كيف أحرجت “كتيبة جنين” الرئيس عباس وأذلت جيش إسرائيل؟.. تفاصيل سرية تٌنشر لأول مرة حول موقف السلطة “الصريح” من رفع السلاح بوجه المحتل .. “أبو مازن” غاضب والاحتلال مُتخوف ومقاومة قلبت الطاولة وغيرت قواعد اللعبة

غزة- خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي:

يومًا بعد يوم تُصبح المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وعلى وجه الخصوص داخل مخيماتها وأزقتها الضيقة، رقمًا صعبًا لا يمكن تجاهله أو نكران وجوده، نظرًا لما تُقدمه على أرض الواقع من تضحيات وعمليات ومعارك نوعية أقلقت وأرعبت أكبر الجيوش في المنطقة بأكملها.

حديث إسرائيل وجيشها وماكنتهم الإعلامية الموجهة لا يتوقف للحظة واحدة عن رصد وكشف تطور هذه المقاومة وتنوع أساليبها وكشف تفاصيل ومصادر دعمها وتمويلها، في محاولة للوقوف عند هذه الظاهرة التي قلبت الموازين بأكملها، وغيرت قواعد اللعبة في الضفة.

التقارير الإعلامية الإسرائيلية والتي دائمًا ما تخرج من حضن المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة للاحتلال،  لم تتحدث هذه المرة فقط عن مدى تطور المقاومة وتأثيرها السلبي على جيش الاحتلال وإفشال مخططاته في عمليات الاجتياح واعتقال الفلسطينيين والعربدة والقتل بدم بارد كما كان يجرى في السابق، بل أدخلت السلطة الفلسطينية كطرف في هذه المعادلة، حين كان العنوان الرئيسي هو “كتيبة جنين” التي أحرجت الرئيس محمود عباس وأذلت جيش الاحتلال، وفق آخر تقرير نًشر  على موقع “والا” العبري.

التقرير الإسرائيلي سلط الضوء على نشاطات “كتيبة جنين” العسكرية ومصادر الدعم العسكري المقدم للكتيبة التي باتت تشكل أرقاً للمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

وذكر التقرير الذي أعده محرر الشؤون العسكرية في موقع “والا” العبري أمير بوخبوط،، أن “حماس” في غزة وتركيا تقدم الدعم المالي لنشطاء الكتيبة سعياً لتنفيذ العمليات؛ ما شكل تحدياً كبيراً لجيش الاحتلال.

  • تخوف إسرائيلي

ونقل معد التقرير عن مصادر عسكرية قولها إن عمليات اقتحام جنين ونابلس تحولت إلى بالغة التعقيد مؤخرًا على ضوء تعرض قوات الجيش لعدد كبير من عمليات إطلاق النار، إذ ارتفعت العمليات خلال الأشهر الأخيرة بنسبة تزيد عن 400% مقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي.

وزعم المحلل إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبّخ أمين سر حركة “فتح” في جنين عطا أبو رميلة على ضوء تراجع دور حركة “فتح” في جنين على خلفية اختطاف جثة الشاب الدرزي قبل أسابيع.

ونقل الموقع عن الرئيس عباس قوله خلال لقاء جمع الاثنين متحدثاً عن حمل الطبيب عبد الله أبو تين السلاح وإطلاق النار على جيش الاحتلال في جنين: “هذه ليست سياستنا، منذ متى يرفع نشطاء فتح السلاح؟ هل هذا ما طلبته منكم؟ كيف سأشرح ما يجري هنا للمجتمع الدولي”.

وبحسب التقرير، فقد اعترف عباس خلال لقائه مع عطا وقادة الأمن في جنين بأن الأمن لا يسيطر على جنين، بينما حاول أبو رميلة الدفاع عن فتح في جنين قائلاً إنه وفي الوقت الذي يجلس فيه عباس في المقاطعة، فهناك طوفان مالي يجتاح مخيم جنين من تركيا ولبنان وإيران وغزة، على حد تعبيره.

وواصل عباس- بحسب التقرير- مهاجمة قواته الأمنية قائلاً: “قوتكم في الميدان وصلت إلى الصفر”.

ونقل التقرير على لسان قائد فرقة الضفة الغربية في جيش الاحتلال “آفي بلوت” قوله إن حرية عمل الجيش في مخيم جنين ونابلس تراجعت وباتت قواته في مواجهة مستمرة مع المسلحين، وأن السيطرة على السياج الفاصل تراجعت.

وأضاف بلوت أن أي مكان يشهد تراجعاً للجيش سيشهد عودة للمسلحين على غرار مخيم جنين ونابلس.

  • تطور المقاومة

وزعم مصدر أمني رفيع المستوى أن النيران التي تعرض لها الجيش في عملياته في جنين في شهر مايو كانت هستيرية والتي قتل خلالها أحد ضباط وحدة “يمام” الخاصة، مشيراً إلى أن قوة النيران نتيجة مباشرة لضخامة المبالغ المالية من حركة حماس في غزة للمسلحين.

ورغم أن هذا التقرير يهاجم الرئيس عباس وحركة “فتح” بشدة، إلا أنه وحتى هذه اللحظة لم بنشر أي تصريح أو بيان رسمي للرد عليه، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات واسعًا حول دور السلطة الفلسطينية وموقفها الرسمي من مواجهة المحتل الإسرائيلي، في ظل العربدة والقتل والجرائم اليومية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.

وفي الأشهر الأخيرة، قام عناصر “كتيبة جنين” بوضع الكاميرات في شوارع المخيم وأطراف المدينة، وهناك مراقبون منتظمون يتواجدون على الأسطح وفي الشوارع على مدار الساعة، بالإضافة إلى ذلك، في الأسابيع الأخيرة، تم نصب نقاط تفتيش للمركبات، والتحدي الأصعب بالنسبة لجيش الاحتلال هو الخروج من المخيم بعد أي عملية عسكرية، حيث يجري إغلاق الطرق، وإطلاق النار على القوات من عدة اتجاهات.

والشغل الشاغل للمسؤولين في الجهاز الأمني للاحتلال ​​ليس فقط دعم أهالي المخيم للمقاومين، وإحجام السلطة عن مواجهتهم، بل انضمام أسرى محررين من ذوي المعرفة والخبرة في المقاومة في مختلف المجالات. وحول ذلك يقول مسؤول أمني لدى الاحتلال: “لقد توقفوا منذ فترة طويلة عن قبول أي شخص يريد حمل السلاح، يبدوا أنهم في مرحلة انتقالية من هجمات إطلاق نار إلى هجمات بالمتفجرات” وفي الأشهر الأخيرة كانت إشارات لذلك.

وأكد مصدر أمني كبير لدى الاحتلال لموقع “والا” أن عملية عسكرية واسعة في جنين قد تؤدي لسقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، وهذا قد يؤدي إلى تصعيد واسع يمكن أن يهز أركان السلطة الفلسطينية بشكل يتعارض مع المصلحة الأمنية للاحتلال.

ووفق الإعلام العبري فإن عدد أفراد “كتيبة جنين” التي تعمل انطلاقا من مخيم جنين حاليا نحو مائة وخمسين مقاتلا، وليس لديهم قائد معلن، وميزانية الكتيبة تقدر بملايين الشواقل تتلقاها من عدة مصادر بينها الجهاد الإسلامي وحماس، وهي مقسمة إلى فرق ذات أدوار مختلفة، ومن التوثيق الميداني يتبين أن لديهم أجهزة لاسلكي، والكثير من الذخيرة للبنادق من مختلف الأنواع، بعضها سُرق من قواعد جيش الاحتلال، ومسدسات، ومناظير جديدة بما في ذلك مناظير الرؤية الليلية.

وفي هذا الصدد يؤكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، أن استمرار الاقتحامات، وارتكاب الجرائم المتكررة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، هي محاولات يائسة من الاحتلال لوقف تصاعد أعمال المقاومة، وتثبت عجزه وفشله الذي مني به الاحتلال نتيجة ضربات الفدائيين في كل مكان، لاسيما كتيبة جنين- سرايا القدس.

وشدد المدلل أن استمرار الاحتلال ومستوطنيه ارتكاب الجرائم والانتهاكات في الضفة المحتلة، لن تثني أبناء الشعب الفلسطيني عن خيار وطريق المقاومة، والذي بات خيارهم الوحيد هو مواجهة التطرف الصهيوني، والرد على جرائم الاحتلال بحقهم.

وقال”لم يعد استباحة واقتحام المخيمات الفلسطينية، لاسيما في محافظة جنين، نزهة لقوات الاحتلال المدججة بالأسلحة الرشاشة والآليات العسكرية، وهو ما شاهده العالم، بعدما تصدى المجاهدون لقوات الاحتلال بوابل من الرصاص أثناء اقتحام المخيم ومحاصرة منزل أحد المطاردين الفدائيين، إضافة إلى الوفود الجماهيرية التي اشتبكت مع الاحتلال وشكلت درعاً حامياً للمقاومة”.

وأضاف “جنين تعبر عن التاريخ النضالي الفلسطيني منذ الشهيد عز الدين القسام وإخوانه في معركة أحراش يعبد، إلى هذه اللحظة التي توارثتها الأجيال، حتى حملت الراية كتيبة جنين التي حولت المقاومة من حالة تنظيمية فصائلية، إلى حالة جماعية ثورية مقاومة”.

وأشار إلى أن كيان الاحتلال يعيش الآن أزمات متكررة ومتفاقمة، بصنع المقاومة الفلسطينية، إذ بات يعتبر جنين الوجع الحقيقي الذي يؤرقه ليلاً ونهاراً، طالما أنهم تُنتج مقاومين يحملون راية الجهاد والمقاومة، متابعا: “نحن ذاهبون إلى معركة ومواجهة شديدة في ظل احتمال تشكيل حكومة متطرفة”.

اترك رد

اكتشاف المزيد من مجدى أحمد حسين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading