استقلال أم تعزيز لـ”بريكس”.. لماذا أثارت مناورات جنوب أفريقيا ضجة؟

الصورة لميناء بحرى بجنوب افريقيا

عرض للاستقلال الدبلوماسي لجنوب أفريقيا، أم محاولة لتقوية تحالف بريكس؟ تساؤل طرح نفسه بعد إعلان جنوب أفريقيا عن مناورات مع الصين وروسيا.

تلك المناورات أعلن عنها جيش جنوب أفريقيا يوم الخميس، مشيرا إلى أنه يعتزم إجراء تدريبات مشتركة قبالة سواحل البلد الأفريقي الشهر المقبل مع روسيا والصين.

إلا أن تلك المناورات التي ستجرى منتصف الشهر المقبل، وتتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لبدء العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط المقبل، انتقدتها الولايات المتحدة التي تحاول حشد دول أخرى لعزل روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.

وأعربت الولايات المتحدة، التي عززت شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع جنوب أفريقيا، عن رفضها المناورة، على لسان ديفيد فيلدمان المتحدث باسم سفارة الولايات المتحدة في جنوب أفريقيا.

قلق أمريكي

وقال البيان الأمريكي: “نلاحظ بقلق” خطة جنوب أفريقيا للمضي قدما في التدريبات المشتركة “حتى مع استمرار موسكو في عمليتها العسكرية في أوكرانيا، مضيفا “نشجع جنوب أفريقيا على التعاون عسكريا مع الديمقراطيات التي تشاركنا التزامنا المتبادل بحقوق الإنسان وسيادة القانون”.

تلك الانتقادات، التي أثارتها المناورات البحرية المقررة مع روسيا والصين الشهر المقبل، دفعت جنوب أفريقيا إلى الدفاع عنها، قائلة في بيان على لسان وزارة دفاعها إنها أجرت مناورات عسكرية مماثلة مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا بدون أن تؤدي إلى “ضجة”.

جنوب أفريقيا تدافع

وأضافت الوزارة في بيان اليوم الإثنين: “جنوب أفريقيا مثل أي دولة مستقلة وذات سيادة، لديها الحق في إقامة علاقات خارجية متوافقة مع علاقتها الدبلوماسية ومصالحها الوطنية”، مشيرة إلى أن المناورات تهدف “لتعزيز العلاقات القوية بين جنوب أفريقيا وروسيا والصين”.

وأجرت جنوب أفريقيا مناورات عسكرية مع روسيا والصين من قبل، وكذلك مع الولايات المتحدة ودول الناتو، فيما قالت قوة الدفاع الوطني لجنوب أفريقيا عن التدريبات التي ستجرى في الفترة من 17 إلى 27 فبراير/شباط المقبل بالقرب من مدينتي ديربان وريتشاردز الساحليتين، إنها “وسيلة لتقوية العلاقات المزدهرة بالفعل بين جنوب أفريقيا وروسيا والصين”.

وقال محللون إن التدريبات البحرية هي “استعراض للاستقلال الدبلوماسي” لجنوب أفريقيا، التي تعد جزءا من تحالف مع البرازيل وروسيا والهند والصين المعروف اختصارا باسم بريكس، وأشاروا إلى أن هذه المناورة البحرية تعيد تأكيد موقف جنوب أفريقيا بأنها لن تسمح للصراع بين روسيا وأوكرانيا بإملاء علاقاتها الدبلوماسية.

وقال دينيس ريفا، الباحث البحري في معهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا، في تصريحات لصحيفة “نيويورك تايمز”: “يُنظر إليها على أنها حرب تحدث في أوروبا، وبقدر ما يتعلق الأمر بجنوب أفريقيا فهي ليست جزءا من هذه الحرب”.

علاقات عميقة

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لجنوب أفريقيا، إلا أن الحزب الحاكم في البلد الأفريقي (المؤتمر الوطني الأفريقي) أقام علاقات تاريخية عميقة مع روسيا والصين بسبب المساعدة التي قدمتها تلك الدول في الحرب ضد الفصل العنصري.

ودرس العديد من مواطني جنوب أفريقيا الذين قادوا الجهود للإطاحة بنظام الفصل العنصري وتلقوا تدريبات عسكرية في الاتحاد السوفياتي.

وقالت إليزابيث سيديروبولوس، رئيسة معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية، إن مناورات فبراير/شباط ستكون بمثابة تذكير بأن تحالف البريكس لا يزال لاعبا عالميا، مشيرة إلى أن “بريكس” قد لا يكون تحالفا عسكريا مثل الناتو، لكنه لا يزال يقدم نفسه على أنه “قوة موازنة للغرب”.

أهمية أيديولوجية

وأجرت جنوب أفريقيا والصين وروسيا مثل هذه التدريبات البحرية لأول مرة في عام 2019، على مكافحة القرصنة وتمارين إنقاذ، بحسب دارين أوليفييه، مدير African Defense Review، وهي شركة استشارية أمنية، قائلا إنه في ذلك الوقت لم يعلق أحد على تلك التدريات، إلا أنها اتخذت “أهمية أيديولوجية أقوى على المستوى السياسي حاليا، بسبب الأزمة الأوكرانية”.

وقال كوبوس ماريه، عضو التحالف الديمقراطي، حزب المعارضة الرئيسي في جنوب أفريقيا، عضو لجنة الدفاع المشتركة بالبرلمان، إن التدريبات العسكرية لن تعود بفائدة كبيرة على الأسطول البحري المتعثر في جنوب أفريقيا والذي يعاني من نقص التمويل.

وأضاف أنه كان يتعين على حكومة جنوب أفريقيا إعطاء الأولوية للعلاقات مع أكبر الشركاء التجاريين، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وسيشارك أكثر من 350 فردا من مختلف الفروع العسكرية لجنوب أفريقيا في التدريبات، التي أطلق عليها اسم “تدريبات موسى”.

ويأتي الإعلان عن المناورات قبل أيام قليلة من موعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى جنوب أفريقيا لإجراء محادثات ثنائية مع نظيره ناليدي بان

اترك رد

اكتشاف المزيد من مجدى أحمد حسين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading