السودان.. خرق الهدنة واتهامات متبادلة.. والدول تسابق الزمن لإجلاء رعاياها.. وانهيار قطاع الصحة

اتهمت قوات الدعم السريع في بيان الجيش بانتهاك اتفاق هدنة توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية من خلال شن ضربات جوية على قواعدها في أم درمان، المدينة المقابلة للخرطوم على الضفة الأخرى من النيل، وجبل الأولياء.

وألقى الجيش بالمسؤولية على قوات الدعم السريع في انتهاك اتفاق الهدنة، ومن المفترض أن يستمر وقف إطلاق النار حتى منتصف ليل الأحد، وقال شهود إن ضربات بالطائرات والدبابات والمدفعية هزت العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة بحري المجاورة في انتهاك لتمديد مدته 72 ساعة للهدنة أعلنه الجيش وقوات الدعم السريع.

وعلى الرغم من الدعوات العالمية لإجراء محادثات، قال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إنه من غير المقبول الجلوس مع رئيس قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الذي وصفه بأنه “زعيم التمرد”.

وقال دقلو، المعروف باسم حمديتي إن قوات الدعم السريع لن تجري محادثات حتى انتهاء القتال. وقال إن القوات المسلحة تقصف مقاتليه بلا هوادة، وألقى على البرهان بمسؤولية العنف، وقال دقلو “أوقفوا القتال. بعد ذلك يمكننا إجراء مفاوضات”.

عمليات إجلاء

دفع الصراع المندلع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية دولا إلى المسارعة بإجلاء دبلوماسييها ورعاياها من السودان، وأجلت عدة دول رعاياها جوا، بينما توجه آخرون إلى بورتسودان على البحر الأحمر على بعد 800 كيلومتر تقريبا من الخرطوم برا، ليتم إجلاؤهم عبر البحر.

وفيما يلي وضع جهود بعض الدول التي تقوم بعمليات إجلاء من السودان:

مصر

أجلت القاهرة 6399 مصريا في المجمل، منهم 1072 تم إجلاؤهم أمس الجمعة، قالت وزارة الخارجية المصرية إن نحو 16 ألف شخص عبروا الحدود من السودان إلى مصر بينهم 14 ألف سوداني.

ألمانيا

نقلت مهمة إجلاء ألمانية 500 شخص في المجمل من أكثر من 30 دولة إلى مناطق آمنة حتى صباح الثلاثاء الماضي.

من بينهم مواطنون من بلجيكا وبريطانيا وهولندا والأردن والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى مواطنيها الألمان.

قالت برلين إن رحلاتها الجوية تنتهي يوم الثلاثاء.

 فرنسا

قالت الحكومة الفرنسية يوم الخميس إنها أجلت 936 شخصا من السودان، وذكرت وزارة الخارجية أن من تم إجلاؤهم ليسوا فرنسيين فقط بل هناك أيضا مواطنون من بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وإثيوبيا وهولندا وإيطاليا والسويد.

شكر الأمين العام للأمم المتحدة فرنسا على “مساعدتها الجوهرية” في نقل 400 من موظفي الأمم المتحدة وعائلاتهم إلى خارج السودان.

نقلت البحرية الفرنسية 350 شخصا من بورتسودان إلى جدة في السعودية مساء الثلاثاء، فيما نُقل أكثر من 70 على متن طائرة نقل تابعة للقوات الجوية الفرنسية من الفاشر في السودان إلى نجامينا في تشاد يوم الخميس.

إيطاليا

أجلت طائرات عسكرية إيطالية أقلعت من جيبوتي 83 إيطاليا و13 آخرين، من بينهم أطفال والسفير الإيطالي.

قال وزير الخارجية أنطونيو تاياني إن بعض الإيطاليين العاملين في المنظمات غير الحكومية وحملات التبشير قرروا البقاء في السودان بينما نُقل 19 آخرون إلى مصر قبل ذلك بيومين.

 بريطانيا

قالت بريطانيا إنها بدأت عملية إجلاء “واسعة النطاق” لمواطنيها يوم الثلاثاء، وأعطت الأولوية للعائلات التي لديها أطفال وكبار سن ومرضى.

أفادت بأنها أجلت 897 شخصا من السودان على 8 رحلات جوية بريطانية حتى الساعة 1500 بتوقيت غرينتش يوم الخميس، وأنه سيكون هناك المزيد من الرحلات، تقدر الحكومة أن هناك نحو 4 آلاف بريطاني في السودان.

أجلت بريطانيا دبلوماسييها وعائلاتهم يوم السبت الماضي.

قالت قبرص إنها فعّلت آلية إنقاذ إنسانية بطلب من لندن للسماح لدول ثالثة باستخدامها لاستقبال وإعادة المواطنين الأجانب الذين تم إجلاؤهم من السودان. وتستضيف قبرص قاعدتين عسكريتين بريطانيتين كبيرتين.

 هولندا

قال وزير الخارجية فوبكه هوكسترا إنه تم إجلاء نحو 100 هولندي من السودان منذ يوم الأحد، غادر نصف العدد إلى الأردن على 4 رحلات إجلاء هولندية نقلت أيضا حوالي 70 شخصا من 14 دولة أخرى.

تسعى أمستردام إلى إجلاء نحو 150 هولنديا في المجمل. وعززت الجهود الدولية بطائرتين عسكريتين، متاحتين أيضا للجنسيات الأخرى.

 الولايات المتحدة

أجلت القوات الأميركية دبلوماسيين أميركيين وبعض الدبلوماسيين الأجانب يوم السبت الماضي، وقالت واشنطن يوم الاثنين إن بضع عشرات من الأميركيين يسافرون برا في قافلة تقودها الأمم المتحدة إلى بورتسودان.

أضافت أن عشرات آخرين عبّروا عن رغبتهم في المغادرة، قالت إنها تنشر عتادا بحريا للمساعدة في عمليات الإجلاء إذا لزم الأمر.

روسيا

لم تعلن روسيا بعد عن أي إجلاء لأعضاء سفارتها أو رعاياها من الخرطوم، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الروس في السودان على اتصال وثيق بموسكو.

أضاف “التعاون والمشاورات يجريان على مدار الساعة، وهناك احتمالات مختلفة قيد البحث. في الوقت الحالي، لم يُتخذ أي قرار”.

 اليابان

أعلن رئيس الوزراء فوميو كيشيدا إجلاء جميع اليابانيين الذين كانوا يرغبون في المغادرة، وذكر أن 45 غادروا مساء الاثنين على متن طائرة عسكرية يابانية، وغادر 8 آخرون بمساعدة فرنسا وجماعات أخرى.

 سويسرا

أغلقت سويسرا بالفعل سفارتها وأجلت جميع موظفيها السويسريين وعائلاتهم.

الصين

قالت الصين إن معظم مواطنيها تم إجلاؤهم بأمان في مجموعات إلى الدول المجاورة، ونشرت وزارة الدفاع سفنا تابعة للبحرية يوم الأربعاء لإجلاء المواطنين.

قالت وزارة الخارجية إنه تم نقل نحو 800 شخص عن طريق البحر وسافر أكثر من 300 برا إلى الدول المجاورة للسودان من يوم الثلاثاء إلى يوم الخميس.

ذكرت الوزارة أنه لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا بين الرعايا الصينيين حتى الآن.

أصدرت القنصلية العامة الصينية في مدينة جدة بالسعودية بيانا يوم الأربعاء تنصح مواطنيها الذين يعتزمون مغادرة السودان إلى السعودية بالدخول عبر ميناء جدة الإسلامي.

الهند

قال وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية في. موراليدهاران إن أكثر من 1200 هندي تم إجلاؤهم من السودان وصلوا إلى مدينة جدة السعودية حتى يوم الخميس، وستتم إعادتهم قريبا إلى الوطن.

كندا

قال مسؤولون كبار بالحكومة إن كندا نفذت أول عملية إجلاء لمواطنيها من السودان يوم الخميس.

نقلت جوا أكثر من 100 شخص منهم كنديون وجنسيات أخرى في رحلتين جويتين من السودان الذي تمزقه الحرب.

أعلنت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند يوم الأربعاء أن بلادها ستنشر نحو 200 جندي لتنسيق عمليات الإجلاء من السودان.

كان قد تم بالفعل إجلاء نحو 180 كنديا بمساعدة دول أخرى.

قالت الحكومة إن هناك نحو 1800 كندي في السودان، 700 منهم تقريبا طلبوا مساعدة وزارة الخارجية.

 أوكرانيا

قالت كييف إنها أنقذت 87 من مواطنيها، معظمهم من الطيارين وفنيي الطائرات وعائلاتهم، ضمن 138 مدنيا في المجمل، من بينهم مواطنون من جورجيا وبيرو.

كينيا

قالت وزارة الخارجية الكينية يوم الخميس إن الحكومة أجلت 342 شخصا وصلوا إلى مدينة جدة السعودية من بورتسودان.

جنوب أفريقيا

قالت إنها تتوقع أن آخر 12 من مواطنيها الذين تعلم أنهم موجودون في السودان غادروا يوم الثلاثاء.

انهيار الوضع الصحي

ومن ناحية أخرى تتعالى الأصوات المحلية والدولية، محذرة من أن القطاع الصحي في السودان على شفا الانهيار، حيث يعاني شحا في العديد من المقومات، حتى قبل بداية الأزمة الحالية.

وفق تقارير من داخل السودان، فإن القطاع الصحي في السودان يفتقر اليوم للمقومات والبنية التحتية التي تمكنه من الصمود في ظروف كالتي تعيشها البلاد.

تعاني المستشفيات من انقطاع الكهرباء والماء.

تجتاح المستشفيات أعداد كبيرة من المصابين والجرحى، الذين هم بحاجة ماسة للعناية الفائقة.

يعاني أيضا العاملون في المستشفيات من نقص حاد في العمالة، إلى جانب الضغوط النفسية الهائلة بسبب نقص الطعام والشراب.

الخوف من القصف العشوائي المستمر في المناطق المحيطة بالمشافي، يضاعف من حجم المأساة.

السلطات المحلية في السودان تحذر من إمكانية انهيار القطاع الصحي مع استمرار الاشتباكات.

الأمم المتحدة حذرت بدورها من استهداف المرافق الصحية والعاملين في مجال الرعاية الصحية، لافتة إلى أنه انتهاك صارخ للقانون الدولي.

تسعى العديد من المنظمات الدولية إلى توفير الخدمات الإنسانية والإمدادات اللازمة للقطاع، إلا أنه يكاد يكون من المستحيل تقديمها في الخرطوم ومحيطها، وفقا للخبراء.

مساع “غير ناجحة” لتقديم المساعدة

المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إيمان طرابلسي، قالت: “القطاع الصحي في السودان شبه منهك، حتى قبل الأزمة الحالية”.

“اليوم ما نشهده في عدة مناطق، خاصة في الخرطوم، هو أمر مقلق جدا، بسبب الظروف الأمنية وتواصل الاشتباكات، التي تمنع كل عمال الإغاثة من تقديم المساعدة للقطاع الصحي، سواء كانت مساعدات إضافية أو دعم لنظم الماء والكهرباء للمؤسسات الطبية”.

“عاملو قطاع الصحة في منشآت قليلة متبقية داخل الخرطوم كانوا يحاولون القيام بالمستحيل باستخدام لا شيء، فيعالجون الحالات الخطيرة دون مواد طبية أو جراحية، فيما تعمل مؤسسات صحية دون مياه أو كهرباء”.

“الأرقام الأممية الأخيرة التي تم نشرها تشير إلى أن 16 بالمئة من المنشآت الصحية في السودان لا تزال داخل الخدمة اليوم، لكن من الصعب التأكد من صحة هذه الأرقام”.

مبادرات شعبية عاجلة

وفي مواجهة هذه التطورات، أطلق سودانيون مبادرات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، منهم الناشط في المجال الطبي أحمد أوباما، الذي يقول: إن مبادرته خرجت من مستشفى “النو” في ولاية أم درمان، وتتضمن المبادرة:

رصد الحالات التي تحتاج لعلاج وإيصالها للأطباء.

توصيل الأطباء لأماكن عملهم في حالات عدم وجود مواصلات أو أمن كاف.

توفير الدواء والعلاج لأصحاب الأمراض المزمنة.

وتقع مستشفيات كثيرة وشركات إمدادات طبية في مناطق اشتباكات؛ ما تسبب في عدم قدرة الأطباء أحيانا على الوصول إلى أماكن العمل، وعدم قدرة الشركات على توصيل الأدوية للمستشفيات، بحسب أحمد أوباما.

اترك رد

%d