كتاب جديد لمجدى حسين فى معرض القاهرةللكتاب عن محمد على

صدر منذ أيام كتاب مجدى حسين : محمد على – دروس فى الاستقلال والتنمية عن دار المكتب العربى للمعارف بالقاهرة .. وسيكون متوفرا بجناح الدار فى معرض الكتاب الدولى الذى سيفتتح يوم 25 يناير الجارى . فى السرايا رقم واحد – بى 69 .

كذلك سيكون معروضا كتاب وبدأت الحرب العالمية الثالثة لنفس الكاتب فى جناح دار الثاقافة الجديدة.

وكتاب روسيا من احتلال المغول حتى نهضة بوتين الصادر عن دار ميريت .

وهذه مقدمة كتاب محمد على للمؤلف :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :
كتب كثيرة ودراسات كتبت عن عهد محمد على باعتباره باعث النهضة المصرية والعربية الحديثة ولكن أتصور أن هذه الدراسة تنظر من زاوية خاصة فهى رؤية اسلامية لهذا العهد ولكنها مختلفة عن رؤية الكثير من الكتاب الاسلاميين الذين اتهموا محمد على بالماسونية والعمالة للانجليز والسعى لهدم الدولة الاسلامية العثمانية وأنه لم يهتم إلا ببناء الجيش لا القيام بعملية تنمية شاملة .
هذه الدراسة أيضا تعتمد على التحليل وليس على السرد وتجميع المعلومات وهى لاتستهدف الدفاع عن عهد محمد على وإن كان يستحق الإنصاف من كل من ظلموه من الاسلاميين وغير الاسلاميين ، ولكننى درست تجربة محمد على فى إطار دراسة تاريخ الشرق العربى الاسلامى ككل . وكان إهتمامى منصبا على التجربة من زاويتين أساسيتين : الاستقلال –・التنمية . حيث أرى أن هاتين هما أخطر قضايا أمتنا ، وأن نكبتنا تولدت من عدم إدراك ذلك . وأرى أن النهضة العربية الاسلامية لن تتحقق إلا بالبناء على التجارب الإيجابية فى الماضى القريب والبعيد . وأن الاستقلال والتنمية مفهومان إسلاميان أصيلان كما سنوضح فى هذه الدراسة .
أساس وجود الأمة هو استقلالها أى استقلال إرادتها وقدرتها على إتخاذ قراراتها وإدارة حياتها وفقا لمعتقدات أبنائها ، وهذا وثيق الصلة بإعتمادها على نفسها فى معيشتها : نأكل مما نزرع ، ونلبس مما نصنع ، أى سياسة الاكتفاء الذاتى . وهذه السياسة لاتعنى كما يصورها البعض أنها سياسة إنغلاقية غير واقعية ، حيث لايمكن لأى مجتمع أن ينعزل عن العالم ، ولايمكن لأى مجتمع أن يوفر كل احتياجاته . الاعتماد على الذات يعنى توفير الأساسيات وضروريات الحياة وبنسبة تصل إلى 90 % على الأقل . كما يعنى أن يكون المجتمع أساسا منتجا لا مستهلكا لمنتجات الآخرين . المجتمع الناجح هو الذى يصدر أكثر مما يستورد . وعندما تكون منتجا يمكن أن تبادل منتجاتك مع منتجات أخرى من الخارج . والمقصود بالإنتاج هو الزراعة والصناعة لا المواد الأولية من المعادن والثروات الطبيعية .
فى عهد محمد على أى منذ أكثر من قرنين حققت دولته المصرية العربية الاكتفاء الذاتى فى المجالين الزراعى والصناعى ، ولكنه أقام تجارة دولية مزدهرة حققت فائضا فى الميزان التجارى . و كانت ميزانية الدولة تحقق فيها الإيرادات مواردا أكثر من النفقات . ورحل عن عالمنا ومديونية مصر = صفرا ، وصنع الجنيه المصرى . وترك مصر وبها كوكبة على أعلى مستوى من المتخصصين فى مختلف المجالات : مهندسين ، أطباء ، صيادلة ، قادة جيوش ، صناع فى مختلف المجالات . وظلت مصر تعيش على هذه الكفاءات حتى بعد ضرب تجربة محمد على ، وهى التى تولد منها بعد ذلك جيل طلعت حرب ومن بعده جيل الصناعيين فى عهد 23 يوليو.
لم يكن محمد فقيها بطبيعة الحال ولكنه كان على فطرة الاسلام ، فهذا الأمى الذى تعلم القراءة والكتابة وسنه فى الأربعين ، نجح فيما لم ينجح فيه من بعده أساتذة الجامعات والمتعلمين فى أكبر جامعات الغرب ، وهو لم يقم تجربته فى مواجهة علماء الأزهر كما يردد البعض ، فهو وفيما عدا خلافه مع عمر مكرم نقيب الأشراف ، كان على صلة وثيقة بسائر علماء الأزهر واعتمد عليهم فى مختلف مناحى تجربته التنموية والاستقلالية .
عندما كنت مقبلا على هذه الدراسة كنت أحمل رؤية إيجابية لتجربة محمد على ، ولكننى أعترف أننى أصبت بحالة من الذهول عندما تعرفت على تفاصيل التجربة وبالذات فى المجالين الصناعى والعسكرى وأيضا فى مجال الرؤية الاستراتيجية ، رغم الأخطاء التى وقع فيها ، وإدراكه هو وابنه ابراهيم لطبيعة الصراع بين أمتنا والغرب .
وفى مجال الأمانة العلمية لابد أن أؤكد أن مرجعين أساسيين ساعدانى فى هذه الدراسة ، كتاب : عصر محمد على للمؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعى والذى كان مصدرا أساسيا لكثير من المعلومات من الزاوية التى تهمنى ، وكتاب مصر فى عهد محمد على لعفاف لطفى السيد مارسو أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا –・بلوس أنجلوس وقد تشرفت بلقائها فى لوس أنجلوس أثناء إحدى زياراتى للولايات المتحدة ، وقد لايكون إتفاقى معها بنفس مستوى إتفاقى مع الرافعى ، ولكن لاشك أن دراستها قيمة ومنصفة وغنية بالمعلومات الخاصة من مصادر ووثائق رسمية .
وهناك مصادر أخرى كثيرة على رأسها كتب د. جمال حمدان وموسوعة تاريخ مصر لأحمد حسين ، وستكون هناك إشارة لكل هذه المراجع داخل المتن نفسه .
ولكن أحسب أننى فى النهاية قدمت رؤيتى الخاصة وإجتهادى فى فهم هذه المرحلة التاريخية الحاسمة فى تاريخ مصر والمنطقة العربية .
وأدعو لقراءة هذه الدراسة بمنظور أوضاعنا العربية الراهنة لكى نستفيد من دروسها ونكتشف ما ينقصنا ، ونكتشف الثغرات الخطيرة فى هذه التجربة ، حتى لا نكررها .
مرة أخرى .. هذه الدراسة تؤكد أن خلاص الأمة فى الاستقلال والتنمية الاقتصادية .
والحمد لله رب العالمين
المؤلف فى القاهرة –・22 مايو 2022

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: