تستمّر حرب الظلال بين إيران وإسرائيل، وتتمركز في توجيه الضربات السيبرانيّة بينهما لإلحاق الأضرار الواحدة بالأخرى، وعلى الرغم من أنّ دولة الاحتلال تعتبر نفسها قوّةً عظمى في مجال التكنولوجيا المُتطورّة، إلّا أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة أيضًا تعمل في هذا المجال، وبشكلٍ يُسبب الأذى للكيان، ولذا تُقّر المصادر الوازِنة في تل أبيب بأنّ هذا التحدّي الإيرانيّ بات يُشكّل تهديدًا إستراتيجيًا، وتعمل بكلّ ما أوتيت من قوّةٍ، بمُساعدةٍ من دولٍ أخرى، على درء هذا الخطر المُحدَّق.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة عن مصادر مطلعةٍ جدًا في تل أبيب قولها إنّ جيش الاحتلال اكتشف زيادة تقارب 70 بالمائة في حجم المحاولات الإيرانية لمهاجمة إسرائيل، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّ أهداف العام الماضي، وإجمالاً، هذه عشرات الهجمات المهمة التي وقعت في العام الماضي، لكن الجيش يدعي أنّ معظمها تم التعرف عليه وإحباطه، على ما نقلته الصحيفة.
وتابعت المصادر الإسرائيليّة قائلةً إنّه “مع ذلك، تسببت إحدى الهجمات، التي استهدفت مستشفى (هيليل يافه) في الخضيرة، جنوب حيفا، في إلحاق الضرر بالسير العادي للمؤسسة الطبية، وبالتالي وافق الجيش الإسرائيليّ وأرسل جنودًا من قسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمساعدة المستشفى على التعافي والعودة إلى طبيعتها، على الرغم من ذلك”، وفق أقوالها.
وأشارت المصادر إلى أنّ جيش الاحتلال أوضح أنّ “القانون الإسرائيلي ينص على أنّ المقر الوطني السيبراني مكلف بهذه القضية، إلى جانب جهاز الأمن العّام (الشاباك)، الذي يوجّه مؤسسات مثل البنوك وشركة الكهرباء وشركات الهواتف المحمولة حول كيفية الدفاع عن أنفسهم ضد هجوم إلكتروني”.
علاوة على ما ذكر أعلاه، شدّدّت المصادر المطلعة بتل أبيب على أنّه “يمكن لهجوم سيبراني إيراني اقتحام الهواتف المحمولة وتطبيقات مئات الآلاف من المواطنين، وبالتالي استخراج وتوزيع معلومات حساسة ومحرجة، وبصرف النظر عن هذا، هناك أنواع أخرى من الهجمات الإلكترونية مثل الاستيلاء على حسابات مصرفية خاصة وتعطيل حركة القطارات وإشارات المرور واستخراج ونشر المعلومات الطبية الشخصية وغير ذلك”، على حدّ قولها.
وكشفت الصحيفة النقاب، نقلاً عن ذات المصادر أنّه “اعتبارًا من اليوم، تنقسم حماية المواطنين ضد مثل هذه التهديدات كما هو مذكور بين عدة جهات، والمهمة الرئيسية للجيش الإسرائيليّ هي الحماية الإلكترونية لأنظمته التشغيلية والشبكة العملياتية الداخلية للقوات”.
ورداً على سؤال الصحيفة العبريّة عن الجهة المسؤولة فيما يتعلق بحماية معلومات المواطنين التي يمكن نشرها في أوقات الحرب، أوضحت المؤسسة الأمنية أنّ جميع الهيئات تعمل معًا في المواقف الروتينية والطارئة ضد الهجمات الإلكترونية من قبل العدوّ، كما أكّدت الصحيفة في تقريرها.
ووفقًا للمصادر الأمنيّة، كما أكّدت الصحيفة العبريّة، “يدير الجيش الإيرانيّ حاليًا أكثر من 20 وحدة إلكترونية هجومية، عشر منها على الأقل تعمل ضد إسرائيل”، مُضيفة أنّ “معظم الهجمات التي تمّ تحديدها في الجهاز الأمنيّ تتم بشكلٍ أساسيٍّ في عطلة نهاية الأسبوع”.
ولفتت إلى أنّه “على الرغم من التهديدات بالاستخدام الموسع للأسلحة السيبرانية في الحرب، لا يزال كبار المسؤولين العسكريين يقدرون أنّه في السنوات القادمة سيكون التهديد الرئيسي للإسرائيليين هو الصواريخ، وفي نفس الوقت يحذرون من أنّ “الإنترنت سيكون قادرًا على تعطيل الجيش والدولة ويضر بكل عملية في حياتنا”.
ووفقًا للمصادر اختتمت الصحيفة العبريّة تقريرها بالقول:”قدّم قسم تكنولوجيا المعلومات هذا الأسبوع نظامًا جديدًا تم تطويره لمزامنة أهداف القتال والأعداء التي سيتم مهاجمتها في الحرب، خاصة في الساحة الشمالية. يتيح النظام المسمى Maestro زيادة تأثير الهجوم من الجو والبر والبحر، ومرونة وسرعة تفعيل القوات من قبل المقر الرئيسيّ، كما يوفر بيانات قتالية موحدة ونقاط ضعف لجميع الأسلحة وهيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيليّ”، على حدّ تعبيرها.
جديرٌ بالذكر أنّ صحيفة (هآرتس) العبريّة كانت مؤخرًا قد نقلت عن رئيس هيئة السايبير الوطنيّة الإسرائيليّة، غابي بورتنوي، قوله إنّ إيران تحولّت للاعبٍ مركزيٍّ تُواجهه إسرائيل، بالإضافة إلى كلٍّ من حزب الله وحركة (حماس) في فلسطين، مُضيفًا أنّ منظومة الدفاع السيبرانيّة الإسرائيليّة تمكّنت من صد حوالي 1500 محاولة هجوم عن طريق السايبير في السنة الأخيرة.
بورتنوي أشار إلى أنّ إسرائيل بحاجةٍ لقبّةٍ حديديّةٍ لاستخدامها في مجال صدّ الهجومات السيبرانيّة والدفاع عن مواطني الكيان وتؤدّي لتقليل وتخفيض الهجومات المذكورة بصورةٍ كبيرةٍ، على حدّ قوله.