“تحييد الهدف”.. الكلمة العنصرية البغيضة التي استخدمتها الشرطة الإسرائيلية وأججت غضب أدباء مصريين.. دعوات لدعم الحق الفلسطيني سرا وجهرا ودحض المقولة الإسرائيلية الزائفة التي تم الترويج لها “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”

القاهرة – “رأي اليوم”- محمود القيعي:

هاجم أدباء مصريون العنصرية الإسرائيلية التي بدت واضحة في العملية الإسرائيلية الأخيرة، داعين إلى دعم الحق الفلسطيني، مؤكدين أن المقاومة الفلسطينية تدافع عن عرض الأمة، وليس أقل من دعمها سرا وجهرا في هذا الوقت العصيب الذي تمر به الأمة.

الغالبية العظمى أجمعت على أن هذه هي معركة الأمة كلها، وليس الشعب الفلسطيني وحده.

الأديب محمد سلماوي نقل عن خبراء علم النفس قولهم إن سيكولوجية المستوطن المحتل تعمد إلى إنكار وجود الشعب الذى تحتل أرضه، وحين تفشل فى ذلك تقوم بما يعرف باسم dehumanization، أى تقوم بنزع الصفة الآدمية عنه، مشيرا إلى أن هذا ما حدث مثلا للسكان الأصليين فى أمريكا، أو فى أستراليا، حيث تم تصويرهم فى حالة أمريكا على أنهم مخلوقات متخلفة يضعون الريش فوق رؤوسهم ويغطون وجوههم بالأصباغ، فى تجاهل متعمد لخصائصهم الإنسانية ولمجتمعاتهم وعاداتهم الاجتماعية، وفى حالة أستراليا تم وضع البعض منهم فى أقفاص حديدية ليتفرج عليهم الناس كالحيوانات فى حدائق الحيوان.

وأضاف سلماوي أنه فى حالة الاستعمار الاستيطانى الإسرائيلى أنكر فى البداية وجود الفلسطينيين مرددا المقولة الصهيونية الزائفة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، فى الوقت الذى اغتصب أرضهم وهدم بيوتهم وخرب مجتمعاتهم، لكن بعد قيام المقاومة الفلسطينية ثبت للعالم وجود شعب محتل له تاريخه ويرفض الاحتلال، فلجأت إسرائيل إلى نزع الصفة الآدمية عن ذلك الشعب لتصوره على أنه مجموعة من العصابات الإرهابية حتى تبرر هجماتها الوحشية عليه.

وقال سلماوي إن الملاحظ فى العملية الأخيرة التى قام بها أحد الشباب الفلسطينيين فى القدس المحتلة ردا على مجزرة جنين أن الشرطة الإسرائيلية أعلنت أنها سارعت إلى مكان الحادث، وأطلقت النار على منفذ الهجوم، موضحة أنه شاب من

مخيم شعفاط يدعى فادى عياش، بينما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن منفذ العملية من سكان القدس ويدعى خيرى علقم ويبلغ من العمر ٢١ عاما، لافتا إلى أن الحقيقة أنه تم قتل الاثنين دون تفرقة، فهما بالنسبة لإسرائيل فلسطينيان غير آدميين.

ودعا إلى ملاحظة مفردات الخطاب الرسمى الإسرائيلى المتعلق بالفلسطينيين، مشيرا إلى أنه ورد فى بيان الشرطة الإسرائيلية التى أطلقت النار على من قالت إنه منفذ العملية وقتلته، أنه تم «تحييد» منفذ العملية.

وقال سلماوي إن لتلك الكلمة دلالتها الواضحة، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلى لا يتعامل مع الفلسطينيين على أنهم بشر لهم خصائصهم الإنسانية وطبائعهم الوطنية، وإنما تنظر لهم كمصدر خطر ينبغى القضاء عليه.

واختتم قائلا: “وحين يتم قتل أحدهم يكون قد تم تحييده، لأن القتل يكون للكائن الحى، أما التحييد فيكون لمصدر الخطر، كأن يتم تحييد قنبلة حتى لا تنفجر.”.

الماضي الدموي

من جهته قال الشاعر فاروق جويدة إن الموقف اشتعل فى فلسطين بين إسرائيل والشعب الفلسطينى وسقط الضحايا من الجانبين، مشيرا إلى أن ذلك كان شيئا متوقعا بعد عودة نيتانياهو للحكم بكل ماضيه الدموى ضد الشعب الفلسطيني.

وأضاف جويدة أنه كان من المتوقع أن تدخل الأراضى المحتلة مرحلة جديدة من المواجهة والتى قد تصل إلى أعمال عنف وصدام مسلح، مشيرا إلى أن نيتانياهو لم يعترف بحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته وهو لا يتردد فى إعلان موقفه أمام جميع القوى، لافتا إلى أن الشعب الفلسطينى سوف يدافع عن أرضه حتى آخر شهيد فيه.

وقال إن الصدام قادم وربما كانت البداية ما حدث فى معسكر جنين وما شهدته القدس من عملية فدائية اهتزت بها أركان إسرائيل وسوف تكون لها توابعها عربيا ودوليا.

ولفت جويدة إلى أن موقف الدول العربية انقسم بين من أدان أو شجب أو صمت وهناك من أدان لأول مرة العملية الاستشهادية فى القدس، مشيرا إلى أن موقف بعض الدول العربية والأجنبية سوف يشجع إسرائيل على أن تتمادى فى الرفض والعدوان خاصة أن أمريكا أكدت دعمها لإسرائيل وإدانتها لما حدث فى القدس.

وقال إن تبادل الهجمات بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية سوف يؤجل كل شيء وأمام الدعم الأمريكى والانقسام العربى فإن قضية الشعب الفلسطينى سوف تدخل فى دائرة المؤجلات، خاصة أن العالم مشغول بل متورط فى الحرب الروسية ـ الأوكرانية ولا أحد يعلم فقد تمتد آثارها إلى العالم كله.

وقال إن الأزمة الاقتصادية العالمية مازالت تهدد شعوبا كثيرة والانقسام العربى قد يصل إلى توابع أكثر، وكل ذلك يصب فى مصلحة إسرائيل التى كثيرا ما راهنت على الوقت والانقسامات العربية، وحالة الفوضى التى يعانيها العالم كله شرقا وغربا.

وخلص إلى أن إسرائيل قد حققت تقدما كبيرا فى مصالحها خاصة فى بعض الدول العربية، لافتا إلى أن حالة الصمت التى اجتاحت بعض العواصم كانت دليلا على تراجع قضية فلسطين فى أولويات الاهتمام العربى.

عدالة الغرب

في ذات السياق سخر الأديب أسامة الألفي مما سمّاه “عدالة الغرب!” التي أدانت مقتل 8 إسرائيليين وتغاضت عن مقتل عشرات الفلسطينيين.

وذكّر الألفي بقصيدة الشاعر الكبير هاشم الرفاعي التي يقول فيها:

الطفل ملقي تحت أرجل مجرمه

والرمل يحسر ما تدفق من دمه

قتلوا أناشيد الرجاء في فمه

وخبا على الصحراء نور تبسمه

وقد انحنت فوق الجراح

أم تعض على السلاح

شقوا بجانب لحده

لحد الضمائر .

وندد الألفي بالصمت العربي والإسلامي المريب ، داعيا إلى دعم الحق الفلسطيني، وعدم التخاذل.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: