فرق كبير بين الديمقراطية التمثيلية والتي ينتهي فيها دور الناخب في الاختيار داخل صندوق الاقتراع، ويذهب لينام ويتغطي ويستيقظ بعد اربع أو خمس سنوات ليعاود نفس الفعل. وبين الدورتين لا توجد اي أشكال للمشاركة أو للرقابة من الجمعية العامة للناخبين علي المنتخب سواء رئيس دولة او عضو برلمان. ولا توجد محاسبة ولا تقييم دوري للأداء.ولا كشف حساب دوري باستثناء التصريحات الاعلامية الحنجورية.
أما ديمقراطية المشاركة الشعبية فهي ديمقراطية تشمل الجميع (أعضاء الجمعية العمومية الفاعلين والمشاركين طول الوقت ) وتحديد شروط الترشيح والانتخاب والرقابة علي الانتخابات وبعد إعلان النتائج تبدأ مراحل المراقبة والمتابعة والمساءلة المستمرة والتي قد تصل خلال مرحلة لعدم صلاحية من يتم اختياره فيتم سحب الثقة منه وفتح باب الترشيح لنفس المهمة.
في ظل ديمقراطية المشاركة الشعبية يظل المواطن العادي عضو مشارك في كل القرارات وكل الاختيارات وتحديد السياسات والبرامج سواء في جمعية أهلية أو تعاونية أو نقابة أو مجلس شعبي محلي أو برلمان أو حتي رئاسة الدولة. وبالتالي لا ينتهي دور الجمعية العمومية بالتصويت لأنه مرحلة ضمن مراحل المشاركة.
فساد الديمقراطية التمثيلية في مصر وتدخل جهات الإدارة والتزوير والرشاوي الانتخابية واختيار المحاسيب والمرضي عنهم، حول الجمعية العمومية من شركاء إلي تابعين يراقبون من بعيد ولا يشاركون وعندما يعم الفساد وروائحه تزكم الأنوف كل ما يفعله الغالبية هو الدعاء ” حسبي الله ونعم الوكيل” واستمرار الاستبعاد واستمرار الفاسد في موقعه. وكذلك فإن التوجهات القبلية والجهوية والدينية هي الموجه الرئيسي للتصويت فلا يوجد برامج انتخابية ولا محاسبة علي تلك البرامج ومدي التقدم أو التعثر في تنفيذها.
وفي ظل هذا النظام الفاسد يعتبر المواطن عضو الجمعية العمومية للناخبين أن دوره انتهي بورقة في صندوق مغلق. وهنا يسود مفهوم الخدمات وليس السياسات العامة واذا اعترض العضو المنتخب كان الرد ” طيب احنا انتخبناك ليه” .
يتراجع دور السياسات العامة لتصبح الخدمات الطبيعية منجزات وإنجزات. وإذا كانت هناك أزمة حادة تحتاج إلي موقف جماعي يتخذ المواطن الناخب موقف بنو إسرائيل مع سيدنا موسي عليه السلام” فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون” إذا اصبت استفدنا وإذا فشلت حلت عليك لعناتنا.
في لحظات النهوض الشعبي ترتفع معدلات المشاركة في الانتخابات كما شاهدنا بعد ثورة 25 يناير العظيمة، ورأينا حراك في النقابات المهنية وتأسست عشرات النقابات العمالية المستقلة علي أساس ديمقراطية المشاركة الشعبية. وأن كل تنظيم يضع نظمه ولوائحه دون تدخل من الإدارة وينتخب مجلس الإدارة ويراقب عملهم طول الدورة الانتخابية.ولا ينتخب المجلس الجديد او يعاد انتخاب المجلس الحالي الا بعد تقديم كشف حساب واعتماده من الجمعية العمومية أعلي سلطة ديمقراطية عامة.
عايشنا جمعيات عمومية حاشدة في نقابات الصحفيين والأطباء وشاهدنا العضو الفاعل وهو يملئ مبني النقابة وشارع عبدالخالق ثروت والقصر العيني في حدث استثنائي تلاشي بعد استعادة سلطة مبارك للسيطرة وإدارة الديمقراطية بالطريقة المعتادة من إسماعيل باشا صدقي وحزب الاتحاد وحتي الآن.
نشهد حراك شعبي مهم واليوم انتخابات نقابة الصحفيين وجمعيات عمومية لنقابات المهندسين والأطباء. وفي مواجهة كل الأزمات التي نعاني منها هل نتجاوز السلبية ونتحول إلي دور ديمقراطي إيجابي فاعل. هل نتوجه للجمعيات العمومية للدفاع عن الأشخاص والسياسات التي نؤمن بها. أم نظل مثل بني إسرائيل مع سيدنا موسي ” فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون” . الإختيار لك ولا تلوم الا نفسك ، التغيير في متناول يدك فشارك وغير من أجل المستقبل ومن أجل الأجيال القادمة.
وزي أخونا خالد البلشي ما قال ” معاً نستطيع”، إنزل وشارك وغير خد حقوقك ودافع عن حقك ولا تكون عبد يلقي له السادة بالفتات. إنت سيد قرارك، إنزل وشارك لأننا معاً قادرين علي التغيير.
كن إيجابي في عمارتك وفي الشارع اللي انت ساكن فيه وفي المواصلة اللي بتركبها وفي اتحاد الملاك ومجلس الأباء وفي الرقابة علي المنشآت الصحية ومراكز الشباب وقصور الثقافة وفي الجمعية الأهلية أو النقابة اللي انت عضو فيها. مشاركتك واستمرارها هي صمام الأمان وانت حر. فشارك وتفاعل وخد حقك ، ما حك جلدك مثل ظفرك فتولي أنت جميع أمرك.
يأسك وصبرك بين إيديك وأنت حر
تيأس ما تيأس الحياة راح تمر
أنا دقت من دة ومن دة وعجبي لقيت
الصبر مر وبرضه اليأس مر
عجبي
إلهامي الميرغني
17/3/2023
