في مقالٍ جريء يُغرّد خارج سرب الإجماع الصهيونيّ في دولة الاحتلال، أكّد الكاتب والمُحلِّل الإسرائيليّ التقدّميّ، غدعون ليفي، في صحيفة (هآرتس) العبريّة، أكّد أنّ زعيم حزب (القوّة اليهوديّة) إيتمار بن غفير هو الصهيونيّة، لافتًا إلى أنّه “ربّما هو تعبير قاسٍ وفظٍّ لها، لكن مواقفه هي مواقفها”.
ورأى المحلل أنّه “عندما يكون بن غفير مع طرد العرب والموت للإرهابيين والتفوق اليهودي وتهجير الفلسطينيين، فإنّه يمثل مواقف الصهيونية على حقيقتها. المسافة بين دافيد بن غوريون وبن غفير أقل ممّا قالوا لنا وأقل ممّا نتخيل، بن غفير هو الصهيونيّة، وصهيونية 2022 هي بن غفير، يصعب الاعتراف بذلك، ولكن لا يمكن إنكاره”.
ليفي تساءل في مقاله: “هل هناك شيء غيرُ صهيونيٍّ في بن غفير؟ منذ بزوغها والحركة الصهيونيّة تتحدث، وبالأساس تعمل، كـ بن غفيرية، وذلك في بداية القرن العشرين. قبل فترة طويلة من الكارثة (الهولوكوست) تحدثت بلغة بن غفير: إبعاد العمال الفلسطينيين وإدخال اليهود إلى العمل، هذا هو عالم قيم بن غفير”.
وأشار المُحلِّل إلى أنّه “عندما سمح بن غوريون بالتطهير العرقيّ لأجزاءٍ كبيرةٍ في البلاد، بصمتٍ أوْ بأمرٍ، لم يترك الوزير يغآل ألون قريةً فلسطينيّةً قائمةً بين يافا وغزة، وعندما تمّ طرد نحو 700 ألف فلسطينيّ من أبناء هذه البلاد الذين عاشوا فيها لأجيالٍ أوْ اضطروا للهرب من بلادهم، كلّ ذلك كان بلغة بن غفير، النكبة هي الصهيونية والنكبة هي بن غفير”، كما أكّد.
ad
وأردف: “عندما لاحقت إسرائيل (المتسللين)، وهم الفلاحون الفلسطينيون أنفسهم الذين فقدوا كلّ ممتلكاتهم وحلموا بالعودة إلى أراضيهم، أوْ على الأقل إخراج ما بقي من الممتلكات منها، كان هذا بصورة بن غفيرية دارجة. وعمليات الانتقام في الخمسينيات هي نفس عمليات الانتقام من الأبرياء، مع جرائم حربٍ وعقابٍ جماعيٍّ على الأغلب، هي بالضبط ما يطمح بن غفير إلى فعله الآن في وزارة الأمن القوميّ، وعندما صفقت إسرائيل للجرائم والمجرمين، هم كانوا أبناء مُستوطناتٍ وقرى تعاونيّةٍ لطفاء، لم يظهروا مثل بن غفير، ولم يتصرفوا مثله كما يبدو”.
عُلاوة على ما ذكره أعلاه، تساءل ليفي: “ألم يكن الحكم العسكريّ في المدن والقرى العربية الذي استمر من 1948 وحتى 1966 تجسيدًا لحلم بن غفير الذي قد يتحقق مرّةً أخرى في إطار تطبيق (النظام في الوسط العربيّ)، أيْ في صفوف فلسطيني أراضي الـ 48؟”.
وشدّدّ ليفي على أنّ “الحروب الاختياريّة التي شنّتها إسرائيل على غزة ولبنان، والمستوطنات والاحتلال، وتفوق اليهود والأبارتهايد، ومحو الخط الأخضر والضمّ الفعليّ، والاعتقالات الإداريّة والإدارة المدنيّة، وجرائم الحرب واليد الخفيفة على الزناد، وقانون العودة وقانون القومية، كلّ ذلك بروح بن غفير وكل ذلك صهيونيّ”.
بالإضافة إلى ذلك، لفت المحلل ليفي إلى أنّ “الكلمات السامية في وثيقة الاستقلال التي تتحدث عن (المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكل مواطني الدولة بدون تمييز في الدين والعرق والجنسيّ) بالتأكيد هي ليست بلغة بن غفير، لكنّها أيضًا بالتأكيد لم تُطبّق يومًا ما”، مُضيفًا أنّ “هذه أيضًا تتجاهل، بحكم الظروف، ملايين الرعايا الفلسطينيين الذين لا يمكنهم أنْ يكونوا مواطني الدولة التي تحكمهم منذ 55 سنة وهم يعيشون تحت حذائها، الذين تعد كلمة مساواة بالنسبة لهم كلمة ميتة، والصهيونيّة هي كلمة المفتاح لكارثتهم. صحيح أنّ الخطاب الصهيونيّ كان ذات مرة أكثر ليونة ونعومة على الأذن من خطاب بن غفير، ولكن بماذا يزيد هذا أوْ يُنقِّص”.
وأكّد المحلل الإسرائيليّ أنّه “من السهل رسم صورة بن غفير كشخصٍ مشاغبٍ يخرق القانون، أزعر وفظ الروح، يقلب بسطات الفلسطينيين في الخليل، ولكنها هي روح الصهيونيّة. الفرق في الغلاف فقط”.
ونبّه إلى أنّه “عندما ألقى كلٍّ من أريئيل شارون وشلومو باوم القنابل على بيوت أهالي قرية قبيا وقتلوا 60 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال، وهدموا 45 منزلاً، فإنهما بذلك فعلاً ما فعله باروخ غولدشتاين، (منفّذ مجزرة الحرم الإبراهيميّ الشريف بالخليل) واعتبرا بطلين”.
وتابع: “يظهر بن غفير كأزعرٍ خطيرٍ على الديمقراطية لأنّه قلب البسطات. (أيُّها الشباب، أريد تهنئتكم على عملكم المبارك)، قال بن غفير لقادة العملية الإجراميّة، التي تمّ إخفاؤها عن الجمهور في البداية على اعتبار أنّها عملية ديمقراطيّة متنورة، خلافًا لما يقول بن غفير الفظيع بأنّه سيفرضه علينا”.
وخلُص المحلّل ليفي إلى القول إنّه “بسبب ذلك ربّما يخافه الإسرائيليون الليبراليون، لأنّ بن غفير قد يعرض عليهم وجوههم الحقيقية”، على حدّ تعبيره.