هل “أُجبِرَ” سعد الحريري “مُحبَطاً وباكِياً” على “تعليق” عمله السياسي وهل “شقيقه” بهاء وحركته “سوا لبنان” مُرشّح السعوديّة البديل عنه وزعيم الطائفة السنيّة الجديد؟

خالد الجيوسي:

بدت ملامح سعد الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق، خلال إعلان “تعليقه” عمله السياسي، كأنّما خرج الرجل من معركةٍ مُنهكاً، وآثار الإحباط والحُزن، وفقد الثقة بادية على مُحيّاه، هذا عدا عن بكائه بالدّموع، مُعلناً تعليق عمله، وتيّاره السياسي (المُستقبل)، إلى جانب عدم التقدّم بترشيحاتٍ من تيّاره أو باسمه، وهو مشهد أثار جدلاً على صعيد الأوساط السياسيّة في لبنان، كما المنصّات التي لا تزال تتجادل حول أسباب هذا الاعتزال.

يأتي تعليق الحريري وهو وريث والده رفيق الحريري بعد اغتياله العام 2005، عمله في السياسة، بعد أن تعرّض لمُنعرجات صعبة، ومطبّات، لكن أصعبها وفق مُعلّقين، مشهد استقالته من رئاسة الحكومة في العاصمة الرياض، وما تعرّض له من إهانة على يد ولي عهد السعوديّة الأمير محمد بن سلمان، وإجباره على الاستقالة، ثمّة من يستحضر تلك المشاهد، ويقول إن تعليق الحريري وتيّاره عملهم اليوم، يستحيل أن يأتي دون تنسيق مع الحليف السعودي، أو وفقاً للبعض إجبار السعوديين للحريري على تعليق العمل السياسي، في ظل أزمة مُتنامية مع حزب الله وتصعيده بعقد لقاء المُعارضة السعوديّة في الضاحية الجنوبيّة، وطلب سعودي بكف يد الحزب عن لبنان.

السُّؤال المطروح، أو الأكثر طرحاً بعد إعلان الحريري تعليق عمله السياسي، هو من سيكون زعيم الطائفة السنيّة، خاصَّةً أن البلاد ذاهبة لانتخاباتٍ نيابيّة، ومن هي الأسماء التي ستحجز مقاعده في أكبر تكتّل برلماني كانت تُمثّله، وما إذا كان هذا التعليق سيُعقّد عقد الانتخابات النيابيّة المُقرّرة شهر مايو القادم، وما إذا كان بهاء الحريري شقيق سعد، سيقوم بتلك المهمّة، ويسد فراغ شقيقه والخلاف الذي يجمعهم، ومن خلال تيّار أو حركة جديدة أطلقها بهاء باسم “سوا لبنان”، فيما تحظى منصّاته الإعلاميّة “صوت بيروت إنترناشونال” كمثال على دعم سعودي، وبالتالي ترشيح بهاء سعوديّاً ليكون البديل عن شقيقه وارد وغير مُستبعد، وقد ينتظر لحظة الإعلان قريباً كما يُرجّح مُعلّقون.

وفيما تأمّل البعض بأن يبوح الحريري بما حصل معه في السعوديّة، وتأكيد تعرّضه للإهانة والضرب، والإفراج عنه بوساطة فرنسيّة في حينها، وعودته للبنان لاحقاً، قدّم الحريري جُملة أسباب لتعليق عمله السياسي، أهمّها قوله إن كل تسوياته السياسيّة جاءت على حسابه، وتسبّبت في خسارة ثروته وأصدقائه الخارجيين والتحالفات الوطنيّة وحتى الإخوة.

ويبدو أن الحريري بقي مُحافظاً على أدبيّاته المعهودة مع حليفه السعودي، فجدّد الولاء للأخير بقوله “إن لا فرصة أمام لبنان بظل نفوذ إيران”.

ولا تنفكّ العربيّة السعوديّة عن اشتراط عدم تدخّل إيران وحزب الله في لبنان، كشرط أساسي لعودة سفيرها “المسحوب” إلى بيروت، ولكن حزب الله وفي لقاء المُعارضة السعوديّة الشّهير كان قد طلب من المملكة وعلى لسان هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي في الحزب، أن تكفّ عن التنمّر، وأن لا تتعامل معهم بفوقيّة، وها هي المبادرة الكويتيّة بعد أزمة تصريحات الوزير السابق جورج قرداحي حول عبثيّة حرب اليمن، بدت أنها حملت شُروطاً فوقيّة، وتعجيزيّة، كان من بينها سحب سلاح حزب الله المُسمّى “السّلاح غير الشّرعي”، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، والالتزام باتفاق الطائف، وإجراء الانتخابات بموعدها.

في المُقابل، يجد البعض أن انسحاب الحريري من الحياة السياسيّة قد لا يكون طويلاً، فقد أعلن “تعليق” عمله السياسي، ولم يُعلن انسحابه النهائي منه، وقد يكون تعليقاً لأسبابٍ تعطيليّة وخلط الأوراق، يعود في حين يرغب هو أو حلفاؤه حتى إشعارٍ آخر.

اترك رد

اكتشاف المزيد من مجدى أحمد حسين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading