الكيان ينقلِب ويرفض نقل ملكية كنيسة بالقدس لموسكو.. نتنياهو نكث بوعده لبوتن.. موسكو: الخطوة تُثير التوترّات.. وما علاقة قيام أمريكا بنقل أسلحةٍ مُخزنةٍ بإسرائيل للجيش الأوكرانيّ؟

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:

هل تستغّل دولة الاحتلال كنيسةً تابعةً لروسيا تقع بالقدس المُحتلّة كرافعةٍ للضغط على موسكو بعد أنْ عبّرت تل أبيب عن خشيتها من التقارب الروسيّ-الإيرانيّ، والذي أطلق عليه الإعلام العبريّ “حلف الشياطين”؟ والسؤال الثاني: هل الخطة الإسرائيليّة مرتبطة بتطورّات الحرب في أوكرانيا وقيام الولايات المتحدة في الوقت الحالي بنقل مئات آلاف القذائف المدفعية من العتاد العسكريّ الذي تخزنه في إسرائيل إلى الجيش الأوكراني؟

 وأفادت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكيّة أوّل من أمس، الأربعاء، بأنّ الولايات المتحدة تقوم في الوقت الحالي بنقل مئات آلاف القذائف المدفعية من العتاد العسكريّ الذي تخزنه في إسرائيل إلى الجيش الأوكرانيّ.

 وأضافت الصحيفة، التي تمّ اقتباسها في جميع وسائل الإعلام العبريّة، أنّ الولايات المتحدة نقلت حتى الآن 150.000 قذيفة مدفعية من إسرائيل إلى أوروبا، وهي نصف الكمية الإجماليّة التي تنوي واشنطن تزويد كييف بها من إسرائيل، ومن مخازن الأسلحة الأمريكيّة في كوريا الجنوبية.

 وورد في التقرير أيضًا أنّ إسرائيل أعربت في البداية عن خشيتها من تفسير نقل هذه الوسائل القتالية بأنّه تدخُّل منها في تسليح أوكرانيا.

 وبحسب “نيويورك تايمز”، فإنّ الجيش الأمريكيّ مخوّل استخدام عتاده المُخزّن في إسرائيل في حال نشوب نزاع شرق أوسطي يحتاج إلى تدخُّل الولايات المتحدة، كما أنّه يجوز للجيش الإسرائيلي استخدام هذه الأسلحة في حالات الطوارئ، ولا سيما في أثناء اندلاع حروب كما حدث في أثناء حرب لبنان الثانية سنة 2006، وعملية “الجرف الصامد” العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنّها في قطاع غزة سنة 2014.

وعودٌ على بدء: بعد أنْ كانت تتجّه لحسم مسألة نقل ملكية كنيسة تقع في البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة، لصالح الحكومة الروسية، وفقًا لمطلب الكرملين، ذكرت صحيفة (هآرتس) العبريّة أنّ إسرائيل قدّمت استئنافًا إلى المحكمة العليا بالقدس المُحتلّة على قرار المحكمة المركزيّة في المدينة والقاضي بنقل ملكية (ساحة ألكسندر) في المدينة القديمة إلى روسيا، وفي حال استمرّت إسرائيل بالعمل بالمسار القضائيّ، فإنّ الأمر يعني أنّها تعمل على تأجيج الخلافات مع روسيا، علمًا أنّه في حال رفض المحكمة الاستئناف، وهو الأكثر ترجيحًا، فإنّ حسم الأمر سيعود إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

 وكان التلفزيون الإسرائيليّ الرسميّ (كان 11) قد أفاد أنّ إسرائيل شرعت باتخاذ خطوات عملية لحلّ النزاع العقاريّ مع موسكو، فيما تصر الرئاسة الروسية على نقل ملكية كنيسة ألكسندر نيفسكي وساحة ألكسندر لصالح روسيا، واعتبرت أنّ عدم استجابة إسرائيل للمطلب الروسي في هذا الشأن يخلق نوعًا من التوتر في العلاقات بين الجانبين.

 وذكر التلفزيون أنّ مكتب محاميين مُعيّن من قبل الحكومة الإسرائيلية، توجه سابقًا للجهات المعنية التي تتنازع على ملكية الموقع، بما في ذلك الجمعية التي تديره منذ عشرات السنوات، والجهات الرسمية الروسية، وطلبت الحصول على حجج الطرفين بشأن أحقيتهم في ملكية الموقع.

 وأضافت القناة أنّ ذلك يأتي تمهيدا لحسم المسألة من قبل الجهات الرسمية الإسرائيلية، علمًا بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كان قد وقع على وثيقةٍ رسميةٍ تعترف بالموقع كـ “موقع مُقدّس”، الأمر الذي يجعل حسم هذه المسألة، تنحصر بيد السياسيين عبر اتخاذ قرار سياسي، وليس قضائيًا، رغم الالتماسات المقدمة بهذا الشأن.

 وشدد التقرير على أنّ إسرائيل ستحسم في هذه المسألة بشكل نهائي بعد تنصيب الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو، وليس في ولاية حكومة تسيير الأعمال الحالية برئاسة يائير لبيد.

وخلال السنوات الماضية، استخدمت موسكو هذا الملف للضغط على إسرائيل، وطالبتها بين الحين والآخر باحترام التزامها بنقل ساحة ألكسندر، بالحي المسيحي في البلدة بالقدس المحتلة، لصالح الحكومة الروسية، علمًا بأنّ قرارًا قضائيًا إسرائيليًا كان قد قضى بتعليق عملية التسليم إلى الجانب الروسيّ، بعدما تلقت طعنًا من “الجمعية الأرثوذوكسية الفلسطينية”، التي تدير الموقع منذ تشييده قبل نحو مائة عام.

و”الجمعية الأرثوذوكسية الفلسطينية” هي كيان مستقل يمتلك عقارات أخرى في القدس، والساحة المذكورة تضم كنيسة ألكسندر نيفسكي، ومباني أخرى تعرف جميعها باسم ساحة ألكسندر، وتقع أمام كنيسة القيامة.

وفي كانون الثاني (يناير) 2020 الماضي، وعد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمنح ملكية ساحة ألكسندر، للاتحاد الروسي، وذلك في إطار صفقة للإفراج عن سجينة إسرائيلية، نعما يسسخار، اعتقلت في موسكو، وصدر بحقها عقوبة السجن 7.5 أعوام لحيازتها مخدرات.

وفي 22 كانون الثاني (يناير) 2020، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية وثيقة قالت إنّ إسرائيل نقلت بموجبها ملكية ساحة ألكسندر إلى روسيا، مقابل إطلاق سراح يسسخار، علمًا بأن هذه المنطقة (ساحة ألكسندر)، ظلّت مسألة متنازع عليها منذ سنوات، بين الجمعية الأرثوذوكسية الفلسطينية والكنيسة الروسية.

وفي نيسان (أبريل) الماضي، وجّه الرئيس الروسي، بوتين، رسالة رسمية إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها، نفتالي بينيت، طلب فيها نقل ملكية كنيسة ألكسندر نيفسكي في القدس إلى ملكية روسيا، ونقلت وسائل إعلام روسية عن رئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية سيرجي ستيباشين، إنّ الوضع في أوكرانيا أوقف نقل مجمع ألكسندر في القدس إلى روسيا.

وفي مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وبعد تحكيم استمر نحو 10 سنوات، أصدرت محاكم في إسرائيل وفي نيويورك الأمريكية قرارًا يقضي بأنّ الجمعية الفلسطينيّة هي المالك القانونيّ لساحة ألكسندر، حيث أنّها اشترتها بعد بنائها من عائلة القيصر الروسيّ، وأنّ الحكومة الإسرائيلية ليس لها أيّ صلاحية لنقلها إلى طرفٍ ثالثٍ، وفق ما أورده موقع (ذا ماركر) الإسرائيليّ، في تقريرٍ سابقٍ.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: