كيف أهانت “كتيبة جنين” الجيش الإسرائيلي؟.. مقاومة فلسطينية من نوع خاص هزت إسرائيل وأذلت جيشها.. كتيبة تُقاتل جيشا وتكسب معاركها.. خوف إسرائيلي من انتقال “نموذج الرعب” لباقي الضفة

غزة- خاص “رأي اليوم”- نادر الصفدي:

عند كل اجتياح أو اقتحام مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، دائمًا ما كان اسم “كتيبة جنين” يتصدر المشهد بأكمله، لما تقدمه هذه الكتيبة “المتواضعة في إمكانياتها الكبيرة في إنجازاتها” من معارك ومواجهات بطولية أصابت الجيش الإسرائيلي في مقتل وأهانت هيبته العسكرية.

خلال السنوات الماضية كانت هذه الكتيبة تقف كصمام أمان في خط المواجهة الأول للدفاع عن سكان المخيم، ومواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تبدأ معه أعنف الاشتباكات المسلحة حين ترصد قدم أي جندي حاول اقتحام المخيم، والاعتداء على سكانه من خلال حملات الاعتقال والاقتحامات التي تنفذ بشكل دوري بباقي مدن الضفة.

إسرائيل والتي قدمت الكثير من ضباطها وجنودها بين قتيل ومصاب على مشارف هذا المخيم، اعترفت بأنها فشلت في السيطرة عليه، أو حتى القضاء على المقاومة بداخله والتي طالما تكون لها الكلمة الأقوى، رغم كل حملات الحصار وتشديد الخناق الذي تعرض لها المخيم وسكانه، وذلك بحسب اعترافات قادة كبار في الجيش الإسرائيلي.

ويسطّر “مقاتلو كتيبة جنين” التابعة لسرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أسمى معاني التضحية والفداء في مواجهة الاحتلال والتصدي لاقتحاماتة المتواصلة للمخيم، حتى باتوا كابوساً يلاحق جنود الاحتلال.

  • وضع أمني مُعقد

هذا الوضع “الأمني المُعقد” وهذه الشوكة الصامدة والتي لا تزال تمثل عنوانًا للمقاومة، باتت تزعج إسرائيل كثيرًا، فبدأ التفكير عمليًا بوضع الخطط العسكرية والأمنية للقضاء على “كتيبة جنين” وإعادة السيطرة الأمنية على المخيم بأكمله.

ولعل أخر هذه الخطط ما ذكرته إذاعة الجيش الإسرائيلي، بأن الجيش والاستخبارات اتخذوا قرارا واضحا بتصفية “كتيبة جنين” التي تشكل رأس حربة الأحداث العنيفة بالضفة عموما و بمخيم جنين على وجه الخصوص ما سيجعل المنطقة أكثر “هدوءا بالرغم من المخاطر التي تشكلها العمليات المستمرة التي ينفذها الجيش على حياة الجنود”.

وقالت مصادر أمنية إسرائيلية للإذاعة العبرية العامة، إن الجيش لن يسمح بانتقال نموذج جنين إلى مدن أخرى بالضفة وان ما بات يعرف باسم “جمهورية الجهاد الإسلامي” في شمال الضفة يجب ان تنتهي مهما كلف الامر من صدامات او حتى توتر مع غزة.

 وكانت قناة “كان” العبرية، أعلنت الجمعة، أن إحدى الرصاصات التي أطلقها شهداء جنين الثلاثة الذين تم اغتيالهم، الليلة قبل الماضية، أصابت خوذة أحد عناصر فرقة “غولاني” بالجيش الإسرائيلي.

وأضافت القناة، أن الجندي الذي أصيبت خوذته لم يصاب بأذى.

واستشهد 3 فلسطينيين من كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي فجر الجمعة، بعدما أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي الرصاص تجاه سيارة كانوا يستقلونها في مدينة جنين، شمال الضفة الغربية.

وقالت مصادر محلية وشهود عيان ، إن قوة خاصة تسللت إلى الحي الشرقي من مدينة جنين، وأطلقت وابلا من الرصاص الحي باتجاه المركبة التي كان يستقلها الشبان الثلاثة، ما أدى إلى استشهادهم على الفور.

وبعد هذا التصعيد الإسرائيلي أكدت “كتيبة جنين” في بيان لها، أن جريمة الاحتلال البشعة بحق المجاهدين الثلاثة، لن تمر مرور الكرام، وتوعدت الاحتلال بالرد ودفع الثمن غالياً.

وهنا يؤكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي د. أحمد المدلل، أن “كتيبة جنين” تسطر ملحمة بطولية جديدة في معركتها مع الاحتلال ، موضحاً أن الاحتلال أصبح يواجه مقاومة عنيفة وقوية وتمتلك من الخبرات العسكرية ما تستطيع به أن تدافع به عن جنين وأهلها، ولا يمكن أن يستبيح أرضها كما كان في السابق.

وقال المدلل، : “جنين هي بداية الانتصار الحقيقي على هذا الاحتلال كما ستكون مستقبلاً باقي مدن الضفة”، موضحاً أن الاحتلال تآكلت قوة ردعه بشكل كبير أمام المقاومة الفلسطينية سواء في غزة أو جنين أو محافظات الضفة والقدس والأقصى أو في الأراضي المحتلة عام 48؛ ما أربك حساباته الأمنية”.

وحول اعتراف الاحتلال بالاشتباكات العنيفة مع مقاومين في جنين قال المدلل:” هذا يدل على كم المراكمة في القوة التي استطاعت كتيبة جنين الوصول اليها، موضحاً أن الاشتباكات لم تأت من فراغ وإنما من مراكمة للقوة التي أبدعت فيها “كتيبة جنين”.

وتابع :”الاحتلال ليس لديه ما يمكن به أن ينتصر على مقاومة الشعب الفلسطيني وعلى مقاتلي “كتيبة جنين”، كما انتصر سابقاً على جيوش بأكملها، معللاً ذلك بأن الاحتلال يواجه جنود الله ويمتلكون ايماناً عميقاً بالله وبعض الرصاصات التي يمتلكونها ليدافعوا عن شعبهم”.

وأردف المدلل قائلاً :”جنين أصبحت تمثل الرعب الأكبر لكيان الاحتلال لأنها تمثل مؤنة المقاومة التي توارثها المقاومون الجدد عن المقاومين السابقين مثل :محمود طوالبة، وأبو جندل، ورياض بدير وباقي المقاومين الذين كانوا مشاريع شهادة”.

وأوضح أن فشل قوات الاحتلال في اعتقال المقاومين، جاء نتيجة الخبرات القوية لدى مقاومي كتيبة جنين، والذين أصبحوا يدركون أن هذا الاحتلال لا يمكن ردعه إلا من خلال كثافة النيران الأمر الذي يجعل الاحتلال يحسب ألف حساب قبل دخوله لمخيم جنين واقتحامه.

ولفت المدلل، إلى أن هناك مقاومة حية وهناك استشهاديون في جنين استطاعوا أن يصنعوا معادلة جديدة مع الاحتلال، وهي معادلة توازن الردع، موضحاً بأن جنين لا تزال حية وعصية ولا يمكن أن تنكسر وهي تشكل شعاع نور المقاومة الذي سينطلق إلى كافة محافظات الضفة لدحر هذا الاحتلال عن أرضنا.

  • مقاومة صامدة

 بدوره، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي باسم أبو عطايا، أن قرار جيش الاحتلال بتصفية “كتيبة جنين” هو قرار مرهون بالفشل، فالمقاومة لم تكن يوماً مرهونة بأشخاص أو جهة، وقد ينجح الاحتلال في اغتيال مقاوم هنا أو هناك، لكنه لا يستطيع أن ينهي حالة المقاومة أو ينهي فكرة الجهاد التي يحملها كل فلسطيني لمواجهة ممارسات هذا العدو .

وأوضح أبو عطايا أن الاحتلال على مدار أكثر من 70 عاماً وهو يحاول القضاء على المقاومة الفلسطينية وإنهائها، إلاّ أنه لم يستطع، فالمقاومة ما زالت مستمرة وفي حالة تنامٍ، وجنين كانت وما زالت دوماً تخرّج المقاتلين والمجاهدين بدءاً بالشهيد عز الدين القسام مروراً بطولة ورفاقه وليس انتهاءً بكوكبة شهداء كتيبة جنين.

ولفت إلى أن الاحتلال يحاول النيل من المقاومة بين الفينة والأخرى، وفي كل مرة يتمكن فيها الاحتلال من الوصول إلى بعض المقاتلين، نجد أن هناك مجموعات جديدة تخرج وتناور وتشتبك مع الاحتلال لتبقى جذوة المقاومة مشتعلة.

ونوّه إلى أن توسع وتمدد المقاومة هو أمر مرتبط بسلوك الاحتلال، فكلما زاد بطش الاحتلال واعتداءاتها اتسعت رقعة المقاومة وارتفعت وتيرة المواجهة معه، لافتاً إلى أن عمليات الاغتيال التي ينفذها جيش الاحتلال ستبقى جذوة المقاومة حية وحاضرة، ولن تفت يوما في عضد المقاومين.

ويعتبر الشهيد جميل العموري الذي اغتالته قوات الاحتلال في حزيران / يوليو 2021 مؤسس نواة هذه الكتيبة، وهو منتمٍ الى صفوف “الجهاد الإسلامي” التي نعته كأحد كوادرها في المخيم الذين عملوا على تشكيل الخلايا العسكرية.

وقد كان أبرز المطلوبين للاحتلال في المخيّم لتنفيذه عدّة عمليات إطلاق نار استهدفت حاجز “الجلمة” و”دوتان” في محيط جنين، خلال معركة “سيف القدس”. وقد لقّبه شباب المخيّم بعد استشهاده بـ “مُجدِّد الاشتباك” لدوره في استنهاضهم لتنفيذ مزيد من العمليات.

وتمتع العموري بصفات قيادية ورؤية في المواجهة، حيث في كلمة ألقاها في المخيّم خلال معركة “سيف القدس” توجّه فيها للمجاهدين قائلاً ” شبابنا الذين تحملون السلاح في الضفّة، لا تُطلقوا رصاصكم في الهواء، إنّ هذا السلاح أمانة في أعناقكم، وواجب ديني وشرعي أن يتوجه إلى الاحتلال”.

اترك رد

اكتشاف المزيد من مجدى أحمد حسين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading