لماذا نحتفل برئيس تشيلى الجديد .. هل بدأ اليسار المعادى لأمريكا واسرائيل يستعيد قوته من جديد فى أمريكا الجنوبية؟ عبد البارى عطوان

عبد الباري عطوان

في ظل حالة التطبيع العربي المتصاعدة، واستفحال خطيئة التنسيق الأمني من قبل السلطة الفلسطينية، وتواطئها في اعتقال ابطال عملية نابلس الأخيرة، ومطاردة المقاومين الشرفاء، وخيانة “الإسلامي” منصور عباس لكل القيم والثوابت الفلسطينية والعربية، والإسلامية باعترافه، ودفاعه، عن يهودية “الدولة الإسرائيلية”.

في ظل كل هذا الهوان الفلسطيني والعربي، يأتينا بصيص امل من أمريكا الجنوبية، وبالتحديد من تشيلي وشعبها العظيم الذي انتخب اليساري غابرييل بوريك، واطاح بخصمه اليميني الداعم لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والمدعوم من اللوبي الصهيوني القوي، والولايات المتحدة الامريكية، ومتقدما عليه بأكثر من 12 نقطة.

غابرييل بوريك، او هوجو تشافيز الجديد، انحاز للقضايا العربية والإسلامية، وهو اليساري الشاب الذي لا يزيد عمره عن 35 عاما، واعلن وبكل شجاعة في اول ظهور تلفزيوني له بعد فوزه بالرئاسة “ان اسرائيل دولة إبادة، وارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، وممارسة ابشع أنواع العنصرية”، وتعهد بالوقوف في خندق هذا الشعب المظلوم والمضطهد.

ويأتي هذا الموقف المشرف في الوقت الذي تخوض النائبة الديمقراطية المسلمة الهان عمر معركة شرسة في الكونغرس الأمريكي ضد “الاسلاموفوبيا” بدعم من زملائها الشرفاء، تتكلل بإقرار اول لمشروع قانون في هذا الصدد، في سابقة فريدة من نوعها.

لعل الصحوة المفاجئة للرئيس الأمريكي العنصري السابق دونالد ترامب التي انعكست في الهجوم الشرس، ليس ضد بنيامين نتنياهو الذي خدعه وخذله، وانما ضد دولته الإسرائيلية أيضا، التي تخلت عنه، وانصارها، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تعكس بوضوح كيف بدأت المعادلات تتغير، ولكن العرب، ومعظم حكامهم وحكوماتهم على وجه التحديد آخر من يعلم، او يريد ان يعلم، ويذهبون الى الحجيج في تل ابيب والعالم يتغير جذريا، بسبب بدء صعود اليسار الوطني، واندحار اليمين العنصري، وانهيار متسارع للتفوق الأمريكي والإسرائيلي اقتصاديا وعسكريا امام نظيريه الصيني والروسي، ومحور المقاومة العربي والإسلامي.

نيكولاس مادورو رئيس فنزويلا، وخليفة القائد العظيم تشافيز صمد وانتصر على كل المؤامرات الامريكية التي كانت تريد الاطاحة به، وافشل الحصار الظالم التجويعي على بلاده، وها هو الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا نصير الفقراء والمسحوقين يعود بقوة الى الواجهة السياسية، وتُرشحه معظم استطلاعات الرأي للفوز على منافسيه في الانتخابات الرئاسية القادمة، والعودة الى السلطة مجددا، وبصحبة حليفته ديلما روصيف التي حاربت العنصرية الإسرائيلية في كل المحافل الدولية، ومن فوق منبر الأمم المتحدة.

لن ننشغل بهذه “الفقاعة” الخيانية  التي يجسدها هذا “العباس” الإسلامي المزور والمخادع والمتصهين، ولن نلتفت الى بيانات سلطة التنسيق الأمني المنتقدة له، ولن نتوقف عند صمت بعض جماعات الإسلام السياسي المنحرفة سواء داخل الأراضي الفلسطينية او خارجها، لأننا نرى ارهاصات الانتفاضة الثالثة تتبلور بشكل متسارع ضد الاحتلال الإسرائيلي، في مختلف انحاء الضفة الغربية، وجنين الصمود، ونابلس جبل النار، والخليل رمز الكرامة والتضحية على وجه الخصوص.

السنوات العجاف تلفظ أنفاسها الأخيرة، والخير الكثير والواعد، يأتي ويتصاعد من باطن الشر، الأمريكي والصهيوني، والمعادلات الجديدة المبشرة نفرض نفسها، وستغير كل الخرائط على الأرض.. والأيام بيننا.

اترك رد

اكتشاف المزيد من مجدى أحمد حسين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading