ما هي التطورات الخمسة التي تميز عملية القدس الغربية “النوعية” عن جميع سابقاتها قبل أوسلو وبعده؟

عندما توقعنا، وأكثر من مرة، في هذا المكان، قبل عدة أشهر، ان المقاومة للاحتلال ستعود الى الضفة الغربية المحتلة، وبصورة أكثر قوة، وتنظيما، وتطورا، شكك كثيرون فيما نقول، وها هي العمليات الهجومية “النوعية” على المستوطنين وجنود الاحتلال تتناسل، وتتكاثر بشكل متسارع غير مسبوق، وتنبئ بأخبار سيئة وصادمة للاحتلال ومستوطنيه ولوبياته وموقعي اتفاقات السلام معه.

عمليات زرع الحقائب المتفجرة في محطات الحافلات، وفي قلب المدن وشوارعها الرئيسة التي إختفت طوال العشرين عاما الماضية تعود وبقوة، وأين؟  في القدس الغربية المحتلة، مثلما حدث في عملية فجر اليوم الأربعاء، أدت الى مقتل مستوطنين اثنين، واصابة 14 آخرين، عندما انفجرت عبوتين ناسفتين، وعدم العثور على أي أثر للذين زرعوها وفجروها عن بعد.

هناك عدة ملاحظات جوهرية لا يمكن تجنب التطرق اليها لمعرفة الاسرار والظروف المحيطة بهذين التفجيرين، والخروج بقراءة دقيقة لما يحمله المستقبل القريب من مفاجآت:

  • الأولى: ان هذه أول عملية تفجير “نوعي” منذ عام 2000 تقريبا، حيث قام “شباب” بزرع العبوتين وتفجيرهما من خلال جهاز التحكم عن بعد، وهذه التكنولوجيا الحديثة في التفجير متطورة جدا، تكشف عن عقول جبارة تتولى عملية الاعداد، والزرع والتفجير، وربما هذا التطور التكنولوجي هو قمة جبل الجليد.ad
  • الثانية: ان هاتين العبوتين تم زرعهما في محطات حافلات في القدس الغربية المحتلة، أي ليس القدس الشرقية حيث توجد نسبة عالية من السكان العرب، اهل البلد من المسيحيين والمسلمين، وهذه تفصيلة مهمة جدا لأي محلل يريد قراءة دقيقة لأحداث المستقبل.
  • الثالثة: زرع هاتين المتفجرتين، بالطريقة التي كشفت عنها التحقيقات الأولية، يؤكد انهما ليسا عملا فرديا مثل العمليات الأربع السابقة في بئر السبع وتل ابيب، والخضيرة، وبني باراك التي اسفرت عن مقتل حوالي 14 إسرائيليا، او مثل عمليتي حاجز شعفاط (مقتل جندية)، او مستوطنة ارييل (مقتل ثلاثة مستوطنين طعنا)، وانما ربما تكون ثمرة بنى تنظيمية حديثة مستقلة تملك خبرات متقدمة جدا.
  • الرابعة: ترجح التحقيقات الأولية الأمنية الإسرائيلية ان من زرعوا هذه القنابل ربما يحملون البطاقات الزرقاء، أي من أبناء القدس المحتلة، والغربية على وجه الخصوص، او من المناطق المحتلة عام 1948، واذا صح هذا الافتراض، فهذا يعني ان أهلنا في هذه المناطق او داخل ما يسمى الخط الأخضر قد وضعوا كل ثقلهم خلف هذه الانتفاضة المسلحة، جنبا الى جنب مع اشقائهم في الضفة الغربية.
  • الخامسة: القيادات العسكرية الإسرائيلية التي ازدادت ارتباكا بعد هذا الاختراق الكبير لأجهزة الأمن الداخلي، بدأت تهدد بهجوم انتقامي، سواء على قطاع غزة، او العودة الى الاغتيالات للنشطاء في الضفة، وفي الحالين ستكون “إسرائيل” هي الخاسر الأكبر، لان ردود الفعل المتهورة هذه والتي جرى اللجوء اليها وتجربتها في الماضي ستأتي بنتائج أكثر كارثية، وستعيد توحيد الضفة والقطاع تنظيميا على أرضية المقاومة، ووفق معادلة جديدة: صواريخ في السماء من غزة، وعبوات ناسفة وعمليات انتحارية على الأرض في الضفة.

المستوطنون اليهود في الضفة الغربية والمناطق المحتلة (عام 48) يعانون من حالة القلق والإحباط المتفاقمة هذه الأيام، حسب ما جاء في دراسات عبرية حديثة تكشف ان أكثر من 60 بالمئة منهم يفكرون بالهروب الى ملاذات آمنة في أوروبا وامريكا وكندا، ولعل هذا التوجه سيزداد، وربما ترتفع هذه النسبة الى 100 بالمئة بعد ان وصلت العبوات الناسفة وتفجيرها بأجهزة التحكم عن بعد الى القدس الغربية التي من المفترض ان تكون أكثر المدن “الإسرائيلية” أمانا، حيث توجد مقرات الحكومة، والوزارات وقيادات الوحدات الأمنية.

المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي عائدة بقوة، وعملياتها شبابية ونوعية وحداثية جدا، ومتقدمة على أجهزة وحواسيب القوات الأمنية الإسرائيلية وخبرائها، ولا نستبعد هجمات نوعية متعددة ومفاجئة في الأيام والاسابيع المقبلة، فهذه المقاومة “الشبابية” “تبز” ما قبلها في النضال الفلسطيني.

إحتلال الخمس نجوم يلفظ أنفاسه الأخيرة.. والقادم أعظم.

“راي اليوم”

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: