةٌ قويّةٌ للاحتِلال وجرائمه ومن رأسِ دولة في تشيلي، وربّما تكون مُقدّمة لصفعاتٍ أُخرى أكثر قُوّةً في الأسابيع والأشهر القادمة من رؤساء آخرين في أمريكا الجنوبيّة، ودُوَلٍ أُخرى، خاصَّةً أن الشعب الفِلسطيني في الضفّة الغربيّة والمناطق المُحتلّة الأُخرى مزّق اتفاقيّة أوسلو المَغشوشة، وفي طريقه لإلغاء اتّفاقات التّنسيق الأمني، والعودة إلى المُقاومة المشروعة بالطُّرقِ كافّة لإنهاء الاحتلال.

“رأي اليوم”

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: