“نتطلع إلى أن نكون قادرين على مرافقة الأطفال لينشأوا هنا في المستقبل حيث أن جميع المرافق التعليمية هنا متوفرة.” هكذا قالت بحماس ..حنان رعد القيسي.. وهي معلمة عراقية في مدرسة متوسطة خلال زيارتها أحد مواقع البناء بمدينة بغداد في العراق. وفي نفس الوقت، تجري أعمال تغطية الأسقف لأحد المباني التعليمية بجانبها قيد الإنشاء بطريقة منظمة…
هذا هو موقع البناء لمشروع المدرسة العراقية النموذجية الذي تنفذه شركة الصين الهندسية لإنشاءات الطاقة الكهربائية (شركة POWERCHINA). ولم يتأثر تقدم المشروع على الإطلاق حتى في شهر رمضان. حيث كان يمكن سماع صراخ العمال وزئير الآلات بشكل مستمر.
لقد دمرت عقود من الصراعات والحروب في العراق نظامه التعليمي الذي كان يعد فيما مضى أفضل نظام تعليمي في المنطقة، وأعاقت بشدة وصول الأطفال إلى التعليم الجيد. وفقا لبيانات اليونيسف، هناك اليوم ما يقرب من 3.2 مليون طفل عراقي في سن الدراسة خارج المدرسة حاليا، حيث أن واحدة من كل مدرستين قد تضررت وتحتاج إلى إعادة تأهيل. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن للعديد من التلاميذ حضور الفصول الدراسية إلا في منازل بسيطة أو حاويات محولة بسبب النقص في المباني المدرسية، حتى يتعين على بعض المدارس الإقليمية تقسيم التلاميذ إلى ثلاث دفعات وأخذ المحاضرات في فترات زمنية مقسمة خلال نفس اليوم. وحسبما أفادت وزارة التربية والتعليم العراقية، إن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 12 ألف مدرسة إضافية لتلبية الطلب.
لذلك، في عام 2020، وضعت الحكومة العراقية خطة لبناء 8000 مدرسة جديدة بحلول عام 2030 لحل مشكلة صعوبة الأطفال في الالتحاق بالمدرسة، كما أدرجتها كواحدة من أهم المشاريع الوطنية بشأن معيشة الشعب . وتم إجراء عملية العطاءات لـ 1000 مدرسة في المرحلة الأولى من المشروع، حيث قامت شركة الصين الهندسية لإنشاءات الطاقة الكهربائية ببناء 679 مدرسة في 10 مقاطعات.
وقال سيف فرحان، ممثل صاحب مشروع المدرسة النموذجية في مقاطعة بغداد، إن “الشركات الصينية لديها خبرة غنية وتلقى رواجا كبيرا، والحكومة العراقية مستعدة للتعاون معها في مجال إنشاء البنية التحتية”. إن هذا المشروع سوف يساهم في تحسين مستوى معيشة الشعب ويدفع التنمية الاجتماعية. 8000 مدرسة هي عدد كبير، وستشهد هذه المدارس قفزة كبيرة لقضية التعليم في العراق بعد اكتمالها.
لنأخذ مقاطعة بغداد كمثال، تقوم شركة الصين الهندسية لإنشاءات الطاقة الكهربائية ببناء 144 مدرسة في مشروع المدرسة النموذجية في المقاطعة، بمساحة بناء إجمالية تزيد عن 450 ألف متر مربع. وقال ليو تشن لين، مسؤول مشروع المدرسة النموذجية في مقاطعة بغداد، إن الأعمال التأسيسية للمشروع قد اكتملت بينما يجري بناء الجزء الرئيسي للمشروع بطريقة منظمة. ومن المتوقع أن يتم تسليم هذه المدارس تدريجيا على دفعات بحلول يوليو من هذا العام.
وأشاد يوسف جمال، مهندس عراقي كان يعمل في موقع المشروع، بالموظفين الصينيين: “إن تصرفاتهم الجادة والدؤوبة في العمل مثيرة للإعجاب، وقد تعلمنا الكثير من التقنيات والخبرات الجديدة أيضا. إن مشروع المدرسة مرتبط بمصير الأطفال ولن يتخلفوا عن الركب إلا إذا حصلوا على تعليم جيد”.
يعد مشروع المدرسة النموذجية مشروعا بالغ الأهمية لتطوير التعليم المحلي وقد اجتذب الكثير من الاهتمام. في يونيو 2022، عندما حضر رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي حفل وضع الأساس، قال إن هذا مشروع إستراتيجي مهم يتعلق بمعيشة الشعب. وكما قال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، حيدر مجيد، إن استكمال مشروع المدرسة النموذجية سيحسن بلا شك بشكل كبير من ظروف المباني المدرسية في مختلف المقاطعات، وسيدفع تطوير التعليم.
قال قاو في، نائب المدير العام في المقر الإقليمي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع لشركة الصين الهندسية لإنشاءات الطاقة الكهربائية: “بعد الانتهاء من الدفعة الأولى من مشاريع المدارس النموذجية، يمكن أن تحل مشكلة التعليم المدرسي لحوالي 430 ألف طالب، وهو أمر ذو أهمية كبيرة لتحسين ظروف التدريس في العراق. إن الشركة ستبذل قصارى جهدها لإنشاء مشاريع عالية الجودة، وإنشاء نموذج لمشاريع معيشة الشعب من أجل البناء المشترك لـ “الحزام والطريق”، وتلبية الاحتياجات التعليمية للشعب العراقي بشكل أفضل، والمساهمة بالحكمة الصينية وقوتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية”.