علام يصف المفاوضات بالصورية ويتساءل عن المغزى والمفتي: إثيوبيا امتلكت قنبلة مائية في مواجهة السودان
القاهرة – “رأي اليوم”- محمود القيعي:
جدل ساخن بعد انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة، بعد أن بدا كل طرف متمسكا بموقفه.
فماذا عن القادم؟ وأي سيناريوهات منتظرة؟
وزارة الموارد المائية والري المصرية قالت، في بيان لها، عبر حسابها على «فيسبوك»، إن جولة التفاوض المنتهية بالقاهرة لم تشهد تغيرات ملموسة في مواقف الجانب الإثيوبي، مشيرة إلى أن «هدف المفاوضات هو الوصول إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة».
وأكد البيان أن «مصر تستمر في مساعيها الحثيثة للتوصل في أقرب فرصة إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، على النحو الذي يراعى المصالح والثوابت المصرية بالحفاظ على أمنها المائى والحيلولة دون إلحاق الضرر به، ويحقق المنفعة للدول الثلاث».
وشددت الوزارة على «ضرورة أن تتبنى جميع أطراف التفاوض ذات الرؤية الشاملة التي تجمع بين حماية المصالح الوطنية وتحقيق المنفعة للجميع، وبما ينعكس إيجابًا على جولات التفاوض القادمة بهدف التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة طبقا للبيان الصادر عن اجتماع قيادتي مصر وإثيوبيا في هذا الشأن».
من جهتها أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية هي الأخرى بيانا بعد انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات الثلاثية بشأن الملء الأول والتشغيل السنوي لسد النهضة الإثيوبي، جاء فيه أن الأطراف تبادلت وجهات النظر من أجل التوصل إلى وضع مربح للجميع.
وجاء في البيان أن الوفود اتفقت على أن تستضيف اثيوبيا الجولة المقبلة من المفاوضات في سبتمبر القادم، وأن اثيوبيا ستسعى جاهدة على اختتام المفاوضات الثلاثية على أساس مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول مع ضمان حصتها العادلة من مياه النيل.
آخر تطورات الملء الرابع
خبير المياه العالمي د.ضياء الدين القوصي قال إن المياه قاربت على الوصول إلى سطح الممر المائي، مشيرا إلى أن من الممكن أن يستمر موسم الأمطار على الهضبة الإثيوبية حتى آخر سبتمبر، وحينئذ سيكون هذا تعويضا ربانيا لمصر بعد أن تم حرمانها من الفيضان لأول مرة فى التاريخ.
وعن رأيه في المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، قال القوصي: “لو استمرت المفاوضات دون توصل إلى اتفاق ملزم يضمن لمصر أمنها المائي، فإن المرجح أن تلجأ مصر الى مجلس الأمن الذي بدوره سيحيل الملف إلى محكمة العدل الدولية التي لها قرارات في مثل تلك القضية”.
واختتم القوصي مؤكدا أن مصر لن ترضى بالأمر الواقع، وصبرها أوشك على النفاد حال عدم الوصول إلى اتفاق ملزم يضمن لها أمنها المائي.
بداية غير مبشرة
من جهته قال عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية إن اجتماع القاهرة الأول ضمن الجولة الثامنة التى بدأت الأحد 27 أغسطس 2023 واستمرت يومين انتهى دون تقدم يذكر فى الموقف الاثيوبى طبقا لتصريحات وزارة الرى المصرية دون الافصاح عن تفاصيل المباحثات، كان متوقعاً طبقاً للموقف الاثيوبى على مدار الاثنا عشر عاما الماضية، ولكن كان لدينا أمل مشوب بالحذر الشديد على أن يكون هناك تغير فى الموقف الاثيوبى وإبداء مرونة تقابل المرونة المصرية التى وصلت إلى التوقيع المنفرد لصيغة اتفاق واشنطن بالأحرف الأولى.
وأضاف شراقي: “وفى المقابل أعلن رئيس الوفد الاثيوبى سيليشى بكلى عن عقد جلسة أخرى فى سبتمبر القادم فى أديس أبابا لتحقيق اتفاق كامل فى إطار المدة المقررة وهى أربعة أشهر، ويبدو أن الموقف الاثيوبى ثابت فى رفض كل المحاولات التى تؤدى إلى اتفاق عادل للدول الثلاث”.
وقال إن استئناف المفاوضات يجب أن يكون مبنياً على خطوط رئيسة لسيرها أهمها وجود أطراف دولية فاعلة فى المفاوضات فى إطار جدول زمنى محدد.
السودان
برأي الخبير القانوني السوداني د.أحمد المفتي فإن القمة التي عقدت بتاريخ 13 يوليو 2023، بين رئيسي مصر واثيوبيا بالقاهرة، بمناسبة قمة دول الجوار السوداني، والتي اتفق فيها الرئيسان، في غياب السودان، علي الفراغ من مفاوضات سد النهضة، خلال مدة 4 شهور، لن تكون قد أخذت حقوق السودان المائية، في الاعتبار، لان السودان لم يسبق ان حددها علي وجه الدقة، بل ان اقصي ما يطالبه به، هو ابرام اتفاق ملزم، من دون تحديد، مضمون ذلك الاتفاق.
وأضاف أنه خلال اسبوع المياه، الذي عقد مؤخرا بالسويد، اوضح وزير الموارد المائية المصري، ان مصر حددت بدائل، للتعامل مع النقص في المياه، الذي سوف يسببه سد النهضة، ومنها إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، وذلك يعني قبول مصر بالأمر الواقع الذي فرضته اثيوبيا.
وتابع قائلا: “وبمناسبة الاجتماعات الثلاثية، التي بدات في الانعقاد صباح اليوم بالقاهرة، فاننا نوضح بان جملة المخزون من المياه في سد النهضة، من جولات الملء الثلاث المنصرمة، يبلغ 17 مليار مترا مكعبا، وان الملء الرابع الحالي يستهدف، ملء 19 مليار مترا مكعبا، وقد اوشك علي الاكتمال، حيث تبقت له 4 أمتار فقط، ليصل الي نهاية ارتفاع الممر الأوسط، الذي يبلغ 625 مترا.
وذلك يجعل جملة المخزون، في سد النهضة، بنهاية الملء الرابع، 36 مليار مترا مكعبا، اي حوالي خمسة اضعاف السعة القصوي لسد الروصيرص، في السودان، المواجه لسد النهضة، وبذلك تكون اثيوبيا قد امتلكت قنبلة مائية في مواجهة السودان، اذا ما انهار سد النهضة، من تلقاء نفسه، او اذا ما رأت اثيوبيا، استخدامه استخداما سياسيا، وليس بالضرورة في الوقت الراهن.”.
وخلص إلى أن المفاوضات بلا جدوى الا لاثيوبيا، التي تعطيها تلك المفاوضات، مزيدا من الشرعية، لافعالها الاحادية،
اضافة الى أن السودان ومصر، لم يشترطا في جولات المفاوضات السابقة، ولا في الجولة الحالية، ما يجعل المفاوضات مجدية، وهو اشتراط، ان توقف اثيوبيا انشطتها، في السد قبل المفاوضات، والي حين الفراغ من المفاوضات.
في ذات السياق تساءل د.محمد نصر علام وزير الري المصري الأسبق: ما هو الهدف الأثيوبي من هذه المفاوضات الصورية حول سد النهضة!؟
وأجاب: “الحقيقة انا سألت نفسي هذا السؤال العديد من المرات دون التوصل لإجابة مقنعة!؟ وأثيوبيا تستغل أن مصر داخلة على انتخابات رئاسية وتحتاج الى عقد هذه المفاوضات لمحاولة حل هذه الأزمة التى قد تتفاقم مستقبلا، والسودان أيضا يبحث عن ضوء أمل في حالة الصراعات الداخلية العنيفة التى تهدد بقاء الدولة!!”.
وتابع متسائلا: هل هذه المفاوضات بتعليمات خارجية ليعم السلام والهدوء الصوري على المنطقة لكى تزداد الاستثمارات العربية والدولية في أثيوبيا!؟
هل هناك مخطط تم اعداده لتوسعة دائرة هذه الأزمة وادخال أطراف جديدة فيها من دول حوض النيل في ظل الظروف الحالية!؟
هل تستشعر أثيوبيا ومن هم وراءها، أن الفرصة الحالية تسمح لهم بالحصول على مكاسب تفاوضية مائية من مصر والسودان!؟
واختتم علام مؤكدا أن النوايا والخطة الحقيقية سوف تظهر قريبا جدا، مؤكدا ثقته في المفاوض المصري كحائط صد ضد أى مساس بحقوق مصر المائية.