حكام السنة حلفاء أمريكا لغزو العراق 2003

<< ضرب العراق من مصر والأردن و6 من دول الخليج

الحلقة 15
مجلس الأمن رفض غزو العراق- وصواريخ أمريكية ضربت العراق من قواعد بحرية في مصر
لقد وصلنا إذن لموعد غزو العراق في مارس 2003 ، نعود لتلخيص مرحلة ما بين 1992- 2003
* كانت أفضل المواقف المتعاطفة مع نظام صدام حسين القومي- الاسلامي السني هي مواقف إيران- سوريا ويجب أن نتذكر هذا عندما تبدأ مرحلة الخلافات مع النظامين الايراني- السوري وكيف صبرت إيران على موقف صدام لأن العداوة المشتركة للأمريكان كانت ما تزال هي الأصل. أما باقي الأنظمة العربية السنية- الخليجية- مصر- الأردن فلم يكن لها موقف إلا متابعة الموقف الأمريكي، وبالتالي فقد تواصلت في العمل المشترك لقضم ظهر نظام صدام السني، أرجو تذكر هذه الكلمة “السني” لأننا نتحدث عن مرحلة استمرت 11 سنة، ومن قبل وقفوا 8 سنوات مع “صدام العلماني”  ضد إيران الثورة (الشيعة). في هذه المرحلة 1992- 2003 استخدمت قواعد الدول الخليجية لضرب العراق كل يوم والمشاركة في إحكام الحصار الاقتصادي بالمخالفة لأبسط مبادئ الشريعة الاسلامية (والمفترض أنها هي نفسها مبادئ أهل السنة والجماعة!!).

وكانت الامارات تقوم بدور قطر الآن، أي دور القلب الحنين مع عدو أمريكا (صدام) من أجل اقناعه بالاستسلام، وتصدير البترول عن طريقها، ولذلك جعلت الولايات المتحدة تصدير البترول العراقي مقابل الغذاء وفق نظام الأمم المتحدة يتم عن طريق الامارات. وكانت الامارات تقوم بدور الوساطة مع العراق. ولم تكن دول الخليج بما فيها الامارات تشارك في الحصار الاقتصادي فحسب، بل في ضرب العراق يوميا بالطائرات.

ما يهمنا أن علماء أهل السنة التابعين للأنظمة صمتوا في القصف كما صمتوا في الحصار ولم يذرفوا دمعة واحدة على نساء السنة وأطفال السنة. الذين يُقصفون من بلاد أهل السنة ويحاصرون من بلاد أهل السنة. وأن إيران الشيعية وأن سوريا العلمانية- العلوية هما أكثر من كان يخفف عن العراق مرارة الحصار.

طوال هذه المدة لم تتكون جبهة رسمية مناصرة للعراق في بلاد العرب حتى اقترب موعد الغزو الذي تصر عليه امريكا، وكان التيار المحافظ المسيحي الصهيوني بقيادة بوش الصغير يميل لغزو العراق واسقاط صدام حسين والاستيلاء على العراق بالكامل وضمه إلى أمريكا والاستيلاء على بتروله، وهو أضخم احتياطي نفطي في الخليج وفق بعض التقديرات، يفوق الاحتياطي السعودي.

من وجهة نظر المصالح الأمريكية كان ما فعله جورج بوش الأب هو الموقف الأكثر صحة. فقد رأى مع أجهزة الأمن والعسكر ان اسقاط صدام بدون بديل جاهز سيؤدي في النهاية إلى سقوط العراق في أيدي إيران. ورأت إدارة بوش الأب أن استبقاء العراق تحت الحصار والسيطرة أفضل من ضياعه لصالح إيران. وقد برهنت الأيام على صحة تقديرات جورج بوش الأب بالنسبة لتقديرات ابنه وهي طبعا تقديرات طاقمين مختلفين وهما من نفس اتجاه الحزب الجمهوري المتشدد. ولكن الابن كان من الاتجاه الأكثر استخداما للدين والأكثر تشددا في السياسة.

رأت إدارة بوش الابن أن احدى عشر عاما من الحصار لم تفعل إلا استمرار ثبات نظام صدام بل واتجاهه للمزيد من التصلب من خلال التهريب. وتوفير الموارد المالية من خلال تهريب النفط عن طريق سوريا وإيران. والذين يريدون أن يفهموا عليهم أن يقرأوا للأعداء. مؤخرا صدر كتاب من أحد قيادات المخابرات الأمريكية الذي أجرى التحقيقات مع صدام حسين، ولا شك انه لم ينشر كل شيئ، ولكن بعض الذي نشره مهم. ويؤكد اهتمام أمريكا بمعرفة حجم العلاقات التجارية مع سوريا رغم أن نظام صدام سقط، وذلك لتقدير دور النظام السوري في إطالة عمر نظام صدام. فقد سأل المحقق صدام عن حجم التعامل التجاري مع سوريا وهنا استخدم صدام أسلوبه الخاص عندما يريد التهرب من الاجابة، بادعاء النرفزة والعصبية، والقول بغضب: أنا لست تاجراً وأنا غير مشغول بحكاية التجارة مع سوريا أنا مشغول بالسياسات العامة.

أشير إلى تلك النقطة ليعرف كل من تخصص في مهاجمة النظام السوري حتى قبل قيام الثورة السورية بأنه لم ير الأبعاد الايجابية في مواقف النظام السوري، ولا زلت أسألكم الصبر فأنا لم أفتح بعد ملف النظام السوري تماماً قبل انهاء الملف العراقي.

رأت إدارة بوش الصغير ضرورة الاستيلاء على العراق على الأرض- إسقاط النظام بالغزو العسكري الأمريكي- انشاء حكومة أمريكية- كتلك التي حكمت ألمانيا واليابان، حتى يتم إعداد حكومة عراقية عميلة.

ولكن أمريكا وبريطانيا تعاملا مع المعارضة العراقية لأنه لابد من استخدامهم منذ البداية الأولى- وقد شمل هؤلاء سنة- شيعة- أكراد (لم تكن هناك مشكلة في الأكراد)- التعامل مع الشيعة كان سهلا، والسنة العرب في المتوسط بين الأكراد والشيعة.

وليس دفاعا عن إيران، ولكن لا شك أن حالة المعارضة الشيعية العراقية لم تكن ممتازة، بالمقارنة مع المعارضة الشيعية الايرانية للشاه.

فبالنسبة للشيعة العراقية فقد كانوا مشردين في عشرات الدول العربية والغربية وتعاملوا مع كافة الدول والأجهزة الأمنية وتعرضوا لاختراقات شتى، وكان نقاؤهم الأخلاقي والثوري أقل بكثير من المادة البشرية الشيعية التي عملت خلف آية الله الخميني، فقد كان الأخيرون شديدي الاستقامة والثورية واستعدادهم للتماسك والسير خلف الامام بلا حدود. وكان لشيعة العراق قدر من الاستقلال السياسي والعسكري والفقهي على الأراضي الايرانية.

ولكن كان من الواضح أن هناك قرار إيراني بعدم التدخل في مجريات الحرب طالما ان نظام صدام حسين قائم ويقاوم الغزو. وكان نفس موقف الحياد 1991، ولكن ربما أشد تعاطفا من الناحية الاعلامية، ومع رفض خيار الانتفاضة الشيعية طالما النظام قائماً.

لو كان لدينا حكام عرب “سنة” رجالة ما حدث غزو للعراق.

وحتى لا أعتذر كثيرا من استخدام مصطلح “السنة” أريد أن أوضح موقفي حتى أعود لشرح المسائل الفقهية بالكامل في نهاية الدراسة. أنا سني ومنقوع في مياه وبراميل السنة إذا كان هناك منقوع للسنة.

 ولا أعرف شيئا عن الشيعة إلا بعد قيام ثورة إيران بسنوات طويلة، فقد كان لابد من فهم هذه الحكاية.

ولكن رغم كل ما بذلته من جهد في البحث الفقهي فلم أزدد إلا إيماناً بالمذاهب السنية الأربعة التي تربينا عليها ولكنني اعتدت ولا زلت أرى هذا صحيحاً أن نطلق على أنفسنا لقب المسلمين لأن ربنا أمرنا بذلك وعندما يأتي أمر الله فلا مجال للاجتهاد. يقول الله عز وجل (هو سماكم المسلمين من قبل). أما الان فنحن نلتقي بالشيعة وهم يقولون انهم مسلمون ولكن هناك 39 مذهب شيعي وربما نرفض 38 مذهباً ولا نعتبرهم مسلمين ولكن يتعين الحوار معهم إذا كان هناك أمل في التفاعل معهم أو مع غيرهم من المختلفين من أي مذهب أو دين. مع ملاحظة أن معظم هذه المذاهب الشيعية قد اندثرت فى عصرنا الراهن .

وإذا قبلنا مذهباً أو اثنين من الـ 39، وليكن مذهب الجعفرية الاثنى عشرية، بل واتجاه محدد داخل نفس المذهب فنحن نعتبرهم مسلمين شيعة، ونظل نطلق على أنفسنا اسم المسلمين، أما أن نطلق على أنفسنا اسم (مذهب أهل السنة والجماعة) وهو الشعار الذي أطلقه الخليفة المتوكل، فهو نوع من تهبيط إيماننا الاسلامي إلى مجرد مذهب، ونصبح نحن والمذاهب الشيعية وغير الشيعية مجرد مذاهب. وقد كان آية الله الخميني لأنه ينزع إلى الزعامة فقد كان يربط خطابه بمصطلح الاسلام والمسلمين والأمة الاسلامية والقرآن وسيدنا محمد. ويهتم كثيرا بالحديث عن الوحدة الاسلامية.

بينما يسعى علماء السعودية والخليج لتفتيت الأمة وتهبيط السنة وهم أغلبية الأمة إلى مجرد مذهب (أهل السنة والجماعة) ومهما يكن عدده فيظل مجرد مذهب.

من غير المعقول أن نجعل عنوان عقيدتنا من خارج القرآن والسنة ثم نتحدث عن رفض البدع، بينما هذه التسمية نفسها هي أم البدع. لقد فاجأت مرة أحد علماء “السنة” المتعصبين من الوهابيين، فأصابته المفاجأة، ولم يجد رداً شرعيا لأن النص القرآني واضح (هو سماكم المسلمين) فلا يجوز أن يأتي الخليفة المتوكل فيسمينا اسماً آخر.

وهذا لا يعني أن نقبل الشيعة كما هي فهذا موضوع آخر!!.

لذلك باختصار اعتذر عن استخدام تعبير (النظام السني- الشعب السني) و(النظام الشيعي- الشعب الشيعي). ولكنني سأظل استخدمهم لتسهيل المناقشة. رغم خلافي الشديد مع النظام العراقي بالمقارنة مع الايراني.

المهم أن شيعة العراق وسنتهم وأكرادهم عموما (عدا الكتلة العاملة  مع نظام صدام وجزء من التيار الاسلامى) تعاونوا مع الغزو الأمريكي بمجرد سقوط صدام.


ولكن أعود للقول لو كان لدينا حكام “سنة” رجالة ما قامت الحرب 2003 أصلا..لماذا؟!


لأن العالم كله كان ضد غزو العراق، روسيا كانت قد بدأت تتعافى ولكن ليس إلى حد منع الحرب، ولكن إلى حد رفض استخدام مجلس الأمن كغطاء للعدوان كما حدث عام 1991. كذلك كان موقف فرنسا شيراك وموقف الألمان (الحزب الاشتراكي) ومعظم دول أوروبا، واشتعلت أوروبا وأمريكا بالمظاهرات الشعبية المليونية. وطبعا لم تكن الصين أو الهند أو أي قوة أخرى مع الغزو.

ولهذا اتجهت أمريكا إلى العمل المنفرد خارج إطار الأمم المتحدة بالتفاهم الثنائي مع انجلترا وبعض دول أوروبا المحافظة (حسب الأحزاب الحاكمة) كأسبانيا.

لو وقف حكام السنة العرب موقف رجال لسحبوا الشرعية من الموقف الأمريكي. ولكن مبارك زار فرنسا وألمانيا لتأكيد موافقته على الموقف الأمريكي.

وأصبح الأمريكان يقولون أن العرب معنا يريدون الخلاص من صدام حسين لأنه خطر عليهم لأن لديه أسلحة دمار شامل ويتعامل مع أسامة بن لادن.

لا تتحدثوا عن الشيعة أو حزب الله أنتم يا قادة أهل السنة والجماعة (حكام ووعاظ سلاطين) من أيد الغزو الصليبي وفتح لهم الأبواب والقواعد والتسهيلات.

ولأننا نقول الصدق فإن نظام التنمية والعدالة التركي السنى رفض استخدام أراضيه لغزو العراق.

وهو الأمر الذي أدى لتأخير الغزو البري، الذي أصبح يعتمد أساسا على الكويت (السنية بنسبة 90%) وبنسبة قليلة من الأردن (السنية 100%)، والضرب الجوي من 6 دول خليجية + مصر+ الأردن+ تركيا.

ويهمني هنا دور مصر لأنه حاسم كدولة سنية كبيرة ومؤثرة. لقد قام مبارك بدور المخبر وقدم معلومات هو وابنه جمال مبارك، معلومات مكتوبة عن وجود معامل متحركة لتصنيع المواد الجرثومية، أي في شكل عربات متحركة. وكان هذا التقرير الخائب هو أحد أدلة وزير خارجية أمريكا الأسود باول  الذي ألقاه في مجلس الأمن بدون وثائق+ تقرير مزيف عن استيراد يورانيوم من النيجر+ تقرير مزيف  عن لقاء عطا المصري (المتهم في 11 سبتمبر 2011) بدبلوماسي عراقي في أوروبا.

بالاضافة لذلك عندما بدأت الحرب، استخدمت أمريكا قواعدها في مصر (في البحر الأحمر) لضرب صواريخ على العراق. وعندما سقط بعضها بالخطأ على السعودية وإيران، تم وقف الضرب من البحر الأحمر وانتقل إلى البحر المتوسط.

بالاضافة لفتح الأجواء بلا حدود (36 ألف طلعة) لضرب أفغانستان والعراق مع استخدام قاعدة في سيناء كمحطة ترانزيت لحشد القوات. وفتح قناة السويس بلا حدود لنقل القوات إلى الخليج. مع تقديم المعلومات الاستخبارية الهابطة!! كتلك التي ذكرناها.

وكانت طائرات ب 52 تنطلق من لندن لتمر عبر سيناء لقصف أهداف في العراق ويراها المواطنون في العريش ولديهم خبرة عسكرية.

إذن لم يضرب نظام صدام السني من أي بلد شيعي بل كل الضرب كان من حكام مذهب أهل السنة والجماعة ولم نسمع كلمة من فقيه سعودي أو خليجي الذين لا يكفون الآن عن سب الشيعة. وكما قلت من قبل فإن اسقاط نظام سني في أي بلد آخر يمكن أن يأتي مكانه نظام سني آخر- أما في العراق فإن إسقاط نظام يعتمد على 20% من أهل العراق  لأن السنة الأكراد ليسوا معه فإنه يصعب وجود نظام سني بديل إذا كنا سنظل نتحدث بلهجة طائفية وهذا ما أثبتته الأيام من 2003- حتى الآن. وكان نظام صدام بكل عيوبه هو النظام السني الوحيد القادر والراغب في مقاومة أمريكا واسرائيل وضرب الصواريخ على اسرائيل (وهي جريمة لم تغتفر لصدام). ولكن الذي دمره هي القوات الأمريكية بالموافقة السياسية والدينية لأهل السنة والجماعة+ القواعد والتسهيلات خاصة فى بلاد الخليج .لن نروي تفصيلات الحرب لأنها لا تهمنا وليست من أهداف هذه الدراسة، حدثت مفاجأة في الأول.. صمود نظام صدام في الجنوب الشيعي لمدة اسبوع.. ثم لمدة اسبوعين وهذا ما أكد أن المناطق الشيعية كانت على الحياد بالفعل على الأقل، وأن الجيش العراقي لم يواجه أي عراقيل من الأهالي الشيعة. المفاجأة كانت في بغداد والسقوط السريع في الأسبوع الثالث.

اترك رد

اكتشاف المزيد من مجدى أحمد حسين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading