صدر كتاب جديد لمجدى حسين يتناول تجربته مع الحركة الوطنية و الاسلامية فى الفترة من 1980 حتى 1988 كجزء أول من دراسة مطولة سيظهر جزءها الثانى بعد أسابيع بإذن الله
صدر الكتاب عن المكتب العربى للمعارف 26 شارع حسين خضر من شارع عبد العزيز فهمى ، ميدان هيليوبوليس – مصر الجديدة ، القاهرة الهاتف + 2026423110
+201283322273
malghaly@yahoo.com
وفيما يلى المقدمة والفصل الأول
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن أهتدى بهديه إلى يوم الدين أما بعد :
هذه ليست مذكرات شخصية من التى تكتب فى نهاية العمر ولكنها دراسة تستهدف عرض تجربتى مع الحركة الوطنية والاسلامية بغرض الفهم والتقييم والتحليل من وجهة نظرى وبهدف تسليح الأجيال الصاعدة بخبرة من سبقوهم فالمعول الأساسى الآن على هذه الأجيال . وأعتقد أن الأجيال القديمة ، أقصد التى تستعد لمغادرة العالم ، مطالبة بتقييم تجربتها والقيام بمراجعة نقدية لتاريخها ، فأحسب أن مختلف التيارات الوطنية والاسلامية قد فشلت فى استنهاض الأمة ووضع مصر فى المكانة اللائقة بها ، كأول دولة وأول مجتمع منظم وأول حضارة فى العالم . مصر الآن ووفقا لتقرير التنمية البشرية لعام 2020 تحتل المركز 116 من 189 دولة وتسبقنا بلدان لم نسمع باسمها ولن تجدها على الخريطة بسهولة مثل : ساموا – بليز – تونجا ، وتسبقنا كثير من الدول العربية ومنها فلسطين المحتلة .
وبغض النظر عن هذا التقرير الدولى فإن الأمر لايحتاج إلا نظرة على ظواهر الأمور لندرك أن مكانة مصر وهيبتها عربيا واقليميا ودوليا لا تليق بها وهى غير مؤثرة فى الأحداث التى تقع حولها ومؤشراتها الاقتصادية لا تليق فى مجالات الاستدانة – العجز فى الميزان التجارى – مستوى التقدم الصناعى والتكنولوجى.. وقد انعكس هذا على مستوى الانتاج الفنى والفكرى والأدبى وكأننا قد خرجنا من هذه المجالات بعد رحيل نجيب محفوظ ، وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس و الشيخ محمد الغزالى ومحمد متولى الشعراوى وغيرهم من الرموز والتى كانت مؤثرة على المستوى العربى والاقليمى والدولى .
إن المصابيح الحمراء المنذرة قد أضيئت واشتعلت فى كل غرف العمليات ولكن أحدا لا يشعر بالقلق إلا قليلا . وإدراك وجود مشكلة وتشخيصها هو نصف الطريق نحو الحل ، بل هو الحل كله .
وسأعطى اهتماما أكبر فى هذه الدراسة للحركة الاسلامية باعتبارى أنتمى إليها منذ مطلع الثمانينيات من القرن العشرين حيث أرى أن مراجعة نقدية لمجمل ممارسات وفكر الحركة الوطنية والاسلامية يتعين أن يتم على3 مراحل : مراجعة داخل كل تنظيم على حدة ثم مراجعة داخل كل تيار على حدة ثم مراجعة مجمعة يشارك فيها الجميع ، وبطبيعة الحال تعمل كل هذه المراجعات معا بشكل متواز ومتفاعل قدر الإمكان ، ولكنها تتصاعد كما أتصور هكذا . وهى مسألة وعى بهذه المهمة وليس عبر تنظيم تقوم به أى جهة ، فلتتم بشكل عفوى تفاعلى ، وبقدر توفر الإخلاص والنية الحسنة والوطنية سيلتقى الجميع على كلمة سواء فى نهاية هذا التفاعل ، أقصد الأغلبية الكبيرة أو الساحقة ، فإلإجماع أمر بعيد المنال.
ستركز هذه الدراسة على الفترة الممتدة من 1981 حتى 2012 أى من إغتيال الرئيس السادات حتى ثورة 25 يناير 2011 .
1- البداية
منذ بداية عام 1981 كنت أعيش على مفارق طرق أساسية فى حياتى ولم أكن بعد قد انخرطت فى أى عمل اسلامى منظم . كنت فى لحظة مراجعة عميقة لمرحلة استمرت 13 عاما مررت بأطوار متتابعة بين التدين الشديد بعيدا عن العمل السياسى ثم الاعجاب بالتجربة الناصرية وفكرة القومية العربية ثم الوطنية الخالصة التى وصلت إلى حد تأسيس منظمة وطنية تعمل لتحرير مصر من الاحتلال الاسرائيلى ومعارضة النظام المصرى فى عهدى عبد الناصر والسادات من أجل حفزهما لتحرير سيناء ، مع المرور فكريا بصورة متتابعة على الفكر الغربى الليبرالى والاعجاب بشارل ديجول زعيما لتحرير فرنسا من الاحتلال النازى والتأثر بروجيه جارودى المفكر الماركسى الفرنسى المتحول إلى اشتراكية مختلفة معجبة بالتجربة اليوغسلافية ، إلى معارضة الغزو السوفيتى لتشيكوسلوفاكيا، إلى التأثر قليلا فأفكار حركة الهيبز ، مع الاحتفاظ طول الوقت بالمنظمة الوطنية التى كانت بدون اسم وكانت قائمة على العداء الدفين لاسرائيل وأمريكا . وكانت أقرب للحلقة الدراسية والثقافية ولكنها بدأت فى العمل بالاعداد للمظاهرات وطبع المنشورات لتوزيعها فى الجامعة و التى تدعو لإعلان حرب التحرير فى سيناء وكان ذلك فى عام 1971 . ثم انتهيت فى عام 1972 إلى الماركسية حتى عام 1980 . وفى أواخر 1980 وأوائل عام 1981 عدت مرة أخرى لمنابع الايمان والاسلام بصورة تدريجية وعبر معاناة فكرية وتعمق فى القراءات المتنوعة والحوارات المكثفة مع الأستاذ عادل حسين.. عدت بصورة عكسية على طريقة الهندسة العكسية من الماركسية إلى العروبة والقومية العربية .. عدت عبر كتابات د. عمارة ودراسات غربية عن ابن خلدون .. عدت إلى الوطنية المصرية الخالصة مع استمرار العداء الدفين لاسرائيل وأمريكا الذى ظل مصاحبا لى فى كل المراحل وحتى الآن .. ثم عدت إلى الاسلام الأصلى والوحيد : القرآن الكريم والسنة المشرفة مع الاخلاص فى العبادات . فى أوائل عام 1981 لم أكن قد خرجت من كل مفارق الطرق هذه . كنت بين القومية والدين والوطنية بدون منهج قاطع محدد .
مرة أخرى هذه ليست مذكرات شخصية فهذه لها مكان آخر وهى مطلوبة فى نفس سياق المراجعة التى تحدثت عنه آنفا . ولكن كتبت هذه السطور لتوضيح أننى لم أكن مشاركا فى أحداث عام 1981 ولم أكن قد انخرطت فى الحركة الاسلامية السلمية ، فلم أفكر فى أى لحظة فى العنف والارهاب فى العمل الوطنى أو الاسلامى وكنت رافضا له تماما . وكنت بل فكرت فعلا فى تنظيم عمل فدائى خاص ضد قوات الاحتلال الاسرائيلى فى سيناء وسأوضح ماذا فعلت ؟ فى مكان آخر. كان لابد أن أوضح موقفى الفكرى فى هذه اللحظة لأننى سأحلل أحداث عام 1981 التى صاحبت إغتيال الرئيس السادات كمراقب وكمحلل وأيضا من وجهة نظر اسلامية . أما بدءا من عام 1983 فسأكتب محللا ولكن من موقع المشارك فى الأحداث من خلال حزب العمل الذى بدأت مع و تحت قيادة عادل حسين فى تحويله إلى حزب اسلامى.
فى عام 1981 كنت مجرد صحفى فى جريدة الشعب أكتب فى الشئون العربية ضد اسرائيل وأمريكا وداعما للقضية الفلسطينية ، ولم أنخرط حتى فى الشئون السياسية المصرية لأننى لم أكن مستوعبا ولا مؤيدا لأشياء عديدة فى فكر وممارسة وسياسة حزب العمل الاشتراكى فى ذلك الوقت . لذلك عندما ضرب السادات حزب العمل وأغلق صحيفة الشعب فى قرارات سبتمبر 1981 واعتقل سبعة من قيادات الحزب . لم أكن من بين المعتقلين .