دور قناة الجزيرة فى تأديب وإصلاح وتهذيب الأنظمة العربية لصالح أمريكا – بقلم مجدى حسين

محاور خطة قناة الجزيرة خمسة تحدثنا عن 1 لا سقف لحرية التعبير . 2 احتضان التيارات الاسلامية والقومية بغرض الاستئناس ، ونتحدث الآن عن المحور الثالث

3 تأديب الأنظمة العربية

من المحاور المهمة لعمل الجزيرة تأديب الأنظمة العربية لصالح الولايات المتحدة ، رغم أن معظم هذه الأنظمة تابعة أو صديقة للولايات المتحدة ، ولكن هذا هو أسلوب الدول العظمى ، فهى طلباتها كثيرة للدول التابعة ، والدول التابعة تتملص أحيانا من بعض الطلبات ، وقد ترفض بعض الطلبات ، مع الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع أمريكا . ونحن نرى ذلك كثيرا فى الاعلام الأمريكى ، نجد موضوعات انتقادية لنظام مبارك والسعودية وغيرهما – أذكر دائما أن هذه الدراسة كتبت أساسا من سنوات عديدة ولكن لم تنشر – وهذه الموضوعات يكون الدافع لها أساسا ” تمليص الأذن ” والتأديب ، لا الانحياز الحقيقى للحرية والديموقراطية وحقوق الانسان ، بدليل أن العلاقات الأساسية تظل تسير فى مجراها الطبيعى مع هذه الدول . قناة الجزيرة يمكن أن تكون مناسبة أكثر من الاعلام الأمريكى ، فهى تبدو وسيلة إعلام عربية ، ويمكن أن تتوسع فى النقد حتى إلى حد تقطيع الأوبار والملابس ، ويمكن أن تستعين فى ذلك بضيوف عرب لأن قناة الجزيرة محايدة وعلى الحياد كما يخدعوننا حين الحديث عن وسائل الاعلام المهنية ، وهى مجرد ناشر برىء للرأى والرأى الأخر .

كل هذا الكلام منطقى جدا لأن قطر ليس لديها أى مشروع قومى أو اسلامى للنهضة ، فهى مجرد بلد نفطى غرقان فى مليارات الدولارات ، وهو يعيش فى ظل الشبكة المحكمة للاقتصاد الغربى والمشروع الأمنى الأمريكى فى المنطقة . ومعروف أن العراق وسوريا وأفغانستان ضربت بطائرات أمريكية إنطلاقا من قاعدة العديد فى قطر .

وحتى لو تصورنا أن قطرا لديها مشروع عربى أو اسلامى ، فهل تستطيع أن تجاهر هكذا بهذا المشروع وتتحدى العالمين من أجله ؟ فعلى أى قوة تستند إذا ؟!!

هل باستطاعة قطر أن تهاجم أمريكا وكل القوى العظمى وتهاجم معظم الدول العربية فى آن معا ؟ طبعا هناك مثال فى التاريخ : كوبا ، وكوبا جزيرة صغيرة وتقع على مرمى حجر من الولايات المتحدة ، هاجمت أمريكا بكل ضراوة بعد نجاح ثورة فيدل كاسترو ، ولكنها كانت ثورة مسلحة ثم سرعان مع استندت إلى دعم عسكرى ودبلوماسى وسياسى واقتصادى من الاتحاد السوفيتى . ولم يكن اقتصاد كوبا ساعتئذ فى الخمسينيات من القرن العشرين أكثر من مزرعة قصب سكر كبيرة . وبدون ذلك لسحقت أمريكا كوبا كما فعلت مع دول كاريبيةأخرى .

يؤسفنى أن أكون مضطرا للخوض فى هذه البديهيات . ولكننى لا زلت أقابل قيادات اسلامية تتحدث عن اعتقادها باستقلالية قطر والجزيرة !!ربما لم أفهم فى بداية الأمر لسذاجتى أن هؤلاء الاسلاميين من الاخوان لا يرون مشكلة فى علاقة قطر بأمريكا لأنهم هم أيضا على علاقة بأمريكا . ويرى هؤلاء الاسلاميون من الاخوان وغيرهم من فصائل أخرى أن النظم الوطنية والقومية هى العدو لا أمريكا ، وحتى إن تحولت بعض هذه الأنظمة للتبعية لأمريكا تظل هى العدو لا أمريكا !

إذا كان لدى قطر مشروع ديموقراطى أو اسلامى فلماذا لا تطبقه فى بلادها ، بدلا من معايرة البلاد الأخرى بنقص الديموقراطية أو الاسلام ؟! ومن أين لقطر القوة لتخوض فى خلافات مع كل الأنظمة العربية بشكل متزامن ودائم إلا أن يكون ذلك بتكليف مباشر من أمريكا . وكثيرا ما لاتكون هناك علاقة بين الموضوع الانتقادى الذى تذيعه الجزيرة ضد نظام عربى ما وبين المشكلة القائمة فى تلك اللحظة بين هذا النظام العربى وأمريكا ، على أساس أن اللبيب بالإشارة يفهم .

كما أن أمريكا ترى أن إشاعة الحديث عن الديموقراطية الشكلية فى الوطن العربى انتصار لمشروعها الحضارة المزعوم ، وما يهمها أن الديموقراطية العربية لا تأتى بأعداء أمريكا إلى الحكم .

بعد فترة من ثبات أقدام الجزيرة بدأت تفتح مكاتب مرخص لها فى كثير من البلاد العربية . ولكن فى المقابل توالت قرارات إغلاق هذه المكاتب احتجاجا على بعض المواد المذاعة وأذكر من ذلك إغلاق مكاتب الجزيرة فى المغرب والأردن ومصر فى بعض الأوقات ، مع استمرار الحملات الاعلامية على الجزيرة فى معظم الاعلام الرسمى العربى . السلطات العربية تعلم مرامى مناكفات الجزيرة الحقيقية ، ولكنها لا تهاجم أمريكا طبعا ؟ وما ذنب أمريكا ؟! الجزيرة لا تبث من أمريكا ، فتصب السلطات العربية جام غضبها على الجزيرة وقطر وأمير قطر . وهكذا فى بلاد عربية عديدة تتعامل الجزيرة مع مراسلين غير مرخص لهم . سأقول لكم معلومة قد تبدو معاكسة ، وهى ليست كذلك كما سأوضح . العالمون ببواطن الجزيرة والعاملون فيها يعلمون ويرددون أن الجزيرة هى مجمع المخابرات العالمية والعربية . فكل المخابرات العالمية والعربية لها ممثلون من العاملين داخل القناة نفسها . المخابرات الأمركية هى “صاحبة الليلة” ، باستخدام عبارات لغة شباب اليوم ، فهى لا تحتاج لمندوبين صغار، فحمد بن جاسم مدير وصاحب الجزيرة هو شيخ المخابرات الأمريكية ، ولكن لا بأس طبعا من وجود عناصر أصغر بل هذا ضرورى لإحكام تنفيذ التوجيهات ، كذلك الموساد ، المخابرات البريطانية ، المخابرات السورية والعراقية والمصرية الخ وهذا ما أعلمه على نحو مؤكد .

ستقولون إذا فقناة الجزيرة كومنولث عربى وربما تكون جبهة عربية مشتركة فى مجال الاعلام ، فما الضير فى ذلك ، حتى إن وجدت مخابرات غربية؟ !!

الإجابة فى الحلقة القادمة إن شاء الله

الحلقة 35 من دراسة المشروع العربى الاسلامى

magdyhussein.id

اترك رد

اكتشاف المزيد من مجدى أحمد حسين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading